المصرف المركزي: تثبيت سعر الصرف سحب ذريعة التجار لرفع الأسعار.. فبحثوا عن أسباب أخرى

المصرف المركزي: تثبيت سعر الصرف سحب ذريعة التجار لرفع الأسعار.. فبحثوا عن أسباب أخرى

مال واعمال

الخميس، ١٩ يناير ٢٠١٧

بيّن عضو مجلس إدارة "غرفة تجارة دمشق" "محمد الحلاق" أنه رغم اختلاف عناصر التكلفة بين المستورد والصناعي بحسب هذه العناصر التي تدخل في التكلفة من محروقات ونقل وغيرها إلا أن آثارها على أسعار التكلفة وتسعير السلع يبقى محدوداً بعكس سعر الصرف الذي يبقى له التأثير الأكبر في نهاية المطاف.

جاء ذلك خلال ندوة الأربعاء التجاري (أمس) حول القطع الأجنبي، بحضور عدد من مديري بنك سورية المركزي وحشد من التجار والصناعيين وفعاليات اقتصادية وعلمية أخرى.

وعزا الحلاق الارتفاع الكبير الذي جرى على سعر صرف الدولار (جراء انخفاض قيمة الليرة السورية) إلى تقليص حجم إجازات الاستيراد حيث لجأ بعض المستوردين في حالة غياب قنوات الاستيراد إلى تحويل السيولة التي بحوزتهم إلى دولار والاحتفاظ به وتجميده الأمر الذي يساهم في رفع أسعار القطع الأجنبي مقابل العملة المحلية.

من جهته رأى رئيس دائرة التدخل في مديرية العمليات المصرفية في البنك المركزي، سالم الجنيدي، أن موضوع القطع من أهم المواضيع المطروحة وخاصة خلال سنوات الأزمة ونظراً للارتفاعات الشديدة في أسعار الصرف إلا أنه يتمتع باستقرار نسبي في الوقت الحالي نتيجة تحسن عمليات الإنتاج وبعض قرارات المركزي وخاصة منها القرار رقم 1409 الخاص بإعادة دور المصارف المرخصة في بيع القطع الأجنبي وتمويل المستوردات التي عززت الاستقرار حيث إن المصارف العاملة هي صاحبة النهوض الاقتصادي بحسب قوله. وقد عزا لجوء المركزي إلى شركات الصرافة في وقت سابق إلى العقوبات الاقتصادية حيث دفعت العديد من المصارف إلى العزوف عن التمويل وتوقفت عنه نهائياً، إضافة إلى صعوبات التحويل التي قيدت عمل المصارف العاملة في سورية.

هنا قاطعه بعض الحضور وطرحوا عليه عدة تساؤلات حول أسباب تأخر البنك المركزي في إعادة الدور للمصارف العاملة المرخصة ولماذا انتظر أكثر من ست سنوات حتى يعيد إليها هذا الدور؟ وسبب الاعتماد على القطاع الخاص في بيع القطع الأجنبي وتمويل المستوردات وفسح المجال لهؤلاء بالتلاعب بالقطع والمتاجرة والمضاربة بالدولار؟

وأشار عدد من المتداخلين إلى مفارقة عند الحديث عن استقرار أو ثبات في أسعار الصرف في الوقت الذي بقيت فيه أسعار المواد والسلع في الارتفاع إلى مستويات بلا أسباب واضحة، واصفين الأمر بالظاهرة العجيبة حيث إن المركزي حافظ فقط على عدم صعود سعر الدولار، ولم يف بوعوده بتخفيضه إلى مستويات أكبر من ذلك وتساءل أحد الحضور: لماذا لم تعتمدوا على مصارف الدولة بدلاً من شركات الصرافة منذ البداية؟.

بدأ الجنيدي الإجابة على تلك التساؤلات مبرراً أن البنك المركزي وعبر تثبيت سعر الصرف عند هذه الحدود سحب الذريعة من أيدي الأوساط التجارية القائلة بعدم القدرة على تثبيت أسعار السلع والمواد نتيجة تقلبات سعر الصرف وبات هؤلاء يبحثون عن أسباب وذرائع أخرى لرفع أسعار السلع في الأسواق على الرغم من الاستقرار النسبي لأسعار الصرف.

وتساءل سعيد الحلبي (من الحضور) عن أسباب تعطيل مجلس النقد والتسليف وهو يمثل مختلف قطاعات الدولة وهو مجمد منذ أكثر من ثلاثين سنة وبنك سورية المركزي يعمل منذ أكثر من سبعين سنة ولماذا لم يكن له دور في عمليات سياسات التدخل وما مهامه ودوره في الوقت الراهن وفي إصدار القرارات والسياسات في الظروف الطارئة والصعبة التي مر بها البلد.

من جهته أشار مدير غرفة تجارة دمشق عامر خربوطلي إلى غياب تحليل العوامل للطلب على الدولار والعرض عليه اليومية والشهرية والسنوية لتمكين أصحاب الأعمال من رسم توجهاتهم وفق هذه المعطيات، فقد تحول الدولار من وسيلة لتلبية المتطلبات الخارجية إلى وسيلة للمضاربة وهذا لب المشكلة.

رئيس قسم المكتب الأوسط في مديرية العمليات المصرفية في البنك المركزي سحر رديني قدمت عرضاً عن تطور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي خلال عام 2016 عبر مجموعة من الإجراءات لدعم استقرار سعر الصرف مبينة أن المركزي يحرص منذ منتصف عام 2016 على اتباع سياسة حصيفة في إدارة سعر صرف الليرة السورية من خلال الموازنة بين احتياجات الاقتصاد السوري بمختلف مكوناته من أفراد وقطاع الأعمال والقطاع العام من القطع الأجنبي من جهة وبين موارد القطع الأجنبي الحالية والمتوقع تدفقها خلال العام من جهة ثانية حيث عمل مصرف سورية المركزي على تطوير أدواته النقدية وإدخال أدوات جديدة تلائم ظروف الأزمة وتهدف بشكل أساسي إلى تحقيق الاستقرار المالي للقطاع المصرفي والحفاظ على سعر صرف الليرة السورية ضمن مستويات توازنية بأقل التكاليف وذلك من خلال تفعيل دور المصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي في عمليات تمويل المستوردات وفق ضوابط تحكم عمليات التمويل وفق الأطر الرسمية والشرعية بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحد من أي عمليات تلاعب بالقطع الأجنبي ويساهم في زيادة المعروض من القطع الأجنبي بشكل يومي من خلال ترميم مراكز القطع التشغيلية لدى المصارف وزيادة مقدرتها على تمويل المستوردات ومن خلال بيع القطع الأجنبي بشكل مباشر عن طريق المصارف بغرض تلبية الطلب التجاري لتحقيق التوازن في سوق القطع الأجنبي في حال عدم تمكن المبالغ المبيعة من مراكز القطع الأجنبي من تحقيق هذا التوازن.

وخلال الأشهر كانون الثاني- شباط- آذار- نيسان – ولغاية منتصف أيار من عام 2016 شهد سعر الصرف حالة من التذبذب والتراجع المتواتر -بحسب رديني- ليسجل أدنى مستوياته على الإطلاق عند مستوى 648 ليرة للدولار بتاريخ 14/5/2016 وخلال أشهر النصف الثاني من شهر أيار– حزيران- تموز 2016 شهدت هذه الفترة تحسناً لسعر الصرف بنسبة 39% نتيجة حملة التدخل الواسعة التي قام بها مصرف سورية المركزي عبر مؤسسات الصرافة المرخصة بتكلفة تقارب 200 مليون دولار أميركي من موجودات مصرف سورية المركزي.

وعاود سعر الصرف بعدها إلى اتخاذ مسار تصحيحي حقيقي يعكس واقع العرض والطلب في سوق القطع الأجنبي المحلية بعد توقف حملة التدخل وخلال الأشهر آب 2016 ولغاية تاريخه تم تفعيل مصرف سورية المركزي لدور المصارف المرخصة وذلك بموجب قرار مجلس النقد والتسليف رقم 1409 بتاريخ 24/7/2016 سادت حالة من الاستقرار والهدوء النسبي بسعر الصرف مشيرة إلى انحسار الطلب الشخصي على القطع الأجنبي بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الفائتة نتيجة عدة عوامل نفسية واقتصادية أهمها تعزيز الثقة لدى الجمهور باقتناء الليرة السورية كونها حافظت على استقرار نسبي وحالة الهدوء والاستقرار التي يشهدها المستوى العام للأسعار بعد انحسار موجة الارتفاعات غير المبررة وعزوف صغار المضاربين عن الاتجار بالقطع الأجنبي نتيجة ضيق الهوامش بين البيع والشراء.