فقراء المازوت والكهرباء والغازعشاق يبحثون..وأغنياء الهدايا والسهر يحجزون

فقراء المازوت والكهرباء والغازعشاق يبحثون..وأغنياء الهدايا والسهر يحجزون

مال واعمال

السبت، ١١ فبراير ٢٠١٧

صاحبة الجلالة _ هيا عبد الله
عيد الذكريات..ـ أو عيد الهدايا..أو الفلانتاين .. أو عيد الحب ..كثرت الأسماء والعيد واحد بتنوع طقوسه و"مناسكه" وباختلاف المُحتفلين به والمُعتكفين عنه.. يوم كرسه الغرب في القرون الماضية لنشر "الحب" والمشاعر النبيلة بين الناس.. ونحن كعرب تلقفناه بما فيه ..ليس من باب الإيمان بتلك المشاعر الانسانية بقدر ما هو تقليد أعمى لم نستطع فيه أن نضيف شيئا من تراثنا وعاداتنا عليه كما فعل غيرنا من الشعوب الأخرى التي تحتفل بهذا العيد لكن بعد اسقاطه على مجتمعاتها وإضفاء شيء من روح حضارتها وقيمها عليه.
 ونحن هنا لسنا بصدد تقييم وتحليل هذا العيد وإنما بكيفية تعامل السوريين معه والاحتفال به بحسب شرائحهم ومستوياتهم ولاسيما في ظل الأزمة والحرب التي تمر بها سورية وما فرضته من أوضاع أمنية واقتصادية صعبة ومريرة  حيث نرى أن هناك فئة لم يتغير عليها شيء سواء بالنسبة لعيد الحب أو لغيره من الأمور الأخرى ولم تشعر حتى بوجود أزمة ، .. يقابلها شرائح أخرى من المجتمع السوري تتفاوت بالنظر لعيد القديس فلانتاين بين مرحب لكن وضعه لا يسمح  له بالاحتفال وتقديم الهدايا .. وبين من يرى أن الاحتفال بأي مناسبة الآن "أمر غير مفهوم"، في ظروف الحرب وما يرافقها من تدهور في مستوى معيشة المواطن السوري،.. "فالبذخ ممنوع والأولويات تغيرت ..وشد الأحزمة قائم.. والصمود مطلوب" حيث يتصدر المازوت والكهرباء أولويات "فقراء سورية"  ..وهذا ما عكسته تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص عيد الحب حيث تداول بعض الشباب في دمشق فكرة استبدال الكيك والدب والوردة الحمراء بجرة غاز أو غالون من المازوت من باب الاستفادة بحيث تكون الهدية "أجت بوقتها" .
وينتظر أصحاب المحال التجارية ( ألبسة ، هدايا ، زهور ، حلويات ) عيد الحب بفارغ الصبر باعتباره فرصة ذهبية لتحقيق أرباح كبيرة بيوم واحد حيث تتضاعف الاسعار عشرات المرات وتصبح خيالية إذا ما قورنت بالأيام العادية ..ليمثل ذلك فرصة للمنافسة بين العشاق ممن " "لم يشعروا بوجود أزمة " ..ممن يشتري لحبيبته الأغلى والأحلى والشيء المميز ,كعاشق حمص الذي ملأ خبره صفحات التواصل الاجتماعي بشرائه لحبيبته سيارة حمراء جديدة ملفوفة كهدية في هذا العيد ..فيما يكتفي الفقراء بصفحات التواصل الاجتماعي ولاسيما الفيسبوك لنقل مثل تلك الاخبار او لتسليط الضوء على الأسعار الجنونية التي تشهدها الأسواق من خلال "بوستات" لا تخلو من روح المرح .  
وخلال جولة لـ "صاحبة الجلالة " على أسواق دمشق والفنادق الموجودة فيها بتنوع "نجماتها" لرصد الأسعار والحجوزات .. أوضح بعض أصحاب المحال التجارية أن أسعار الدمى التي تعتبر من الهدايا المرغوبة تتفاوت وتختلف حسب حجمها ..فتبدأ من 10 آلاف ليرة سورية  وقد تتجاوز ال 100 ألف ليرة سورية.. فيما بلع سعر الوردة الجورية 1000 ليرة سورية، قابلة لتصبح قبل يومين من عيد الحب بـ 3000 ليرة.
 ومن كماليات هذا العيد شراء قالب الكيك الذي يحضر أيضا بأحجام مختلفة ومتنوعة وتتراوح أسعاره ما بين 3000  و300 ألف ليرة .. حيث أكد أصحاب بعض محلات الحلويات لصاحبة الجلالة أن الإقبال عليها مقبول ومطلوبة من قبل بعض الزبائن..!
كما تمتلئ الشوارع السورية بالإعلانات عن الحفلات التي تقام في هذا العيد رغم انحسارها إلا أنها  تقتصر على الفنادق الضخمة وبعض المطاعم وعند تواصلنا معها للوقوف على التكلفة المادية لتلك الحفلات تبين أن الأسعار تتفاوت ما بين 75ألف وحتى  150ألف ليرة  سورية  للشخص الواحد في فنادق الخمس نجوم .. لتنخفض في مطاعم باب توما التي تتراوح ما بين 15الف وحتى 25 ألف ليرة.
وعلى الرغم من عزوف الكثير من الشبان عن شراء الهدايا أو الاحتفال بهذا العيد، إلا أن هناك من أراد أن يستثمرها علّه يستطيع أن يقضي مع من يحب لحظات من شأنها أن ترفع عن كاهلهما ثقل "الحرب والضغوط النفسية".
 يتساءل البعض.. إذا كان معظم شبابنا في الجيش يخوضون حربا شرسة ضد الارهاب لحماية وطنهم ..فمن هم هؤلاء "السهيرة" واصحاب الحجوزات في فنادق الخمسة نجوم ومطاعم النجوم الاربعة وما دونها .. وألا تعتبر مظاهر البذخ تلك مسيئة لمشاعر فقراء الوطن الذين يقضون 18 ساعة عمل يوميا لسد رمق أطفالهم ..والمطالبين دائما بشد الاحزمة والصمود لأننا نخوض حربا..؟!!.