أكثر من 300 ألف شهرياً حاجة الأسرة السورية والحكومة تنتظر عجلة الإنتاج ..!!

أكثر من 300 ألف شهرياً حاجة الأسرة السورية والحكومة تنتظر عجلة الإنتاج ..!!

مال واعمال

الثلاثاء، ٥ سبتمبر ٢٠١٧


بخطوات متثاقلة يتنقل أبو محمد الرجل الأربعيني في سوق الخضار باحثاً عن التاجر الأرخص ليشتري بضع كيلوات من الباذنجان ومثلها من الفليفلة الحمراء وبعض الفستق لأن أم محمد لا تريد أن تحرم أولادها الأربعة من المكدوس هذا العام حسب قوله، فمنذ سنتين لم يعرفوا طعمه، متابعاً المشكلة ليست هنا بل بالمدرسة ومستلزماتها وبالمازوت ، فهذا الشهر أحتاج 40 ألف ليرة ثمن برميل مازوت، وحوالي 50 ألف لوازم مدرسية ومثلها لمونة الشتاء ، هذا عدا عن المصروف اليومي ، وحسب حسابات أبو محمد فهو يحتاج هذا الشهر وحده حوالي 300 ألف ليرة وراتبه لا يتجاوز 35 ألف ليرة وهنا اضطررت للاشتراك بجمعية والعمل خلال الصيف بأعمال مياومة .

حال أبو محمد تنطبق على حال آلاف الأسر السورية وربما الملايين التي ستشعر بالضيق والعوز المادي الشديد في شهري آب وأيلول ، وحساباته منطقية ولا تحتاج لآلات حاسبة ولا إلى خبراء اقتصاد لتفصيلها، ولكن الدخل معدوم ورحى الأسعار تطحن المواطن.

الموضوع ليس بجديد بل هو مكرر منذ أعوام وفي هذا الوقت من العام تتم إثارته، ولكن ما يثير الاستغراب أن وعود الحكومات المتعاقبة بتحسين مستوى المعيشة هي نفسها دون أن يتغير شيء سوى التراجع خطوات، وهنا نذكر بتصريح وزير المالية بربط أي زيادة للرواتب والأجور بتحريك عجلة الإنتاج وبأن تحسين مستوى المعيشة ليس فقط زيادة رواتب...!!!، أو تصريح وزير التجارة الداخلية الذي قال فيه :  أي زيادة على الرواتب ستؤدّي إلى ضخ أموال في السوق، وبالتالي حصول التضخم، وهي خطوة ستدفع إلى شراء الدولار ما سينعكس سلباً على حساب الليرة السورية...؟؟؟

«سيريانديز» التقت الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية الذي بين أن متطلبات الأسرة السورية في هذه الفترة قاسية جداً وهي تعد تحدٍّ كبير لها في هذه الظروف القاسية، وهنا تضطر الأسرة لتغيير ترتيب أولوياتها ما بين المونة والمدرسة والمازوت وغيرها والعيش بأدنى مستوى لتحقيق بعض منها، وهنا نلغي فكرة أي مظهر من مظاهر الأعياد أو التفكير بأي نشاط سياحي، ومعظم الأسر بشكل تقليدي صارت تتبع أسلوب الادخار لهذا الموسم .

وأضاف فضلية : الرقم الذي كان متداولاً حول تكلفة معيشة الاسرة السورية شهرياً في الظروف العادية والتي تصل إلى حوالي 185 ألف ليرة هو رقم قريب جداً من الواقع وربما يتجاوزه، منوهاً أن في هذه المرحلة تحتاج الأسرة إلى ضعف هذا المبلغ أي ما يزيد على 300 ألف ليرة، وهو رقم خيالي قياساً بالدخل المحدود والثابت للموظف الذي يشكل الشريحة الأوسع تقريباً، أما غير الموظف فحاله من المحال.

وكان الخبير الاقتصادي الدكتور عامر شهدا وجّه انتقاداً لاذعاً لتصريحات وزيري المالية والتموين حول موضوع زيادة الرواتب، وقال في صفحته على /الفيسبوك/ : (يا عمي هالوزراء شو عم يحكو) .؟!!

معقول وزير المالية يقول لا زيادة على الرواتب لأن الأولوية الآن للإنتاج ، ووزير التجارة الداخلية يقول لا زيادة للرواتب لأنها ستؤدي غلى التضخم وزيادة الطلب على الدولار، معقول وزير يحكي هيك...؟؟ .

وأضاف شهدا: يا سيادة وزير المالية إذا كان همكم الإنتاج فرفع الإنتاج لا يمكن أن يحدث إلا اذا رفعتم القدرة على الاستهلاك، وهذا يدعو لزيادة الرواتب حكماً، أما وزير التجارة الداخلية فأنت معني بضبط الأسعار، لأن فلتان الأسعار هو السبب في التضخم وزيادة الرواتب تدفع باتجاه زيادة الاستهلاك فيزيد الإنتاج ويمتص الكتلة النقدية المطروحة ويحدث توازناً .

 أما بالنسبة لزيادة الطلب على الدولار قال شهدا: يا سعادة الوزير احسبها مظبوط ، لماذا لم تتكلموا أن الحاكم السابق للمركزي تسبب بتضخم يفوق جداً زيادة الرواتب..  أنتم أقوياء على المواطن وضعفاء على بعضكم، تضخم وزيادة رواتب وسعر ليرة وطلب دولار هذه المعادلة معقدة جداً...!!!

متسائلاً: كم كانت حركة الدولار اليومية في الأسواق منذ سنتين حين وصل الدولار إلى 565 وكم هي حركته اليوم وبسعر 510 وانعكاس ذلك على التضخم ...؟؟؟

الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد سابقاً أكد لـ «سيريانديز» أن  دخل المواطن خصوصاً موظف الدولة أصبح مادة للتندر، فإذا كان الفقر المدقع هو أن يعيش الشخص بأقل من دولارين باليوم،  فكيف يعيش المواطن السوري بما لا يزيد عن 50 سنتاً ، ضيفة : أصبح اليوم دخل عامل التمديدات الصحية وعامل البناء أفضل بكثير من دخل الأستاذ الجامعي  فكيف سيكون مستقبل العلم ؟ ؟ ؟.

وقالت عاصي : أي تطور وتنمية مجتمعية ستكون غائبة تماماً في ظل نظام أجور مجحف وغير عادل، منوهة أن الحكومة تقول أن الخزينة العامة تعاني من شح الموارد، وفي نفس الوقت يتم منح الإعفاءات من الرسوم الجمركية وفوائد وغرامات تأخير الضرائب، هناك تناقض شديد بين السياسات المتبعة والقرارات المتخذة، والكلام نفسه تكرره الحكومة عن انتظار عجلة الانتاج لتحريك الأجور، ماذا لو تأخرت عجلة الانتاج وهل يفهم المواطن خطط الحكومة ..؟؟؟

وأوضحت عاصي أقصد تناقض بين الواقع والسياسات الواجب اتباعها، لأنه لا يمكن تأجيل الأكل والشرب والطبابة وتعليم  الأولاد، و أشياء كثيرة غير قابلة لتأجيل ، وبنفس الوقت منح الإعفاءات بشكل عشوائي غير مجدي وغير مقبول، منوهة أن الإعفاءات من فوائد التأخير والغرامات على المبالغ غير المسددة من قبل المكلفين الضريبين ، هو رسالة واضحة لهؤلاء المكلفين بأنكم لا تدفعوا ، وسيتم اعفاءكم لاحقاً، إنها دعوة لعدم الالتزام بدفع الضريبة.

وختمت عاصي  لن نحقق أي تقدم في هذا الملف الجوهري مالم نفكر بطريقة مختلفة  متجانسة وتتميز بالعمق وليس أسهل شيء هو أفضل...!!!

  syriandays