تطبيقها يوفر نحو 1.3 مليار يورو سنوياً… سياسة إحلال بدائل للمستوردات تستهدف 27 مادة لإنتاجها محلياً

تطبيقها يوفر نحو 1.3 مليار يورو سنوياً… سياسة إحلال بدائل للمستوردات تستهدف 27 مادة لإنتاجها محلياً

مال واعمال

الاثنين، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٨

إذا ما استعنا بلغة الأرقام واتخذناها معياراً لقياس الوفر المتوقع تحقيقه للقطع الأجنبي جراء تطبيق سياسة إحلال بدائل للمستوردات، يتبين لنا أن إمكانية تصنيع 27 مادة مطروحة للإنتاج محلياً كبدائل عن المستوردات، تحقق وفراً من القطع المخصص لاستيرادها يقارب الـ1.3 مليار يورو سنوياً…!
أردنا الاستهلال بهذا الرقم لإعطاء صورة عامة عن موضوع يدرك أهميته “من يعرف ألف باء الاقتصاد” وفقاً لتعبير رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس الذي أشار إلى أن هذا الموضوع “سلاح ذو حدين” إذا لم ينفذ بالمعنى الحقيقي، ليشاطره بذلك وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل الذي وضع برنامج العمل لسياسة إحلال بدائل المستوردات، بإشارته إلى أنه رغم تخفيف هذه السياسة لفاتورة الاستيراد للسلع التي يمكن إنتاجها محلياً، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالي تحقيق استقلالية القرار الاقتصادي، إلا أن المأخذ الرئيسي على هذه السياسة يتعلق بالمبالغة أحياناً في السياسات الحمائية التي تتبعها الدول لتنفيذ هذه السياسة، من خلال منع الاستيراد وفرض الرسوم الجمركية، حيث أدت هذه السياسات في بعض الحالات إلى إنتاج صناعات غير قادرة على المنافسة، بالإضافة إلى تدني جودة المنتج.

قائمة
وعرض الخليل خلال اجتماع نوعي جمع وزراء الجهات المعنية بالإضافة إلى رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، قائمة بـ27 مادة وسلعة يمكن طرحها للإنتاج محلياً كبدائل عن المستوردات، وإجمالي قيم استيرادها، ومؤشر الأهمية النسبية لإجمالي الاستيراد، يتصدرها حبيبات بلاستيكية بدءاً من إنشاء مجمع للبتروكيماويات البالغ قيمة استيرادها السنوي نحو 141.5 مليون يورو وتشكل ما نسبته 3% من إجمالي المستوردات، وآخرها الجرارات الزراعية البالغ قيمة استيرادها السنوي نحو 1.8 مليون يورو بنسبة 0.04% من إجمالي المستوردات، مروراً بالأدوية البشرية غير المصنعة محلياً، والأقمشة غير المنتجة محلياً، والزيوت النباتية الخامية بدءاً من البذور النباتية، والورق، وقطع تبديل السيارات….إلخ. وقد جاءت هذه القائمة من مراجعة قائمة المستوردات خلال العام 2016، واختيار 27 سلعة مستوردة من الـ40 سلعة ذات القيمة الأعلى بين المستوردات، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن قسماً من هذه السلع ينتج محلياً وإنتاجه غير كافٍ، وقسم آخر لا ينتج محلياً ويتم استيراده بشكل كامل من الخارج.

تحديد الأدوار
وتقوم خطة عمل وزارة الاقتصاد بهذا الخصوص على تحديد الأدوار المطلوبة بشكل واضح من جميع الأطراف المعنية، وذلك من خلال اختيار الصناعات والذي يضع الأطراف المعنية أمام خيارين، الأول تحديد مجموعة من السلع التي ترغب الدولة في تصنيعها استناداً إلى وزنها في المستوردات بهدف تخفيض فاتورة القطع الأجنبي، وهذا المدخل يواجه مشكلة وجود العديد من السلع التي يحتاجها الاقتصاد الوطني وهي غير واردة في القائمة لأنها تدخل في الترشيد ويتم تهريبها من جهة، ومن جهة ثانية لا يمكن بأي حال استبدال بعض الصناعات بشكل كامل، نظراً لأن الموضوع لا يتعلق فقط بوجود المنتج، وإنما بسلوك المستهلك، فعلى سبيل المثال لا يمكن أن يتوقف الطلب على الأحذية من ماركة عالمية محددة حتى لو توفرت آلاف المصانع المحلية المنتجة للأحذية. ويكمن الخيار الثاني بتحديد قطاعات مستهدفة بالإحلال وذلك بالشكل الذي ينسجم مع التوجهات التنموية القطاعية للحكومة، ولقطاعات رائدة تمتلك مقومات النمو والتطور نتيجة توافر المواد الأولية أو العمالة الماهرة أو سوق التصريف، فعلى سبيل المثال قد ترى الحكومة أنها ترغب بتصنيع أنواع جديدة من الأدوية النوعية بشكل كامل في سورية، وتستغني عن استيراد الدواء، لتكون سورية رائدة على مستوى المنطقة في تصنيع الدواء، ولهذا الغرض يتم بناء سياسات لتحقيق هذا الهدف.
عناية فائقة
وتركز خطة العمل على تحديد الأفق الزمني لتطبيق هذه السياسة، والسياسات الحمائية المرافقة، على أن يتمتع تصميم الإجراءات الحمائية المطلوبة بعناية فائقة ولاسيما لجهة تحديد الإجراءات الحمائية المطلوبة، وذلك تفادياً من الوقوع مجدداً في فخ المراوحة بإنتاج السلع الاستهلاكية المرتفعة. مشيرة إلى أن الدولة لن تتولى مهمة الاستثمار المباشر في هذه الصناعات، وأن الأمر سيترك برمته للقطاع الخاص، طارحة عدة خطوات كفيلة بإنجاح هذا الأمر، يتصدرها التسويق السليم للفرص الاستثمارية الخاصة بهذه السلع لجذب المستثمرين وإقناعهم بجدوى الدخول في هذه الاستثمارات، وتقديم التسهيلات اللازمة للقيام بهذه الاستثمارات وذلك من خلال تخصيص أراضٍ مملوكة من قبل الدولة، أو دعم سعر الفائدة للقروض الممنوحة لإنتاج هذه السلع من ضمن الـ20 ملياراً المخصصة في موازنة العام 2019، أو تخصيص الراغبين بمقاسم في المدن الصناعية بأسعار تشجيعية مع زيادة بعدد الأقساط، وإعفاء مستوردات الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج من جميع الرسوم الجمركية والمالية، والإضافات غير الجمركية في مرحلة التأسيس شريطة استخدامها حصراً لأغراض المشروع، ومنح المشاريع التي ستبدأ بإنتاج هذه المواد تخفيضاً ضريبياً من ضريبة الدخل يتناسب مع طبيعة المشروع، ويبدأ من تاريخ بدء التشغيل. ولم تغفل خطة العمل تحديد أدوار الجهات المعنية؛ إذ أشارت إلى أنه من الضروري أن تقوم وزارة الصناعة بوضع الكلف التقديرية للصناعات المستهدفة الإحلال، وتقوم وزارتا الاقتصاد والمالية بناء على ذلك بتصميم الحوافز ووضع السياسات الحمائية اللازمة.
حسن النابلسي-البعث