ما هي أسباب تحول المشاهير إلى نرجسيين؟!

ما هي أسباب تحول المشاهير إلى نرجسيين؟!

فن ومشاهير

الأربعاء، ٧ ديسمبر ٢٠١٦

هناك الكثير من الصفات التي ترتبط بالسيكوباتية، وقد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن القدرات الإبداعية إحدى هذه الصفات، إلا أن هناك ملامح عديدة تشكل الشخصية السيكوباتية، مثل عدم الشعور بالندم، والميل إلى التلاعب واستغلال الآخرين، ووجود نمط للخداع وعدم السيطرة على الدوافع الشخصية.

وعلى الرغم من بعض الصفات التي نراها في السيكوباتيين، لا سيما الرغبة الشديدة أو الحاجة الملحّة لاتباع أهوائهم دون مراعاة الآخرين، تظهر بعض تلك الصفات عند الأشخاص ذوي القدرات الإبداعية الفائقة، بحسب ما نشره موقع psychologytoday.

السيكوباتيين عباقرة أيضًا!

إذ اعتبر الباحث أدريان جون غالانغ وزملاؤه في جامعة دي لا سال بالفلبين عام 2016 أن هناك نوعاً اجتماعياً من السيكوباتيين، خلافاً لنظيره الجنائي، يستغل جرأته وجموحه استغلالاً حسناً.

وفقاً لغالانغ وزملاؤه، فإن "شخصية المحتال أو السارق أو الشرير هي شخصيات غامضة ترتدي ثوب الفضيلة أو الرذيلة حسب الموقف؛ إذ إن المحتال قد يستطيع حل المشاكل باستخدام ذكائه، وباستخدامٍ دائم ومتحرر للأساليب الملتوية".

ليس الشخص المبدع دائماً هو الأفضل؛ إذ يقول فريق البحث إنه قد تتساوى المواهب الإبداعية والمواهب الشاذة لدى الإنسان، إلا أنه في أغلب الأحيان يتم التركيز على النوع المنحرف من الصفات السيكوباتية، فيما يُهمَل الجانب الذي يتميز بالعبقرية الخلاقة.

في حين قد تؤدي الرغبة الشديدة في تحديد القواعد وفق شروط خاصة إلى أن يقرر الشخص أن يكذب عندما يتطلب الأمر؛ بل ويبرر الخداع من خلال رؤية نفسه غير مسؤول عن سلوكياته، وهو ما يسمى التفكير التبايني؛ إذ تتولد أفكار خلاقة بدلاً من التقيد بالأفكار المجربة والمألوفة، وبمعنى آخر هي القدرة على استنباط استخدامات غير عادية من خلال أدوات عادية.

لذا، يمكننا القول إن الشخص المبدع يتشابه مع الشخص السيكوباتي، ولكنه أقل كبتاً عاطفياً من الآخرين وفق أبجديات العرف الاجتماعي، وهذا السلوك الجامح يستتر خلف كل من الجرأة في المخاطرة، وهو الجانب الإبداعي من المعادلة، وكذلك القسوة، وهو الجانب المعادي للمجتمع.

أو ربما هم نرجسيين..


أجريت دراسة على 500 فلبيني بالغ، بلغ متوسط أعمارهم 22 عاماً، لاكتشاف العلاقة بين الإنجازات الخلّاقة و3 صفات أُطلق عليها اسم "الثلاثي الأسود"، وهي السيكوباتية والميكافيلية (الميل إلى التلاعب بالآخرين) والنرجسية.

فيما كان هناك ارتباط وثيق بين السيكوباتية والإنجازات الخلّاقة، كما أشار الاستبيان إلى وجود علاقة بين النرجسية والإبداعات الذاتية، وقد أشار فريق البحث إلى أن الأشخاص النرجسيين يميلون بطبيعتهم إلى المغالاة في تقدير الذات، وهو ما يدفعهم إلى المبالغة في التأكيد على إنجازاتهم الذاتية.

لهذا تُستهجن النساء المبدعات

في الدراسة الثانية لغالانغ ورفاقه، استخدم فيها عينة من طلاب الجامعة، وقد اختبر في هذه الدراسة العلاقة بين 3 صفات، وهي الجرأة والنذالة والجموح، والإبداع الذاتي، وقد انتهت الدراسة مرة أخرى إلى أن الإنجازات الخلاقة في مجال الهندسة المعمارية على سبيل المثال، يُنسب الفضل فيها بشكل كبير إلى صفة الجرأة.

بينما كان هناك اختلاف مثير للاهتمام بين الجنسين فيما يخص صفتي النذالة والجموح وعلاقتهما بالإبداع؛ إذ أظهرت الدراسة ارتباطاً بين الصفات الشخصية والإنجاز الخلاق عند الرجال فقط، ويرى فريق البحث الفلبيني أن تلك الفروق بين الجنسين تعكس ازدواجية المعايير في مساحة الحرية التي يتمتع بها الرجل المبدع مقابل ما تتمتع به المرأة المبدعة من مساحة للحرية.

تشير الدراسة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالذكور، يكون هناك الكثير من التسامح مع العبقريات الجامحة والفوضوية، وربما الاحتفال بها، ولكن بمجرد عبور فجوة الجنس، تصطدم الفنانة أو العالمة الجامحة سيكوباتياً بجدار من الاستهجان لا يمت بأي صلة إلى جدارتها وإبداعها.

نرجسية المشاهير

قد يتشابه ذلك مع تفسير الهالة النرجسية التي يحظى بها بعض المشاهير والسياسيين؛ إذ يحصلون على مساعدة خاصة من أولئك الذين يؤدون عنهم بعض أدوارهم بدلاً من الاضطرار إلى التعامل مع العديد من وقائع الحياة اليومية.

خلاصة القول، أنه ليس لمجرد أن يكون الإنسان مبدعاً، أن يكون بالضرورة لطيفاً، أو أن يتمتع شخص ما بميول سيكوباتية وبالأخص الجرأة، أو ربما لديه صفات اجتماعية نبيلة.

فقد يكلف الإبداع بعض الأشخاص ثمناً باهظاً، ولكن إذا استطعنا أن نحسن استغلال وإدارة ذلك التدفق الإبداعي لذوي الميول السيكوباتية، قد يمكننا ذلك من تعزيز صحتهم وتفاعلهم الاجتماعي وتقدمهم.