النوم يساعد على زيادة التركيز.. لكن كيف تعمل النظرية بالعكس؟

النوم يساعد على زيادة التركيز.. لكن كيف تعمل النظرية بالعكس؟

صحتك وحياتك

الأحد، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٦

عندما يبدأ طبيب أو متخصص في إسداء نصائح للحفاظ على الصحة والبقاء بعافية فإنه يبدأها بضرورة تناول الطعام الصحي وأداء التمرينات الرياضية ومن ثم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.

إذ ترتبط التغذية باللياقة البدنية ارتباطاً وثيقاً ويتعاونان معاً، كما يسري الأمر ذاته على النوم واليقظة، فبالإضافة إلى مساهمة كل منهما على حدة في حالتنا الصحية فهما يتحركان سوياً في دائرة مغلقة، إذ تساعد اليقظة على نوم أعمق بينما يعزز النوم من السلوك اليقظ والإدراك.

ما اليقظة؟

اليقظة ببساطة هي الوعي الذي ينشأ حين تنتبه عن قصد لما يحدث في اللحظة الحالية، سواء خارج جسدك وعقلك أو داخلهما.

بالطبع يشمل هذا أفكارنا، فبدلاً من أن تستهلكنا الأفكار المُرهِقة والملهية التي تغمر عقولنا بشكل يومي، يمكننا أن نتراجع خطوة للوراء بعيداً عنها.

ورغم أن التمرين على اليقظة يمكن أن يجري في أي مكان وزمان، فإنه عادة ما يُشار إليه في سياق التأمل، وهي الممارسة الرسمية لتدريب الذهن على اكتساب مهارات العيش في اللحظة الحالية، ويتضمن أبسط الأشياء مثل التركيز على حركة النَفَس في الجسم.

وبعيدًا عن الجذور المرتبطة بالتقاليد التأملية الشرقية، فالبناء الحديث لليقظة الذي نسمع عنه مؤخراً هو مفهوم يدعمه العلم، إذ إن هناك قدر متزايد من الأبحاث التي تظهر أن الممارسات المعتمدة على اليقظة، مثل الحد من الضغط، والعلاج المعرفي القائمين على اليقظة يمكنهما المساعدة في تحسين العديد من الحالات مثل الاكتئاب والقلق وقلة الثقة بالنفس والألم المزمن وصعوبات العلاقات والإبداع والإنتاجية، والنوم بالطبع.

كيف تساعد اليقظة على تحسين النوم؟

يقول أندي بوديكومب، أحد مؤسسي موقع وتطبيق "Headspace" لليقظة المعروف عالمياً: "يمر الجميع تقريباً بفترات من عدم القدرة على النوم في مرحلة ما من حياتهم، وعادة ما ترتبط قلة النوم بمستويات الضغط والإجهاد".

ويضيف: "بالطريقة نفسها التي تقود بها مشكلات الصحة العقلية إلى نوم أسوأ، فإن بإمكان النوم السيئ أن يؤدي إلى مشكلات مرتبطة بالصحة العقلية، إنها حلقة سلبية، وهي المسؤولة عن الأرق، فعندما لا يمكنك النوم، يؤدي ذلك إلى قلقك، وهو ما يمنعك من النوم بالتبعية وهلم جرا".

وهنا يأتي دور اليقظة وقدرتها على وضع مسافة بيننا وبين أفكارنا، إذ يقول باديكومب: "رغم أنك غير قادر على السيطرة على كل الأفكار والمشاعر التي تطرأ في ذهنك، إلا أنك مسؤول عن الطريقة التي تتعامل بها معها، لذا حين تهاجمك الأفكار الصعبة، هل تتفاعل بالشعور بالقلق أو الإحباط أو الكآبة؟ أم تكون استجابتك أكثر قبولاً ووعياً وشعوراً بالارتياح؟".

ويستطرد قائلًا: "شعورك بالألفة مع اليقظة وقدرتك على التراجع وملاحظة أفكارك ومشاعرك بوضوح أكبر ستكون جوهرية في تحويل رد الفعل إلى استجابة، وهذا بالضبط ما تدرب ذهنك على فعله حين تجلس لتتأمل".

لذلك ليس من المستغرب وجود العديد من الدراسات التي أظهرت أن اليقظة أداة فعالة للحد من الأرق، ومن ضمنها تجربة هارفارد التي وجدت أن التأمل اليقظ حَسَّن من جودة النوم والضعف النهاري لدى كبار السن.

وفي تجربة أُجريت عام 2014، وشملت 54 شخصاً بالغاً يعانون من الأرق المزمن، وُجد أن علاج الضغط والإنهاك القائم على اليقظة، وعلاج الأرق المعتمد على اليقظة أسفرا عن مكاسب ملحوظة فيما يتعلق بالنوم، من ضمنها خفض عدد مرات الاستيقاظ.

روتين النوم

إذا كنت ترغب في اقتناص أفضل فرصة لإبعاد نفسك عن هذه الأفكار المفسدة للنوم، يوصي باديكومب بإدخال روتين لميعاد النوم، فيقول: "ربما يكون الاستحمام، وغسل أسنانك والقراءة لنصف ساعة تحت ضوء هادئ روتين مناسب للاستعداد للنوم، وهذا ما يعني أن تكون أقل عرضة للأفكار غير المتوقعة التي تهاجمك قبل النوم".

كما يوصي بإبعاد هاتفك عن الطقس اليومي وفرض حظر على بريد العمل الإلكتروني، والأهم التأمل، إذ يقول: "أوصي بالتأمل في المساء، قد يبدو هذا غير معتاد في البداية، لكن تخصيص 10 دقائق لتأمل التنفس البسيط قبل النوم عادة ما سيساعدك على الاستغراق في النوم بشكل أسرع".

وفي هذا الصدد، يُمكن لتطبيق "Headspace" أن يساعدك في التأمل قبل النوم، حيث يتضمن التركيز على كل جزء من جسدك، ما يسمح بإيقاف العضلات بدءاً من أصابع القدمين واتجاهاً إلى أعلى، أما الأخبار العظيمة للأهالي المحرومين من النوم بسبب أطفالهم فهناك نسخة موجهة للأطفال، صُممت خصيصاً لتهدئتهم وتهدئة أذهانهم وقت النوم.

كيف يمكن للنوم جعلنا أكثر يقظة؟

مثلما تساعدنا اليقظة على الاستغراق في النوم، يساعدنا النوم الجيد أيضاً على اكتساب موقف أكثر يقظة وإدراكاً في حياتنا اليومية، أو بعبارة أخرى، تجعلنا قلة النوم أقل يقظة.

فمن إحدى الفوائد الرئيسية لليقظة، كما ظهر في العديد من الدراسات، هي قدرتها على مساعدتنا في تنظيم مشاعرنا، ما يؤدي إلى المزيد من التفكير في ردود الأفعال والقرارات.

كما تبين أن للحرمان من النوم أثراً معاكساً، إذ يعوق التنظيم العاطفي لدينا، ووجد البحث المنشور في الدورية العلمية Journal of Neuroscience أن قلة النوم تغير من الاستجابة العاطفية عن طريق خفض حد التنشيط العاطفي، ما يؤدي إلى فقدان الحياد العاطفي وزيادة القلق والضغط من أبسط الأشياء.

لذا إن رغبت في تعزيز صحتك فالتأمل قبل النوم والنوم مبكراً سيمثلان موقعًا جيداً للبدء منه.