لماذا تشعر بالنعاس بعد وجبة الغداء؟

لماذا تشعر بالنعاس بعد وجبة الغداء؟

صحتك وحياتك

الخميس، ١٠ نوفمبر ٢٠١٦

هل تساءلتم يوماً عن سبب شعوركم بالنعاس بعد وجبة الغداء؟ كثر يؤخرون وجبة الظهر لكي لا يفقدوا قدرتهم على التركيز أثناء العمل.

لمعرفة السبب وراء شعور البعض بالخمول بعد تناول وجبة الغداء، نشر موقع 7asriyan الحوار التالي مع الطبيبة جينيا فغالي:

– نحن نعلم أن الأسباب التي تجعل الإنسان يشعر بالجوع كثيرة، متداخلة ومعقدة… ولكن بشكل مختصر كيف يشعر الإنسان بالجوع؟ ما هو المعيار للجسم لكي يقرر أنه جائع؟

بدايةً يجب أن نشدد على أن الجوع هو شعور طبيعي يشعر به كل كائن حي، هو يختلف بالتوقيت ومدى تأثر الإنسان بالجوع. لماذا نشعر بالجوع؟ لأنه منطقياً، الإنسان بحاجة للطاقة للعيش، وهو يحصل عليها من الأكل. بعض العوامل المؤثرة على الجوع تعود إلى مكوّنات الجسم وطريقة تفاعلها مع بعضها كالهرمونات التي تؤدي وظائف معيّنة بالجسم منها تحديد مستوى الشعور بالجوع. نذكر منها “Leptin” و “Ghrelin”. باختصار، الأولى تفرزها الخلايا الشحمية في الجسم عندما نتناول الطعام، لتخفف شعورنا بالجوع. وعند بلوغها مستوى معيّن، نفقد الحافز لتناول الطعام. بعد بضعة ساعات، تقل نسبة ال “Leptin” في الدم، ترتفع ال “Ghrelin” وتشعر بالجوع مجدداً.

ولا بدّ من الإشارة إلى أهمية تناول وجبات غذائية صغيرة والابتعاد عن تناول وجبة واحدة كبيرة في النهار، لكي لا تشعر بالجوع ولأسباب أخرى خارجة عن موضوع المقابلة. أيضاً من المهم أن نفرّق بين الجوع والشهية، من الممكن أن تشتهي شيئاً وأنت لا تشعر بالجوع والعكس صحيح.

هنالك أعضاء أخرى منها الدماغ الذي يحتوي على عدة مناطق تؤثر على شعورنا بالجوع من خلال التواصل مع المعدة، عندما يرتفع مستوى الأحماض الأمنية (مكونات البروتين)، الدهون والسكر (مكون النشويات) في الدم، يشعر الإنسان بالشبع. لا يجب أن ننسى العامل النفسي أيضا، فمثلا يمكنك أن تشعر بالجوع عندما ترى وجبة غذائية تحبها.

إذا، الجوع يتأثر في الأساس بالجهاز العصبي (دماغ، أعصاب)، الجهاز الهضمي (المعدة وكمية الأكل التي تحتويها)، الغدد والعامل النفسي

– عندما يأكل الإنسان، غالباً ما يشعر بالخمول أو النعاس، ما السبب لهذا الشعور؟

هذه الحالة طبيعية وهي موجودة عند الجميع ومعروفة بـ “State of Low Energy” وهو فقدان الطاقة لتأدية عملٍ ما.

بيولوجياً لا علاقة مباشرة بين الأكل والنعاس، ولكن النعاس يتأثر بجهاز المعدة، جهاز الأعصاب والهرمونات كما سبق وذكرنا. قبل الغوص في الرابط بين الشبع أو الأكل والنعاس، دعني أقول لك بعض النظريات الخاطئة والشائعة بين الناس عن هذا الموضوع:

1- تنخفض نسبة الأكسيجين عن الدماغ لصالح المعدة: هذه النظرية غير صحيحة! بشكل عام، لا ينخفض مستوى الأكسيجين في الدماغ لصالح عضو آخر من أعضاء الجسم، مهما كانت الأسباب.

2- عندما تأكل وجبة تحتوي عل الكثير من الحبش، تشعر بالنعاس: هذه النظرية غير صحيحة أيضاً ولا علاقة مباشرة أو علمية بين الحبش والنعاس، العلاقة تأتي من الرابط التاريخي بين الحبش و الولائم الكبيرة.

بعض النظريات العلمية والمنطقية:

1- الإنسولين Insulin و”Tryptophan” (أحد أنواع الأحماض الأمنية) لها علاقة بالنعاس. الأكل الذي يحتوي على الكثير من السكر أو على كمية كبيرة من النشويات، يسبب بارتفاع نسبة الإنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع بنسبة ال “Tryptophan” الذي يتوجه إلى الدماغ، ويتحول إلى “Melatonin” المسبب بشعور النعس عند الإنسان.

2 – كمية البوتاسيوم في الدم. عندما تنخفض نسبة البوتاسيوم في الدم، تشعر بالتعب.

3- كميات الإنسولين في الدم. عندما يرتفع الإنسولين في الدم، ينخفض مستوى البوتاسيوم.

4- عندما تتناول الطعام، يشعر جهازك العصبي بالراحة، أقصد بهذا أن الدماغ يفسر ذلك بأن لا خوف موجود في محيطك لأنّك وجدت الوقت لتأكل، ف”يطمأن” الدماغ على سلامتك ويسمح لك بالنوم مما يؤدي إلى شعور النعس أو الخمول.

هنالك بعض الدراسات التي تناولت موضوع حجم الوجبة الغذائية وتأثيرها على تغيرات الجسم عند الانتهاء من تناولها، أكدت أن لا تأثير على حجم الوجبة الغذائية على مزاج الإنسان، الضغط، أو دقات القلب. لكن، لاحظت هذه الدراسات أن الذين تناولوا وجبات غذائية كبيرة، قلة نسبة تركيزهم.

إذا، الأطباء حالياً مقتنعون أن هنالك علاقة بين “حجم” الوجبة الغذائية، النشويات وشعور النعس.

– هل تأخير وجبات الغداء، ممكن أن يجنبنا هذا الشعور؟ لماذا نشعر بالخمول بعد وجبات الغداء، وليس بعد الفطور أو العشاء؟

هذا الشعور معروف ب “Post Lunch Dip”، وفي دراسات أخرى “siesta time” وهو الذي تشعر به بعد الغداء، وهنا أعني وقت الغداء وليس الوجبة. عدد كبير من الأشخاص يشعرون بالتعب لمدة خمسة عشرة دقيقة تقريبا، بين الواحدة والثالثة بعد الظهر، حتى لو لم يتنولوا وجبة الغداء.

يؤكد علم النوم أن الإنسان يشعر بالتعب أو النعاس بين الواحدة والثالثة صباحاً ومساءً. وهذا الشعور لا علاقة له بالأكل، فهو يقع ضمن إيقاع الساعة البيولوجية.

يتأثر هذا الشعور بكميات النوم التي تحصل عليها، وإيقاع الساعة البيولوجية أو “Circadian Rythm” يتأثر بحركة الجسم الداخلية وتحديداً ال “Melatonin”. وهنا يجب الإشارة إلى أهمية وقت القيلولة، والنوم بعد الظهر (من الساعة الواحدة للساعة الرابعة) لمدة تتراوح بين الخمسة عشرة والثلاثين دقيقة، لتحسين الأداء خصوصاً في العمل. حتى لو لم تعلم أنها فترة ال”Post Lunch Dip”، ستشعر بالنعاس. إحدى الطرق لمحاربة هذا الشعور هو أن يؤمن الإنسان ٦ إلى ٨ ساعات نوم يومياً ونصائح أخرى نقدّمها لاحقا.

– هل من نصائح أخيرة؟

هنالك شركات كبرى عديدة في العالم، حاولت مساعدة موظفيها لمحاربة شعور النعس بعض الظهر من خلال عدة تغييرات ابرزها:

تأثير الضوء: الضوء يخفف نسبة ال “Melatonin” في الجسم. (مثلا: عند المراهقين ترتفع نسبة ال “Melatonin” بين الساعة ١٢ مساءً و٨ صباحاً لذلك يتأخرون في النوم مساء والصحو صباحا، ومع تقدم العمر تنخفض تدريجياً.) يمكن الاستعانة بالضوء الأحمر بعد الظهر، الذي يخفف ال “Melatonin”.

فرصة الغداء بين الواحدة والثالثة ظهراً.

أخذ قيلولة بعض الظهر لا تتخطى العشرين دقيقة.

نصائح أخرى:

تناول كميات صغيرة من الأكل، مقسمة لثلاث وجبات أساسية ووجبتين خفيفتين.

تخفيف كمية النشويات وعدم الإكثار من البروتينات في الوجبة الواحدة.

عندما تشعر بالنعاس، حول أن تتمشى قليلاً أو أن تستمع لموسيقى حماسية أو أن تتحاور مع أصدقائك في مواضيع طريفة خارجة عن نطاق العمل، أو أي أمور ترفيهية أخرى.

تأمين ٦ إلى ٨ ساعات نوم يومياً (ونعني بهذا الجودة في النوم: أي النوم العميق).

شرب المياه مهم جداً، فهو يخفف من الشعور بالجوع بالإضافة إلى فوائد صحية أخرى