في سباق العضلات المفتولة الإبـــر الهرمونيـــة تلاحـــق الشـــباب وتقتـــص من صحتهـــم وجيوبهـــم..؟!

في سباق العضلات المفتولة الإبـــر الهرمونيـــة تلاحـــق الشـــباب وتقتـــص من صحتهـــم وجيوبهـــم..؟!

صحتك وحياتك

الجمعة، ٢٧ يناير ٢٠١٧

جسد متناسق، وبنية قوية، وعضلات مفتولة، هاجس فئة واسعة من الشباب لتمنحهم هيبة أمام أصدقائهم، وإغراء وجاذبية الجنس اللطيف، ولتحقيق هذا الهاجس سيكون النادي الرياضي البداية المثالية التي تبدأ فيها مراحل نحت العضلات وتدويرها، وصنع الجسد المثالي المنتظر، وهناك تبدأ دعاية مكثفة، وحالة من العدوى، تنتقل بسرعة بين الشباب والمراهقين حتى من لم يكمل منهم الثامنة عشرة بضرورة اتباع نظام غذائي مكثف، والحصول على متممات غذائية ضرورية في العملية الرياضية ومرافقة للتمارين، وربما تصل الأمور بصاحبها إزاء تلك الدعاية، وحلم الجسد القوي بحقن عضلاته بإبر هرمونية تعفيه من التمارين المجهدة، وتعجل في عملية تحقيق الهدف المنشود دون توقع النتائج الكارثية التي قد لا تحمد عقباها حين تنقلب الأمور على صاحبها، ويفوت أوان التدارك، فأي تأثيرات جانبية ومخاطر، يمكن أن تتسبب بها تلك المكملات، أو الإبر الهرمونية المضخمة للعضلات.
أعمار صغيرة
في أحد النوادي الرياضية التي زرناها، يبدو التدريب على أشده مترافقاً مع موسيقا أجنبية وأنغام صاخبة، تضيع معها صرخات الرياضيين الشباب، وهم يرفعون أوزان الحديد المختلفة، وينجزون برامجهم الرياضية المحددة، والملفت أن فئة لا بأس بها من الشباب المرتادين لنوادي الحديد لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة،  تتراوح عموماً أعمار الفئات المتواجدة بين 15 إلى 30 سنة، يتبع وائل محمد الشاب الذي لم يكمل الثامنة عشرة (صف حادي عشر) برنامجاً رياضياً تمهيدياً، يسمى في اللعبة (دائري)، يقوم البرنامج على مجموعة تمارين، تعمل على تنشيف العضلات، ومنحها قوة إضافية بانتظار مرحلة أخرى، تبدأ بتضخيمها، لا ينصحه المدرب باتباعها قبل أن يكتمل نمو جسده. يقول الشاب الرياضي: إنه سجل في النادي مع مجموعة من أصدقائه (الشلة) في فترة العطلة الفصلية لرغبتهم في تحقيق لياقة بدنية عالية، وشكل جذاب يظهر مع عودتهم إلى المدرسة وقدوم الربيع.. مقداد علي شاب آخر، أكد لنا بعد حديث مشابه عن رغبته بتناول شيء من المكملات الغذائية بعد أن نصحه المدرب تندراً بأكل كل ما يصادفه في المنزل، يقول الشاب: سألت أحد خبراء التغذية عن تلك المكملات، وأخبرني بجواز تناولها شرط الحذر، وتقليل الكميات، لكنني حتى الآن متهيّب من الأمر للكلفة العالية، وجهل الخبرة بالتأثيرات الجانبية.
حدد ما تريد
لكل فئة عمرية، وبنية جسدية برامج رياضية مناسبة، وتمارين محددة، ترفع اللياقة، وتحقق الأهداف المنشودة من لاعبها شريطة التقيد بالتمارين المحددة، والمدد الزمنية، يتحدث نبراس محسن مدرب النادي الرياضي (الكوتش) الذي زرناه، موضحاً أن هناك حالات مختلفة، ولكل منها وضع وبرامج محددة، فهناك من يريد تضخيم، وزيادة الكتلة العضلية لديه، وهناك من يريد تقطيع العضلة وتفصيلها، وهناك من يأتي فقط لإنقاص الوزن، والحفاظ على لياقته، لكن يمكن القول بشكل عام: إن البداية الطبيعية لأي شاب تكون ببرنامج يشمل الجسد كله، مدة تمريناته تقارب الساعة والنصف، وتتوزع على مجموعة أجهزة ضغط بار، مستوي، فتح دنابل، أو فتح صدر، ثابت متوازٍ، بعد اجتياز هذا البرنامج نحدد نوع المظهر الرياضي الذي يسعى إليه المتدرب، ولا يرى المدرب الأربعيني المحسن أي مشكلة في قبول الشباب دون الـ 18 في حال كانت بنية جسدهم مساعدة، أما عن المكملات الغذائية، فيوضح أن الرياضي قد يحتاجها بعد مدة معينة لتعويض المجهود العضلي الذي يبذله في التمرين بخلاف الإبر الهرمونية التي أخبرنا أنه لا ينصح بها إطلاقاً.

متاجر خاصة
الملفت أن للمكملات الغذائية المتداولة بين الرياضيين متاجر خاصة، تتوفر فيها أنواع مختلفة الأصناف والأسعار، تعمل على استيرادها من الدول المصنعة لها، يشرح الصيدلاني محمد بكر، وهو أحد العاملين في شركة تُعنى بالمكملات الغذائية الخاصة بالرياضيين، قائلاً: يهتم أي رياضي بنوعية وكمية الغذاء التي يحتاجها جسده أثناء التدريب مثل الكاربوهيدرات والسكريات والبروتين، وهذه المكملات تتوفر فيها العناصر الغذائية المطلوبة للرياضي، وهي زيادة على الطعام، وليست بديلاً عنه، وبشكل عام يمكن للرياضيين تناولها بعد استشارات طبية معينة، خاصة لمن هم دون الثامنة عشرة، أو ممن لديهم مشاكل هضمية، ويصنف البكر أنواع هذه المتممات إلى: متممات غذائية لزيادة الوزن أو رفع الكتلة العضلية، وتتميز هذه الأصناف بمحتواها العالي من الكاربوهيدرات والبروتين والفيتامينات والمعادن، حيث تدخل سعرات حرارية بشكل كبير في جسم اللاعب، ويطلق عليها MASS GANER، أما الفئة الثانية، فهي متممات غذائية من نوع بروتين مصل الحليب (واي  بروتين) (WHY PROTEIN)، وأهمية هذا الصنف أنه يزيد من مدخول اللاعب من البروتين خلال اليوم حين يضاف للوجبات الغذائية، ويؤخذ صباحاً أو قبل التمرين، وهذا الصنف يتضمن عدة أصناف فرعية تختلف بحسب محتواها من البروتين، أو العناصر الغذائية الأخرى مثل بروتين الصويا، لكن هذه الأصناف قليلة التداول، مادة أخرى وهي الكرياتين تحدّث عنها الصيدلاني البكر، قائلاً: إنها مركب الطاقة الأساسي للرياضي، وهي مادة تتكون من ثلاثة أحماض أمينية (غلاسين، أرجنين، مثيونين)، تؤخذ بشكل حبوب، أو بوردة تُحل بالماء، وتُشرب قبل التمرين غالباً، وهي مادة تزيد من طاقة اللاعب، وتساعده على كسب بنية عضلية، في المقابل يحذر الصيدلاني البكر من الإبر الهرمونية التي يتعاطها بعض الرياضيين بعد التأثير عليهم من بعض المروجين لها، حيث قال: هذه الإبر مرفوضة بشكل قاطع من الناحية الصحية، لأنها تعمل على إدخال هرمونات ينتجها الجسم بشكل كافٍ ومعتدل مثل هرمون النمو، أو التستيسرون بغرض كسب كتلة عضلية في منطقة معينة، لكن ما يحدث أن إدخالها للجسم يؤدي إلى حالة خلل هرموني، وربما يؤدي إلى نتائج عكسية، لا تحمد عقباها كضمور الخصيتين عند الرياضي، أو تأثيرات سمية على الكبد.

مخاطر صحية
وبخلاف المعلومات التي حصلنا عليها من البكر، تحذيرات مختلفة حصلنا عليها من خبراء تغذية، تحدثنا معهم، وأطباء مختصون في الحالة الهضمية لبحث تأثير تلك المكملات على المعدة، وكانت المعلومات شبه متطابقة برفض كل الأصناف الغذائية الأخرى دون استشارة طبية وبكميات محددة جداً ولشركات معروفة، يقول الدكتور محمد علي العلي “اختصاصي هضمية”: إن لتلك المكملات تأثيرات جانبية على الكبد والجهاز الهضمي للمريض، إذ تحتوي على كميات عالية ومركبات من البروتين، يصعب تحليلها في المعدة، وتؤدي إلى إرهاق الوظيفة الهضمية، وبالتالي مشاكل في الكبد، ويضيف: لا يوجد ثقافة غذائية لتناول هذه المكملات بشكل مدروس، كما لا يوجد لدينا شركات محلية موثوقة تقوم بتصنيعها، ويختم بقوله: أما الإبر فهي ذات تأثيرات كارثية، وإلى حد كبير تتطابق المعلومات التي أضافتها لنا خبيرة التغذية د. ندى التاجر مع معلومات طبيب الهضمية واصفة ما يحدث ببعض النوادي الرياضية “بالتخبيص” حين يتداعى الشباب لتناول تلك المكملات دون استشارات طبية، وتقول:  إن الحالات التي أشرفت عليها كثيرة، ومعظمها لشباب دون الـ 18 يعانون من استسقاء في الكلية ناتج عن هذه المكملات، وتقول: يجب على الرياضي ما أمكن اتباع برنامج غذائي مناسب بإشراف خبراء تغذية، ويبتعد عن هذه المكملات، إلّا بكميات محدودة ومع استشارة طبية.
وفي المحصلة فبناء الأجسام تماماً كأي رياضة أخرى، يحتاج إلى الوقت والجهد والتعب والنقود، لكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى الوعي والحذر والنصيحة الطبية الموثوقة والمؤكدة عند أي إضافات غذائية أخرى، أو مكملات ربما يكون جسد الرياضي بغنى عنها.

محمد محمود