شلل النوم “الجاثوم”.. حالات مشبعة بالرعب.. وعلاج جامع بين الطب والمعتقد؟!

شلل النوم “الجاثوم”.. حالات مشبعة بالرعب.. وعلاج جامع بين الطب والمعتقد؟!

صحتك وحياتك

الجمعة، ٢٧ يناير ٢٠١٧

لم يستجب باسل لنداءاتي المتكررة عندما حاولت إيقاظه من النوم بعدما رأيته في حالة غريبة، فعيناه كانتا مفتوحتين، ودقات قلبه كانت طبيعية، لكنه لا يستطيع أن ينطق، أو يحرك جسده، كأن شيئاً ثقيلاً يجثم على صدره، وبعد ثوان قليلة قفز باسل من سريره مرعوباً، شاحب الوجه، وظل لبضع دقائق صامتاً رغم تكرار سؤالي له: (هل أنت بخير)، وبعد ذلك بدأ، وهو يحاول التقاط أنفاسه، برواية تفاصيل ذلك الكابوس الذي شل حركته تماماً، وكأن أحداً يمسك بقدميه ويديه، ويمنعه من الحركة، كما قال لي: أعتقد أنه ليس كابوساً عادياً، بل هو شلل النوم الذي قرأت عنه منذ فترة، فالأعراض ذاتها، ولكن من يعيش الحالة ليس كمن يقرأ عنها، إنه شيء مرعب، أتمنى ألا تتكرر هذه الحالة ثانية.
طبعاً ما حدث مع صديقي كان كافياً لإثارة فضولي، وبشكل دفعني للبحث والتقصي عن هذا المرض الذي كنت شاهداً على إحدى حالاته المخيفة التي عشت معها أكثر اللحظات رعباً.
تجارب شخصية
بحثنا عن حالات شلل النوم بين الأصدقاء والأقارب، فكشف لنا عن العديد من الحالات الموجودة في المجتمع، ومنها حالة محمد القصاب (26عاماً، مدير مبيعات) الذي تعرّض لشلل النوم منذ سنة حينما استيقظ عند الساعة الثانية ليلاً، وشعر بأنه مثبت وغير قادر على الحركة، كما أنه حاول الصراخ لكنه لم يستطع، علماً أن الحالة تكررت معه أربع مرات خلال شهر واحد، وهذا ما دفع به للجوء إلى طرق علاجية كثيرة، بما فيها أساليب دينية إلى أن شفي منها.
أما بتول عبد الله (19عاماً، طالبة في كلية الاقتصاد)، فلم يختلف وضعها  عن محمد، إذ عانت من الحالة مرتين: الأولى في فصل الشتاء، والثانية في الصيف، وتعرّضت للأعراض نفسها تقريباً، حيث كانت تستيقظ مرعوبة، إلا أنها لم تعط الأمر أهمية بعد ذلك.

هلوسات النوم
يروي الكثير من الناس قصصاً وتفسيرات مختلفة عن مرض شلل النوم، أو “الجاثوم” الذي يعرف علمياً بأنه حالة من الاختناق، وعدم القدرة على الحركة أثناء النوم، وتحدث عند الدخول بالنوم، أو الاستيقاظ، وعند الانتقال بين مراحل النوم الذي يقسم بشكل عام إلى: مرحلة النوم غير الحالم، المرحلة الأولى، ومرحلة النوم الحالم، المرحلة الثانية التي تحدث فيها الأحلام عند الإنسان، وتصاحب الحالة هلوسات معينة كالشعور بوجود شبح يجثم على الصدر، أو ما شابه!.

مسببات محتملة
لم يكن من السهل إيجاد مختصين للحديث عن هذا المرض، حيث كان الدكتور غسان منصور، (اختصاصي علم نفس معرفي في جامعة دمشق)، واحداً منهم، والذي أدرج هذه الحالة ضمن اضطرابات النوم المنتشرة بكثرة بين الناس، وشلل النوم أحد هذه الأنواع، فالنوم برأيه يتألف من 5 أطوار: أربعة منها  ضمن النوم البطيء، أما الخامس فهو النوم السريع، وفيه تحدث الأحلام،  كما أن أي خلل في النواقل العصبية، (بزيادة أو نقصان)، سيسبب مشكلة في دورة النوم الطبيعية!.
ويركّز الدكتور منصور على فكرة أنه إذا لم يمر الإنسان بمرحلة النوم السريع، سيستيقظ متعباً، فإذا لم ينتقل الإنسان من المرحلة الرابعة (نوم عميق)، ومدتها ربع أو نصف ساعة تقريباً، إلى المرحلة الخامسة يحدث ما يعرف بغيبوبة النوم (شلل النوم)، وأسبابه قد تكون وراثية، أو بسبب تناول أغذية هرمونية تسبب خللاً هرمونياً معيناً!.
لم يتوان الدكتور منصور عن التأكيد بأن علاج شلل النوم يخضع لمبدأ الفروق الفردية، ويعتمد على نوع الحالة، وبالتالي يحتاج إلى دراسة للشخص قبل توصيف العلاج المناسب، موضحاً بشيء من الحسرة، وبكلمات مختصرة: “أننا لا نملك في سورية مراكز متخصصة لرصد تلك الاضطرابات، باستثناء العيادات النفسية الخاصة التي تحتاج إلى دراسة معمقة، على الرغم من مطالباتنا المتكررة منذ أكثر من 8 سنوات بفتح مركز متخصص”!.

أساليب المعالجة
الدكتور حسان المالح، (استشاري نفسي)، تحدث عن أساليب عامة لمعالجة الحالات العادية التي لا تتكرر بشكل مستمر، حيث يمكن أن يقوم بها الإنسان بشكل شخصي من خلال الثقافة النفسية كممارسة الرياضة لتخفيف التوتر، الاسترخاء العضلي، الحمام، شم الروائح اللطيفة، وفي كل الأديان هناك أساليب دينية تهدف لتخفيف الضغوط عند الإنسان، كما أن هناك أيضاً المأكولات اللذيذة، أو المشروبات التي يحبها الشخص مثل: النعنع، الشاي، القهوة، لكن بكميات خفيفة.
كما ينصح الدكتور المالح بأنه في الحالات الشديدة التي تتكرر كثيراً، أو تحتوي أعراضاً مزعجة، مرة كل أسبوع على سبيل المثال، على المريض أن يلجأ إلى الطبيب النفسي، حيث يلعب “التطمين” دوراً مهماً في المعالجة.
ويكمل الدكتور المالح حديثه عن الأدوية الطبية لمعالجة شلل النوم، والتي هدفها تنظيم النوم، وامتصاص القلق، وتنقسم بشكل عام لنوعين:المهدئات، ومضادات القلق والاكتئاب، وآثارها الجانبية بسيطة، كما أن الأدوية الحديثة منها لا تسبب خمولاً، بل تعطي نشاطاً للجسم.

بالمحصلة
مهما اختلفت مسببات شلل النوم، أو التفسيرات له، يبقى ضمن الحالات المزعجة التي تجعل النوم صعباً للغاية، خاصة عندما تتكرر أكثر من مرة، وهنا تصبح المعالجة ضرورة ملحة، وبالعودة إلى صديقي باسل، فهو لم يعد يعاني من تلك الحالة، وعاد إلى نومه الطبيعي بعد أن بدأ بممارسة أساليب الاسترخاء النفسية، والرياضة التي نصحته باتباعها بشكل يومي.

محمد الواوي