تفتيق وترقيع..صفحة نقدية ساخرة..إعداد: نضال خليل

تفتيق وترقيع..صفحة نقدية ساخرة..إعداد: نضال خليل

الأزمنة

الاثنين، ١٩ أكتوبر ٢٠١٥

تعى بكرا
تبدو كلمة (تعى أو مر بكرا) واحدة من أفضل العبارات للتملص من الوعود التي يطرحها الشخص أمام صاحب الحاجة أو القضية التي يسعى لتحقيقها وخاصة في الدوائر الرسمية بالنظر لما تحمله كلمة (بكرا) من معنى مطاطي قد تجبر المراجع على رفع الراية البيضاء والانصياع لمتطلبات هذا المسؤول أو ذلك الموظف.. هذه المعادلة الصعبة شغلت بال مواطن داخ وهو يسمع تلك الكلمة كلما راجع أحداً ما.. فتوجه إلى المسؤول بعدما اعتقد أنه توصل لحل يحدد بموجبه مدة زمنية لتلك (البكرا) قائلاً: له بثقة تصور يا جناب المدير أن اليوم الوظيفي في دائرتكم الموقرة على الشكل التالي: ستة أشهر نهاراً وستة أشهر ليلاً، فماذا كنت ستفعل مع معاملتي البائسة التي عشش العنكبوت على صفحاتها وهي في أدراجكم الأمينة.. فنظر إليه المدير وكأن سؤاله كان بمثابة طاقة القدر التي فتحت له من دون سابق إنذار.. يا سلام بشرفي إنك فهيم.. معناها أنك تستطيع القدوم إلي في أي وقت من النهار وسيكون جوابي (تعى بكرا) وتكرم عيونك وشواربك..

حسم عسكري
عندما نشب خلاف حاد بين صديقي المغلوب على أمره وزوجته (القادرة) على تسمية مولودهما البكر كان إصرار الزوج قد وصل إلى مرحلة ما قبل الحلفان بالطلاق على تسميته باسم والده فيما كانت الزوجة تريد أن تسميه باسم والدها.. حيث تطور الأمر إلى حد الشتائم ما دفع الزوجة للتهديد بالاستعانة بوالدها صاحب الجاه والمال والسلطان ليكسر رأس بعلها وثنيه عن مواقفه الثابتة.. صديقنا المسكين وبعد جولة مشاورات ونصائح لم يجد بداً من الاستعانة بعدوه اللدود (حماته) التي حسمت الأمر عسكرياً لصالح صهرها.. ليس حباً أو كرمال عيونو وإنما حتى لا يذكرها اسم حفيدها بزوجها الذي بدا أنها (تحبه حب العمى)..

مبدأ
يكاد يتفق الغرب حول مبدأ اقتصادي لتجميع الثروة مفاده أن الجهد والكفاءة والمهارة والمثابرة خلال سنوات تطول أو تقصر كفيل بجعلك تمتلك المليون الأول كدليل أكيد للحصول على لقب مليونير لأن المليون يجر الملايين بعدها.. أما في العالم العربي فإن الذي يكاد يجمع عليه الجميع أن النصب والاحتيال والكولكة وتمسيح الجوخ بدعوى الفهلوية والشطارة كفيل بجعلك مليارديراً في ليلة ما فيها ضو قمر.. رغم أنهم يعملون في وضح النهار..

غاز الإحساس
خلال الفترة الماضية وضمن خبر غريب على الشبكة العنكبوتية استرعى انتباهي خبر مفاده أن لصاً تمكن في خلسة عن أهل البيت من سرقة جرة غاز فارغة كانت موجودة داخل المنزل بجانب الباب وكان أصحابها بانتظار تبديلها من البائع، وكعادة اللص عندما يحوم حول مسرح الجريمة فقد سمع على ما يبدو من الجوار حجم المصيبة التي ألمت بالعائلة لفقدانهم جرة الغاز التي لا يمتلكون سواها لأعمال الطهي، ما خلق لديه عقدة من الذنب بدليل قيامه بإعادة الجرة أو شقيقة لها إلى المنزل وهي مليئة مع رسالة اعتذار برر فيها أن ما دفعه للقيام بذلك أنه كان يعاني من ضعف السيولة في ذلك اليوم.. وأنه عاش عدة أيام حالة من تأنيب الضمير عندما اكتشف حجم المأساة التي سببها للعائلة جراء فعلته الشنيعة.. وبغض النظر عن تداعيات الخبر وطرافته فإن السؤال الذي يطرح نفسه كإسقاط على الواقع الاجتماعي: لماذا يستيقظ ضمير ذلك اللص الذي دفعته الحاجة كما قال في رسالته لفعلته.. في حين أن قلوب اللصوص الكبار وضمائرهم تظل فارغة من الإحساس كما هي حالة جرة الغاز الفارغة عندما سرقت..