الواقع الصحي في حمص... اطلب المستطاع..أطباء العام: إمكانيات متواضعة، والخدمات إسعافية..صعوبة الحديث عن رعاية صحية كاملة في ظل الأزمة

الواقع الصحي في حمص... اطلب المستطاع..أطباء العام: إمكانيات متواضعة، والخدمات إسعافية..صعوبة الحديث عن رعاية صحية كاملة في ظل الأزمة

الأزمنة

الأحد، ٢٤ أبريل ٢٠١٦

حال الواقع الصحي في مدينة حمص لم يعد كما كان في السابق، حيث الاستشفاء المجاني والخدمة الطبية المجانية في العيادات والبلدات المنتشرة على مساحة المحافظة الواسعة، واليوم تغيرت المعادلة كثيراً بعد أن تهدم المستشفى الوطني الذي كان يضم في ثنايا غرفه الكثيرة 12 غرفة عمليات جراحية تعمل على مدار الساعة و24 سرير عناية مشددة، ولم يكن أحد يلقي بالاً لهذه الميزة التي تتفرد بها الحياة في سورية المعاصرة التي كانت تسير بخطوات ثابتة تجاه التطور، وهو ما رأيناه بجلاء في السنوات العشر التي سبقت الأزمة والحرب المعلنة على سورية، ولأن مستشفى الوليد في حي الوعر أصبح خارج الخدمة منذ أن تسلل المسلحون إليه، وألحقوا الأذى بالبنية التحتية للمبنى وعاثوا بتجهيزاته، فقد أصبح الاعتماد منصباً على العيادات الصغيرة التي لم تعد تلبي الاحتياجات المتنامية للواقع الصحي في زمن الحرب، وخاصة أن حمص شهدت أعنف المعارك وأشرسها،وعانى أهلها الكثير من الويلات ،وبرز الدور الجديد للمشافي الخاصة التي تحاول اليوم أن تطرح من نفسها حلاً بديلاً، وفي بعض الأحيان حلاً وحيداً، مع فارق ارتفاع تكلفة العلاج والإقامة في إحدى غرفه التي تزيد ثمنا على فنادق خمسة نجوم.
إمكانيات متواضعة
أطباء في مشفى الباسل قالوا لنا: نفتقد في المشفى إلى جهاز طبقي محوري، والبناء صغير غير قادر على استيعاب كافة المرضى الذين يرتادونه، وبدا ذلك جلياً في التفجيرات التي تعرض لها الحي في الآونة الأخيرة كما أن عدد الأسرة يقتصر على 18 سريراً فقط، ومع ذلك نقوم بتقديم الخدمة الطبية المطلوبة ضمن الإمكانيات المتواضعة، وخاصة الإسعافات الأولية، وأحياناً عدد من العمليات الجراحية.
ميزانية للعلاج المجاني
الدكتور بدر محرز عضو مجلس إدارة المشفى الأهلي قال: خرجت أغلبية المشافي العامة من الخدمة منذ بداية الأزمة تقريباً، ومع ذلك لم يتم العمل على  توفير العلاجات المجانية للناس خلال فترة حرجة كثرت فيها الإصابات نتيجة الإرهاب الذي يضرب ريف المحافظة، ناهيك عن التفجيرات والأعمال الإرهابية ضمن أحياء المحافظة، وبقي العبء كبيراً على المشافي الخاصة، علماً أن خدماتنا الطبية لا تقتصر على أبناء محافظة حمص فقد استقبلنا حالات كثيرة ومن محافظات أخرى، ومع ذلك لم يكلف أحد نفسه عناء السؤال عن كيفية التمويل أو التجهيز في مشفى الأهلي، رغم تقدمنا باقتراحات تخصيصنا بميزانية 25 بالمئة من ميزانية المشافي العامة التي لم تعد موجودة أصلاً لمعالجة بعض المصابين والمرضى غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج، كما لم نحظ بالموافقة.
خارج الخدمة
الدكتور حسان الجندي مدير صحة حمص تحدث عن الواقع الصحي قائلاً: بخروج المشافي العامة الرئيسية والمهمة عن الخدمة وهي التي كانت تقدم الرعاية الصحية بالمجان صار من الصعب الحديث عن رعاية صحية كاملة في ظروف الأزمة، وفي ظل الخسائر الكبيرة التي منيت بها وزارة الصحة ومديرياتها التابعة على مستوى القطر وفي حمص تحديداً، حيث إن خسارتنا في المستشفى الوطني قدرت ب/2/مليار ليرة سورية، وإن كلفة إعادة إعماره في الوقت الحالي تتجاوز /17/ مليار ليرة سورية، والحديث عن بناء مستشفى جديد في ظل الظروف الراهنة يعتبر أمراً صعباً وكما يقول المثل: إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع، والمهم لدينا ألا يتم إذلال المواطن بصحته، وعليه فقد باشرنا بتوسيع عدد من العيادات وتحويلها إلى مستشفيات صغيرة كما هو الحال في كرم اللوز وحي الزهراء، على الرغم من الضغط الكبير الذي تتعرض له تلك العيادات الصحية، وعلى سبيل المثال فإن جهاز التصوير الطبقي المحوري يقدم خدمة 1400 صورة شهرياً علماً أن طاقته التقديرية هي 400 صورة فقط، ولدينا ثلاث غرف عمليات في مستشفى الباسل في الزهراء، وهناك يتم تبديل المفاصل بالمجان علما أن تكلفة تركيب المفصل في المشافي الخاصة يصل إلى 700 ألف ليرة سورية.
مركز جراحة القلب
قال الدكتور الجندي: نخطط اليوم لمركز لجراحة القلب في الطابق الثالث (قيد الإنشاء) في العيادات الشاملة في كرم اللوز، إضافة لقسم للحروق في مستشفى الباسل في الزهراء، ونحاول اليوم التركيز على كرم اللوز لجعل العيادات بمثابة مستشفى وطني، وسبق أن أعدنا تشغيل المشفى في تلكلخ وفي صدد أيضاً مستشفى أعدنا تأهيله وتجهيزه، ولدينا مراكز لغسيل الكلية في الإنشاءات وفي مركز صحي في كرم الشامي، وفي المخرم ومركز العباسيين وقريباً بابا عمرو، وتم إحداث مركز للأطراف الصناعية في جورة  الشياح.
طائر الفينيق
قال الدكتور الجندي: إننا نعمل كطائر الفينيق، وقد بدأنا العمل من الرماد أومن تحت الصفر، علما أنَّ أحداً لم يقصر أو يقدم يد المساعدة وخاصة الوزارة والمحافظة.
ولدى سؤاله عن مدى إمكانية إنشاء مستشفى وطني بعد أن أصبحت حمص مدينة شبه آمنة قال الجندي: إن إنشاء مشفى ليس بالأمر السهل في الآونة الحالية، وهو ليس تجهيز غرف فيها أسرّة فقط وأجهزة طبية وغرفة عمليات، إذ إن لدينا الخدمات اللوجيستية من محطات توليد كهرباء ومجموعات البخار والطاقم الطبي، وحالياً هناك مشروع لإنشاء مشفى على مفرق شين مقدم من جمعية الأخوة، ويوجد في المدينة الجامعية المستشفى المتنقل مقدم من الأم فاديا. 
إسعاف
يقول الجندي: كان لدينا قبل الأزمة /80/سيارة إسعاف، ولدينا الآن ثماني سيارات إسعاف فقط موزعة في المدينة.
مؤسسات ربحية
يرى الجندي أن المستشفيات الخاصة هي مؤسسات ربحية، ولا يوجد كالدولة منظمة إنسانية، علما أن المستشفيات الخاصة حملت العبء الكبير، إضافة إلى أن هناك ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الطبية ، ناهيك عن الحصار الاقتصادي الذي يتعرض له بلدنا، وسبق أن كان لدينا مركز لجراحة القلب في الرستن، وكما قلنا نعمل على إيجاد مركز جراحة  القلب في كرم اللوز، وفيما يتعلق بالفواتير الباهظة الثمن في عدد من المستشفيات الخاصة قال الجندي: يفترض بالجميع أن يقدّم خدمات مجانية وخاصّة للمستحقين، ومن كان لديه شكوى فليأتِ إلى المديرية، وأنا آخذ له حقّه، حيث يمكن مساعدته بجزء من المبلغ.
حركة المستودعات الطبية
يقول الجندي: هدفنا تطوير الخدمة الصحية في المحافظة، وهي التي عانت أكثر ويلات الحرب قسوة، والأمور اليوم تتحسن كثيراً، والوضع الصحي هو فوق الوسط، والمقياس الأساسي للخدمة الصحية عندنا هي في حركة المستودعات التي عادت بنسبة 90 بالمئة كما كانت قبل الأزمة، وهذا برأينا مؤشر جيد، علماً أن أربعة مشافٍ عامة هي اليوم خارج الخدمة، وهناك طلب كبير على المستلزمات الطبية من أدوية ومستهلكات طبية، وتتلخص متاعبنا في تأمين قطع الغيار في ظل الحصار الاقتصادي، وعدد من مهندسي الصيانة ذهبوا إلى خارج البلاد، كما أن هناك صعوبة في تحويل القطع الأجنبي، وهذه المسائل مجتمعة تلعب دورها في عرقلة انسيابية العمل.
وفيما يخص الكادر الطبي قال الجندي: إنه كادر مؤهل ولكن هناك سوء في التوزيع، أما المخابر فهي متوافرة في الكثير من المراكز الطبية، ويوجد لدينا في المديرية مخبر للتشريح المرضي والتحاليل المناعية، ولدينا تحاليل للهرمونات، ونطمح للتطوير خطوة بعد خطوة.

إسماعيل عبد الحي
Esmaeel67@live.com