فلتان لأسعار السلع والمواد الغذائية في الأسبوع الأول من شهر رمضان..من يتبنّى تصريحاتكم؟!

فلتان لأسعار السلع والمواد الغذائية في الأسبوع الأول من شهر رمضان..من يتبنّى تصريحاتكم؟!

الأزمنة

الثلاثاء، ٣٠ يونيو ٢٠١٥

بقلم محمد الحلبي - رولا نويساتي
ما أن يقترب شهر الخير حتى يوقد التجار النار تحت أسعار المواد الغذائية والتموينية ليحترق المواطن (المعتر) بلهيبها، فتتوه بوصلته بين اللحوم والخضار والفواكه والحلويات والألبسة، ويبدأ بعملية إعداد موازنة مالية لهذا الشهر نعتقد بقناعتنا الشخصية أن وزارة المالية بجلالة قدرها ومهارة محاسبيها لن تستطيع إيجاد حل لهذه الموازنة بين الصادر من جيب المواطن والوارد إليها.
وحسب تصريحات محافظة دمشق لضبط الأسواق في شهر رمضان لهذا العام أنها قسَّمت المدينة إلى ثمانية قطاعات تم توزيعها على اللجان المشكلة لتقوم بزيارات ميدانية إلى الأسواق وصالات الخزن والتسويق وصالات المؤسسة العامة الاستهلاكية طوال شهر رمضان للتأكد من توافر السلع بالسعر النظامي، والعمل على التدخل الإيجابي لمنع احتكار السلع والجشع في رفع الأسعار، وتشديد الرقابة على الأفران ومراكز بيع اللحوم والفروج... فيما نصحت حماية المستهلك المواطنين بعدم المغالاة بشراء السلعة من الأسواق وخاصة في بداية الشهر الكريم منعاً وقطعاً للطريق على التجار برفع أسعار تلك السلع نتيجة زيادة الطلب عليها... ولكن حسب تصريحات المواطنين أن هناك حلقة مفقودة بين الرقابة على الأسواق وجشع بعض التجار ما يؤدي إلى فلتان الأسعار بشكل غير مقبول، بالإضافة إلى الحيل التي يلجأ إليها بعض التجار والباعة للترويج على بضائعهم..
الأزمنة قامت بجولة في بعض الأسواق ورصدت بعض آراء المواطنين والباعة عن التغيرات التي تطرأ على أسعار السلع في شهر رمضان تحديداً:
كان منهمكاً في مفاصلة بائع الفواكه عندما سألناه عن سبب لهجته الشديدة وارتفاع صوته في حواره مع البائع فقال أبو محمد: هناك أشياء وأمور لا يصدقها العقل.. فكيلو الموز مثلاً بـ 300 ليرة سورية وهو مستورد من آخر أصقاع الأرض، ويقطع آلاف الكيلو مترات ليصل إلينا، ويدفع عليه ضريبة جمركية، عدا أجور النقل داخل الأراضي السورية حتى يصل إلى الأسواق، بينما كيلو الكرز أو المشمش وهو من نتاج أرضنا السورية يصل سعره إلى 400 ليرة سورية، فمن يستطيع أن يشرح أو يفسر لنا هذه المعادلة الصعبة من أصحاب الرأي الرشيد وحاملي شهادات الدكتوراه في الاقتصاد...
أما أم مروان فقالت للأزمنة : لقد اعتدت على التسوق في كل رمضان كما هو حال كل السوريين الذين يستعدون ويتسوقون لهذا الشهر الكريم بشكل مغاير عن باقي أشهر السنة، وبكميات كبيرة من اللحوم والدجاج والأجبان والألبان لإعداد وجبتي السحور والفطور، لكن هذه السنة لا يوجد المال الكافي لشراء ما كنت أشتريه في السنوات السابقة، لأني بهذه الحالة سأحتاج إلى عشرة أضعاف الميزانية التي كنت أخصصها لرمضان الأعوام الماضية ومن دون مبالغة...
ويقول أبو جلال: كل شيء متوافر، لكن كما يقول المثل (الجمل بليرة وما معنا ليرة) حقيقةً بتنا ضائعين بين تصريحات الحكومة وأعذار التجار، كل منهم يلقي باللوم على الآخر بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها، والمواطن عالق بين فكي كماشة، نحن لا نريد توصيفاً للحالة وتقديم الأعذار وشرح أسباب ارتفاع الأسعار، فهذا الكلام (ما بيطعمي خبز) نحن نريد حلولاً وتدخلاً إيجابياً من الحكومة تعيد كفة الميزان إلى نصابها بين الأسعار في الأسواق والقوة الشرائية لليرة السورية...
على الطرف الآخر نجد الباعة يتحدثون عن معاناتهم مع التجار والمستوردين، وعن المعاناة التي يعانونها بدورهم جرَّاء ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعاتهم، ويكشفون الغطاء عن بعض الأساليب التي يلجأ إليها بعض الباعة من ضعاف النفوس للاحتيال على المواطنين، ويفضحون بعض الطرق التي يتبعونها لجني أكبر قدر ممكن من الأرباح فيقول السيد أبو عبدو الحلبي صاحب أحد محال الحلويات الشرقية في العاصمة دمشق:
لقد أصبحت الحلويات من الكماليات بالنسبة للمواطن السوري، وصار من الممكن الاستغناء عنها ببساطة مقابل تأمين المواد والسلع الأساسية مثل اللحوم والخضار....إلخ، فكيلو البقلاوة اليوم أو كيلو الكول وشكور إذا كان من النوعية العادية فيتراوح سعره بين 1800 ليرة إلى 2000 ليرة سورية، بينما إذا كان من النوعية الفاخرة فيصل سعره إلى 6000 ليرة سورية، أما المعمول بالفستق الحلبي من النوعية العادية فيتراوح سعره بين 2500 ليرة إلى 3000 ليرة، بينما إذا كان من النوعية الفاخرة فيصل سعره إلى 6000 ليرة سورية في بعض المحال، بينما أسعار البرازق والغريبة والعجوة والتي باتت ملجأً لأصحاب الدخل المحدود لتقديم واجب الضيافة، فيصل سعر الكيلو العادي منها والخالي من الفستق تماماً إلى 800 ليرة سورية، ولهذا السبب لجأ بعض ضعاف النفوس إلى الاحتيال على الناس بوضع مواد ملونة (صبغة خضراء) للفستق العبيد وإيهام الناس على أنه فستق نوع أول، والمواطن قليل الخبرة تنطلي عليه هذه الحيلة بسهولة...
أما أبو عدنان بائع لحوم فقال : إن أسعار اللحوم في شهر رمضان تشهد ارتفاعاً كبيراً بسبب زيادة الطلب من قبل المواطنين على هذه المادة، مقابل قلة العرض من مربي المواشي، فهؤلاء يحتفظون بمواشيهم لشهرين إضافيين كي يتم بيعها في موسم عيد الأضحى، حيث يذهب الكثير من الناس لشراء أضحية العيد، فيزداد الطلب عليها بشكل كبير، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر هذه السلعة إلى مستويات قياسية... فيما قال أبو صفوان بائع فروج نيء: إن قطاع الدواجن تعرض خلال الشهرين الماضيين إلى خسارات قاسية أدت إلى ارتفاع سعر الفروج بسبب خروج العديد من المربين خارج الخدمة، وانخفاض عدد الدواجن والبيوض، لكن قرار منع التصدير أدى لاحقاً إلى استقرار أسعار مادة الفروج، وبات سعر الكيلو غرام منها يتراوح بين 500 إلى 650 ليرة سورية..
في حين قال أبو علاء بائع خضار للأزمنة: من المعلوم أن معظم الخضراوات تتعرض للذبلان إذا لم تستخدم خلال فترة قليلة من قطافها، ومع قلة الطلب على الخضراوات بات التجار يعوضون خسائرهم الناتجة عن قلة الطلب برفع أسعار الخضار، وعموماً أسعار الخضار هذه الفترة تشهد استقراراً وهبوطاً في أسعارها مقارنةً مع الأشهر الماضية، فكيلو البطاطا بـ 65 ليرة، والخيار بـ 70 والكوسا مثله، والبندورة بـ 60 ليرة، بينما كان معظم أسعار هذه السلع قبل شهر من الآن يزيد على 150 ليرة سورية.
وأخيراً
في هذه المعمعة نجد الجهات الرقابية والمسؤولة عن تأمين السلع الغذائية ورقابة الأسواق مشغولة بالتصريحات الإعلامية وفرد العضلات على شاشات التلفزة، بينما فلتان الأسعار وجشع التجار وتحكمهم بأسعار المواد الغذائية وغيرها ماضٍ من دون حسيبٍ أو رقيب.. وكأنَّهم لا ينزلون إلى الأسواق نهائياً، أسيادنا الأكارم نحن لا نريد أقوالاً، نحن نريد أفعالاً تترجم على أرض الواقع... ألا يحق للمواطن أن يسأل بعد تلك التصريحات الرنانة عن التدخل السريع والإيجابي الذي تحدثتم عنه لوقف زيادة الأسعار، لماذا لم تهبط الأسعار؟ على العكس تماماً، ارتفعت أسعار بعض المواد في الأسبوع الأول من شهر رمضان، فكيلو الشاي من النوعية العادية وصل إلى 1800 ليرة، وكيلو السكر كان قبل أسبوع من شهر رمضان بـ 160 ليرة بينما وصل سعره اليوم إلى 180 ليرة، وكيلو الفروج أصبح بـ 700 ليرة، وشرحات الدجاج بـ 1100 ليرة بينما كانت قبل أسبوع فقط بـ 800 ليرة..
ويبقى السؤال: ما المواد التي تدعمون بها الأسواق؟ ولماذا لا تقوم الوزارات المختصة باستيراد المواد الإعاشية كالرز والسكر إلى ما غير ذلك لتدعم بها مؤسساتها الاستهلاكية ؟... لماذا لا تقوم الحكومة بحصر استيراد هذه المواد التي لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها بوزارة التموين والتجارة أو وزارة الاقتصاد وتقوم هذه الوزارات بالإشراف على توزيع تلك المواد؟، ألا يدعم هذا الحل استقراراً ولو جزئياً في أسعار بعض المواد المهمة والمستهلكة بشكل يومي من قبل المواطن السوري؟.