بعد ردات فعل قطاع الأعمال على إصداره ..قانون التموين الجديد .. هل ترد الحكومة على مطالب التجار وتعدله؟

بعد ردات فعل قطاع الأعمال على إصداره ..قانون التموين الجديد .. هل ترد الحكومة على مطالب التجار وتعدله؟

الأزمنة

الأحد، ٣٠ أغسطس ٢٠١٥

*أحمد سليمان
إذا كان  يقال على بعض الكتاب (تجف أقلامهم) إذا  استنفدوا  ذخيرتهم الفكرية، إلا أن التجار لن تبح أصواتهم، وسيواصلون مطالبتهم للحكومة التي فرضت عليهم قانون التموين  وحماية المستهلك في نسخته الجديدة  بتعديله، والتي  يقولون إنها غير النسخة التي قدمت إليهم. أو لم تأخذ الحكومة بالملاحظات التي قدمتها غرف التجارة على نسخة الصك التشريعي قبل أن يأخذ شكله القانوني ويصدر ويصبح نافذاً، ويتضمن من العقوبات  ـ إن طبقت ـ فإنها تسيء لسمعة التاجر وفيها من إمكانية (التبلي) و(الكيدية)  وصلاحيات واسعة لمراقبي التموين.
إلى شكل منظم
 وإن بدأت الاعتراضات بشكل إفرادي إلا أنها أخذت الشكل المنظم تحت لواء منظماتهم الرسمية المتمثلة بالغرف التجارية و التي أخذت غرفة تجارة دمشق على عاتقها هذا الأمر، وبدأت اتصالاتها الرسمية مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق حسان صفية  والذي حاول أن يفهمهم كما قال رئيس مجلس إدارة الغرفة  غسان القلاع أن ما نقرؤه في القانون غير ما نفهمه منه ويفهمه الجميع و إنه لن يتم توقيف أي تاجر رغم أن القانون واضح في كل مادة فيه.
وفي الجلسة الثانية التي عقدها مجلس إدارة الغرفة بعد إعداد مذكرتها كانت مع جمعية حماية المستهلك والتي اعتبرتها الغرفة عبارة عن جلسة تشاورية وحاولت خلالها الجمعية أن تتفهم، باعتبارها تعنى بحماية المستهلك، موقف الغرفة والوسط التجاري والمخاطر التي تتهدد المصالح التجارية والتجار والسوق المحلية جراء  تطبيق هذا القانون.
مع حماية المستهلك
 وجرى خلال هذه الجلسة التي تبادل الأدوار فيها أعضاء مجلس إدارة الغرفة والجمعية وكل أدلى بدلوه وموقفه من القانون الذي بدت الجمعية متحمسة بعض الشيء في بداية الجلسة؛ إلا أن الأمر اختلف بعد أن عرض رئيس مجلس إدارة الغرفة غسان القلاع ونائبه بشار النوري مخاطر تطبيق هذا القانون وقدموا  لإدارة الجمعية نسخة من المذكرة التي أعدها مجلس الإدارة حول هذا القانون حيث وعدت الجمعية بدراستها وضرورة توحيد المطالب  بما يخدم الوسط التجاري والمستهلك في آن معاً. وفي الجلسة تحدث القلاع عن أن مسودة  مشروع القانون التي قدمت إليهم منذ عام سجلت عليها الغرفة بعض الملاحظات إلا أن مشروع القانون نام لنحو عام وعقدت الغرفة جلسة مع وزير العدل وأخبرناه بالملاحظات، إلا أن الشكل الذي صدر فيه القانون لم يأخذ بالملاحظات التي قدمت وهو سيزيد الأعباء و المعاناة  على التجار  إضافة إلى المعاناة من الجمارك مبيناً أن هذا القانون ألغى حق المخالف في الدفاع عن نفسه و ألغى درجات التقاضي في الوقت الذي عانى فيه التجار قلة إجازات الاستيراد معتبرا في الوقت نفسه أن الحكومة لديها من المعاناة ما يكفي لتأمين الموارد مع النقص في المستلزمات الأساسية وارتفاع الأسعار داعياً الجمعية إلى أخذ هذه الظروف بعين الاعتبار.
القانون للغشاش!!
 أما بشار النوري نائب رئيس الغرفة فاعتبر أنه إذا كانت الحكومة قد دعت إلى التشاركية في إصدار القرارات و المراسيم والقوانين التي تخص القطاع التجاري فإنها في هذا القانون لم تحتكم إلى التشاركية وغرف الصناعة والتجارة غير موافقة على هذا القانون الذي اعتبره هو قانون جيد  للغشاش ولكنه قانون جائر بالنسبة للتاجر القويم والجيد الذي يستورد ويبيع بشكل نظامي .. واعتبر أن القرارات الحكومية الاقتصادية ليست سليمة،  ولعل وضع لائحة للأسعار الاسترشادية رفعت أسعار المواد في السوق المحلية بشكل كبير ونحن نريد أن نربح 5 بالمئة بدلاً من 7 بالمئة لتمكين الجميع من العمل وتوفير السلع في السوق وأن القرارات تريدنا أن نكون محتالين وكذابين .. و يجب فصل الغشاش و المنافق عن التاجر الملتزم و الذي لم يغادر البلد ومازال يقدم له؛  داعياً إلى التشاركية مع جمعية حماية المستهلك.
وفيما يعتبر العديد من  الأوسط التجارية أن عراب صدور القانون هو وزير التجارة الداخلية السابق فيما يشير محللون إلى أن صدور القانون بهذا الشكل إضافة إلى وضع التجارة الداخلية المترهل  كان بمثابة  القشة التي قصمت ظهر البعير والتي أدت إلى إقالة الوزير صفية من منصبه.
موقف الغرفة
  وتتضمن  المذكرة التي أعدتها الغرفة  مضامين حول الآثار الاقتصادية لقانون التموين  حيث اعتبرت الغرفة  أن أهداف أي قانون لتنظيم التجارة الداخلية هو تنظيم عمليات البيع ضمن السوق المحلية متضمناً حقوق المستهلك والتاجر وكفالة عدم حدوث عمليات احتكار وتضليل للمستهلك وضمان وصول المواد بالجودة المحددة والمطابقة للمواصفات .. و أن دور الحكومة عادةً في مثل هذه القوانين يكون بمثابة الحكم والمشرف على تطبيق الأنظمة التي يهدف إليها القانون.
بلا عراقيل
 وتجد الغرفة أن ضمان نجاح القانون من الناحية الاقتصادية يجب أن يرتكز على عدة قضايا أولاها عدم وضع عراقيل مباشرة أو غير مباشرة أمام عمليات البيع والتوزيع والخدمات المكملة للتجارة الداخلية  من نقل وتخزين  وترويج وتسويق ودعاية ودراسات تؤدي لاحقاً لتراجع الأعمال التجارية وإضعاف البيئة الملائمة لإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المجال الإنتاجي والتجاري، وهو الهدف الأساسي لأي عملية تنمية اقتصادية مستدامة والتركيز على مواضيع تطبيق المواصفات والجودة والإعلان عن الأسعار من دون الدخول في عمليات تحديد نسب وهوامش الأرباح أو وضع أسعار إدارية لبعض السلع حتى ولو كانت ضرورية لأن ذلك يعتبر عرقلة لنظام السوق ومحددات قوى العرض والطلب التي من خلالها تتحدد الأسعار التوازنية ما يشكل تراجعاً عن تطبيق مفاهيم اقتصاد السوق.
 تحذير من التدخل الإداري
إن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تتبناه سورية منذ سنوات ـ كما تبين الغرفة في مذكرتها ـ يفترض الاعتماد على قوى العرض والطلب  محذرة بأن أي عملية تدخل إداري سوف تؤدي إما إلى فقدان السلع من الأسواق أو التراجع عن إنتاجها أو استيرادها وبالتالي تراجع العرض المتاح منها وهذا ما يضر بالمستهلك بالنهاية معتبرة أن تدخل وزارة التجارة الداخلية واللجان الحكومية المنبثقة عنها في عمليات تحديد التكاليف والأسعار والهوامش الربحية أمر غير مبرر اقتصادياً إلا في حالات الأزمات الشديدة والحروب.
ليس التضييق
وبينت أن الوضع الاستثنائي الذي تمر به سورية حالياً يتطلب تشجيع القطاع الخاص بجميع فعالياته على تأمين السلع استيراداً وإنتاجاً وتوسيع نطاق عمله وإنشاء المشاريع الجديدة وليس تضييقها، والرقابة الحكومية المباشرة يمكن أن تكون لفترات وظروف محددة ولكن ضمن قرارات حكومية مؤقتة قابلة للتعديل أو الإلغاء وليس من خلال تشريعات وقوانين دائمة ومن الصعوبة تعديلها عند انتهاء الأزمة ولاسيما أن الدور الفاعل للحكومة في مثل هذه الظروف التي تمر بها سورية حالياً تتطلب دخول الحكومة بمؤسساتها التسويقية والإنتاجية المختلفة كلاعب أساسي وفاعل في السوق عبر توسيع العرض المتاح من السلع والمنافسة بالأسعار والضغط على قوى السوق من خلال ذلك.
عرض وطلب
وترى  أن الأسلوب المقترح في مشروع القانون حول تحديد أسعار المواد الاستهلاكية المتداولة في الأسواق ضمن آليات العمل الحكومي قد لا يعطي النتائج المرجوة منه لأن الأسعار عرضة للتبدل بشكل يومي وفق قوى العرض والطلب وأسعار القطع الأجنبي وتكاليف الإنتاج والاستيراد والرسوم والضرائب وهذا سيؤدي إلى صعوبة توفير السلع وضمان انسيابها.. وأن جمعيات حماية المستهلك من المنظمات ذات النفع العام غير الربحية ذات الأهمية الكبرى في جميع بلدان العالم في تدعيم ثقافة المستهلك وإرشاده نحو الاستهلاك الصحيح، وكلما زادت مثل هذه الجمعيات في المحافظات والمدن والبلدات لساهم ذلك في الوصول إلى مختلف الشرائح الاجتماعية.
يمكن أن تأخذ
وفيما  أشارت مصادر إلى أن الحكومة  يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الملاحظات التي تم رفعها عبر مذكرات رسمية إلى رئاستها بهدف تصدر التعليمات التنفيذية بالشكل الذي يحقق العدالة في تنفيذ بنود ونصوص القانون الذي صدر أواخر الشهر الماضي وتضمن فصلين و6 أبواب و63 مادة ويهدف القانون إلى ضمان ممارسة النشاط الاقتصادي للجميع ومنع الاحتكار وحماية حقوق المستهلك والعمل على تحقيق تلبية احتياجات المستهلك من المنتجات والخدمات المختلفة وضمان سلامة المستهلك وصحته لدى استعماله المنتج أو تلقي الخدمات والحصول على المعلومات والإرشادات والإعلان الصحيح عن كل ما يقدم إلى المستهلك من منتجات وخدمات وتثقيف المستهلك وتوعيته بحقوقه والتزاماته الاقتصادية وتوجيهه من حيث الاستهلاك وسبل تطويرها بشكل مستمر لتمكينه من ممارستها مع ضمان ممارسة المستهلك لحقوقه في الاختيار الأنسب للمنتج والخدمة المتاحة في الأسواق.
التعليمات جاهزة .. لكن!!
  و فيما أعلنت وزارة التجارة الداخلية  قبل أيام على لسان مدير الشؤون القانونية فيها  أحمد قاسمو أن التعليمات التنفيذية لقانون التموين الجديد أصبحت جاهزة، فيما بين مدير حماية المستهلك في الوزارة باسل طحان، أن معظم فقرات القانون واضحة لكن مسألة التعليمات التنفيذية تساعد المراقب التمويني، على تنفيذ عمله وتزيد في توضيح وشرح تفاصيل المواد الواردة في القانون، كما أنها توضح طبيعة المخالفات وما يترتب على هذه المخالفات من عقوبات للتجار، وأصحاب الفعاليات الاقتصادية وهو ما يساعد على الحد من ارتكاب المخالفات.. لاندري إن كانت قد أخذت بعين الاعتبار مذكرة الغرفة  أم إن الوزير الجديد سيتمهل في إصدارها.