تنظيم شرقي المزة بساتين ... بروج عالية تهوي بأحلام ساكنيها.. 75 ألف نسمة على وشك اقتحام العاصمة مع بدء العام الدراسي

تنظيم شرقي المزة بساتين ... بروج عالية تهوي بأحلام ساكنيها.. 75 ألف نسمة على وشك اقتحام العاصمة مع بدء العام الدراسي

الأزمنة

الاثنين، ٣١ أغسطس ٢٠١٥

الأزمنة| محمد الحلبي
يضمّ تنظيم شرقي المزة على 86 برجاً سكنياً, وقد تم تقسيم الأبنية بحسب ارتفاعها ومساحتها إلى مجموعات, وتم ترميز كل مجموعة بأحرف (كما مشروع دمر) لتفريقها عن باقي المجموعات, كما تم أيضاً ترقيم كل مجموعة للتمييز فيما بينها على الخريطة, وهذه الرموز مهمة جداً في مرحلة التخصص حيث سيتم حجز المحضر عن طريق تحديد رمزه.. هذا ما أشار به المخطط التنظيمي لشرقي المزة..
مخاوف وعدم ثقة
لقد تم توزيع إنذارات الإخلاء.. مخاوف وهواجس تراود أهالي منطقة خلف الرازي (المزة بساتين) أو ما بات يُعرف حسب مرسوم 66 لعام 2012 بتنظيم شرقي المزة.. مهلة لا تتعدى الشهرين, وأحاديث عن وجوب إخلاء المنازل قبل بدء العام الدراسي الحالي من أجل إعادة تنظيم المنطقة عمرانياً وخدمياً.. ولكن هل هذا هو الوقت المناسب للبدء بمثل هذا المشروع يتساءل مواطن؟!.. هل درست الحكومة أوضاع من سوف يتهجَّر من منزله بحثاً عن مأوىً آخر ريثما ينتهي المشروع يتساءل آخر؟!.. يشعر المواطنون بمخاوف كبيرة نتيجة تجارب سابقة مع تنفيذ مثل هذه المشاريع على أرض الواقع رغم التطمينات الكثيرة التي يبثها القائمون والمنفذون لهذا المشروع عبر وسائل الإعلام, ويبقى مجمع ساحة الشهداء (ساحة المرجة سابقاً) والذي بدئ العمل بتنفيذه قبل ثلاثين عاماً والذي لا يمثل نقطة في بحر بساتين المزة شاهداً على كلام الأهالي..
تساؤلات من وحي المعاناة
أوضاع اقتصادية صعبة في ظل عدم توافر بيوت للآجار بأسعار معقولة, حيث ازدادت قيمة آجار العقارات وخاصةً الشقق السكنية بشكل جنوني, هذا إذا ما أغفلنا أن هناك مئات العائلات المهجرة من مختلف المناطق حطت رحالها في بساتين المزة بسب انخفاض الآجارات فيها مقارنةً مع باقي مناطق العاصمة.. شيء آخر لا نستطيع إغفاله, إذا كان القائمون عن هذا المشروع يتحدثون عن توفير فرص عمل للعديد من العاطلين عن العمل, فهم يغفلون أن هناك في المقابل مواطنين سوف يخسرون أعمالهم ومحالهم حتى وإن كان هناك تعويض لهم ... كيف سيتدبرون أمورهم ريثما ينتهي المشروع ويتم تسليم المحال, هل التعويضات البسيطة التي ستقدم لهم ستسد رمق مئات العائلات التي تستفيد من العمل في ورشات عديدة وكبيرة موجودة في بساتين المزة؟.. هذا الحل في مثل هذا الوقت ألا يرتب أعباءً اقتصادية ثقيلة على تلك الأسر؟ و بالمقابل سيؤدي أيضاً إلى حرمان الكثير من العمال من عملهم, وفي أقل تقدير سيحافظ على نسبة العاطلين عن العمل مقارنةً بالمستفيدين من فرص العمل التي تحدثت عنها الحكومة..
كلام مسؤول
المهندس جمال اليوسف مدير التنظيم والتخطيط العمراني في محافظة دمشق طمأن المواطنين الشاغلين بشكل قانوني لمنطقة بساتين المزة, ووعدهم بتأمين مسكن بديل ريثما يتم الانتهاء من الإخلاء والبدء بإنشاء المخطط التنظيمي بشكل مقاسم, والبدء بتوزيع إنذارات الإخلاء التي ستشمل كافة الإشغالات من دون استثناء على أن تنتهي المهلة خلال شهرين ليتم استكمال الأعمال والشروع ببناء المقاسم السكنية, ولا سيما أن المستلزمات جاهزة للبناء, ولا يوجد أي عائق سوى الانتهاء من عمليات الإخلاء, وهنا يتساءل القاطنون و الشاغلون.. لماذا لا يتم تأمين سكن بديل من قبل محافظة دمشق في ضاحية قدسيا مثلاً أو أي منطقة أخرى إذا ما علمنا أن هناك بيوتاً جاهزة ريثما يتم الانتهاء من أعمال البناء؟..
المتحدث يتحدث عن قرابة 75 ألف نسمة سوف تخرج من هذه المنطقة, أي إنها بحاجة إلى ما يقارب عشرة آلاف مسكن على أقل تقدير ببدل إيجار وسطي 16 ألف ليرة سورية شهرياً, هل يوجد شقة للإيجار في دمشق وضواحيها بـ16 ألف ليرة سورية هذه الأيام؟ يتساءل القاطنون.. وتقول الحكومة إنها سلَّمت بدل آجار لـ200 قاطن، لكن جميع من التقيناهم أكدوا أن هذا الكلام غير صحيح, ولا يوجد إنسان واحد حتى الآن استلم أي شيء, وإذا كان هذا الكلام صحيحاً فلتُذكَر الأسماء التي سُلِّمت بدل الآجار في الصحف الرسمية علناً كي تُطمئن القاطنين ويسارعوا بإخلاء منازلهم .. هذا لسان حال بعض الناس هناك..
سلّة أسئلة بلسان الأهالي على طاولة المحافظة
منذ عشرين سنة قام والدي ببناء هذا البيت المؤلف من ثلاثة طوابق، واليوم كَبُر إخوتي وتزوجوا جميعاً.. في كل طابق تسكن عائلة فيها قرابة سبعة أشخاص، وقد توفي والدي منذ مدة، ونحن لا نملك أي عقود أو أيَّ شيء يثبت ملكيتنا للأرض أو البيوت، ونتساءل كل يوم ونطرق أبواب المحافظة بحثاً عن جوابٍ شافٍ لكن لا أحد يجيبنا، فإلى أين نتوجه؟ وهل يحق لنا بدل إيجار فقط أم من الممكن الحصول على سكن بديل؟ .. نحن في سباق مع الزمن، ومهلة الشهرين شارفت على النفاد. هذا ما قالته أم فؤاد إحدى ساكنات تلك المنطقة..
أما أبو محمود فقال: إنه مشروع جيد في وقتٍ خاطئ، المفروض من السيد مدير التخطيط أن يخطط كيف يؤوي الناس إذا خرجت من بيوتها أولاً، ومن ثم يفكر بعملية إخلاء الناس، ألا يرى أنه حتى الشوارع لم يعد فيها مكان لخيمةٍ واحدة؟ أمَّا فكرة بدل الإيجار فليأتوا بتلك البيوت أو يقوموا باستئجارها لنا...ألا يعلم أن المدينة اكتظت بالسكان ولم يعد هناك بيوت للآجار؟ وماذا عن الناس الذين يعملون في منازلهم؟ الكثير منا سيخسر منزله وعمله معاً، أتمنى على الحكومة أن تعيش الواقع قليلاً وتؤجل أحلامها... الشعب لا ينقصه معاناةً فوق معاناته ...
ثغرات تفتح باب الاحتيال
المحامي (هاشم.س) في تصريح خاص للأزمنة يقول: "باب النصب والاحتيال دخل في مفاصل المشاركة لمقاسم التنظيم، فبعض المكاتب العقارية وبعض المحامين يعرضون عروض مشاركة بنسب متفاوتة تتم فيها عملية غبن للمالكين، فيملون على المالك بنسبة المتعهد وحصته من البناء، مثلاً: لنفرض أن حصة المالك 6 قصبات فيقوم أغلب القائمين على مشاركة المالكين في المقاسم بوضع نسبة4% إلى 6% للتخاصص ، ونسبة 30% إلى 35% للمتعهد من أجل بناء المقسم، وفي نهاية العقد يذكر أن للمالك شقة مساحتها 156 متراً مربعاً فقط مقابل 6 قصبات، وبذلك يكون قد تم غبن المالك والاحتيال عليه ثلاث مرات:
أولاً: نسبة التخاصص هي نسبة عالية جداً مقارنةً بالأسهم سواء بسعرها المتدني الآن أو عند ارتفاعها لاحقاً.
ثانياً: عندما يحدد للمالك منذ الآن أن له شقة بمساحة 156 متراً مربعاً مقابل 6 قصبات هنا يكون الاحتيال على المالك، فما يدرينا ما نوع البرج الذي سيحدد لهذا المقسم، فالأبراج ليست بنفس قيمة الأسهم ولا المساحة، ولا بارتفاع طابقي موحد، فكلما زاد ارتفاع البناء ستزيد معه حصة المالك والمتعهد بينما التخصص بشقة سيضيع على المالك الاستفادة من ضخامة البرج. ثالثاً: نسبة متعهد البناء مرتفعة جداً، وخصوصاً أن البناء وتكاليف البناء فقط لو قورنت بسعر الأسهم في وقت البناء لكانت نسبة المتعهد من 10 إلى 15% وذلك لارتفاع قيمة السهم حينها، ولذلك أنصح الجميع بعدم البيع أو المشاركة وعد إبرام أي عقد في هذه الفترة إلى حين افتتاح تداول الأسهم والبدء بالتخاصص على المقاسم، فهناك سنة كاملة للتخاصص والمشاركة حددها المرسوم 66 لعام 2012 ، وأنصح أيضاً إذا ما تمت المشاركة مع أي جهة ألا تذكر نسبة المتعهد إلَّا بعد التخاصص والحصول على رخصة بالبناء، وألا تتم تحديد حصة المالك إلا بعد انتهاء البناء ... وللتوضيح أقول لأصحاب الحصص: إن هناك محاضر وأبراجاً يحصل فيها المالك على شقة بمساحة 90 متراً مربعاً مقابل سبعة ملايين سهم، أي ما يعادل قصبتين ونصف القصبة ( أي 62 متراً مربعاً)، ما يدل على أن صاحب الـ6 قصبات ( أي 142,5متراً مربعاً) ستكون حصته على أقل تقدير شقة بمساحة 210 أمتار مربعة وليس 156 متراً مربعاً.
وأخيراً يمكننا القول: إن الخوض في تفاصيل الموضوع يبدو شائكاً، وعلى ما يبدو أن محاكم دمشق سوف تغص بالدعاوى عمَّا قريب، وربما سوف تتوقف الأعمال في بعض المقاسم نتيجة الخلافات التي ستظهر لاحقاً بين المالكين والمتعهدين، فهلَّا شرعت محافظة دمشق أو وزارة الإسكان والتعمير أو أي جهة لها علاقة بالمشروع بوضع ضوابط منذ الآن تجنباً لمشاكل لاحقة تلوح بالأفق.. نأمل ذلك .