أسواق الذهـب..المغشوش من تركيا.. والفواتير مزورة.. والروسي في الصدارة.. والبرازيلي أقرب للذهب؟!

أسواق الذهـب..المغشوش من تركيا.. والفواتير مزورة.. والروسي في الصدارة.. والبرازيلي أقرب للذهب؟!

الأزمنة

الاثنين، ١٢ أكتوبر ٢٠١٥

الأزمنة – مجد سليم عبيسي
 الذهب السوري معروف بجودته ونوعيته الخالصة، والمزية الفضلى التي كانت تلمع في محيا الذهب السوري في العرف العربي والعالمي منذ عقود مضت وحتى فترة قريبة هي غياب جانب الغش التجاري في عمليات تداول الذهب، نظراً لوجود إمكانات هائلة ووسائل جد متطورة لكشف المتلاعبين بالمعدن النفيس. ولكن سنوات الأزمة الطويلة أرخت على ضعاف النفوس والمتسللين إلى مهنة صياغة الذهب سدلاً واهنة عملوا من ورائها على تشويه وضرب سمعة هذه الحرفة العريقة والسعي إلى مطامع سريعة في ظن موارب بغياب العين وسلطة الجهات الرقابية عنهم!!
جودة الذهب السوري تكمن في المرونة الكاملة التي منحت لصناعته وتجارته ولكن بما يحفظ حقوق الخزينة العامة للدولة، وبما يحافظ على سمعة الذهب "صناعة وتجارة" ما مكنه من الوصول إلى دوائر صنع قرار الذهب عالمياً تبعاً لكون جزء مهم يقارب 50% من أعضاء المجلس العالمي للذهب هم من السوريين.
 
أساليب غش الذهب.. ومحاولات الردع:
العديد من ورشات الصياغة أغلقت في عدد من المحافظات نتيجة ضبط حالات من الغش لم تكن لتقوم هذه الورشات بها في السابق. ولكن الإحساس الواهن بالفوضى سول للبعض المباشرة باللف والدوران!
في دمشق.. أقراط من عيار 14 قيراطاً انتشرت في الأسواق الدمشقية منذ فترة وهي أقراط غير مدموغة بدمغة جمعية الصاغة ولم تمر عبر الجمعية لتتم مراقبتها ومعرفة مصدرها والتأكد من دقة عياراتها ودرجات نقائها، وبادر بعض الصاغة إلى وضعها في واجهات محالهم وبيعها للمواطنين دون أن يمرروها عبر الجمعية لضمان جودتها، والأهم ضمان عدم تعرضهم لإجراءات قانونية من قبل أي مواطن يتعرض للغبن ولاسيما أن المواطن غير معني بمن صنعها بل بمن باعه إياها، وقد اتخذت جمعية دمشق بعض الإجراءات التي تحمي المواطن وسمعة الذهب السوري والتي كان لها نتائج ملموسة على أرض الواقع.‏‏
في حماة.. بيع قطع نحاسية أو ذهب منخفض العيار وعليها دمغة ذهب أصلي.. انتشرت بشكل رئيسي في مناطق ريف حماة حيث يختار المتلاعبون المناطق الريفية لكونها بعيدة عن مركز جمعية الصاغة ويمكن التلاعب مع أصحاب محلات الذهب في الريف لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية لكشف هذا النوع من الغش.
المعلومات الواردة _كما صرح رئيس جمعية الصاغة في حماة في تصريح سابق- بأن القطع الذهبية المغشوشة تأتي عن طريق "تركيا"، حيث يوجد هناك عصابات للتزوير تقوم باستعمال أقلام ليزرية لفك الدمغة الرئيسية على قطعة الحلي الأصلية ولصقها على قطعة نحاس أو ذهب منخفض العيار.
وطالبت جمعية الصاغة في حماة أصحاب محلات بيع المصاغ الذهبية ألا يقوموا بشراء أي قطعة ذهبية إلا عند تقديم الفاتورة النظامية وتسجيل الرقم الوطني لهوية البائع، ما يساعد في إمكانية ملاحقة البائع في حال وجود حالة غش وتزوير.
 
جولة في "سوق الصاغة":
يقول "كميل" تاجر الذهب: إن الورشات بحاجة إلى دوريات متخصصة بفحص الذهب مهمتها الكشف عن عمليات الغُش والتلاعب خلال التصنيع، أما البضائع في السوق -أو في محله على الأقل- مطابقة للمواصفات القياسية لجمعية الصاغة وتخضع للمراقبة.
بينما قال تاجر آخر: لم يشأ الإفصاح عن اسمه- قولاً خارج عن المألوف، إذ أكد أنه يجب تحويل معظم تجار الذهب لمحكمة الجرائم الاقتصادية، بتهم عديدة كالغش والتلاعب بالأوزان وبيع ذهب غير مدمغ، والتلاعب بالفواتير، وخصوصاً عند تجهيز العرائس، ويتذرع التاجر بأنه ليس له دعوى.. فهو كما اشترى باع والمصنع هو المتهم الأول والأخير.
واستدرك التاجر انفعاله بأن قال: لا يعني هذا الكلام بأن الذهب الموجود في السوق مغشوش، وإنما تحدث مثل هذه الحادثة مرة كل عدة سنوات، وأطمئن المواطن بأن الذهب الموجود في الأسواق مطابق للمواصفات، ويخضع للرقابة..و..و...
وأوضح حسام -15 عاماً في بيع الذهب- شريك محل لبيع الذهب، أن عمليات الغش تكون أحياناً خلال عملية الحساب، وعلى سبيل المثال: يقول لك صاحب محل بأن سعر الغرام من الذهب كذا وأجرة شغله كذا، وحينما يبدأ بالتكتكة على الآلة الحاسبة تبدأ عملية الغش.
ويلاحظ غشه هنا إذا كتب في الفاتورة مثلاً: "أسوارة ذهب عيار 21 وزن 40 السعر كذا ليرة سورية". ولكن في الخانة التي يوجد فيها السعر تجد بأنه لا يكتب أي شيء.. وهنا تفقد صفتها القانونية للمراجعة فيما بعد.
 
 
 
تفاوت في الأسعار
ولفت صالح السرميني، صاحب محل لبيع الذهب، إلى أن المواطنين ليس لديهم خبرة في مجال بيع أو شراء الذهب، وهذا يدفع بعض ضعاف النفوس لاستغلالهم، مشيراً إلى أنهم يبيعون الذهب الكسر بعد طلائه بماء الذهب بسعر الذهب الحديث وبنفس أجرة شغله.
وزاد في حديثه:" قد أقول لك بأن سعر هذه القطعة 50 ألف ليرة مثلاُ وتجدها في محل آخر بسعر 45 آلف ليرة، والقطعتان تلمعان أمامك، فماذا تختار، بدون شك لن تتردد في دفع 45 ألف ليرة وتشتري القطعة وتقول للتاجر الذي اشتريت منه القطعة -أو في سريرة نفسك- بأن ذلك التاجر غشاش، فأنت لا تعلم بأن قطعته قديمة وقد اشتراها على أنها كسر وباعك إياها على أنها جديدة وستظهر عيوبها بعد فترة.
بين البائع والحرفي.. ضاع المشتري:
لدى مقابلتنا أحد البائعين (والذي قد يكون حرفياً أو مستورداً أو سمساراً أو..) كان يعرض بضاعة لبيعها لمحل بيع ذهب، وبحديثنا إليه ادعى أنه (مواطن) مضطر لبيع المصاغ نتيجة ظروف قاهرة وسيقبل بتخفيض السعر ليغري التاجر بعملية الشراء.
قد يكون الذهب مغشوشاً.. أو مسروقاً أو دون فاتورة.. وفي جميع الحالات يتم عرضه على التاجر بسعر مخفض ويتم الاتفاق بين الاثنين على غش الزبون وتقاسم المربح. وهذا الذي يحدث غالباً نتيجة طمع البعض في شراء قطع ذهبية رخيصة بهدف إعادة بيعها بسعر أعلى.
حالات عديدة ضبطت تم البيع خلالها بوجود فاتورة مزورة، وأخرى بوجود دمغة "مضروبة" وأخرى بوجود دمغة أصلية ولكن العيار "مضروب" !!
ولذلك نتفق مع مطالبة قديمة لرئيس جمعية صاغة حماة والتي تطالب بتوحيد الفواتير الخاصة ببيع الذهب في جميع المحافظات بحيث يكون شكل الفاتورة موحداً ولكل جمعية ختمها الخاص على الفاتورة. والتي بدورها تحصر موضوع الدمغة والعيار بالفاتورة النظامية.
 
توجيهات جمعية الصاغة للحرفيين والتجار:
أطلقت الجمعية الحرفية للصاغة مؤخراً تحذيراً بوجود مكون مخالف لصياغة الذهب يدخل ضمن المصوغ الذهبي أثناء تصنيعه، ويطلق عليه اسم «رملة حل». وقالت الجمعية: إن هناك الكثير من الحالات التي تم اكتشافها في هذه المادة التي يعطيها التجار على أنها من عيار /995/ وبعد التحليل يتبين أنها من عيار /991/ وهذا الأمر يؤدي إلى تكسير بضائع الحرفيين عند إدخالها إلى مكتب الدمغة في الجمعية. ووجهت الجمعية الحرفيين العاملين في حرفة الصياغة ولاسيما أصحاب الورش بضرورة الطلب من الحرفي عند استلام «رملة حل» أن يكون عليها عيارها «مختوم»، كذلك بأن تكون الرملة عليها دمغة العيار واسم المحلل لتفادي المشاكل التي تقع بين الحرفيين.
وكانت الجمعية وجهت مؤخراً جميع تجار الذهب في السوق أن يكون لدى كل واحد منهم سجل خاص تدون عليه حركة تداولاتهم من بيع وشراء خلال اليوم وذلك منعاً للوقوع بأي مشكلات تتعلق بوجود مصوغ ذهبي مسروق، وطلبت من جميع الحرفيين من بائعين وغيرهم من أصحاب الورش تدوين اسم الشخص الذي يشترون منه أي قطعة ذهبية متضمنة جميع المعلومات المتعلقة به، وهو إجراء ليس بجديد للجمعية ولكنه تأكيد على مضمون تعميم صدر خلال العام الماضي لاكتشاف حالات بيع ذهب مسروق من قبل بعض المواطنين.
 
أسعار الذهب.. والروسي في الصدارة.. والبرازيلي أقرب للذهب:
سعر الذهب لا يزال في صعود.. إذ لا يلتزم تجار الذهب بالسعر الرسمي للعملة المحلية في أغلب الدول، فغالباً ما تسير أسعاره وفق قيمة صرف العملات المحلية مقابل الدولار في السوق الموازية، على اعتبار أن شركات الذهب تشتري منتجاتها بالدولار والذي تحصل عليه عرض –غالبا- من السوق السوداء.
تجار الذهب في دمشق يقولون إن أسعار الذهب "عيار 21" ارتفعت في السوق المحلية إلى أكثر من 10 آلاف ليرة سورية للغرام الواحد -10300 ليرة سورية للغرام عيار21 حتى لحظة كتابة المادة- بما يعادل (33 دولاراً)، مقابل قرابة (23 دولاراً) في نهاية العام الماضي، وهذا لا يتعلق بالغلاء العالمي وإنما محصور بسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.
برأي التجار المبيعات انخفضت.. والأسواق والحركة لم تعد كما في السابق، رغم توجه الكثيرين لشراء الذهب بهدف الكنز وتحويل المال الورقي إلى ذهب. ولكن شراء الذهب غير المصاغ كالليرات والأونصات ومؤخراً السبائك ليس فيها أجرة شغل وبالتالي فإن البيع هنا غير مجز.
ومع ظهور هذه الأصناف الجديدة من الحلي في الأسواق السورية تحول العديد من تجار الذهب الحقيقي إلى بيع هذه الأكسسوارات التي لا تعد معادن ثمينة كالذهب، ولكنها لا تقل قيمةً عن الفضة من ناحية حركة البيع والشراء وإقبال الناس عليها.
قمنا بتسليط الضوء على سوق الحلي أكثر، والتي تعتبر من الزينة الحديثة في الأسواق وتجد إقبالاً كبيراً من قبل الناس أوضح أسبابه لنا السيد عبد العزيز 52 عاماً، المختص بتجارة المجوهرات التقليدية والذهب البرازيلي قائلاً: «بالنسبة للذهب البرازيلي فهو مستورد أيضاً من الخارج، ولكنه مكفول على غرار المجوهرات والحلي الأخرى. الذهب البرازيلي عادة يصنع من مادة طرية، تكون أطرى من الحديد في طبيعتها، ويلبس بقشرة ذهبية تكون المسؤولة عن اللون الذهبي الذي يكتسبه».
الإقبال على الذهب البرازيلي كبير جداً، لأنه أقل ثمناً من الذهب الأصلي والفضة، وله قوالب متعددة ومتنوعة ويأتي بأشكال مختلفة، كما أن الإكسسوارات الذهبية تعتبر مرغوبة أكثر من الفضيات، وقريبة من الذهب بشكل كبير بحيث لا يمكن للمرء أن يميز الذهب البرازيلي عن الذهب الأصلي، لدرجة اندهاش الناس حال معرفتهم بأنه ذهب برازيلي ليس إلا، لمماثلته الذهب الأصلي في الشكل واللون.
للذهب البرازيلي نوعان وهما (HG،FG) ويعودان لشركتين تحملان الرمز ذاته، حيث تعتبر هاتان الشركتان المنافستين لبعضهما في الأسواق. بالنسبة لشركة HG تعتبر هذه الشركة الأولى التي قامت بعرض منتجاتها من الذهب البرازيلي إلى الأسواق، بجودة ونوعية أفضل من النوع الأول أي FG وله مواصفات عالية من ناحية اللون والمعدن والمدة التي يبقى فيها من دون أي تأثير أو تغير في لونه.
 
مقارنة الذهب الروسي بالبرازيلي خطأ يقع فيه الكثيرون:
هناك فرق كبير بين الذهب الروسي والبرازيلي، حيث يعتبر الذهب البرازيلي ذا جودة أفضل وأحدث في الأسواق ويحافظ على لونه لمدة طويلة على غرار الذهب الروسي الذي يفقد لونه خلال الاستعمال لفترة محددة.
يضيف السيد عبد العزيز: يتم بيع القطع عن طريق القطعة نفسها وليس بالوزن، أي حسب تصميم القطعة وكمية احتوائها على الستراسات والأشكال المانحة الجمال للقطعة، وأيضاً مدة العمل عليها، حيث إن القطعة التي تم العمل عليها لفترة طويلة وتطلبت جهداً أكبر من قبل العاملين الذين قاموا بكسبها شكلاً وحجماً معينين فهي بالتأكيد ستكون ثمينة أكثر عن غيرها من القطع الأخرى.
ولكن رغم ذلك فالإقبال على الذهب الروسي أكبر وذلك لانخفاض سعره حتى بالنسبة للبرازيلي، فالناس لم يعد لهم اهتمام –على ما يبدو- سوى بالسعر ولا يريدون لبس القطعة لأكثر من حضور مناسبة أو لفترة قصيرة.. هذا ما لاحظته.