الكهرباء..بعد ارتفاع فاتورة إنتاجها من المصادر التقليدية وفي ظل منعكسات الأزمة هل من خطوات جدية وتشجيعية لمشاريع الطاقة المتجددة

الكهرباء..بعد ارتفاع فاتورة إنتاجها من المصادر التقليدية وفي ظل منعكسات الأزمة هل من خطوات جدية وتشجيعية لمشاريع الطاقة المتجددة

الأزمنة

السبت، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٥

*أحمد سليمان
 قد تكون الخسائر التي مني بها قطاع الكهرباء جراء الحرب التي تجري على الأرض السورية والتي تصل إلى مئات مليارات الليرات، هي واحدة من الدوافع وراء تسريع الخطا للدخول في مشاريع الطاقة المتجددة، إلا أن ثمة دوافع أخرى تتمثل بارتفاع فاتورة توليد الطاقة الكهربائية من مصادرة الطاقة التقليدية والتي تصل إلى مليارات الدولارات لشراء واستيراد حاجة محطات التوليد من الفيول إضافة إلى الغاز والذي يقدر ثمنه أيضاً بالمليارات.
 وان كانت فاتورة التوليد تراجعت بسبب خروج العديد من المحطات عن الخدم بسبب الاعتداء عليها من قبل الجماعات المسلحة أو الاعتداء على خطوط النقل وغيرها إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال انخفاض قيمة الفاتورة بالنسبة للموازنة العامة للدولة والتي ما زالت تشكل رقما كبيرا فيها مع تراجع قيمة هذه الموازنة تناسبا مع تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية مقابل الدولار إضافة إلى صعوبة الحصول على النفط والفيول والغاز من مواقع إنتاجها المحلية بسبب الاعتداء أيضاً على الحقول وخطوط النقل ما يضاعف هذه الفاتورة مع اضطرارنا لشراء احتياجات هذه المحطات بالعملة الصعبة..
 النفط إلى 30 بالمئة
فمحطات توليد الكهرباء تنتج حاليا أقل من 30% من حاجة سورية كما قال وزير الكهرباء عماد خميس، مشيرا إلى أن حاجة سورية من الطاقة قبل الأزمة وصلت إلى نحو 9 آلاف ميغاواط، بينما الإنتاج يتراوح بين 1500 و2500 ميغاواط حسب واقع توافر الوقود في حين ذكرت إحصائية أن نسبة تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية العام الماضي تراوحت بين 65 و70 % فيما ترجمت النسبة المتبقية إلى تقنين, حيث يعاني قطاع الكهرباء في ظل الأزمة الراهنة، من نقص الوقود المشغل لمحطات توليد الكهرباء، بالإضافة إلى الاستجرار غير الشرعي من قبل مواطنين يعانون انقطاع الكهرباء من خطوط تغذية غير خطوطهم الأساسية، ما يتسبب بحمل زائد يؤدي إلى احتراق الخطوط في كثير من الأحيان.
فاتورة ضخمة
 وكان تقرير لوزارة الكهرباء في سورية أشار إلى أن الفاتورة اليومية هي بين 15 – 20 ألف طن مكافئ نفطي (غاز – فيول – مازوت)، كلفتها تتراوح بين 9 – 12 مليون دولار، أي ما يعادل 1.530 – 2.040 مليار ليرة لاستمرار عمل مختلف القطاعات ونهوضها م يظهر حجم المبالغ المطلوبة بشكل يومي لتوليد الطاقة الكهربائية في حال تم استيراد الوقود، وهذا بحدّ ذاته تحدٍّ كبير في ضوء محدودية الموارد ودعم قطاع الكهرباء.
 ولأن قطاع النفط أيضاً تعرض هو الآخر لاعتداءات وخرجت الكثير من الحقول من الخدمة كما يقول ر وزير النفط سليمان العباس الذي بين أن الاستهداف الممنهج الذي تعرض له قطاع الطاقة وتأثير الحصار وتوقف تصدير النفط على معدلات الإنتاج الذي انخفض مع تصاعد الأعمال الإرهابية إلى أقل من 10 آلاف برميل من النفط الخام يومياً مقابل 386 ألف برميل قبل بدء الأزمة لافتاً إلى أن الاستهداف المستمر لشبكة نقل الغاز أدى إلى عدم الاستقرار في إمدادات الغاز إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية وأن الوزارة تعمل بظروف تشغيلية صعبة وخاصة في معامل الغاز المنتجة والتي هي في مناطق خارجة عن السيطرة
 الأعلى حصة الكهرباء
 وفيما أشار إلى أن السرعة والمرونة في تنفيذ الصيانات الطارئة للتعديات على خطوط ومحطات ومعامل الغاز ساعدت في الحفاظ على معدلات إنتاج مقبولة من الغاز.. حيث بلغ وسطي إنتاج الغاز الخام خلال 2014 بلغ 15,49 مليون متر مكعب يوميا, وزعت على كل من وزارات الكهرباء والنفط والصناعة حيث بلغت حصة وزارة الكهرباء منها 12,78 مليون متر مكعب يوميا. لافتا إلى سعي الوزارة عبر خططها لإعادة تأهيل الحقول والمنشآت النفطية والغازية بهدف إعادة الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية بشكل تدريجي, لافتا إلى مصادر تأمين الطلب على الطاقة في سورية والمتمثلة بالمصادر المحلية كالتنقيب والاستكشاف البري والبحري ومشاريع التعاون الإقليمي ومشاريع الإنتاج من مصادر غير تقليدية.
 خسائر ب200 مليار
 ولعل واقع الحرب والتعديات التي خلقتها منعكساتها وأدواتها وتراجع تزود المحطات بالوقود اللازم بادرت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى إيجاد بدائل لنقل الفيول إلى محطات التوليد عن طريق الصهاريج، بدائل كلّفت الكهرباء مبالغ وتكاليف إضافية تجاوزت 3 مليارات ليرة لتحفيز سائقي الصهاريج على نقل الفيول إلى محطات التوليد بهدف الحفاظ على استمرارية توليد الطاقة الكهربائية وبالتالي استمرارية التغذية الكهربائية للمشتركين، إضافة إلى خسائر القطاع التي تجاوزت 200 مليار ليرة. إلى جانب ما عملت عليه وزارة الكهرباء من تطبيق برنامج تقنين كهربائي على كل المحافظات القطر، بهدف المحافظة على وثوقية الشبكة الكهربائية واستقرارها تجنّباً لانهيارها، ولأجل ذلك تبذل الحكومة مساعي كبيرة لتأمين الموارد اللازمة ضمن الأولويات المتاحة لاستيراد النفط اللازم لسدّ العجز الحاصل في كميات الوقود المتاحة.
مجحف بحق الميزانية
أمام هذا الواقع المجحف بحق الميزانية العامة للدولة ليس خلال الأزمة فحسب بل قبلها بسنوات طويلة كان ثمة تفكير بمشاريع الطاقة المتجددة ليس بهدف الاعتماد عليها كلياً لإنتاج كامل احتياجات سورية من الطاقة الكهربائية بل للتخفيف قدر المستطاع من الاعتماد في توليد هذه الطاقة من المصادر التقليدية الأحفورية ذات الكلف العالية.. واليوم يبدو أن هذا التفكير لا بد أن يأخذ هذا التفكير خطوات أكثر تسارعاً وخاصة أن إنتاج هذه الطاقة المتجددة في سورية ممكن في ظل توافر مصادرها وبخاصة الرياح والشمس حيث كانت قد وقعت وزارة الكهرباء في عام 2011 اتفاقية مع المجمع الصناعي السوري الأوروبي لإنشاء مزرعة ريحية في منطقة قطينة في حين كانت قد أحدثت شركة لإنتاج الكهروضويئة مع الجانب الأوكراني وشركة سيرونيكس.. فيما وكان ثمة مشاريع طرحت إنشاء محطة إنتاج شمسية في تدمر إلا أن هذا المشروع لم يكتب له أي خطوات متقدمة فيما توقفت الشركة مع أوكراني ولم تشهد خطوات المزرعة الربحية أي خطوات مهمة في هذا المجال بسبب الأزمة
تأكيد من النقابة
 وتؤكد "نقابة الكهرباء في اتحاد عمال دمشق عن واقع قطاع الكهرباء ما أشرنا قبل الأزمة حول وجود سعي حقيقي من الأطراف المعنية في القطاعين العام والخاص لإيجاد صيغة تشريعية عبر قانون يشجّع الشركات ورؤوس الأموال للاستثمار في هذا المجال، وهو ما كان يتوازى مع توجه عربي إقليمي وعالمي لاعتماد الطاقة البديلة كالرياح والشمس والمياه بدلاً من الوقود الأحفورية الذي تنبأت دراسات عديدة باقتراب نضوبه وعدم التعويل عليه مستقبلاً وإدخاله في موازنات الدول المالية كرافعة نمو، حيث أشارت إلى ضرورة التوجه للطاقة البديلة حاليا وخاصة بعد انتهاء الحرب معتبرة أن تكاليف إعادة الإعمار تتطلب مصادر طاقة مستمرة وبتكاليف أقل مادياً وضرراً على البيئة، ولا يمكن وقتها للمصادر السورية على وضعها الحالي من نفط وغاز أن تفي بالغرض، إذاً لا بد من البحث عن بدائل في ظل الاهتمام العالمي والإقليمي لتطوير مصادر الطاقة البديلة، باعتبارها أكثر البدائل الواعدة والملائمة لتلبية احتياجات السوريين من الطاقة ولدورها الكبير في الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية.
 فالمعطيات هنا تبدو مشجعة للاستثمار في الطاقة البديلة حيث تعد سورية بجغرافيتها من أنسب بلدان العالم لمشاريع الطاقة البديلة كالشمس والرياح) إذ تتميز سورية بمساحاتها بسطوع شمسي شبه دائم على مدار العام وبمعدلات عالية تصل وسطياً إلى أكثر من عشر ساعات يومياً أي حوالي 300 يوم، إذ تؤكد دراسات فنية أن منطقة حمص مصنفة في المرتبة السادسة عالمياً لاستمرارية الرياح الدائمة فيها، وكذلك تعطي الطاقة الشمسية 2300 كيلو واط في الساعة في الكيلومتر المربع الواحد، ويعدّ مستوى الأشعة الشمسية في سورية ثاني أعلى مستوى بين الدول العربية..
 وتشير إحدى الدراسات إلى أن الاستثمار في الطاقات البديلة أكثر جدوى للمستثمر وأكثر ديمومة فالمستثمر الذي يؤسس مزرعة رياح ويستثمر لفترة مابين 20 – 25 عاماً، فإنه يسترد ثمن مزرعته بعد 5 أعوام، وسيكون مردود بقية السنوات أرباحاً، وذلك وفق عدد من الدراسات حيث يقدّر العمل التشغيلي للمزرعة بـ25 عاماً.. فيما يشير مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة يونس علي، إلى أن المجالات التي يمكن استخدام الطاقات المتجددة في تشغيلها كثيرة، لكن المهم توجيه هذه الاستثمارات للقطاعات الأكثر جدوى، ولاسيما في القطاع الزراعي، لتشغيل مضخات المياه معرباً عن استعداد المركز لتقديم الخبرة، والمشورة الفنية، والدعم الفني لتنفيذ أي مشروع، ولديه دراسات منجزة لعدد من التجارب جاهزة للتطبيق.
 تمكين المستهلك
 كل هذا جيد لكن هناك خطوات جدية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار كما يؤكدها باحثون اقتصاديون تتمثل بتمكين المستهلك السوري من اقتناء الطاقة المتجددة الخضراء وتقاناتها المختلفة من خلال تقديمها بأسعار مناسبة لدخله، أو تقديم تسهيلات مختلفة مثل منح قروض طاقة متجددة خضراء بفوائد مخفضة أو شراء هذه الطاقة بالتقسيط والقيام بحملات ترويجية لتقانات الطاقة المتجددة الخضراء للوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين لها. ضرورة تعزيز الاهتمام الحكومي بالطاقة المتجددة الخضراء، والعمل على توطين تقاناتها المختلفة في سورية والقيام بدراسات لمعرفة تفاصيل بنود تكلفة الطاقة المتجددة الخضراء، وتكلفة التقانات المتنوعة وخصوصاً على المدى البعيد، وتوضيح الفروق بينها وبين تكلفة مصادر الطاقة التقليدية، وضرورة الاهتمام بالتكلفة البيئية لها، إلى جانب التكلفة المادية، والعمل أيضاً على تقليل تكلفة هذا النوع من الطاقة.
ترويج الدراسات
 فتوضيح الميزات والمنافع البيئية ومنافع الربحية التي يمكن جنيها من استخدام تقانات الطاقة المتجددة الخضراء كما يؤكد الباحثون مهم لكن يجب أن يترافق ذلك مع ضرورة القيام بحملات توعية بيئية باستمرار بهدف زيادة الوعي والإدراك البيئيين لدى المستهلك السوري، وتعرف المخاطر البيئية التي يمكن أن تنتج عن تقانات الطاقة المتجددة الخضراء إلى جانب ترويج بحوث ودراسات الطاقة المتجددة الخضراء، والدراسات المتعلقة بمصادرها المختلفة ولاسيما دراسات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المحيطات وغيرها.