رحى الحرب التي طالتنا جميعاً..أطفال سورية بين العمالة والتجنيد والاستغلال الجنسي.. هل من خطط وبرامج تنقذهم؟؟

رحى الحرب التي طالتنا جميعاً..أطفال سورية بين العمالة والتجنيد والاستغلال الجنسي.. هل من خطط وبرامج تنقذهم؟؟

الأزمنة

الاثنين، ٢٦ أكتوبر ٢٠١٥

*أحمد سليمان
 لعل منعكسات الحرب التي تجري على الأرض السورية، وشملت كل المناطق بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، وطالت بأشكال مختلفة كل مكونات الوطن الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية، أثرت عميقا في المكون البشري، مع ارتدادات هذه التأثيرات على المكونات والجوانب الأخرى في حياة الناس..
وبالتأكيد فإن التأثير الكبير لهذه الحرب، انعكس على حياة أهم الفئات العمرية، في هذه البقعة الجغرافية، وهم الأطفال الذين كانوا بشكل عام ضحايا ووقوداً ووسائل استمرار هذه الحرب في مطارح كثيرة، أضف إلى الأخطار التي تتهدد حياتهم وحياة أسرهم وبخاصة في مناطق الاشتباك وغيرها التي لم تسلم من أن تطولها أدوات المعارك لم تنته رغم تخطينا عتبة العام الخامس وهي في كل يوم تأخذ أشكالاً مختلفة، حتى باتت معظم الأسر تفكر في الهجرة خارج أسوار الوطن وبخاصة من تستطيع، ليس طمعاً في أي مكاسب بقدر الطموح لتوفير عامل الأمان لأطفالها وتأمين مستقبلهم إن استطاعت، لأنهم أي الأطفال ببساطة "زينة الحياة الدنيا".
 تشريعات!!!!!!
فوضع الأطفال في سورية قبل الأزمة لم يكن كما يجب رغم وجود تشريعات تضمن حقوقهم وعيشهم اللائق، إلا أن هذه التشريعات والقوانين والاتفاقيات الموقعة من قبل الدولة لم يكن من السهل تطبيق موادها وبنودها على الأرض بشكل يضمن تنفيذها لأسباب تتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ما جعل الحكومة آنذاك تعترف بالعجز حول إيجاد حلول لهذه المشكلة مع صعوبة مكافحتها بالرغم من أنه لا يمكن الجزم بخلو البلاد من عمالة الأطفال بعد 5 سنوات من الآن في حي نقل عن المكتب المركزي للإحصاء من خلال إحصائياته وقاعدة البيانات المتوافرة لديه أن عدد الأطفال العاملين إلى نسبة الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية من 5 – 14 سنة تبلغ 5,5 بالمئة للأطفال الذكور و3,3 بالمئة للإناث بحسب مؤشرات المسح العنقودية التي أجريت على نحو 30 ألف طفل في كافة المحافظات السورية".
 إجراءات.. لكن
 وفي هذا السياق لم تكن منظمة العمل الدولية بعيدة عن هذا الأمر التي بينت أن الأرقام التي نتجت من خلال الدراسات والأبحاث عن عمل الأطفال في سورية بينت أنه يوجد 650 ألف طفل يعمل أغلبهم بالقطاع الزراعي والمؤسسات العائلية وأن نسبة الأطفال العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة تشكل 4 بالمئة من النسبة الكلية لعمل الأطفال. حيث ذكر متخصصون أن القوانين والتشريعات السورية الخاصة بالعمل التي صدرت على مدار العقود الماضية تمنع في مجملها عمل الأطفال قبل سن البلوغ، ورغم أن سورية وقعت عام 2008 على برنامج العمل اللائق، الذي تضمن دراسة أوضاع هؤلاء الأطفال في سوق العمل والتركيز على الأولويات الأساسية للقضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال وإيجاد وتطوير قاعدة معلومات خاصة حول عمالة الأطفال في سورية وحماية وتأهيل الأطفال العاملين وتحضير برنامج وطني للقضاء على عمالة الأطفال، إلا أن ذلك كله لم يكن كافياً للقضاء على هذه الظاهرة الإنسانية الخطيرة.
 حمولة ثقيلة..
فالظروف الاقتصادية والاجتماعية كالفقر والبطالة والدعارة والأمية والطلاق في ظل غياب الوعي الثقافي، إضافة إلى البرامج الاقتصادية التي تسهم في تعقيد الوضع الاجتماعي تعد جزءاً من الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة والتي يحذر الاختصاصيون منها معتبرين مزاولة الطفل للعمل في سن مبكرة، تشكل خطراً كبيراً على صحته وسلامته الشخصية مع ممارسة بعض المهن التي تتسبب في إلحاق الأذى له كالعمل في المنشآت الصناعية التي تصدر عنها الأبخرة والغازات السامة، والبعض الآخر قد تصيبه تشوهات وعاهات مستديمة من خلال الحمولة الثقيلة التي يمكن أن يكلف بها، إضافة إلى التعرض للإساءة الجسدية من قبل صاحب العمل، كالضرب الذي ينعكس بآثاره النفسية والجسدية على الطفل وكذلك من الممكن أن يتعرض للإساءة الجنسية من قبل المحيطين به في العمل...
 والآن وفي ظل هذه الحرب الدائرة والمستمرة وخروج مئات التجمعات السكنية عن سيطرة الدولة وانتشار المسلحين فيها والذين استهدفوا المؤسسات التعليمية فيها مع أوضاع اقتصادية مزرية في تلك المناطق ما أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص من تلك المناطق إما داخليا أو الى الخارج..
 أوروبا والاستثمار فينا
 وإذا كان النازحون إلى الداخل وإلى مناطق سيطرة الدولة فإن هذه الأسر ورغم أوضاعها الاقتصادية السيئة إلا أنها تجد مكان لتعليم أطفالهم في حين أن الأوضاع في مناطق سيطرة المسلحين بالنسبة لمن تبقى فالأوضاع من أسوأ ما يكون في ظل إغلاق المدارس وانتشار ظاهرة التجنيد للأطفال هناك واستخدامهم بشكل أو بآخر في خدمة المسلحين مع تردي الأوضاع الاقتصادية الأمر الذي يشكل مشكلة مستديمة ومستعصية بالنسبة لهم ولأسرهم وهو ما دفع بمئات آلاف من هؤلاء إلى الهجرة خارج البلاد ليس لاستبدال وطنهم بل بحث عن مكان آمن لأطفالهم ومستقبل أفضل.. واضطرت مئات آلاف الأسر إلى خوض غمار الهجرة تهريباً إلى أوروبا عبر العديد من الدول وحمل أطفالهم معهم بحراً في قوارب الموت والتي أدت إلى إزهاق أرواح الآلاف مع أطفالهم ولم يتحرك الرأي العام الأوربي آنذاك إلا عندما تم تسليط الضوء على أحد الأطفال الذي غرق مع مجموعة من الأطفال ووجد على السواحل التركية الأمر الذي دفع بالحكومات الأوروبية إلى اتخاذ بعض الإجراءات لتسهيل دخول المهاجرين السوريين من قبل بعض الحكومات هناك، إلا أن بعض الدول الأخرى ما زالت تحاول التملص من هذا العبء الاجتماعي والاقتصادي الجديد عليها مع الإشارة إلى عدم نزاهة مواقف الدول التي قبلت بهذا بدخول بضع عشرات الآلاف أما من باب الاستثمار السياسي على المدى القريب أو من باب استثمار طاقات اللاجئين وسد النقص في الأيدي والكوادر العاملة في معاملها ومصانعها ومنشآتها الخدمية وغيرها أو الاستثمار على المدى البعيد في الأطفال عبر تجديد الحياة في بعض مناطقها التي هجرها سكانها وإعادة الشباب إليها.
 استغلال في تركيا
 أما الأسر التي نزحت إلى دول قريبة كتركيا التي استثمرت في الأزمة السورية بشكل مباشر وخاصة أنها نصبت مخيمات على حدودها قبل بدء أي عملية نزوح فيما الأردن بنى مخيمات فيما بعد وما زالت حكومته تتاجر بأوجاع وآلام المهجرين وكذلك لبنان حيث كشف تقرير لمنظمتي اليونيسيف وإنقاذ الطفولة أن المزيد من الأطفال بأعمار مبكرة بين اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان يضطرون للعمل في المقالع والمخابز وصناعة الأحذية لإعالة أسرهم، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة ويجعلهم عرضة للاستغلال الجنسي.. مبيناً أنه أكثر من 440 ألف لاجئ سوري في الأردن منذ خمس سنوات، تركوا بلادهم هرباً من الحرب الأهلية التي تمزق بلدهم، وإن في نصف العائلات التي شملتها الدراسة، يُعد الطفل معيلاً مهماً وفي بعض الحالات المعيل الوحيد لها وإن عمالة الأطفال قد ازدادت بشكل كبير، وقد بدأت منذ بدء الصراع في سورية

وفقاً للتقرير فإن الأطفال يتم تجنيدهم كجنود، ويتعرضون للاستغلال الجنسي، ويعملون بالحقول الزراعية في لبنان، أما في الأردن فإنهم يعملون في المتاجر والمطاعم. وفي تركيا تتنوع أعمالهم بين الخبز وتصنيع الأحذية، كما يعملون في مقالع تكسير الحجارة ومواقع البناء، ما يجعلهم عرضة لمخاطر كبيرة.
 3 من 4
 ويشير التقرير إلى أن ثلاثة من كل أربعة أطفال سوريين لاجئين إلى مخيم الزعتري في الأردن، يعانون من مشكلات صحية، إذ يعملون أحياناً الأسبوع بأكمله من أجل أن يتقاضوا ستة أو سبعة دولارات في اليوم. وأضاف التقرير أن الكثير من الأطفال بدؤوا بالعمل لمساعدة عائلاتهم، وهم لم يبلغوا بعد ربيعهم الثاني عشر، فبعض أرباب العمل في لبنان وتركيا والأردن يفضلون الأطفال على الكبار لأنهم "أرخص" من الكبار، الذين لا يحصلون بسهولة على تصريح عمل في هذه البلدان التي لجؤوا إليها.. وانه قبل الانزلاق الكارثي إلى الصراع المسلح، كانت سورية دولة ذات دخل متوسط قادرة على توفير العيش الكريم لمعظم شعبها. كان الأطفال كلهم تقريباً يذهبون إلى المدرسة، وكانت معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة تفوق الـ90 في المئة. لكن بعد أربع سنوات ونصف السنة على بدء الأزمة، صار أربعة من أصل كل خمسة سوريين يعيشون في الفقر، وبلغ عدد المشردين 7.6 ملايين نازح بحلول نهاية عام 2014، وتضاعف معدل البطالة أربع مرات تقريباً لتصل النسبة إلى 57.7 في المئة".
7ر2 مليون طفل خارج المدرسة
وفيما أشار التقرير إلى أنه صار نحو مليونين و700 ألف طفل سوري خارج المدرسة، مقابل زيادة عدد الأطفال الذين يجبرون على العمل. وأكد أن الظروف الاقتصادية للأسر صارت أكثر قسوة، وأن ظروف العمل التي يجد الأطفال أنفسهم فيها تزداد سوءاً وأن عمالة الأطفال كانت حقيقة من حقائق الحياة في سورية قبل الحرب، لكن الأزمة الإنسانية تتفاقم إلى حد إشكالي كبير.. ونتيجة لذلك، فإن العديد من الأطفال يشاركون الآن في أنشطة اقتصادية خطرة عقلياً أو جسدياً أو اجتماعياً تحد من- أو تنسف- حقهم الأساسي في التعليم، موضحاً أن أكثر أشكاله تطرفاً يتمثل في تجنيد الأطفال من القوات والجماعات المسلحة، أو في الاستغلال الجنسي.
أكثر من تضميد جرح
 ولأن الأطفال هم عماد مستقبل البلاد ولأنهم من يعول عليهم في حياة أفضل علينا مع العمل منذ الآن وقبل أن تضع الحرب أوزارها على تهيئة الأرضية المناسبة لإعادة بنائهم نفسياً وثقافياً وإعادة دمجهم في المجتمع ليتمكنوا من المساهمة بفعالية في بناء مستقبل وطنهم الذي ينتظرهم ما يعني دوراً أكبر وأكثر فعالية من وزارات التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام لوضع خطط وبرامج واقعية تأخذ هذا الواقع المر الذي خلقته هذه الحرب وانعكس بشكل كبير على أطفالنا على أن يكون كل ذلك أبعد وأوسع من مجرد ن تضميد جراح..!!!!!!