على طاولة المطعم!!السياحة والمحافظة والمالية..والمواطن يدفع ضرائبه وضرائبهم!!

على طاولة المطعم!!السياحة والمحافظة والمالية..والمواطن يدفع ضرائبه وضرائبهم!!

الأزمنة

الاثنين، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥

الأزمنة – مجد سليم عبيسي
إلى من يريد حلاً حكومياً لمشكلة الكفر السعري، يكفيك علماً أن الحكومة تريد حلاً لمشكلة الغلاء أيضاً!! والمواطن ينتظر الحكومة والحكومة تنتظر الفرج!! يمكن للمراقب أن يرى كيف تسعى الحكومة لتدبير رأسها كما يفعل المواطن تماماً، حتى إنها تضطر لفتح دفاترها القديمة، أو العمل بمبدأ تبويس الشوارب كما سنرى في معرض ما سيأتي.
خلال شهر واحد فقط تم استصدار عدة قرارات من جهات مختلفة كلها تستهدف المطاعم والمنشآت السياحية، ولا يمكن وصف هذه القرارات إلا بأنها شريكة في رفع الأسعار في وقت توحي للمواطن أنها تحاول ضبط الأسعار من صفه بحيث يكون هو المستفيد والراضي.
 
المالية على الطاولة وتبويس الشوارب:
"منذ عشر سنوات وأصحاب المنشآت لم يحاسبوا على قلة الأمانة في تأديتهم رسم الإنفاق لمصلحة خزينة الدولة".. هذا ما صرح به وزير المالية "إسماعيل إسماعيل" على خلفية اتفاق خجول اقترحه على أصحاب المنشآت السياحية، في خطوة نحو اعتراف المذكورين بحقوق الخزينة وخطوة للبدء بتسديد التزاماتهم تجاه الدولة. ورغم أن أصحاب المنشآت ومنذ أكثر من عشر سنوات لم يؤدوا رسم الإنفاق لمصلحة خزينة الدولة "من دون تلاعب سنوي منهم"، إلا أن هذا الاتفاق جاء "غير ملزم" وكأنه جاء "بالموانة وتبويس الشوارب" والمحاباة لأصحاب المنشآت.
جل ما تضمنه الاتفاق تحديد رقم عمل شهري لكل منشأة سياحية على حدة وفق معايير أهمها المنطقة والتصنيف السياحي، وبغض النظر عن درجة التصنيف أي الوصول إلى رقم عمل مقدر شهرياً، "إلا أن أصحاب المنشآت اعترضوا على احتساب رسم الإنفاق الاستهلاكي على عدد الكراسي الموجود لدى كل منشأة وبنسبة إشغال مرة واحدة في اليوم فقط."
 
السيد وزير المالية "إسماعيل إسماعيل" عدّ هذه الاتفاقيات من حيث المبدأ عبارة عن اعتراف منهم بحقوق الخزينة وخطوة للبدء بتسديد التزاماتهم تجاه الدولة، وفيما بعد ومع توافر الظروف الملائمة سوف يتم العمل على أفكار أخرى كالربط الشبكي وربط المطاعم بوزارة المالية ببرامج خاصة بهدف الوصول إلى الغاية المرجوة، مؤكداً أن "العمل حالياً يتركز على التوضيح لأصحاب المنشآت بأن عملهم خاطئ وما يقومون به هو خداع للدولة ولأنفسهم".
الطريقة اللطيفة التي جاء بها السيد الوزير لا أعتقد بأنها تحقق الغاية مع انضمام 11 منشأة فقط لأن القرار غير ملزم وهو بصيغة اتفاق بين الأطراف؟! لا يمكن اعتبار الدولة طرفاً في اتفاق في حال كانت مسلوبة الحق!! فهم مهما خدعوا أنفسهم فهم مسرورون بذلك، أما خداع الدولة الذي هم سعداء به أيضاً فلا يمكنهم الكف عنه إلا بخطوات جزائية صارمة. بغض النظر عن الأسعار أو الخدمات إذ نتكلم هنا فقط عن حق الدولة.
وأضاف في تصريح آخر فيه قصر ذات اليد من قبل المالية وأذرعها بتنفيذ وتحصيل مالها من مستحقات على أي منشأة.. "حتى لو وضعنا برامج حاسوبية لضبط عمل هذه المنشآت فهي قابلة للتلاعب منهم"!!
إذاً.. ماذا؟!!
 
تعليق على نص الاتفاق:
 
جاء في الاتفاق أن يلتزم صاحب المنشأة السياحية بتقديم ورقة عمل شهري بمبلغ مقطوع تم الاتفاق عليه، على أن يخضع هذا المبلغ لضريبة الدخل وضريبة الرواتب والأجور ورسم الإنفاق الاستهلاكي،... على أن يعتبر الاتفاق ساري المفعول اعتباراً من 1/ 11/ 2015 ولغاية 31 / 4 / 2016، كما نص الاتفاق على أنه وفي حال تأخر المكلف بتقديم البيان حسب رقم العمل المتفق عليه في موعده المحدد يقوم الاستعلام الضريبي بتنظيم ضبط تهرب بمقدار رقم العمل المتفق عليه عن كل شهر لا يقدم فيه البيان، إضافة إلى الغرامات المنصوص عليها بالقانون رقم 24 و25 لعام 2003 وتحقق الضرائب والرسوم المترتبة وتحصل وفق أحكام القوانين النافذة.
تعليق: بما أن الاستعلام الضريبي سيقوم بضبوطات تهرب.. إذاً لماذا لا يكون هذا الاتفاق ملزماً للجميع؟!
وجاء بالاتفاق أيضاً "شوكتين:"
مقابل أن تضمن وزارة المالية عدم دخول موظفي المالية إلى هذه المنشآت "الداخلة بالاتفاق" بصفتهم الوظيفية، إضافة إلى وعود أطلقتها "وزارة المالية" على لسان ممثلها تسمح لهذه المنشآت بتحرير أسعارها.
 
الوخزة الأولى تأتي مما قامت به وزارة المالية وبناء على الاتفاقيات الموقعة بتوجيه كتاب إلى مديرية المالية قسم الاستعلام الضريبي وإلى قسم الواردات (دائرة الإنفاق الاستهلاكي) يحظر بموجبه دخول موظفي المالية إلى هذه المطاعم تحت طائلة المسؤولية!!
بمعنى أن تؤمن الوزارة لكل من ينضم تحت هذا الاتفاق الحماية من أي ابتزاز يمكن أن يمارس من مراقبي المالية!!
كان حريّاً بالوزارة أن تتعاون مع المنشآت المنضوية تحت الاتفاق بالإبلاغ عن كل موظف يحاول ابتزاز أصحاب المنشآت والمطاعم لتطهير الوزارة من الفاسدين.. ولكن على ما يبدو فهذه آخر هموم السادة المسؤولين!!
الوخزة الثانية واضحة جداً كيف جاءت ضاربة بمصلحة المواطن عرض الحائط عبر السماح للمنشآت المتعاونة بتحرير أسعارها مقابل السداد للوزارة مبالغ تعد زهيدة لبعض المطاعم الكبيرة بموجب هذا الاتفاق غير المدروس وغير المقنع.. حيث يشار إلى أن الأرقام المحددة من المالية لاحتساب الكرسي الواحد يصب في مصلحة المطاعم المشهورة والتي تحصل إيرادات كبيرة، حتى إن المبلغ الشهري المحسوب من المالية لبعض المطاعم الموقعة على الاتفاق لا يتعدى أكثر من دخل ساعتي عمل لبعض تلك المطاعم.
ويشار إلى أن الأرقام جاءت على أساس احتساب إشغال الكرسي من زبون واحد يومياً فقط، وذلك بعد إعفاء كل منشأة من 6 إلى 10 كراسي، وتم فرض الضريبة وفقاً لمبلغ ثابت تم وضعه باتفاق، يحتسب مبلغ 4500 ليرة سورية للكرسي الواحد في المنشأة ذات الأربع نجوم، و3500 لثلاث نجوم و2500 للنجمتين و1500 للمطاعم الشعبية، وتعتمد هذه الأرقام بشكل شهري، للموسم الشتوي والصيفي.
 
الحقيقة... لا تعليق.
 
السياحة على الطاولة.. تريد العدالة:
وزير السياحة "بشر يازجي" كشف في منتصف الشهر الجاري "تشرين الثاني" عن قرار رفع أسعار الخدمات المقدمة في منشآت الإطعام بمستوى نجمتين وثلاث نجوم وأربع نجوم.
 
مبيناً أن قرار رفع الأسعار السابق صدر في شهر آب من العام الماضي 2014 وقد حدد بدل الخدمات المقدمة في منشآت الإطعام بمستوى نجمتين وثلاث وأربع نجوم والصادر عندما كان سعر صرف الدولار 170 ليرة سورية.
 
وأوضح بطريقة معلنة أنه بهدف تنفيذ رقابة صحيحة من الجهات الرقابية على هذه المنشآت استوجب أن تكون هناك دراسة جديدة للأسعار بناء على معطيات الوضع الحالي والتكاليف الحالية، وخاصة مع وجود ازدحام وامتلاء للمنشآت كافة بناء على أسعار وضعت من أصحاب المنشآت.
 
وأوضح يازجي أن الوزارة على مدار الشهرين الماضيين قامت بإعادة دراسة الأسعار بشكل دقيق جداً وبطريقة تقنية لكل مادة على حدة بهدف الوصول إلى قرار أسعار جديد يضمن العدالة لأصحاب المنشآت وللزبائن، وتم وضع الحد الأعلى الممكن تقاضيه من هذه المنشآت.
سعي الوزارة لتحقيق العدالة بين الجميع جميل، ولكن يمكن رؤية جوف القرار من ظاهره، فرفع الأسعار للمطاعم هو للوصول إلى رفع ما يمكن "تقاضيه" من تلك المنشآت وبالتالي حصة مضافة تعود على الوزارة، فالمنشآت السياحية -وضمناً المطاعم- ليست بحاجة إلى قانون لترفع أسعارها مع هذا التفلت الحاصل في التسعير دونما محاسبة. وقد أشار الوزير بنفسه إلى تزايد عدد المخالفات بالأسعار بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد ارتفاع أسعار المازوت والكهرباء وارتفاع أسعار المواد الأولية!!.
هذا القرار قد لا يهم شريحة كبيرة من المواطنين لأن المطاعم ليست ضمن أولوياتهم الحياتية، وسواء تم وضع سعر الخدمات المقدمة في المنشآت من مستوى النجمتين بنحو 35 بالمئة أقل من أسعار مستوى ثلاث نجوم، أم لم تسعر فالمواطن محدود الدخل غير مهتم لأن هدف هكذا تحديد هو دفع أصحاب المنشآت لرفع التصنيف إلى مستوى الخدمة الفعلية التي تقدمها المنشأة، وعدم الإبقاء على تصنيف نجمتين من أجل دفع رسم إنفاق 5 بالمئة وضريبة إنفاق استهلاكي أقل.. يعني باختصار لمصلحة صاحب المنشأة أولاً والوزارة المذكورة.
 
ولكن في تصريح للمهندس زهير أرضروملي مدير الخدمات والجودة السياحية أكد أن قرار تحديد الأسعار لم يشمل خدمات المطاعم الشعبية وذلك مراعاة لأوضاع المواطنين الذين يرتادونها، وفي الوقت ذاته راعى ذلك القرار مصلحة كل من المستثمر ومصلحة الوزارة في تأمين عرض متكامل ومتنوع من خدمات الإطعام مع تشجيع منتجات سياحية إضافية جديدة.
مشيراً -وهنا بيت القصيد- إلى أن "تشديد الرقابة على خدمات المطاعم السياحية وتقيدها بالأسعار المقررة لا تعبر عن ريبة وشك في مستثمرنا الوطني وإنما من باب الحرص على حقوق الجميع والتقيد بأصول المهنة السياحية والارتياد اللائق من المواطنين".
وكأن مدير الخدمات في واد.. والواقع في واد، فمستثمرنا الوطني أولاً: كما تبين قبل الأزمة وبعدها أنه مغناطيس للشك والمخالفات، ومخالفات المستثمرين لا تخفى على أحد في الوزارة المعنية ولا على المواطن الزبون حتى.
ثانياً: لا يجوز استثناء المطاعم الشعبية من رعاية وزارة السياحة لا من ناحية الرقابة السعرية ولا الخدمية، لأن معظم السياح لا يقصدون سوى المطاعم الشعبية!! ولكن لا يمكن العتب كثيراً على السياحة لأن الرقابة تبقى ضمن القرارات فقط والفعلي أن الأسعار منفلتة وبمنطق "سياحي" أيضاً.
 
المحافظة.. وصلت إلى الطاولة.. نفسي نفسي:
رغم مرور أكثر من عام على صدور قرار المكتب التنفيذي في محافظة دمشق القاضي برفع تحديد بدل الإشغال للمتر الواحد في المتنزهات والمطاعم والمقاهي في منطقة الربوة، إلا أن القرار كان مطية حتى اليوم لرفع الأسعار بشكل متواتر ومتسارع ومستمر!!
القرار كان كما أكده سابقاً المحامي "فيصل سرور" عضو المكتب التنفيذي عن قطاع التخطيط والإحصاء والبرامج والموازنة في "محافظة دمشق" إنه كان لتحصيل الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع الخدمية للمواطنين، وبعد قيام أصحاب شاغلي المتنزهات والمطاعم والمقاهي في منطقة الربوة برفع بدلات خدماتهم للمواطنين، واستناداً إلى قرارات عدة ارتأى المكتب التنفيذي رفع البدل النقدي للإشغال ولكن ضمن الحدود الدنيا، وبطريقة منصفة للمحافظة وللشاغلين مع مراعاة الحفاظ على شعبية هذه المتنزهات. علماً أن أصحاب الإشغالات رفعوا أسعار خدماتهم للمواطنين أضعاف ما كانت عليه سابقاً قبل صدور قرار المكتب التنفيذي القاضي برفع تحديد بدل الإشغال.
إذاً فالمواطن يدفع حتى اليوم ضريبة قرار منذ أكثر من عام لتحصيل عوائد للمحافظة، حيث تم إغفال الصرامة في تطبيق الرقابة على الانفلات السعري الذي قد يتبعه، وبالتالي يمكن اعتبار المحافظة هنا شريكاً حتى اليوم في رفع الأسعار لخدمات شعبية كانت تقدم لمحدودي الدخل بأسعار معقولة. أو كان يجب على قطاع التخطيط والإحصاء والبرامج والموازنة في "محافظة دمشق" البحث عن مصادر وروافد أخرى للمحافظة بعيداً عن الخدمات الشعبية للمواطنين إن لم تستطع المحافظة أن تلحق "تموينها ورقابتها" بقراراتها لضبط قفزات الأسعار التي تتذرع بأي قرار!!.
تفضلوا.. وشاركونا الطاولة.