في ظل نزوح الشباب والكوادر والخبرات..عشرات المسابقات والوظيفة العامة إلى التأنيث والسؤال: هل من ضمانات لضبطها بمعايير شفافة؟.

في ظل نزوح الشباب والكوادر والخبرات..عشرات المسابقات والوظيفة العامة إلى التأنيث والسؤال: هل من ضمانات لضبطها بمعايير شفافة؟.

الأزمنة

الاثنين، ٨ فبراير ٢٠١٦

*أحمد سليمان
قد لا يفصلنا زمن طويل بين فترة كانت فيها الوظيفة العامة عزيزة على طالبيها، وبين هذه الفترة التي تبدو هذه الفرص المعلن عنها في عشرات مسابقات التوظيف متاحة، وإن كانت مشروطة، بشروط منها مكتوبة وواضحة وغير متوافرة، ومنها بشروط معلومة وغير مكتوبة وما أكثرها حسب اعتقاد الكثيرين، ممن ألفوا أو أدمنوا التقدم إلى هذه المسابقات ولم يحالفهم (الحظ) بعد.
 فما أفرزته الأزمة، خلال سنواتها الخمس على مختلف المستويات وفي جهات القطاع العام وحتى الخاص من نقص في الكوادر العاملة في كل المؤسسات والشركات الإنتاجية كبير جداً، وخاصة في الكوادر الشابة، التي شهدت نزوحاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة من الأزمة، ما جعل هذه الجهات تواجه تحدياً كبيراً في إنجاز الأعمال الموكلة إليها في الوقت المناسب وبالجودة المطلوبة، ولاسيما أن هؤلاء الشباب إما هاجروا خارج البلاد أو التحقوا بالجيش والقوات المسلحة فيما القلة منهم من التحق بالمجموعات المسلحة.. كل ذلك أدى إلى سيطرة الإناث في الوظائف العامة، وحتى في تقلد بعض المناصب، وإن لم تكن رفيعة في بعض المؤسسات.
عجز الكوادر القائمة
 وكل هذا دفع بالجهات العامةـ وحتى الخاصة عن الإعلان عن مسابقات لسد النقص في ملاكاتها ولتتمكن من القيام بأعمالها الموكلة إليها، بعد أن عجزت الكوادر المتبقية لديها من القيام بأعمالهم وأعمال غيرهم من زملائهم الذين يوكلون بالقيام بها بين فترة وأخرى.. وخاصة أن من بقي في الوظيفة العامة إما الإناث أو من الكبيرين في السن أي ما فوق منتصف الأربعينات حيث يمكن على مستوى الأعمال الإدارية وبعض الأعمال الأخرى البسيطة أن يقوم بها هؤلاء الباقون في تلك الوظائف، فيما لا يمكن لهؤلاء القيام بالأعمال التي تحتاج إلى جهود كبيرة أن كانت عضلية أو غيرها أو تحمل ضغوط العمل.
سد النقص
وفيما تطلب تلك الجهات وكما قلنا لتعويض النقص لديها إلى تخصصات قلما تكون موجودة في الظروف العادية أو يمكن أن تقبل بالوظيفة العامة في ظل الرواتب المنخفضة قياساً بالأسعار التي كانت سائدة قبل الأزمة، وحينها كان يمكن أن تجد البعض من يقبل على الوظيفة العامة، في حين وفي ظل هذه الظروف فمن يقبل بالراتب الحالي لبداية التعيين، وخاصة إذا كان من أصحاب الاختصاصات والتي يجد فرص عمل أفضل في القطاع الخاص وبراتب يتجاوز ضعف ما يقدمه القطاع العام، هذا إن بقي في البلد ولم يجد فرصة له في الخارج تقيه عوز هذا الراتب الذي لا يكاد يكفي لعدة أيام من الشهر ولموظفين أخذوا عدة درجات وظيفية.
شرط الذكر
وفي سابقة لها لم تكتف إحدى الجهات العامة في طلب تخصصات محددة وغير موجودة بل ذهبت تحديد طلبها بأن يكون المتقدمين من الذكور، وهذا ما يثير السخرية حول إمكانية توافر من يتقدم إليهم في عمر الشباب من تلك الاختصاصات ومن الذكور، مع الإشارة إلى أن هؤلاء الذكور كما قلنا أما هم في الجيش والقوات المسلحة أو هم خارج البلاد.. فكيف سيتم تلبية طلبها.
 وفي نظرة عامة ومراجعة لأعداد المتقدمين لمسابقات الوظائف المعلن عنها، نجد القسم الأعظم منها من الإناث وهو ما يعني إن نجحن وتم تعيينهن أن السنوات القادمة ستشهد تأنيثاً للوظيفة العامة، على عكس ما كان في سنوات ما قبل الأزمة التي كانت سائدة قبل ذلك.. ويزيد على ذلك أن الأعمال المجهدة أو التي تتطلب ضغوطاً أو اختصاصات محددة، لن تجد من يعمل بها، وهو ما يطرح التساؤلات حول مدى قدرة الجهات العامة أو الخاصة على القيام بالأعمال الموكلة إليها خلال الفترة القادمة، وخاصة في ظل ما تشهده هذه الجهات من نزوح لموظفيها...
جرأة وزارة العمل وليس الثقافة
 ولعل المشكلة التي كنا نعاني منها قبل الأزمة وهي (الواسطات) واستفحلت خلال الأزمة وهذا يدل على إلغاء بعض المسابقات بسببها رغم أنها موجودة في كل المسابقات ونادراً ما تخلو منها مسابقة، إلا أن أمر إلغاء المسابقات لا يحدث إلا في حال بلغ الموضوع أكثر من الحدود، ووصل إلى الجهات العليا وانفضح أمره، ما يضطر الجهة صاحبة المسابقة إلى القيام بذلك، كما حدث في مسابقتي العدل والكهرباء قبل عدة أعوام والعمل من جديد التي اكتشفت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التابعة لها عن إلغاء نتائج الامتحانات الكتابية والاختبارات الشفهية المتعلقة بمسابقة التأمينات الأخيرة المعلن عنها.. حيث يعترف وزير العمل بأن معظم الناجحين هم من ذوي العاملين في المؤسسة وأن هناك خللاً ما في نتائج المسابقة التي صدرت مؤخراً، مشيراً إلى أن معظم الناجحين هم من ذوي العاملين في المؤسسة، مؤكداً إحالة الموضوع للتحقيق. في حين لم تقم وزارة الثقافة بإلغاء نتائج المسابقة التي أعلنت عنها وأجرتها ونجح فيها كما تشير النتائج العديد من الأسماء الإخوة وهو يشير إلى عدم اكتراثها بتعب الناس وجهدهم ممن تقدموا للمسابقة ولم تكن لهم واسطات وخاصة في ظل ممارسات كانت مكشوفة في الامتحان الكتابي للمسابقة حيث تم توزيع الأجوبة من قبل موظفين بالوزارة على بعض المتقدمين وعلى عينك يا تاجر حسب ما ورد على صفحة الوزارة على الفيسبوك.
قدر هل يتغير؟
وهذا القدر المحتوم للوظيفة العامة في ظل كل ما يحدث في سبيل الوصل إليها وكيفية ذلك ومعاييرها وما أدى إلى خلل إداري تعيده وزارة التنمية الإدارية بالدرجة الأولى واقع المراتب الوظيفية، وآلية الوصول إليها المثيرة للريبة لأنها لا تخضع بالعموم لمعايير وشروط تستقصي ولو بالحدّ الأدنى إمكانات من يتبوّأ المفصل الوظيفي، وإنما تنساق إلى مبادئ ضلالية لا تخرج عن إطار (المحسوبيات) سواء في عمليات التعيين أم الترفيع أم الترقية، حيث أعدت الوزارة صكاً تشريعياً خاصاً بنظام المراتب الوظيفية يهدف تصويب آلية العمل الإداري وتطوير واقع الإدارة العامة ورفع مستوى أداء العاملين في القطاع العام من خلال الربط بين الأداء والكفاءة من جهة، وبين الأجور وتولّي المواقع الوظيفية من جهة أخرى، بما يسهم في تحسين الكفاءة والارتقاء الوظيفي.
تكافؤ الفرص
 فتحقيق المساواة العادلة وإرساء مبدأ تكافؤ الفرص بين العاملين في الدولة هو ما يفترض أن يحققه هذا الصك التشريعي عند صدوره والذي سيحدّد لكل وظيفة أو موقع إداري مرتبة وظيفية يُشترط على العامل أن يكون حاصلاً عليها لكي يحقّ له شغل تلك الوظيفة أو الموقع الإداري، إضافة إلى إحياء المراتب الوظيفية في القطاع العام وحيث لم يحسم بعد أن يكون منفصلاً أو متضمناً في قانون العاملين الأساسي الذي جرى تعديله والذي سيعرض على مجلس الشعب ليناقشه قريباً يصدره حسب مصادر المجلس الذي وضع على جدول أعماله خلال الفترة القريبة القادمة، إذ إنه دائماً كانت القضية والمشكلة ليست في القوانين والقرارات التي تصدرـ وإن كان بعضها فيه مشكلة ـ لكن المشكلة الأهم هي في من يطبق هذه القوانين وينفذها حتى ولو كان موضوع المراتب الوظيفية أو حتى قانون العاملين الأساسي أو آخر، وكيفية تنفيذها، وهل ستصدر لها تعليمات تنفيذية تخرجها من إطارها وأهدافها التي أعدت من أجلها.. وبخاصة ما يتعلق بالوظيفة العامة.
لنتأكد من التطبيق
 وهذه الوظيفة التي ما زالت رغم عدم قدرة راتبها على توفير الحد الأدنى من متطلبات المقبلين عليها إلا أنه ما زالت حلماً للكثيرين، ليتمكنوا من سد جزء من احتياجاتهم وهم من غير القادرين على سد أي جزء من هذه الاحتياجات، سواء كانت شخصية، أو أسرية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع الأسعار إلى ثمانية أضعاف ما كانت قبل الأزمة ضيق المعيشة فهل ستتساهل تلك الجهات في شروط القبول وستعمد إلى تطبيق معايير شفافة وواضحة عند إجراء هذه المسابقات.. الأمر متروك للجهات الوصائية لتتأكد من تطبيق المعايير ليكون كل المواطنين لهم حقوق مثلما عليهم واجبات....!!؟؟