في السويداء.. رغم مضي 12 عاماً على إنشائها..مساكن لم تُسلّم لمكتتبيها في جمعية الخدمات الفنية

في السويداء.. رغم مضي 12 عاماً على إنشائها..مساكن لم تُسلّم لمكتتبيها في جمعية الخدمات الفنية

الأزمنة

الأربعاء، ٢٥ يونيو ٢٠١٤

السويداء- فريال أبو فخر firyal-af@hotmail.com
على الرغم من اعتراف المعنيين بالاتحاد التعاوني السكني بالمحافظة بوجود مشاكل وصعوبات وتجاوزات تتعلق بالجمعيات السكنية المتناثرة على ساحة محافظة السويداء، إلا أن هذه التحديات ما زالت تواجه مكتتبي التعاون السكني بجمعية الخدمات الفنية لتعلو أصواتهم بالمناشدة والمطالبة بهذه المساكن والتي مضى على إنشائها ما يقارب الـ 12 عاماً وتحديداً منذ عام 2002 لعل وعسى يُستجاب لهذه المطالبات من خلال إيصال صوتهم عبر مجلتنا، هذا ما صرح به أحد المكتتبين في جمعية الخدمات الفنية بعد أن هاتفنا شارحاً لنا معاناته ومعاناة الكثيرين الذين يواجهون الأمرّين في تأمين المسكن اللائق في ظل الظروف التي يتعرضون لها أثناء هذه الأزمة التي دخلت عامها الرابع، بعد أن أصبح إيجار غرفة واحدة حوالي 10 آلاف ليرة سورية ضمن المدينة بالوقت الذي يملكون فيه مساكن لم يتم تسليمها لهم حتى هذا التاريخ.
 
المكتتبون.. ماذا قالوا للأزمنة؟..
هل من المعقول أن نقوم بالاشتراك في جمعية دائرتنا منذ 12 عاماً ولغاية الآن لا نستطيع الحصول على مساكننا؟.. بهذا السؤال بدأ أحد المكتتبين حديثه معنا، فالقائمون على تنفيذ هذا المشروع لم يلتزموا بتسليم المكتتبين كامل الشقق المُكتتب عليها بسبب الإهمال والتقصير اللذين يتعاملان به مع المكتتبين بعدم إكمالهم للنواقص التي تتعلق بهذه المساكن مثل المناور والأدراج وعزل السطوح، والأهم عدم تنفيذ شبكة الصرف الصحي للمشروع والذي يعدّ من أساسيات المسكن المعقول، أي من الأساسيات الضرورية وليست الكمالية والتي نسيها المواطن أو تناساها مقابل الحصول على الحاجات الأساسية بعد هذا الغلاء المستشري كالوباء، وبعد كل هذا خلص المكتتب إلى سؤال وجّهه لنا: إذا كانت كتلتا بناء بدأت جمعية الخدمات الفنية بإنشائهما منذ أكثر من 12 عاماً لم تنتهيا خلال هذه الفترة، فما هو حال الكثير من المشاريع الإنشائية والبنائية والطرقية والتي تقوم هذه الدائرة بالإشراف عليهم وعلى إنجازهم؟. ملمحاً من خلال تساؤله على مدى المماطلة والروتين وعدم الالتزام التي تحكم حياتنا من خلال عدم قيام الجهات المعنية بواجبها تجاه مواطنيها ليبقى المواطن وخاصة مواطن الدخل المحدود مشغولاً بهاجس تأمين لقمة العيش، وتسديد أقساط الجمعيات السكنية المكتتب عليها والتي تمر عشرات السنين دون الحصول عليها حتى تصبح أشبه ما تكون بالحلم.   

ما زالوا يعانون من نقص وإهمال
ولدى سؤال بعض المكتتبين عن هذا المشروع وهل من المعقول أن بعضاً من الشقق لم تسلّم بعد؛ أفادنا أحدهم أن عدد الشقق المسلّمة ومنذ 12 عاماً هي 4 شقق فقط، على الرغم من تسديد كثير من المكتتبين لهذه الجمعية للأقساط المالية المترتبة عليهم، ومع هذا ما زالوا يعانون من نقص وإهمال كبيرين تجاه مساكنهم، ويترجم هذا بعدم قيام الجهة المنفذة بإنجاز أعمالها التي من المفروض أن تنجزها كتنفيذ الطينة الخارجية والأبواب والنوافذ الأمر الذي دفع جميع المكتتبين في هذه الجمعية لتنفيذها على نفقتهم الخاصة؛ مع العلم بأن هذه الأعمال قد تم احتساب تكلفتها المالية من ضمن أعمال المشروع، وهنا أيضاً تساءَل هذا المكتتب: نحن نعلم إنه إذا لم تنفذ الجهة المنفذة الأعمال الموكلة إليها، وقام المكتتبون على المساكن بعمل هذه الجهة كونهم مضطرين أحياناً للقيام بذلك لحاجتهم الماسة للمسكن نظراً لتقاعس هذه الجهة المنفذة، فإن هذه التكلفة تحتسب على متعهد هذا العمل والمشروع، وكل هذا مع الأسف لم يحدث.. والسؤال الذي يطرح نفسه- والكلام للمكتتب- لماذا لم يحسم القائمون على المشروع القيمة المالية المدفوعة من حساب متعهد العمل؟. ولماذا كل هذا التقصير بواجبهم تجاهنا؟. علماً أنهم ومنذ بداية التسجيل في هذه الجمعية صوّروا لنا الأمر وكأنه أمر محقق نستطيع من خلاله الحصول على مسكن بكل سهولة ويسر، كما أنهم جمّلوا لنا هذه المساكن على أنها مساكن تستوفي كامل الشروط الصحية والسكنية، والنتيجة ماذا؟ النتيجة أن أرضية المشروع غارقة بالمياه الآسنة والتي تجلب الكثير من الأمراض والأوبئة والبعوض، والأخطر من هذا كله أنها مازالت مجهولة المصدر ولا يعرفون من أين تتسرب هذه المياه، وأضاف: لقد مللنا وسئمنا من هذا الوضع المزري؟ والذي يزيدنا تشاؤماً وضيقاً في ظل هذه الأزمة التي نعيشها بعد أن صبرنا على كل هذا الغلاء المستفحل الذي يفتك بنا ويشلّنا، ولا نستطيع الحراك إلا ضمن دائرة ضيّقة والتي تضيق أكثر مع مرور الوقت دون أي أمل بالحصول على مسكننا هذا، والذي ندفع أقساطه المالية المترتبة علينا، بالإضافة لقيمة الإيجار الذي أدفعه لقاء البيت الذي أسكنه حالياً.   

يعرفون الجهة التي نفّذت المشروع
ويأتي كل هذا في ظل الاعتقاد السائد بأن القطاع العام هو الضمانة الأساسية و هو الملاذ الآمن لذلك، فالقطاع الخاص يضرب ضربته ويذهب ولا يهم ماذا يقدم للمكتتبين!! أما القطاع العام فيبقى أرحم، فهو على الأقل ومن وجهة نظر الكثيرين "يعرفون الجهة التي نفذت المشروع"، وخصوصاً في ظل الارتفاعات الجنونية لأسعار البناء وعدم قدرة كثير من المقاولين والمتعهدين على تنفيذ هذه المشاريع، باعتبارها مكلفة جداً ويمكن أن تُلحق الخسائر الكبيرة بمن يقدم على هذا التنفيذ، وخاصة في الفترة الأخيرة والتي تشير الإحصاءات أن جميع المناقصات التي تم الإعلان عنها لإكمال ما بدأه التعاون السكني من مشاريع للسكن لم تؤدِّ إلى نتيجة إيجابية تذكر بعد عزوف المقاولين عن التقدم لإنجازها، مما أدى إلى البحث عن إيجاد بدائل إسعافية لمواصلة العمل فما كان من القائمين على التعاون السكني إلا اللجوء إلى القطاع العام ومنها مؤسسة الإسكان العسكري والتي أخذت على عاتقها إنجاز بعض المشاريع، وبحسب مدير فرع المؤسسة فإن الفرع قام بالاتفاق مع التعاون السكني لتنفيذ بعض مشاريع الجمعيات السكنية لكون أسعار مواد البناء ضمن فرع المؤسسة أخفَّ وطأة من أسعار المواد الباهظة السعر في الأسواق الخاصة لكونهم يمتلكون الكسارات الخاصة بالفرع والقادرة على تمويل كامل المشروعات بالمواد الأولية من الرمل والبحص, بالإضافة إلى اليد العاملة الفنية والخبيرة والآليات الهندسية والثقيلة والتركسات والبلدوزرات والبواكر وجبالات البيتون ومضخة للبيتون ومدادة إسفلت حديثة؛ وهذا عامل كاف للدخول لتلك المشاريع كون مواد البناء من "دار المؤسسة" كما يقال، ولكن بالمقابل طالب مدير فرع المؤسسة بضرورة أن تصدر الجهات الرسمية البلاغات اللازمة والقرارات والنشرات السعرية التي تحدد نسب الزيادات اللازمة على العقود للتعويض على الشركات العامة بسبب ارتفاع المواد وأجور اليد العاملة والمحروقات مقارنة مع أسعارها العقدية وتأمين جبهات عمل من قبل الدولة للشركات العامة حتى تتمكن من تشغيل آلياتها واليد العاملة المتوفرة لديها لتأمين مستلزمات العمل حتى تساهم هذه الشركات بإكمال المشاريع الضرورية لدعم صمود الدولة في وجه التحديات الكبيرة والعقوبات الاقتصادية الظالمة المفروضة على الوطن.

وشهد شاهد من أهله..
رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات، أكد للأزمنة بأن حالة المراوحة بالمكان التي تمر فيها هذه الجمعيات سببها عدم تطابق الأقوال مع الأفعال؛ أي إبقاء الأقوال والوعود التي أطلقها سابقاً المسؤولون عن العملية السكنية بالمحافظة والذين لا يهمهم فقط سوى المحافظة على كراسيهم؛ والتي تركزت في حينها على تأمين مسكن لائق للمواطنين لم يكن إلا مجرد كلام معسول هدفهم من خلاله تخدير المكتتبين لاستجرارهم إلى التسجيل وتحقيق أكبر نسبة من المشتركين، فمثلاً ورد في الخطة الخمسية العاشرة إقامة ضاحية سكنية في كل محافظة مع تدعيمها بثلاث ضواحٍ مركزيةٍ إضافة لتوزيع 3000 هكتار من الأراضي على الجمعيات التعاونية السكنية في محافظات القطر، وحالياً المتتبع لما نُفِّذ من هذه الخطة وما طُبق من هذه الوعود الرنانة والطنانة سيكتشف أن النتيجة صفر؛ ولاسيما إذا علمنا بأن ما تم تنفيذه من الخطة لا يتعدى 2% من نسبة الإنجاز، وأضاف: ولا تقتصر المشاكل والصعوبات على هذا النحو، فهناك الكثير من المشكلات الأخرى والتي تعيق العملية البنائية والإنشائية مع العلم بأن هذه الجمعيات هي السبيل الوحيد لتحقيق رغبات وطموحات الشباب الذين يعانون من تأمين مسكن بداية حياتهم بالإضافة لموظفي الدخل المحدود، والأنكى من كل ذلك هو التحرك بسرعة السلحفاة لدفع سير عجلة هذه الجمعيات كيف لا والعديد من الطلبات المقدمة من قبل إدارات هذه الجمعيات للحصول على مقاسم معدة للبناء بغية إقامة مشروعات سكنية تلبي حاجة المكتتبين على هذه الجمعيات لم يُردّ عليها ولم يُستجب لها من قبل المحتكرين لهذه الأراضي؛ والجميع يعرف من هم إنهم مجالس المدن والبلدات، والتي تعمد هذه المجالس في المحافظة معاقبة هذه الجمعيات وإجبارها على المرور بمسيرة تقشفية عقارية والمعدّة من قبل هذه المجالس والمطبقة على أرض الواقع من قبلهم أيضاً، ولهذا بقيت هذه الجمعيات محرومة طيلة أكثر من 17 عاماً من الأراضي علماً بأن هناك العديد من الأراضي قد تم استملاكها منذ عشرات السنين إلا أنها لم توزع على الجمعيات ما أجبر هذه الجمعيات على شراء أراض من القطاع الخاص نتيجة عدم قيام هذه المجالس بتخصيص الجمعيات ولو بشبر واحد منها، والأهم من كل ما ذُكر هو تلك التعقيدات الروتينية التي ما زالت "اللغة المحكية" في أغلب الدوائر الرسمية ولو كان الأمر غير ذلك لما وجد المكتتبون صعوبة أثناء قيام مجالس الإدارات بنقل ملكية الأراضي التي تم شراؤها من المواطنين المالكين لها إلى اسم الجمعية، عدا عن ذلك فما زال إنجاز معاملات البناء والتراخيص المراد إخراجها من أقبية مجالس المدن يحتاج إلى الواسطة وسند مسؤول على سدة المسؤولية يعبِّد لها طريق الخروج بيسر وأمان، بينما الشعرة التي قصمت ظهر البعير ورتبت على المكتتبين أعباء مالية كبيرة أثقلت كواهلهم وأمحلت جيوبهم هي التحليق الجنوني لتكاليف الدراسات الهندسية والتراخيص، إضافة لرفض نقابة المهندسين إعطاء سعر خاص يزيل غمامة الهمِّ المالي عن كواهل المكتتبين.. والنقطة المهمة هي أن هناك الكثير من الجمعيات السكنية ما زال قاطنوها يبحثون عن لمسة خدمية مصدرها الجهات المسؤولة بدءاً من الكهرباء وانتهاء بشبكة الهاتف، أما الداء الذي أصاب العمود الفقري لهذه الجمعيات وأحدث شللاً في جسمها البنائي فهو الاستسلام المالي غير المتوقع من قبل المصارف العقارية أمام هذه الجمعيات؛ فبعد أن أعلن المصرف العقاري إيقافه تمويل هذه المشروعات تعثرت ولم يعد بمقدور المكتتبين إكمال شققهم السكنية، علماً بأن المصرف العقاري كان يُعدّ الدينمو المحرك لهذه المشروعات، وهنا بات حرياً بالجهات المسؤولة تنفيذ ما وعدت به وذلك فيما يخص إحداث مصرف تعاوني خاص بالجمعيات السكنية، وما زاد الطين بلة، وأخّر هذه المشروعات هو عدم التزام عدد كبير من المكتتبين بتسديد ما يترتب عليهم من التزامات مالية، وهذا بكل صراحة مهّد الطريق وأعطى المتعهدين والمقاولين مسوغاً للتأخر بإنجاز هذه المشروعات، ولذلك نرى أن هذه الجمعيات قد دخلت في حالة غيبوبة حالياً ولو تمّ إنجاز هذه المشروعات في وقتها المحدد لسهّلت الكثير على هؤلاء المكتتبين ولكانوا حصلوا على مساكنهم في وقت كانت فيها مواد البناء والكساء" بتراب المصاري" كما يُقال.