مؤشرات الصناعة السورية التفاؤلية بعد تحرير مدينة الشيخ نجار الصناعية.. تكسر شوكة من حاولوا وأدها

مؤشرات الصناعة السورية التفاؤلية بعد تحرير مدينة الشيخ نجار الصناعية.. تكسر شوكة من حاولوا وأدها

الأزمنة

الأربعاء، ١٦ يوليو ٢٠١٤

الأزمنة| أحمد سليمان
يبدو أن التطورات الدراماتيكية التي يشهدها القطاع الصناعي في هذا العام ورغم استمرار الأزمة والحرب التي تشهدها البلاد، تشير إلى عدم صوابية التوقعات اليائسة التي كانت تتحدث عن سنوات طويلة لإعادة إقلاع القطاع الصناعي من جديد وإعادة مادة دورة العمل والإنتاج إلى منشآته بالرغم من الضرر الكبير الذي لحق بهذه المنشآت سرقةً وتخريباً ونهباً لآلاتها وخطوط إنتاجها وموادها الأولية ومنتجاتها النهائية. فالمؤشرات التي بين يدينا تشير إلى قرب وسرعة تعافي هذا القطاع وعودة الضجيج إلى تجمعاته في مختلف المحافظات وبخاصة المحافظات التي لها تاريخ مع الصناعة وذلك في ظل الطلب الكبير على المنتجات الصناعية في السوق المحلية وبخاصة المنتجات التي فُقدت من السوق نتيجة الحرب وخروج العديد منها من مسار الإنتاج والتي كانت تسد حاجة السوق المحلية. ولهذا كان إصرار من الصناعيين حتى اللذين تضررت منشآتهم على إعادة ولو جزء من نشاط منشآتهم وفي أماكن جديدة غير الأماكن التي كانت فيها منشآتهم حرصاً منهم على استمرار تواجد منتجاتهم وتغذية السوق بها وعدم ترك الساحة للمنتجات المستوردة والتي لا يثق المواطنون بها كثيراً في ظل ما كان قد تعرضت له هذه المنتجات (المستوردة) من تزوير لشهادات منشئها وارتفاع أسعارها، هذا من جانب؛ أما من جانب المستوردين فثمة صعوبات واجهتهم في موضوع توفير التمويل اللازم لشرائها إلى جانب معوقات تحويل الأموال وصعوبات وصولها إلى المرافئ والمراكز الحدودية ثم نقلها إلى المناطق الآمنة وما يمكن أن تتعرض له هذه المنتجات من سرقة ونهب على يد المجموعات المسلحة ولعل تجارب العديد من المستوردين في هذا المجال أكبر دليل على هذه الصعوبات.

حيز التنفيذ
وبالعودة إلى مؤشرات التفاؤل فهو حرص العديد من الصناعيين على الترخيص لمنشآت صناعية "العام الماضي" والتي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ هذا العام وذلك حسب طبيعة هذه المنشآت واحتياجاتها من الآلات والمعدات والمواد الأولية والكوادر البشرية حيث تشير أرقام مديرية الاستثمار الصناعي إلى أن 277 منشأة مرخصة وفق القوانين الناظمة للعمل الصناعي دخلت حيز الإنتاج والتنفيذ العام الماضي برأسمال بلغ 2,620 مليار ليرة موفِّرة 1340 فرصة عمل جديدة في هذا القطاع في حين سجل العام الماضي ترخيص 620 منشأة ومشروعاً صناعياً برأسمال بلغ 21,602 مليار ليرة، ومن المتوقع أن تحقق 6573 فرصة عمل حين تنفيذها منها مشاريع مرخصة بموجب القانون 21 لعام 1958 وصل إلى 610 منشآت برأسمال بلغ 13.167 مليار ليرة، يمكنها من توفير 5185 فرصة عمل، و10 منشآت صناعية مرخصة وفق قوانين تشجيع الاستثمار، برأسمال بلغ 8.435 مليار ليرة، يمكنها أن تؤمن 1388 فرصة عمل.

حجرة حجرة
إن هذه الأرقام لها دلالتها الواضحة التي تؤكد حرص الصناعيين على إعادة الحياة إلى منشآتهم وإعادة دورة الإنتاج ليس إلى المنشآت التي كانت قائمة وبالطبع هذه ليست بحاجة إلى ترخيص جديد بل إن المنشآت المرخصة ستضاف إلى قائمة المنشآت الصناعية القائمة والتي تضررت بشكل كلي أو جزئي والتي تتوقف قدرات إعادتها إلى العمل والإنتاج حسب الأضرار التي لحقت بها، والإرادة كانت واضحة لدى كثير من الصناعيين بعد تحرير مدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب والتي تحوي نحو ألف منشأة كانت عاملة قبل دخول المجموعات الإرهابية المسلحة إليها, إذ أصر عدد غير قليل من هؤلاء الصناعيين على تفقد منشآتهم في هذه المدينة بعد إعلان تحرير المدينة مباشرة, وهذه الإرادة لا يمكن أن تلمسها إلا عند هؤلاء الصناعيين الوطنيين الذين بنو منشآتهم حجرة حجرة وزودوها بآلاتها حتى وصلت إلى مرحلة العمل والإنتاج بعد جهد وجد بُذل على مدى سنوات لا يمكن لهم أن يفرطوا فيه، إلى جانب إصرار الحكومة على العمل مع الجهات المعنية من أمنية وخدمية تعمل بالتنسيق والتعاون فيما بينها من أجل إعادة الحياة إلى مدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب ووضعها في الخدمة والإنتاج بالقريب العاجل ليوضح كما ورد على لسان رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي مضيفاً أن المرحلة الأولى في خطة إقلاع العمل بالمدينة ستكون عبر إصلاح البنى التحتية من خلال تأمين محولات كهربائية وشبكات بديلة لما قام الإرهابيون بسرقته وتخريبه إضافة إلى إعادة تأهيل شبكتي المياه والاتصالات وذلك خلال الأيام القادمة، وليوضح أن لجنة إعادة الإعمار هي المسؤولة عن التعويض عن أضرار المعامل والمنشآت وستقوم بالتعويض جزئياً فيما يخص أضرار المنشأة وليس تجهيزاتها لأن الخسائر بمئات المليارات وهو ما يفترض التعاون بين الجهات الحكومية والصناعيين لبناء المدينة التي كانت وستعود رافعة من روافع الاقتصاد السوري، مشيراً إلى أن الحكومة بدأت بإجراء عقود لشراء آلات هندسية كبيرة وضخمة من أجل المشاركة في عملية إعادة الإعمار.

أول وزير يطأ أرضها بعد تحريرها
وكان كمال الدين طعمة وزير الصناعة أول وزير يطأ أرض المدينة الصناعية بالشيخ نجار بعد تحريرها برفقة محافظ حلب الذي دعا صناعيي المدينة الصناعية للعودة إلى ممارسة نشاطهم الصناعي في منشآتهم، مناشداً الصناعيين الذين اضطرتهم الظروف والأحداث إلى مغادرة البلاد بضرورة العودة إلى حضن الوطن وليؤكد خلال لقائه صناعيي المدينة الصناعية في حلب أن الحكومة ستقف إلى جانب الصناعيين وستقدم كل التسهيلات لإعادة الإعمار والبدء بدوران عجلة الصناعة الوطنية، موضحاً أن هنالك خططاً موضوعة من قبل كامل الفريق الحكومي لحصر الأضرار وتعويض المتضررين والعمل على إعادة الإعمار والتأهيل بالنسبة للبنى التحتية والمنشآت، وأن كل ما طرح سيكون محط اهتمام ومتابعة، والحكومة ستواصل خطواتها الحثيثة لإعادة تشغيل المدينة الصناعية بالسرعة القصوى..‏

بنسبة 35 بالمئة!
أما المؤشر الثالث؛ فيتمثل بزيادة استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعة في الأشهر الأخيرة بنسبة 35 بالمئة، ما يؤكد ما ذهبنا إليه بداية حول إصرار الصناعيين على توفير احتياجات منشآتهم من المواد الأولية ما يعني وجود منشآت مازالت تعمل وأن هناك طلباً على منتجاتها ستضاف إليها منتجات المنشآت التي ستدخل الإنتاج بعد تنفيذها ما يعني أن السوق المحلية ستشهد اكتفاءً ذاتياً أو فائضاً من منتجات المنشآت الصناعية خلال فترة قريبة إن لم نقل إن بعض المنتجات تشهد فائضاً في الوقت الحالي وثمة عقود تصدير نُفذ بعضها وبعضها الآخر في طور التنفيذ وهذا بالطبع يؤكد قرب تعافي هذا القطاع وخاصة في ظلال إجراءين حكوميين الأول تمثل بتخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية الداخلة في الصناعة والذي يضاف إلى التخفيضات الأخرى التي جرت في الفترات السابقة لدعم الصناعة الوطنية إلى جانب الإجراء الآخر المتمثل بتعديل البنود الجمركية.. وهذا يدخل في قائمة التسهيلات والمؤشرات التي يمكنها أن تشكل رافعة تدعم الصناعة الوطنية وتؤكد حضورها الواعد في الاقتصاد الوطني خلال فترة قريبة لتكون حامل هذا الاقتصاد وقاطرة نموه.

تعظيم القيَم المضافة
ولعل هذا الحرص من الصناعيين والمستثمرين على تعظيم القيم المضافة للاقتصاد الوطني يتطلب من الجهات المعنية سواء كانت حكومية أم محلية السعي الجاد والحثيث لتقديم المزيد من الدعم والتسهيلات لهؤلاء الصناعيين والوقوف إلى جانبهم والعمل معهم يداً بيد ليتمكنوا من أن ينهضوا برافعة الاقتصاد الوطني ودفعها إلى مزيد من التطورات والتوسع، وذلك بعد مراجعة دقيقة من قبل الحكومة للمشكلات والصعوبات التي واجهتها الصناعة المحلية ومعالجتها بطريقة حرفية يلمسها الصناعيون، ليس عبر قرارات رأسية بل إجراءات تلامس احتياجات كل قطاع صناعي وكل صناعة وكل منشأة، إلى جانب العمل على توفير احتياجات هذه المنشآت من مواد أولية وتسهيلات توفير قطع التبديل والآلات اللازمة لتضمن نهضة صناعية يشارك فيها الجميع، وتكون مكسباً وطنياً بامتياز، ولندفع بأحلام من حاولوا كسر شوكة الصناعة الوطنية إلى مزابل التاريخ.