بين وبين ..الخبز ..تأثير الارتفاع.. وخوف المستهلك

بين وبين ..الخبز ..تأثير الارتفاع.. وخوف المستهلك

الأزمنة

السبت، ١٩ يوليو ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
الخبز يتجاوز الخط الأحمر.. وذلك بعد أن رفعت الحكومة سعره مؤخراً إلى 25 ليرة للربطة، بعد أن كانت بـ15 ليرة فقط، وبالطبع كثيرة هي التصريحات الحكومية التي أكدت سابقاً بأن الخبز خط أحمر لن يتم المساس به، وأن الحكومة لن تتخلى عن دعمه، رغم كل الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها سورية، حالياً الأمر اختلف ربما فها هي الحكومة ترفع أسعار الخبز بعشر ليرات، بل لم تكتفِ بذلك حيث رفعت أيضاً أسعار الأرز والسكر التموينيين وللضعف حيث أصبح بـ50 ليرة للكيلو وهذا سنأتي على ذكره في وقت آخر، أما حالياً فإن ما حدث ينذر بأنه لم تعد هناك خطوط حمراء أمام الحكومة، وأن كل الخدمات والمواد قابلة للارتفاع، وهذا ما يشير إلى أن الحكومة بدأت تتخلى عن دعم المواد والخدمات التي تقدمها للمواطنين وهذا أمر جِدّ خطير في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر على سورية، حيث معدلات البطالة ارتفعت وأصبحت نسب كبيرة من المجتمع في عتاد الفقراء بعد أن ألغت الأزمة والتضخم الاقتصادي الناتج عنها الطبقة المتوسطة في مجتمعنا.
بالطبع الخبز ربما يراه البعض بأنه مفتاح لقرارات حكومية سيكون لها تأثير أكبر على المستهلكين، وكثرت الأقاويل عن مدى تأثير قرار رفع أسعار الخبز على المستهلكين فهناك من رأى أن القرار لن يؤثر على المستهلك كون نسبة الرفع ليست بكثيرة، وهناك من وجد العكس تماماً.

شركة المخابز الآلية: الزيادة غير ملموسة ولا تتجاوز سعر جرزة بقدونس
مدير عام شركة المخابز الآلية عثمان حامد أكد في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن قرار رفع أسعار الخبز لم يؤثر على الإقبال في شرائه، مشيراًَ إلى أن الإقبال لم يتغير ولكن لم يتم وضع إحصائيات عن حجم الطلب حالياً كون قرار رفع أسعار الخبز لا يزال جديداً.
ولفت إلى أن الإقبال على شراء الخبز بقي على حاله ولا يزال موجوداً، مشيراً إلى أن الزيادة في سعر الخبز تعتبر زيادة بسيطة، وغير ملموسة ومحسوسة، وليس لها تأثير كبير على المستهلك فهي لا تتجاوز سعر جرزة بقدونس وفق وصفه.
وأكد عثمان على أن العديد من المواطنين لا يعلمون حتى الآن برفع أسعار الخبز، حيث أنهم اعتادوا على شراء كميات معينة من الخبز كالشراء بـ200 ليرة أو 100 ليرة، فهم لا يشترون بالربطة الواحدة.

خبير: رفع سعر الخبز سيؤثر على 70% من المواطنين
في حين كان للخبير الاقتصادي نضال طالب رأي آخر مخالف للرأي السابق، حيث أكد في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن الحكومة أفلست من الأدوات التي كانت تستخدمها في العادة من أجل تمويل إيرادات الخزينة العامة لديها، ولفت إلى أن الخبز يجب أن يكون الخيار الأخير أمام الحكومة لرفع الدعم عنه، مشيراً إلى أن رفع أسعار الخبز يجب أن لا تقرّه الحكومة حالياً وبهذه السرعة، فينبغي عليها أن تستنفد كل الطرق لتقوية موارد الخزينة وبعدها ترفع أسعار الخبز كخيار وحيد ولم يتبقَّ غيره، ولكن للأسف لجأت الحكومة لرفع أسعار الخبز دون التوجه إلى الخيارات الأخرى الكثيرة المتاحة أمامها ودون البحث عن مطارح ضريبية لا تمسّ شرائح ذوي الدخل المحدود.
ولفت طالب إلى أنه من الأجدى للحكومة أن تعمل على تكريس مكافحة الفساد المالي والإداري والهدر ومحاسبة الفاسدين، مشيراً إلى أن مكافحة الفساد والفاسدين من شأنه أن يعيد الأموال العامة إلى الخزينة بشكل أكثر، كما يجب على الحكومة أن تستهدف الطبقات ذات الدخل العالي مثل التاجر والصناعي وغيرها من الطبقات القادرة على تحمل رفع الأسعار وأن تبتعد بقرارات رفع أسعارها عن ذوي الدخل المحدود والعاطلين عن العمل.
وأشار إلى أن قرار رفع أسعار الخبز سيكون له تأثير على 70% من طبقات المجتمع لأن دخلهم بسيط وهذه الكتلة من الخبز قد تشكل نسبة ليست بقليلة من دخل ذوي الدخل المحدود فالخبز حالياً أصبح يكلف الأسرة.
وأشار إلى أنه على الحكومة أن لا تتطاول على سعر رغيف الخبز، وأن تبتعد عنه، وهذا فشل يسجل في حساب الحكومة، فهي لم تعد تعلم ما هي خيارات تمويل الخزينة فتركت كل الخيارات ولحقت الخبز فرفعت سعره.
وأشار إلى أن هناك تقارير تشير إلى أن 70% من السوريين أصبحوا تحت خط الفقر، فهل أُصدر قرارات تمسّ طبقة الـ70% من الشعب وأفرض عليهم الضرائب والرسوم وأترك الـ30%، مضيفاً: "للأسف الحكومة لا تملك العقلية المالية الضريبية الاقتصادية الصحيحة ولا يوجد لدينا رجال مال واقتصاد قادرون على الوصول إلى ضريبة بعيدة عن ذوي الدخل المحدود، ولكن للأسف الحكومة بدأت برفع أسعار السلع الأكثر تداولاً.
ولفت إلى أنه من يقول بأن رفع سعر ربطة الخبز هو بسيط فهو يروِّج لكلام ساذج لأن ميزانية الأسرة السورية هي أصلاً في حالة عجز، وأي زيادة مهما كانت بسيطة سيكون لها عبء و عجز إضافي على ميزانية وحياة المواطن السوري.

مكافحة الهدر والفساد أجدى.. والمواطن بات يخشى المزيد
بعد عرض السابق يبقى القول بأن الحكومة سائرة في خطى رفع الأسعار ورفع الدعم عن جميع الخدمات التي تقدمها، والمواطن بات يخشى من قرارات أخرى تمس معيشته، وها هي قامت برفع أسعار الخبز ورفعت أيضاً أسعار الأرز والسكر وهناك رائحة قوية لشائعة تقول بأن الحكومة تنوي رفع سعر المازوت 20 ليرة وبالطبع الحكومة ستنفي ذلك وستقوم بعد فترة برفع سعره فهكذا اعتدنا عليها تنفي الخبر وتقوم بتأكيده لاحقاً.. لذا نأمل أن تتراجع الحكومة عن قرارها كون هذا القرار لن يحقق هذا العائد الكبير للخزينة حيث أوضح وزير التجارة الداخلية سمير قاضي أمين أن الوفر المحقق من رفع سعر الخبز يصل إلى 17 مليار ليرة في حين إن مكافحة الفساد والهدر في المؤسسات العامة من شأنه أن يحصِّل للخزينة العامة آلاف المليارات وليس مئات المليارات.. فمكافحة الفساد المالي والإداري ومكافحة الهدر في المحروقات والمياه والكهرباء وغيرها أفضل من رفع أسعار المواد التي من شأنها أن تضعف دخل المواطن وقدرته الشرائية وتجعله يعاني أكثر.