كتب عن فيروز وحدها نحو ألف مقال … جان ألكسان .. عبّر عن انتمائه بحرفه وعقله المنفتح

كتب عن فيروز وحدها نحو ألف مقال … جان ألكسان .. عبّر عن انتمائه بحرفه وعقله المنفتح

ثقافة

الأربعاء، ٢٤ فبراير ٢٠١٦

وائل العدس

أقيم في مدينة الحسكة مهرجان ثقافي تحت عنوان «تحية لروح الأديب جان ألكسان» على أن تمتد فعالياته لعشرة أيام عرفاناً من المدينة ومثقفيها بدور جان ألكسان وانتمائه إلى مدينة الحسكة التي أنجبته وتركته في طرقات الثقافة والفن حياته كلها.
يأتي هذا المهرجان تكريماً للأديب الراحل الذي رحل عن دنيانا قبل أسبوع عن عمر تجاوز الثمانين عاماً بعدما أغنى الحركة الثقافية والساحة الأدبية في سورية بعدد كبير من الأعمال.
يعتبر من الشخصيات الثقافية السورية، التي تعتبر فاعلة ومتعددة الإسهامات في المشهد الثقافي السوري منذ فترة طويلة، ولعلَّ هذه الإسهامات جعلته محطَّاً للأنظار.
لم يكتب جان ألكسان موضوعات للكتابة وحسب، بل لم يكتب إلا ليعيش الحياة بكل ما فيها من تنوعات وتجددات، الراحل الذي تحدى الثقافة التقليدية من المبدعين ذوي الطراز، الذين لطالما عشقنا أن يكون أمثاله في عالمنا العربي.

مسيرة غنية
عمل الراحل محرراً في مجلة «الجندي» بين عامي 1955-1958، ثم سكرتير تحرير لجريدة «المختار»، وبعد عام ترأس القسم الثقافي في جريدة «النصر».
في عام 1979 ترأس قسم التحقيقات والقسم الثقافي في جريدة «البعث»، ثم عين أمين تحرير الثقافة في دار البعث للثقافة، قبل أن يترأس تحرير مجلة «فنون» لخمس سنوات عام 1990، كما عمل مستشاراً للشؤون الثقافية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومديراً للمؤسسة العامة للسينما.
في عام 1996 كرم من اتحاد الكتاب العرب بمناسبة صدور كتابه الخمسين، علماً أنه عضو في جمعية القصة والرواية، وعضو في اتحاد الصحفيين في سورية.

من مؤلفاته
أصدر ألكسان عدداً من القصص القصيرة والروايات والمسرحيات، إضافة إلى عدد من الكتب الوثائقية، كما ألف كتباً عن السينما، وأدب الأطفال، وكتب موسوعة «حرب تشرين التحريرية»، وترجمت كتبه إلى ست لغات مختلفة (إنكليزية، وفرنسية، وألمانية، وروسية، وإسبانية، وصينية).
ينظر إليه من خلال إسهاماته في مجال المسرح بأنه ينخرط ضمن الذين قدموا اقتراحات تأسيسية للمسرح السوري، من خلال قيامه بالتحليل لأهم النتاج المسرحي.
أما من خلال أدب الأطفال، فإنه يعمل على مخاطبة الطفل بذكاء، حيث يجعل منه محور القصة ومحركها. وفي الرواية، كان يظهر خصوصية المجتمع السوري.
من مؤلفاته في القصص (نداء الأرض عام 1955)، و(نهر من الشمال 1963)، و(الحدود والأسوار 1970)، و(المعاناة 1972)، و(المزنة 1979)، و(الحوت والزورق 1982)، و(جدار في قرية أمامية 1987)، و(حصان الأحلام القديمة 1988).
وكتب للسينما (إعلام الكفاح في سورية 1963)، و(السينما السورية في خمسين عاماً 1987)، و(السينما في الوطن العربي 1982)، و(تاريخ السينما السورية 1988)، و(الصهيونية والسينما 1989)، و(محطات سينمائية 1990)، و(قضايا في السينما العربية 1990)، و(مئوية السينما 1995).
ومن كتبه الوثائقية (رديف المقاتلين 1974)، و(ماذا حدث في تشرين 1974)، و(مئة يوم حاسمة 1974)، و(سد الفرات 1975)، و(هوامش من حرب تشرين 1978)، و(القائد والمعركة 1983)، و(الرحبانيون وفيروز 1988).
وكتب للمسرح (قراءات على شاهدات مقبرة كفر قاسم 1972 «مسرحيتين»)، و(مسرح المعركة 1978 «أربع مسرحيات»)، و(السكين في الخاصرة 1990).
من رواياته (أيام معها 1961)، و(النهر 1979)، و(بيدر من النجوم 1979)، و(الجسر 1982)، و(رحلة إلى الفضاء 1986)، و(سعيد في حقول الأرز 1988)، و(أوراق من تشرين 1988)، و(زينب في ميسلون 1989).
أصدر عدة دراسات منها (الولادة الثانية للمسرح في سورية 1983)، و(التشخيص والمنصة 1990).

جان وفيروز
تخصص ألكسان بشكل متميز بالمطربة اللبنانية فيروز التي سطع نجمها في منتصف الخمسينيات خلال أول معرض تجاري دولي يقام في المنطقة هو معرض دمشق الذي كان قبلة الزوار، ومنذ تلك اللحظة وجان معها.
كانت فيروز السفيرة إلى النجوم، كما لقبت، تزهد في الحديث إلى الصحفيين، فهي لا تتحدث إلى أي منهم وإن تحدثت فتتحدث إلى جان، إلا إذا أعوزتها الضرورة.
وقد كتب عن فيروز وحدها نحو ألف مقال ضمها إلى كتابه «الرحبانيون وفيروز».
إذاً لا يمكن الحديث عن سيرته من دون الإشارة إلى علاقته الحميمة مع «الرحابنة»، والتي أسفرت عن تأليفه لكتاب مميز تحت عنوان «الرحبانيون وفيروز» يرصد من خلاله أهم أبعاد ومسيرة المدرسة الرحبانية والأسرة الرحبانية في ميادين هذا العطاء المتنوع، ويعد مرجعاً مهماً للكثير من الباحثين والمؤرخين الموسيقيين. ‏
وقال إلكسان في مقدمته: لقد تساءل كثيرون بعد رحيل عاصي الرحباني عن مستقبل المدرسة الرحبانية، قد لا يكون في يدنا أمر الجواب الكامل، ولكن الأسرة الرحبانية أصبحت تاريخاً متكاملاً، وإرثاً يعيش مع الأجيال، كما أنها أفرزت جوقة رائعة، فإضافة إلى ركنها الأساسي الآخر منصور، هناك إلياس الرحباني الموسيقار الكبير المبدع، وهناك زياد الرحباني نجل عاصي الذي أذهل الناس بمسرحه الاستعراضي الانتقادي الغنائي وبألحانه المتطورة، وهناك مروان وغدي ابنا منصور، وهناك هدى شقيقة فيروز، وهناك قبل كل هؤلاء: «فيروز»، إنهم مؤهلون لمتابعة مسيرة الأسرة الرحبانية وتطوير عطاءات المدرسة، وإن اختلفت الطرق والوسائل، بعد أن أرسى أسسها عاصي الرحباني الفنان العبقري الراحل.

العروبة
لم يكن يكتب بالعربية فقط ولا يسترزق لا من الكتابة ولا من العروبة، فهو مناضل قومي عربي، والعروبة لم تكن عند جان شيئاً عرقياً ولا حالة عنصرية، بل كانت دائماً انتماءً حضارياً وثقافة إنسانية وسلوكاً عالياً عبّر عنه دائماً بحرفه النظيف وعقله المنفتح.