دراما الـ«+18» عارية من الـ «+18»!

دراما الـ«+18» عارية من الـ «+18»!

ثقافة

الأربعاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٧

نجوى صليبه

في الدّول المتقدمة تنوّه مؤسسات صناعة السّينما والإعلام والبرامج التلفزيونية بالعمر الذي يتوجّهون إليه ببرامجهم، وعلى الأغلب يكون التّنبيه بعبارتي «ينصح بوجود الأهل» أو «+18»، ثقافة لا تتمتع بها المؤسسات الثقافية والإعلامية العربية عموماً والسّورية خصوصاً، نحدد هنا صنّاع الدّراما الذين يغوصون في عمق العلاقات الاجتماعية، متّخذين من الجسد والجنس حاملين أساسيين لكثير من الأعمال الدّرامية، إذ صار من الطّبيعي أن ندخل إلى صالون لنشاهد سيدة أو فتاة تنتظر زوجها أو عشيقها بـ«تفريعة» حمراء وتستقبله بكلمات وتعابير وجه مثيرة، مشهد مثير حقاً لكن الأكثر إثارة منه هو أن يصنف عمل كهذا ضمن الأعمال الكوميدية التي صار من البدهي أن يتابعها كل أفراد الأسرة ولاسيّما الأطفال بوعي أو من دونه، بوجود الأهل أو من دونه.
وفي عمل آخر، يصعق الزّوج من هول الصّدمة ويصاب بحالة هيستيرية -من الحلقات الأولى- بعد معرفته بأنّ «ذكراً» سبقه إلى الفتاة التي أحبّ ليكتشف منذ الليلة الأولى لزواجهما أنّها ليست عذراء ولتبدأ الحروب اليومية بينهما والمكاشفات وغيرها من تبعات حدث كهذا في مجتمع يثبت صنّاع الدّراما يوماً بعد يوم أنْ لا ثقافة جنسية حقيقية يمتلكونها ولا أسلوب أو مبادئ في طرحهم لها على الرّغم من تشدّق بعضهم في الجلسات الثّقافية أو في «لمّات» الأصحاب، ومناداته بالتّحرر الفكري والثّقافي كلما أتيحت له المنابر التي تعدّ الدّراما أخطرها نظراً لأدواتها المتنوعة ولشعبيتها التي تحظى بها عند شرائح المجتمع على اختلاف ثقافتهم ومستواهم الفكري والعمري، ومختصر القول هنا فاقد الشّيء لا يعطيه أبداً.
مايحرّك الذاكرة وينعشها ويحزّ في النفس ويقتلها أنّ كل ماتقدّمه الدّراما السّورية اليوم من خدش للحياء تحت مسمّى «نقل الواقع» يذّكرنا بما قدّمته في الأمس البعيد والقريب نوعاً ما، من أعمال ضمّت مشاهد حبّ وتودد وكره وحقد واغتصاب من دون أن نزيح نظرنا حياء أو نترك غرفة التلفاز خجلاً وربما خوفاً وقرفاً، لقد كانت نظرة واحدة من عين الممثل أو تلويحة من يده أو موسيقا تصويرية مفاجئة كفيلة لندرك أن خطباً ما يحدث ها هنا، لم يكن الأهل يومها بحاجة لمن يذكّرهم بأنّ هذه الدّراما لهم وحدهم ويجب على أبنائهم عدم مشاهدتها فكانوا أبناء الأرض السّمراء بكلّ وعي واحترام، لكن ما الذي يحدث في الدراما السورية اليوم؟ هل الغاية تسوّغ الوسيلة؟ أم إن المال يسوّغ كلّ شيء؟ أخلاقياً لا شيء يسوّغ شيئاً، أما بالنسبة لصنّاع الدّراما فلا ندري ما الذي يفكرون فيه عندما يبتذلون الجنس ويرخصّون الجسد إلى هذا الحد ويتكئون عليهما في بازار الدراما المحلية والعربية، أقول قولي هذا وأؤكد أن هذه الكلمات للـ«+18».