سورية تاريخ يتجدد… الملتقى الأول للنحت في الحواش يوحد الطبيعة مع الفن

سورية تاريخ يتجدد… الملتقى الأول للنحت في الحواش يوحد الطبيعة مع الفن

ثقافة

الأحد، ٢٧ أغسطس ٢٠١٧

استهوتهم الطبيعة بجمالياتها وافاقها الساحرة فتوحدوا معها وامتزجت ملكاتهم الفنية لتقدم لوحات متميزة بأنامل عشرة نحاتين فنانين من مختلف المحافظات السورية جمعهم الملتقى الأول الدائم للنحت في ساحة تجمع المدارس منطقة الحواش بعنوان “سورية تاريخ يتجدد”.

فمن جذوع أشجار الكينا والتوت والصنوبر صاغ الفنانون مجسماتهم التي تجسد رموز الحضارة السورية المشرقة من رأس أوغاريت في شمرا إلى عشتار آلهة الجمال والخصب فحمورابي وغيرهم لتتوج بصورة المرأة وما ترمز إليه من معاني الجمال والحياة والحب.

عن هدف الملتقى أوضح منظمه حسام أيوب في تصريح لـ سانا الثقافية أن الملتقى الذي اقيم بدعم من وزارة السياحة والفعاليات الاغترابية في منطقة الحواش يشكل فرصة للتلاقي الثقافي من خلال مكانه قريباً من مدارس المنطقة ليطلع ابناء الجيل الواعد وذووهم على “الأعمال الفنية الرائعة” لافتاً إلى إمكانية التوسع بأعمال الملتقى خلال السنوات القادمة عبر مشاركة رسامين هواة ومحترفين من مختلف الأعمار وإقامة حفلات فنية ومشاركة كل الفعاليات الأهلية والشعبية في منطقة وادي النضارة وأبناء سورية جميعا.

بدوره أكد الفنان النحات إياد بلال أن الملتقى يرمز إلى التشبث بالأرض من خلال المجسمات العشرة التي يقدمها والمعتمدة على أخشاب أشجار الكينا والصنوبر والتوت التي تشتهر بها منطقة الحواش مشيراً إلى أن حجم المنحوتات الفنية المنجزة يتراوح بين ارتفاع مترين ونصف المتر بأنامل فنانين شاركوا في ملتقيات سابقة ولديهم انجازاتهم المتميزة.

وعن موضوعات الأعمال في الملتقى أوضح بلال أن اللوحات في الملتقى تمثل الآثار السورية بدءا من أوغاريت وتعتمد في طريقة نحتها على المدارس التعبيرية والتجريدية واحياناً الاثنتين معاً إضافة إلى الواقعية وجميعها تعزز الانتماء للحضارة السورية العريقة في مواجهة الغزو الثقافي الذي يهدف إلى إلغاء هوية الشعوب فيما تجسد أعمال أخرى المرحلة التي تعرضت فيها بلادنا للهجمة الإرهابية بحق الحق والحضارة والتاريخ والتراث الإنساني لتؤكد أن الفكر الإنساني في سورية سيظل ينتج الفن والابداع في كل الظروف.

الدكتور سمير رحمة رئيس قسم النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وأحد المشاركين في الملتقى بين أن لوحته تعتمد على جذوع التوت التي يحاول من خلالها المزاوجة بين الحركة الموجودة بالشجرة بما تجسده من معان أنثوية تومي بالحركة والليونة وبين فكره كفنان يحاور بين رؤيته وإبداع الطبيعة معرباً عن أمله بمشاركة أوسع في الملتقيات الأخرى.

وأضاف رحمة.. إن مشاركته هي العاشرة في الملتقيات النحتية ما بين حجر وبازلت ورمل وخشب لافتاً إلى أن قسم النحت في كلية الفنون الجميلة يهدف إلى إنتاج جيل جديد من الفنانين النحاتين يواصلون طريق الابداع الفني الذي يؤسس لملتقيات نحتية تفضي إلى التفاعل والحوار وتبادل الرؤى الفنية بين الأجيال.

من جهته الفنان نزار بلال رئيس قسم السينوغرافيا في المعهد العالي للفنون المسرحية والذي شارك في ملتقيات داخلية وخارجية في دبي وإسبانيا يجسد في منحوتته آلهة الينبوع رمز الحياة في ملكة ماري برؤية معاصرة حيث تمت إضافة بعض العناصر إليها.

واعتمدت النحاتة أمل زيات من دمشق في منحوتتها على جذع الكينا لأنها تجسد امرأة متشبثة بالأرض تعبيراً عن المرأة السورية كآلهة للعطاء والخصب والحياة في كل الأزمنة ولا سيما في ظل الأزمة التي تمر بها سورية لافتة إلى أن الملتقى يتميز بمشاركة المرأة النحاتة لأول مرة منذ عشرين عاماً.

النحات فادي محمد من اللاذقية يجسد في منحوتته من جذع شجرة الصنوبر عملاً تحويرياً في ايقاع تجريدي ضمن بناء إنساني معماري فيها حالة تطلع الى السماء ومعاناة متضمنة فراغات أضفت على الكتلة النحتية تنفساً ضرورياً للتوازن والتناغم ما يعطي روحاً وايقاعاً فنيا متميزاً.

وتمثل منحوتة منتجب يوسف من حماة التي اعتمد فيها على جذع الكينا آلهة الجمال والحب عشتار وفقاً للصفات المتميزة بها تاريخياً بينما جسدت النحاتة علا هلال من طرطوس في منحوتتها المصنوعة من خشب التوت المرأة السورية حيث ترمز من خلالها لسورية في مفارقة رائعة تعكس الألم والوجع عبر الشقوق التي تميزها مع روح الانطلاقة والقوة والحياة منوهة بأن ما يميز النحت بالخشب أنه مادة حية يضم ليونة وقساوة في كثير من المطارح ما يمنح العمل جمالا وجاذبية إضافية.

من جانبه استعمل النحات قصي النقري من حمص خشب الكينا ليمثل الانثى بكتلة متكاملة من الجذع والوجه في اثبات لدور المرأة وحضورها برؤية فنية مستخدماً لعمله مزايا الخشب وبعض التقنيات لإبراز انوثة وجمال وحضور المرأة.

ونوه النحات هادي عبيد من دمشق بأهمية الملتقى الذي يتيح الفرصة للتواصل المباشر بين الجمهور والفنانين وتبادل الخبرات بينهم إضافة إلى تعزيز الثقافة البصرية للارتقاء بالذائقة الفنية للأجيال كما نفذ الرسام والخطاط مكسيم الاحمد من حمص جدارية تشمل أهم رموز الحضارة السورية بامتداد 53 متراً وارتفاع مترين ونصف المتر إضافة إلى لوحة فنية باستخدام كلمات النشيد العربي السوري وسيتم انجاز لوحة للسيف الدمشقي منوهاً بمشاركته في العديد من الملتقيات الثقافية والمعارض في مختلف المحافظات.