ملتقى التصوير الزيتي.. سورية جسر المحبة ..إيقاعات مميزة عبر مفردات جمالية

ملتقى التصوير الزيتي.. سورية جسر المحبة ..إيقاعات مميزة عبر مفردات جمالية

ثقافة

السبت، ٢٣ مايو ٢٠١٥

ريم الحمش
في قاعة العرش بقلعة دمشق, أربعة وعشرون عملاً زيتياً لأحد عشر فناناً تشكيلياً من مختلف الأعمار في ختام ملتقى التصوير الزيتي الرابع سورية جسر المحبة الذي أقامته مديرية الفنون الجميلة بوزارة الثقافة بالتعاون مع المعهد التقاني للفنون التطبيقية في الفترة بين 13- 23 نيسان 2015, بحضور عدد كبير من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بالشأن التشكيلي.
تعكس الأعمال المقدمة في الملتقى من قبل الفنانين جهداً مميزاً ولافتاً بذله المشاركون في بحوثهم الجمالية والبصرية، وذلك انطلاقاً من مرتكزات فنية وموضوعية عدة, أهمها: لغة اللون، وتكويناته الحداثية، واختيار الأسلوب الفني الأنسب للتعبير عن إحساس الفنان ومشاعره تجاه محيطه الإنساني والاجتماعي. والفنانون هم: التشكيلي الدكتور خالد المز, لجينة الأصيل, ناثر حسني, نزار صابور, محمود جوابرة, علي حسين, أكسم طلاع, أسعد فرزات, غادة حداد, عدنان حميدة, , عمران يونس, ما يسمح للمتلقي أن يرى مجموعة واسعة من الأساليب المستخدمة من قبل الفنانين لإيصال مشاعرهم وأحاسيسهم.
يتعامل التشكيلي الدكتور خالد المز الذي يشارك لأول مرة في ملتقى للتصوير الزيتي مع لوحاته بأسلوب تعبيري مميز, فالتشكيل الفني بالنسبة له ما هو إلا تعبير عن رؤى الإنسان لمكنون نفسه وكينونة محيطه ولأسرار الكون وسبر فلسفة الوجود أيضاً بمظهر تعبيري عام في التدرجات اللونية في محاولة لتركيب الألوان وتوزيعها على مساحة اللوحة بين ألوان دافئة وباردة, متآلفة فيما بينها ومتممة لبعضها بعضاً, كثيفة حيناً وشفّافة حيناً آخر, معتمداً بذلك أسلوب التصوير الزيتي حيث يستوي اللون في بوحه وفوحه وعشقه, ليتحول إلى ومضات كينونة الحياة والكون والوجود, وهكذا يتحول الفنان ليصبح ملك لوحته, بتشاغف ذاتي يحاكي البعد المرتجى بأحاسيس ومشاعر حيث مقام القلب في ترانيم موسيقاه.
وما يزال التشكيلي ناثر حسني عاشقاً لمدينته دمشق القديمة بكل تفاصيلها, فينسج لوحة إبداعية متميزة تصف سمات البيئة الدمشقية من الحارات والأزقة والبيوت القديمة، التي يفوح منها عبق التاريخ وأصالة المكان معتبراً اللوحة حالة توافق بين الفنان وموضوعه والإرث الذي يملكه، فاستطاع أن يترك بصمته الخاصة والتي تميز أعماله عن أعمال الجميع، وهو متمكن من أدواته إلى حد لا يجعلك ترى تلك التقنية المميزة في أعماله في أي لوحة أخرى مهما تميزت.
 من جهتها قدمت الفنانة لجينة الأصيل لوحاتها بأسلوب تعبيري جديد بعيداً عن عالم الطفولة فتتحول المساحة البيضاء لديها إلى فضاءات مفتوحة على كل احتمالات المشاهدة البصرية, مشغولة بحساسية تشكيلية مولعة بالتجريب وتعكس بصدق أصالة انتمائها لثقافتنا البصرية المكتسبة من ثقافتها وخبرتها بالحياة.
الفنانة لجينة تحمل إجازة في العمارة الداخلية من كلية الفنون الجميلة في دمشق منذ عام 1969وتعمل منذ تخرجها حتى اليوم في رسوم الأطفال والإشراف الفني وتضع سيناريوهات كتب ومجلات الأطفال في سورية وعدة دول عربية.
تمكن التشكيلي الدكتور نزار صابور خريج في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير, دكتوراه فلسفة في علوم الفن من موسكو عام 1990, من إدهاش المتلقي والأخذ به إلى توليفة منسجمة ومتفاعلة تؤثر بصرياً وتدخله إلى احتمالات مفتوحة للأثر اللوني الذي تتركه لمساته اللونية وتوازع خطوطه مشحونة بالمعاني والقدر العالي من الإخلاص والمحبة التي يحملها الفنان.
أما الفنان التشكيلي محمود جوابرة الذي يعتبر الفن رسالة كبيرة لا يمكن للإنسان الوصول إلى نهايتها، وكذلك لوحاته تحمل من تلك الرسالة الكثير, قدم عملين ضمن تجربته التشكيلية المعتمدة على المفردات الحيوانية وخاصة الثور والتي يعمل عليها منذ فترة بأسلوب تعبيري رمزي برؤية خاصة للتعامل مع الألوان عامة وبأنه صاحب اللمسة الواحدة المؤثرة الطازجة التي لا يصلح معها الإضافة أو التراجع أو الحذف، بعد اتخاذ قرار الصياغة الأولى للمساحة المراد تلوينها.
وتظهر براعة الفنان التشكيلي عدنان حميدة بأسلوبه التعبيري التجريدي مقدماً مفردات بصرية يعتمدها غالباً في أعماله كالتفاحة والمرأة وغيرهما من الرموز الجمالية والفكرية والفلسفية مستعملاً تقنية الكولاج والزيتي محققاً حضوراً استثنائياً ومختلفاً.
أما الفنان أكسم طلاع فقد قدم أعماله مبرزاً حرفيته في التعامل مع سطح اللوحة وفق عدة رؤى وتأملات مزجت الفكرة واللون ضمن أسلوب تجريدي خدم الأبعاد الرمزية التي قادت مسار اللوحة نحو الانعتاق والفعل وهذا ما خلق تحولاً بصرياً للفكرة المتأملة, ومن الأسلوب التعبيري يتحرك التشكيلي أسعد فرزات باتجاه حالات تعبيرية لحالات السلام مع النفس محدثاً مزيداً من العاطفة والتواصل البصري.
أما الفنان علي حسين فهو يمتلك قدرات لونية تكنيكية عالية مستخدماً ألواناً تجمع بين الحارة والباردة، مثل: (البرتقالي والأزرق) بدرجاتهما المتعددة وتقاطعها مع الخطوط والمساحات وفق هارمونية لونية وتوزيع المساحات في إيقاع متنوع وتقنية أكاديمية متخصصة.
ووفاء لروح وتجربة الفنان الراحل غسان السباعي اختارت مديرية الفنون لوحة للفنان السباعي لتكون هي البوستر الإعلاني للملتقى كتحية لروحة وإبداعه ولاسيما أن الفنان السباعي شارك في فعاليات الملتقى الثالث للتصوير الزيتي في نفس المكان وكان له مشاركة مهمة وكبيرة فيه من خلال اللوحات التي أنجزها.

عالمي...

سارة شمة تقيم معرضاً في لندن للوحات
 تخليداً للأشخاص المحاصرين في الحرب

أقامت الفنانة التشكيلية السورية سارة شمة معرضاً خلدت فيه الأشخاص الذين حوصروا في الحرب، المعرض تحت شعار لوحات حرب أهلية عالمية يسلط الضوء على وجوه المشردين والمعذبين والقتلى، الصغار منهم والكبار، حيث جسدت الفنانة إلهامها في المعرض من خلال ما يحدث حالياً في سورية، ويمتد في كل مكان من سورية إلى اليمن إلى مصر إلى فرنسا وكوبنهاغن.
وتظهر شمة إحدى اللوحات المعروضة وهي تربت على جمجمة بشرية، وكأنها تحنو على هؤلاء الذين ماتوا في الحرب، فيما تعبر لوحة الجزار عن فكرة استوحتها شمة من جزار التقته في لبنان، واعتقدت الفنانة أن هذه الحرب تصل الآن إلى أوروبا في يوم ما للإشارة ولدت شمة في دمشق عام 1975، وكانت واحدة من أبرز الفنانين التشكيليين السوريين, قبل بدء الصراع الأهلي.