دور السينما ضحية “جائحة” الاستثمار التجاري ؟؟!! الرسالة الثقافية تسقط تحت إملاءات”البزنس”…

دور السينما ضحية “جائحة” الاستثمار التجاري ؟؟!! الرسالة الثقافية تسقط تحت إملاءات”البزنس”…

ثقافة

الخميس، ١٨ فبراير ٢٠١٦

القضية التي سنطرح أبعادها وأسبابها تفتح أبواباً واسعة للتساؤل والنقاش عن واقع الأداء في المؤسسات والوزارات والذي يسير بشكل حلقي دون ترابط تسلسلي بين المؤسسات والوزارات التي تتداخل الأعمال بينها، وفي الواقع لايحق لأي توقيع يمهر كتاباً بموافقة أن يلغي حقوقاً عامة ويستهتر بمراسيم وقوانين ومع التأكيد على أن دور مجالس المدن والمحافظات والوزارات هو تطبيق القوانين وإرجاع القرارات إلى بنودها، فالقانون مسطرة تحدد مواده وبنوده أطر وشروط الأعمال التي صدرمن أجلها.
هذا الطرح نبدأ به لتناول قضية هامة وخطيرة تتعلق بدور السينما  التي تعمل الكثير من الإدارات على تطوير واقع العمل فيها، ورغم النجاح الذي تشهده الأعمال السينمائية السورية وتطورها وحضورها في المهرجانات العالمية، إلّا أننا على صعيد أمكنة العرض وبناء الدور السينمائية واستغلال المكان الذي تقع عليه دور السينما القديمة والذي يشغل مساحة متميزة في مواقع متميزة بات مقصداً للتجارة والاستغلال، حيث يتم هدم الدور السينمائية خلافاً للشروط والأحكام الناظمة لبنائها ليتم إحلال بدلاً عنها مولات تجارية بارتفاعات مخالفة لشروط العمران المتبقية،  ونحن في السبعينيات لدينا 250 دار عرض والآن لايتجاوز عددها الخمسين رغم أن المراسيم التي صدرت لإعفاء دور السينما ومستورداتها من المرسوم تؤكد الاهتمام بهذا القطاع الفني الذي يكرّس من ثقافة المجتمع جزءاً من تاريخه وهويته.
مخالفات علنية
نسأل لماذا تخالف مجالس المدن والمحافظات القوانين جهراً وعلناً، وبدل أن تكون راعية لهذه الأماكن ومشرفة على حسن استثمارها وسلامة أدائها لدور يدخل في نطاق تثقيف وتوعية وتطوير نجدها تلهث مع المستفيدين لاستثمار الأماكن التي بات ثمنها بالمليارات. لا أحد ضد التطوير، لكن حتماً لا أحد يوافق على هذا الاستغلال العلني للمكان والمساهمة ببنود  الجانب الثقافي والمعياري الذي وإن كان دوره محدوداً في السنوات السابقة، إلّا أن هذا لايبرر أبداً أن يتم إلغاء دور سينمائية مرخصة ومستفيدة من شروط وتسهيلات ومراسيم استثمار الدور السينمائية، ولعل المثال الصارخ حول ذلك هو مايحدث في الدور السينمائية في اللاذقية ومنها سينما الزهراء التي تقع على موقع متميز ومساحة كبيرة، ورخصة الهدم تصدر عن مجلس المدينة الذي لم يراع أي شروط خاصة ببناء سينمائي الترخيص الممنوح لبناء حول  موقع دار سينما الزهراء، ورغم أن وزارة الثقافة أوقفت سابقاً قرار هدم وترخيص على الموقع بكتابها رقم 1036/125 تاريخ 14/6/2012 بيّنت فيه شروط صالات السينما وأكدت عليها، إلّا أن مجلس المدينة يصر على الخطأ ويصدر رخصة هدم جديدة وتُعطى رخصة هدم جديدة ورخصة بناء مول بثمانية آلاف متر مربع مع تخصيص سبعين متراً لصالة عرض عوضاً عن دار السينما التي كانت تشغل مساحة العقار كاملاً ولم تذكر السينما في الرخصة لا من قريب ولا من بعيد.

تأكيد على القانون
مدير الثقافة في اللاذقية مجد صارم، أصدر كتاباً برقم 5522 تاريخ 29/12/2015 موجّهاً إلى محافظ اللاذقية يؤكد على أن الهدم وإعادة بناء العقار المشاد عليه دار سينما يجب أن يذكر في رخصة البناء دار السينما وكل الأطراف المعنية من مالك ومستأجر وفق مانص عليه كتاب رئاسة الوزراء رقم 2785 /1 تاريخ 11/4/2006 ويجب التأكيد على ذكر الصالة ومطابقة صالة السينما التي تُشاد مجدداً لشروط وزارة الثقافة في كتابها 1036   تاريخ 14/1/2012، وسبق لوزارة الإدارة المحلية أن وجّهت إلى محافظ اللاذقية كتاباً للعمل على التقيد بنظام ضابطة البناء المعمول به والمخطط التنظيمي والتقيد بكتاب رئاسة مجلس الوزراء المتعلق بهدم الدور السينمائية والتقيد بالشروط التي تحددها وزارة الثقافة ويحمل الكتاب الرقم 3116 توقيع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإدارة المحلية عمر غلاونجي.

الحفاظ على ذاكرة الأمكنة
المهندس ماهر عبد السلام مدير الهندسة في وزارة الثقافة، أكد أن الوزارة شكلت لجنة بوضع شروط ملزمة لبناء دار السينما، وهي شروط فنية لايجوز في أي بناء مخالفتها وتجاهلها، ويتم حالياً تطوير أسس ومعايير تتعلق ببناء دور السينما، وأكد عبد السلام أنه لايحق لأي إدارة أن تلغي وجود أماكن ومسارح غنّى عليها رموز من الوطن كعبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز.

المؤسسة تؤكد شروطها
استجابت المؤسسة العامة للسينما للفصل في التداول بموضوع دور السينما وصدر الكتاب رقم 226 تاريخ 26/1/2016 بتوقيع مدير المؤسسة موجهاً إلى محافظة اللاذقية يؤكد على حتمية تطبيق كتاب رئاسة الوزراء رقم 2785/1 وأن الشروط الفنية عند إعادة بناء صالة سينما هي المضيفة لدى الوحدات الإدارية والشروط الفنية المحورة لبناء الصالات السينمائية وشروط السلامة والأمان ويؤكد الكتاب على إعادة بناء دار سينما بما لايقل عن 0-1 كرسي وتحقيق الشروط الفنية الناظمة لذلك.

الحفاظ على الهوية والذاكرة الشعبية
يكفينا ماحدث من تشويه للهوية المعمارية بكافة جوانبها، وإذ تحتل العمارة والثقافة الجانب الأهم والأوسع والأشمل من تشكيل الهوية فإن الأماكن الثقافية يجب أن تبقى مجال حفظ وتقديس، فالتاريخ وذاكرة الشعوب والمجتمعات تلعب الأماكن دوراً في الحفاظ عليها واستمرارها في أداء دور في التوعية والتطوير. لايجوز أبداً أن نكون في الثمانينيات لدينا 250 دار سينمائية، والآن أقل من خمسين، ويبدو أن ما ينجو من الإرهاب تدمّره القرارات المتسرعة والسعي لاستثمار المكان دون الاهتمام بالذاكرة والتراث والتاريخ والبلديات تخطىء دائماً بتغيير الصفة العمرانية للأماكن والأبنية خاصة أم عامة، والواقع يشير أن القانون يكون ضعيفاً طالما قرار مجلس بلدي أو محافظ أو رئيس مكتب فني يلغي توظيف المكان ويعطيه بعداً جديداً تحت بند يغيّر صفة عمرانية السينما من أجل نموها وتطورها صدرت مراسيم وإعفاءات لتكون صدى يعكس حضارتنا وثقافتنا ويجب أن تكون لها الأولوية بالحفاظ وإعادة دورها في نشر الثقافة والوعي.

ابتسام المغربي-البعث