الفرقة السيمفونيّة الوطنيّة السوريّة بين تأسيسها وخطوات نجاحها

الفرقة السيمفونيّة الوطنيّة السوريّة بين تأسيسها وخطوات نجاحها

ثقافة

الأربعاء، ٦ أبريل ٢٠١٦

عامر فؤاد عامر

قدّمت الفرقة السيمفونيّة الوطنيّة السوريّة بقيادة «أندريه المعلولي» حفلاً أوركستراليّاً على مسرح دار الأوبرا السوريّة. وكانت الافتتاحية بـ«إيغمونت» لـ«لودفيغ فان بيتهوفن» وبعدها عزفت الفرقة السيمفونيّة رقم 40 سلم صول مينور لـ«ولفغانغ أماديوس موزارت» بحركة سريعة وحيوية ثم حركة معتدلة السرعة ورقصة وحركة سريعة، وهذا ما يمكن القول عنه بأنّه جديد الفرقة المميز في هذه الحفلة، فمنذ وقت طويل لم يتمّ عزف سيمفونيّة كاملة على مسرح دار الأوبرا في دمشق. وثالثاً قدّمت الفرقة «الخريف في بوينس إيريس» لـ«استوربيازولا» وجاء التوزيع الأوركسترالي للفنان «وسام الشاعر» الذي عزف أيضاً في هذه المقطوعة بصورة منفردة على الأوكورديون، وهنا يكمن التجديد الذي قامت به الفرقة من خلال العزف الذي قدّمه «الشاعر» فتلك الآلة ليست من الآلات المُؤلفة للأوركسترا، لكنها كانت تجربة جديدة وناجحة. جاء بعدها افتتاحيّة أوبريت «الخفاش» لـ«يوهان شتراوس الابن»، وكان الختام بعزف الفرقة للمقطوعة الأولى من «كارمينا بورانا» لـ«كارل أورف» وكانت بمشاركة كورال المعهد العالي للموسيقا.

عن الفرقة
تأسست الفرقة السيمفونيّة الوطنيّة السوريّة على يدّ الأستاذ صلحي الوادي وبمرسوم جمهوري عام 1993 وجاءت نتيجة طبيعيّة لإحداث المعهد العالي للموسيقا؛ ولسنوات طويلة من العمل الدؤوب في مجال نشر الموسيقا الجادة في سورية. وفي تصريحٍ لـ«الوطن» يؤكد الفنان «أندريه المعلولي» قائد الفرقة ومدير المعهد العالي للموسيقا أهمية نشاط الفرقة والهدف الذي تسعى إليه من خلال أعمالها وبرامجها التي تسعى لتقديمها: «الفرقة تسعى دائماً من خلال الأعمال التي تقدمها لرفع المستوى فيما يتعلق بالموسيقا في سورية، ورفع الذائقة الموسيقيّة لدى الجمهور فيها، فالموسيقا هي الوجه الحضاري للشعوب في العالم، وهذا ما تهدف إليه الفرقة في كلّ حفلة تقدّمها مع تقديم العناصر المفيدة والغنيّة في كلّ برنامج حفل تسعى لتقديمه على مسرح أوبرا دمشق».

نجاحات
يذكر أن الفرقة مثّلت سورية وأبرزت وجهها الحضاري في الكثير من المهرجانات والمحافل في بلدان عربيّة وأجنبية منها: لبنان، الأردن، العراق، الكويت، سلطنة عُمان، الإمارات العربيّة المتحدة، البحرين، الجزائر، تركيا، إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، الولايات المتحدة الأميركيّة. وإحياؤها لحفلٍ عام 1997 في الولايات المتحدة الأميركيّة كان حدثاً تاريخيّاً مهمّاً حيث نالت الفرقة يومها إعجاب الجمهور والنقاد، ونال قائد الفرقة– صلحي الوادي– شهادة تقدير من الكونغرس الأميركي، ومركز الفنون في أورنج كاونت في لوس أنجلوس.

أولى الخطوات
عام 1995 قدّمت الفرقة السمفونية الوطنية السورية أول أوبرا في سورية، وجاء ذلك بالتعاون مع المركز الثقافي البريطاني، وهي أوبرا «دايدو وإينياس» من تأليف هنري بورسيل، في دمشق وتدمر، وبصرى. عملت الفرقة عبر مسيرتها إلى اليوم على تقديم روائع الموسيقا العالمية للجمهور السوري إضافة إلى التعريف بالكثير من المؤلفين العرب الكلاسيكيين من سورية والدول العربيّة. كما ظهرت مع قادة أوركسترا مختلفين ومعروفين على الصعيدين العربي والعالمي ومنهم: «أحمد الصعيدي»، و«وليد غلميّة»، و«نوري الرحيباني»، و«ريكاردو موتي»، و«إدوارد ميلكوس»، و«لفغانغ غروهس»، و«فرانشيسكو ريتينغ»، و«بيير آلان بيجيه»، و«ديفيد رادج»، و«أنجيلو غورانيا»، و«أدمون كولومير»، و«سيمون كامارتانن» إضافة للعديد من العازفين المنفردين من كل أنحاء العالم.

مع سوريين عالميين
كما ظهر العديد من الأسماء السوريّة مع الفرقة كمؤدين منفردين، ومنهم من حصل على جوائز عالميّة، ونذكر منهم: «لبانة القنطار»، و«تالار دكرمنجيان»، و«كنان العظمة»، و«غزوان الزركلي»، و«شادن اليافي»، و«رشا رزق»، و«فرانسوا رباط»، و«بسام نشواتي»، و«ماريا أرناؤوط»، و«مياس اليماني»، و«يل حمدان»، وغيرهم.

تنوّع
ومن أعمالها أيضاً نذكر إحياءها حفل الافتتاح الرسمي لدار الأوبرا السوريّة في دمشق بقيادة «ميساك باغبودريان» الذي يشغل منصب القائد الأساسي للفرقة منذ عام 2003 كما أحيت حفلتي افتتاح وختام دمشق عاصمة الثقافة العربية عام 2008 وعزفت الفرقة مع مغني التينور العالمي «بلاسيدو دومينغو» بقيادة ««يوجين كون» في الإمارات العربية المتحدة عام 2007. وفي العام 2009 رافقت مغني التينور «روبيرتو آلانيا» في أبو ظبي. وفي مطلع عام 2012 أصبحت دار الأوبرا السوريّة تحتضن الفرقة السيمفونيّة السورية بصورة رسميّة.
وجه حضاري

قائد الفرقة الفنان «أندريه المعلولي» أوضح أن العمل على نشر الموسيقا الراقية والجادة من خلال الفرقة هو مهمّة واجبة وضروريّة في هذه المرحلة لأنّها تعبّر عن مقاومتنا ورغبتنا في إظهار الوجه الحضاري لوطننا سورية أمام كلّ محاولات الهدم والتخريب له، فهذه اللغة الراقية هي الباقية والصامدة وهي ما ستجعل من العالم أجمع يلتفت إلينا لأنّها تعبّر عنّا برقيّنا وحضارتنا وإنسانيّتنا ومحبتنا للسلام.

مع أندريه المعلولي
يذكر أن «أندريه المعلولي» بدأ دراسة الموسيقا في معهد صلحي الوادي وتخرج فيه بتقدير ممتاز في اختصاص آلة الكمان، وبعدها دخل المعهد العالي للموسيقا في دمشق ليتخرج فيه باختصاص آلة «فيولا» وأوفد في منحة دراسيّة إلى كونسرفتوار أورليان في فرنسا عام 1996 وعمل بعدها مع أوركسترا مدينة أورليان في فرنسا، ومع أوركسترا شباب البحر الأبيض المتوسط، وشارك في ورش عمل متعددة وتولى قيادة الفرقة السيمفونية الوطنية عام 1999 في دمشق وعام 2000 في مدينة هانوفر في ألمانيا وشارك في مهرجانات عربية وأجنبية كثيرة، وحفلات موسيقيّة كثيرة، ومع أشهر مغني الأوبرا العالميّة، وله تجربته في التدريس الموسيقي بين عدّة معاهد ولسنوات طويلة، وله العديد من المشاركات التي لا يسعنا ذكرها جميعاً هنا وسيكون لنا معه فيما بعد تفصيلات وافية أكثر مع ما قدّمه في ميدان الموسيقا في سورية وخارجها وفي أوركسترا أورفيوس والتأليف الموسيقي وعمادة المعهد وتطوير المناهج الدراسية وغيرها الكثير من المواضيع اللافتة والمهمّة.

الأكورديون… وسام الشاعر
الحفلة تضمنت مجموعة كبيرة من الأسماء الأكاديميّة التي شاركت بتقديم حفلة مميزة وناجحة وقد تمّ تسليط الضوء من بينها على الفنان «وسام الشاعر» وهو أول عازف أكورديون أكاديمي في سورية، الذي درس في المعهد العالي للموسيقا في دمشق، وفي كليّة التربية الموسيقيّة في حمص باختصاص الغناء الأوبرالي، وله مشاركاته في حفلات كثيرة نذكر منها العزف على الأوكورديون الصولو مع السيدة فيروز، ومع أهم المغنين العرب مثل «وديع الصافي»، و«جوليا بطرس»، و«زياد الرحباني»، «سامي كلارك»، و«ميشيل فاضل». وقد شارك في مهرجانات كثيرة بين عربيّة وعالمية وحفلات كثيرة، وهو أول من ساهم في إدخال آلة الأوكورديون في الموسيقا التصويريّة في سورية وهو اليوم مدرس آلة الأوكورديون في معهد صلحي الوادي وسيكون لنا معه وقفة فيما بعد.