وقميصه قدَّ من دبر

وقميصه قدَّ من دبر

ثقافة

الاثنين، ١ أغسطس ٢٠١٦

محمد خالد الخضر
بعد أن ظهرت على سطح البحر كل تلك الأخشاب الثقافية أبان الحرب على سورية تنوعت المآسي وكثرت الويلات وظهرت الطحالب والإشنيات.. تدافعت كلها إلى الساحة الثقافية وبدأت تأخذ أشكالاً وأدواراً مستغلة الظرف الاجتماعي الذي يعيشه الوطن.. وغير أدباء وأديبات المقاهي والملاهي بدأت ظاهرة التصفيق لكل أبله وأهبل، فما إن يطلع إلى المنبر رجل أو امرأة إلا وأنعم الجمهور عليه بالتصفيق بكل سكون ووقف مع صيحة ما بعد صيحة.. الله أكبر.. أو يا سلام.. أو غير ذلك من التشجيعات اللافتة التي تدفع بالمشجع به إلى جنون ما بعده جنون.
لم يعد للمتنبي دور ولم يعد لنزار قباني وجود.. ولم يعد لحامد حسن ولا لرضا رجب أي معنى.. فقد تقوم الدنيا ولا تقعد إذا كل لهؤلاء دور على ساحة لم تعد تحتوي إلا الخفافيش والوطاويط.. ثمة أدوات أخرى غير الله لا يفهم معناها وثمة بلاء تتشارك على إنجازه الوسائل الإعلامية التي بدورها بدأت تتلقف أي معتوه من دون أن يدرك معد البرنامج أن ما يفعله هو شكل آخر بتنمية الإرهاب الثقافي ولإزهاق حضارة الوطن.
ذلك المخلوق المتحدر إلى قابيل والقادم من الشهوة إلى الشهوة لم يعد يحترم أي منظومة إلا أن يدس جيبه أو أن ينظر إلى امرأة فلا وطن ولا أرض ولا سماء.. إنه الموسم الذي يهدد بالانهيار،إنه الموسم الذي أصبح خاوياً بلا أسس ولا مقومات.. شيئان مهمان، الجنس والمال ولا شيء غير ذلك مهما كانت النتيجة إنه زمن الجنون.. إنه زمن اللامعنى واللاثقافة.
وثمة أمر أكثر خطورة أصبحت المرأة تلعب دوراً بنيوياً في تدمير الثقافة فالمسؤول أو القائم على عمل ثقافي إن لم يصفق لها أو ينشر لها أو يسلط الكاميرا على تشكيلها الفني المتكون في أبهى صالونات التزيين والتجميل.. فقد تذهب إلى مسؤول ما وتحطمه وقد يكون بمقدورها أن تكسر الكرسي على رأسه.. وأضعف الايمان.. قد تقول للمسؤول لم أعطه ما يريد.. لم يحترم إبداعي.. علماً أن كل ديوك الساحة وقفت على المزابل وأعلنت صياحها لما كتبته وقلته.. وخاصة عندما رفعت بكلتا يدي وأنا أظهر وأظهر.. أجل إنها وسيلة تعلمناها من الأمريكان، بل قد نكون من دسائسهم .. عندما انتهت مهمة كلينتون أرسلوا لهمونيكا.. وهنا حتى ولو لم تنجح مونيكا بأسلوبها الأنثوي وبقدها المثير فيمكن أن تطلق تهمة.. ويمكن أن تقطع رأساًكما تفعل داعش تماماً.. وكثيراً من الرجال قدت قميصهم من دبر.. لكن رؤوسهم تدحرجت.
وهناك نوع آخر يرتدي القميص البالي هو الشعر الذي ما كان يجرأ صاحبه قبل الحرب أن يظهره حتى أمام طفل بالصف الأول الابتدائي هو يسميه شعراً لكنه أفرغ من بلوطة نخرها الدود.. ذلك الذي يرصفه صاحبه من بعض الألفاظ الفارغة وينهيه بقافية ثم يلقيه.. ويجب أن يكون عصا موسى.. وإن لم يكن كذلك فقد ينشق الآخر ويذهب إلى تركيا فيعطيه أردوغان مساحة ليعبر فيها عن حبس حريته واحتجاز مكنوناته العظيمة.
أما الفحول فرسان الطبقة الأرستقراطية في شعر الردة الذين يبدلون الألفاظ في زوايا الخفاء ويعدون ما يمكن أن يكون معلقة على حد تعبيرهم.. هؤلاء يتقايضون بلزوم مالا يلزم ويجاهدون بكل أنواع الجهاد من ألفه إلى يائه ثم يقررون على طاولة ما.. وعلى كأس ونارجيلة وقليل من الضحك واللهاث.
هكذا أصبحت شخصيتنا تنهزم بين مسيلمة وزليخة قبل أن ينعم عليها يوسف بقبول آخر ما أعلنته الدراما تلك التي أقسمت ألا يرتفع مستواها شبراً.. زليخة الجميلة الحسناء الساكنة بعشرات الكتب والمنشورات.. تلك التي تمزق قمصان الرجال ثم تلقي بهم في أي مكان تشاء هكذا شاءت.. وأخريات حان موعد تغطية شعورهن.. وآخرون حان موعد أن يناموا قبل الساعة الثامنة مساء.. أيها الظالمون الذين تكتبون بلا قراءة وتقرؤون بلا ورق.. أيها القادمون من جنوب ومن شمال..
إنها سورية ستلعنكم ذات يوم ليس بعيداً.