نورا اريسيان..باحثة ومترجمة تفرغت لنقل إبداعات الكتاب والمؤرخين الأرمن إلى اللغة العربية

نورا اريسيان..باحثة ومترجمة تفرغت لنقل إبداعات الكتاب والمؤرخين الأرمن إلى اللغة العربية

ثقافة

الخميس، ٢٥ أغسطس ٢٠١٦

تواظب الباحثة الدكتورة نورا اريسيان على جهودها في تعزيز التواصل والتلاقح الثقافي بين العرب والأرمن عبر عشرات الكتب والدراسات التي ألفتها أو التي ترجمتها من الأرمنية للعربية.

وتؤكد اريسيان خلال حديث مع سانا أن من واجبها نقل إبداعات الكتاب والمؤرخين الأرمن للغة العربية لتوضيح ونشر قضايا تاريخية وسياسية وأدبية تهم القارئ العربي عبر البحث عما تفتقده المكتبة العربية من قضايا تخص تاريخ الأرمن وثقافتهم وأدبهم معتبرة الترجمة نوعا من التفاعل يسهم في تعزيز العلاقات المتبادلة بين الطرفين.2

وتوضح أريسيان أن تعلم الأرمن اللغة العربية بدأ منذ العصور الوسطى حيث استخدموها للتواصل مع سائر أقطار العالم الإسلامي من أجل تعزيز العلاقات التجارية والدبلوماسية ما ساعد على التداخل بين اللغتين واستخدام مفردات مشتركة.

وتشير عضو جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب إلى أن التفاعل الثقافي بين العرب والأرمن أثمر عن نتاجات أدبية مهمة كالرواية الشعرية عروج أبو العلاء التي كتبها الشاعر الأرمني واديك إسهاكيان وتناول فيها كتاب المعري الشهير رسالة الغفران وترجمها لاحقا إلى العربية العلامة السوري خيرالدين الأسدي سنة 1948 بمساعدة بارسيخ تشاتويان.

وتلفت أريسيان إلى أن الاهتمام باللغة العربية وصل إلى حد ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأرمنية للتعرف إلى كنوز الحضارة العربية -الإسلامية مبينة أنه منذ أربعينيات القرن العشرين بدأت في البلاد العربية حركة ترجمة التراث والأدب الأرمني للعربية ودراسات تاريخ الأرمن وخاصة المجازر التي طالتهم على يد العثمانيين.

وتوضح اريسيان أن حركة الترجمة بين اللغتين الأرمنية والعربية مرت بمراحل متعددة ولامست العديد من الأجناس الأدبية مثل الشعر والرواية والدراسات التاريخية وتناولت فيها العديد من المجالات مثل علوم النباتات والطب والفلك والتاريخ وغيرها لكنها تؤكد ضرورة زيادة الاهتمام بالترجمة لأنها ركيزة مهمة في التفاعل الحضاري الأرمني-العربي.

وعن الصعوبات التي يلاقيها المترجم بين العربية والأرمنية تبين أريسيان أنها تتعلق بالبنية اللغوية وتباعد النظام اللغوي لكل منهما فعلى سبيل المثال تبدأ الجملة في اللغة الأرمنية غالبا بالفاعل ويعد الفعل أهم جزء في صياغة جملها بينما تبدأ الجملة في العربية بالفعل وهذا يتطلب صياغة الترجمة على نحو صحيح قواعديا.

وتعتبر اريسيان أن الترجمة الفورية من أصعب الترجمات على الإطلاق لما تستلزم من درجة تركيز عالية ولما تتطلبه من شروط ومواصفات خاصة للمترجم كما ترجع صعوبتها لشمولها على مراحل متعددة منها الاستماع والفهم والترجمة إضافة إلى السرعة في إيجاد الصيغة المناسبة للترجمة.

وردا على سؤال حول أهمية اللغة الأرمنية ومراحل تطورها أجابت اريسيان بالقول “يمتد عمر هذه اللغة نحو خمسة آلاف عام وتعد فرعاً مستقلاً من عائلة اللغات الهند-أوروبية ومرت خلال هذه العصور بثلاثة أشكال الأول اللغة القديمة وتسمى “الكرابار” والثاني اللغة الوسطى والثالث اللغة الأرمنية الحديثة والتي انقسمت في القرن 17 إلى فرعين وهما الأرمنيية الشرقية التي يتحدث بها الأرمن في أرمينيا وإيران والأرمنية الغربية ويتحدث بها الأرمن في الشتات مع فرق طفيف في قواعد الصرف والنحو”.

وعن آخر المؤلفات التي ترجمتها تكشف اريسيان أنها شملت كتابا بعنوان “الصيارفة الأرمن في الامبراطورية العثمانية” الذي يسلط الضوء على أهمية الصيارفة ورجال الأعمال والتجار الأرمن ودورهم في سلطنة بني عثمان وكيفية استيلاء هؤلاء على ممتلكاتهم والأضرار الاقتصادية التي لحقت بالشعب الأرمني في السلطنة العثمانية.

أما الكتاب الثاني الذي أنجزت ترجمته فحمل عنوان “كوميداس والموسيقا الأرمنية” وصدر في دمشق بمناسبة الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات والمقالات من كتب مختلفة تشمل حياة ومسيرة ابداع كوميداس الذي كان احد رواد الموسيقا الأرمن وشاهدا عيانا على المجازر التي تعرض لها شعبه على يد العثمانيين.

وحول انتخابها لعضوية مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني ترى اريسيان أن من واجبها الوقوف مع زملائها الكتاب والعاملين في الشأن الثقافي والتربوي والتعليمي لتعزيز أعمالهم ورفع المستوى الثقافي والتعليمي في سورية من خلال عدة خطوات تشريعية واقتراح مشاريع قرارات تتعلق بقضايا ثقافية على رأسها رفع تعرفة كل انواع الترجمة والكتابة وإعلاء شأن الترجمة في سورية لما لها من دور مهم في التنمية الوطنية.

وختمت اريسيان حديثها بتأكيد “ضرورة أن تشغل الثقافة حيزاً واسعاً في مرحلة الإعمار القادمة ومن أجل سورية المتعافية ينبغي أن نسعى جاهدين لفتح المجال أمام الإعمار الثقافي الذي يركز على الطفل والشباب في كل مناحي الثقافة السورية”.