جورج طرابيشي

جورج طرابيشي

نجم الأسبوع

السبت، ١٩ مارس ٢٠١٦

قرأت ترجماته ومقالاته، وكنت من دون دراية أحب منتقياته ولغته وأسلوبه، بل كنت أحب اسمه لكثرة ما أراه أمامي، ولم يتهيأ لي أن أسأل يوماً، فما قرأته له في مختلف الصنوف يضعه في خانة اليسار، لكن شيئاً ما كان يقنعني في كتابات جورج طرابيشي، فلم يكن في أسلوبه متصنعاً أو متحاملاً، بل كان يفتح الآفاق واسعة أمام قارئه، ولم أشأ أن أعرف شيئاً عن حياته وموطنه، وقد كان الزعم لدي مدة من الزمن أن طرابيشي هو مفكر من لبنان، بالحكم على دور النشر التي يتعامل معها، والدوريات التي يكتب فيها، والمؤسسات التي تعتني به، وعرفت أن جورج طرابيشي سوري الهوية والحب والفكر، عاش آلام سورية واكتوى بنارها، وشهد لحظات الولادة والبناء في مفاصل كثيرة إلى أن غادر واختار لبنان مقرّ إقامة، ليهبط في باريس ويستقر، فأين منا هذا المفكر؟ وماذا عن آرائه؟ وكيف تهيأ لنا أن نحتفي بمن لا يملك قدرته ونهمله؟ أسئلة كثيرة قد لا يحتفي بها طرابيشي نفسه، وقد لا تعني كثيرين، لكنها تعني سورية التي لا يستطيع أبناؤها مهما امتد بهم الزمن، ومهما طال بعادهم عنها أن ينسوا ما لها في أفئدتهم.

المحطات الست
كنت أتواصل مع دراسات جورج طرابيشي في مجلة «الوحدة» وقد حرصت على جمع أعدادها وقراءتها حتى توقفت، وقرأت ترجماته النفسية وسواها مع مقدماته، وقرأت دراسات فكرية له تحمل سمات حضارية وفكرية وسياسية، وكانت دراساته أول ما أطالعه في الدوريات، ومنذ سنوات لم أعد أقرأ في هذه الدوريات لندرتها، ومع بداية الأزمة في سورية سمعت من جورج طرابيشي كلاماً متسرعاً، وسألت نفسي: هل سيفعل كما يفعل غيره؟ هل تكون المفاجأة وراء ما قاله؟ ومرت سنوات وطرابيشي يحترف الصمت والترقب، لكن الصداقة المعرفية أتاحت لي مؤخراً الاطلاع على شيء من سيرته الفكرية تكرم صديقي الدكتور حسان فلاح بإرسالها لي لأطلع وأقرأ.. وما إن وقعت هذه الصفحات بين يدي، ورأيت الكمّ الكبير من القراءات حتى تملكني استغراب شديد من حركة الرصد الثقافي والإعلامي، فما قاله طرابيشي يستحق أن يبحث عنه، وأن يتم التواصل معه، وعلى أقل تقدير يستحق منا أن نقف عنده ونطلع القارئ عليه، وأن نجري حوله حوارات وندوات..! لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فرأيت أن أستعرض المحطات أو الاعترافات التي كتبها أستاذنا طرابيشي، وأن أناقشها من زوايا متعددة كما عشناها نحن أيضاً، ويبقى له الفضل الأكبر في أنه دوّن ذلك ولم تبق آراؤه حبيسة فكره كما والجلسات الخاصة..

التربية الدينية
ينتمي طرابيشي إلى جيل رائد شهد إقرار مادة التربية الدينية مدرسياً، وشهد مرحلة ما قبل هذا الإقرار، وها هو اليافع الذي يعاني من ثقافة مجتمعية عملت الدولة على الإقرار بها عام 1955 تغاضوا عن بعضهم، وسئل الإخوان المسلمون: ماذا تريدون؟ أي وزارة؟ فقالوا: نحن لا نريد وزارة نحن لنا مطلب واحد وهو إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثانوية.. كنا ندرس علوم الأخلاق والتربية الوطنية… قلت لرفاقي أريد أن أحضر درس التعليم الديني لأني أريد أن أطلع أكثر… كتب الشيخ على اللوح بالطبشور سلفاً: «كل من هو ليس بمسلم فهو عدو للإسلام».. فسألت الأستاذ أنا لست مسلماً، أنا مسيحي بالمولد، فهل أنا عدو لك؟ منذ تلك اللحظة وعيت أن مهمة كبيرة جداً لا تزال تنتظرنا…».
يعرض جورج طرابيشي أزمة كبيرة عاشها ونعيشها، واليوم ندفع ثمناً لها، لوجود عدد كبير من الأساتذة الذين يحملون الفكر نفسه، ولو ذهبنا إلى المدارس ذات التعليم الديني المسيحي فسنجد المثال متطابقاً، وسنجد بين أساتذة الدين المسيحي من يرى من ليس مسيحياً عدواً له، ويلقن ذلك للطلبة!!
عندما كنت طالباً في ثانوية بدمشق كان لي من رفاقي رفيقان: فاروق، مروان، والاسمان ليسا مسيحيين، ويدلان على الأرومة الشرقية المجتمعية، ويدلان على حب الأسرتين للمجتمع المحيط، فاختارت الأسرتان اسمين عربيين لهما صبغة إسلامية لولديهما، وفي حصة التربية الإسلامية للأستاذ عبد المولى، كان الرفيقان يخرجان من الصف، ولأن العدد قليل كان الطلاب المسيحيون يقضون وقتهم في الباحة، وربما ذهب أحدهما إلى بيته ليعود، وفي نهاية الفصل والعام كان الرفيقان يحصلان على علامة تامة، بينما من الممكن أن تتسبب مادة الديانة برسوب أحدنا في صفه!
وهذا استدعى أن يتم حذف علامة التربية الدينية من المجموع العام للثانوية العامة والقبول الجامعي، فكم من صديق يحمل اسماً دالاً على المحبة كره اسمه، وانزرع الحقد في روحه شيئاً فشيئاً، وصار خصماً بعد الحب؟ اليوم نحن أحوج ما نكون إلى اعتماد مادة الأخلاق والتربية الوطنية بدل التربية الدينية، ليتوقف هذا الفرز المعلن للطلبة، الفرز الذي يبدأ من الأول الإعدادي للمختلف عني في الشريعة، ليصبح فيما بعد مختلفاً عني في كل شيء!
مرت سنوات رأينا فيها إقبال المسلمين على مدارس ترعاها الكنيسة، ورأينا المسيحيين الذين يقصدون مدارس ذات توجه إسلامي، أو ملكية إسلامية، وهذا كان يدفع التفاؤل في النفوس بأن التمازج الفكري والحضاري صار قادراً على صهر الجميع في تربة وطنية، ومع بداية الأزمة اكتشفنا أن هذا الإقبال تحول إلى نقمة، فكل جانب من الجانبين اكتشف أنه عدو للآخر!!

ملاحظات على التعليم الكنسي
طرابيشي العلماني الحقيقي الذي انتقل من مرحلة إلى مرحلة بتشكيل قناعاته وتوجهاته لم يخفٍ أن البداية لم تكن مع الشيخ مدرس التربية الدينية الإسلامية، وإنما كانت مع الكاهن، فهو بدأ بميول دينية استطاع الكاهن أن يحرفه عنها بمهارة بسبب دروسه «تدينت تديناً مفرطاً في الطور الأول من مراهقتي، وكنت أؤدي واجباتي الدينية بحساسية تثير سخرية حتى أخي الأصغر مني.. وفي أحد دروس التعليم الديني قال لنا المدرس الكاهن «تعرفون أنتم يا أولادي الآن ما الكرة الأرضية، وتعرفون حجمها» أريدكم الآن أن تتصوروا كرة أرض أكبر من أرضكم بمليون مرة، وأن هذه الكرة الأكبر بمليون مرة من كرة الأرض ليست من تراب وماء، بل هي من حديد فولاذي صلب، هذه الكرة الأكبر من الأرض بمليون مرة والأصلب من الحديد الصلب، يمر عليها كل مليون سنة طائر فيمسحها بجناحه… فكم وكم مليون سنة يحتاج هذا الطائر إلى أن يمسح بجناحه مرة واحدة كل مليون سنة ليذيب هذه الكرة الحديدية الأكبر من الأرض بمليون مرة؟ تذوب هذه الكرة ولا يذوب عذابكم في جهنم إذا متّم في حال الخطيئة»، هذا الدرس كان كافياً لعقل المراهق جورج لإعادة النظر في الدين والخطيئة، ولأنه أراد المعرفة حضر درس التربية الدينية الإسلامية للشيخ في التعليم الثانوي، وقد قدمت هذه الفكرة بعد التربية الدينية لأبين أن العقل السليم عند جورج طرابيشي من بداياته لم يعد به بعدما سمع من الشيخ الأستاذ المسلم إلى الخلية الدينية المسيحية الأولى، فقد كان قد خرج مغيراً آراءه، وفي المرحلة الثانية خرج مغيراً آراءه كذلك، لينطلق في آفاق أخرى وجديدة كل الجدة.
ولأن جورج طرابيشي يستعرض المحطات التي أثرت في حياته وتفكيره، فقد بدأ من النظرة الدينية، ولم يصبّ جام غضبه على المؤسسة الدينية الإسلامية كما يفعل الكثيرون، بل تناول المؤسسة الدينية بتمامها، سواء كانت مسيحية أو إسلامية، ووقف عند جانبين خطيرين وصل تأثيرهما إلى المجتمع.

المجتمع والرؤى الظلامية
وقفة جورج طرابيشي المتدرجة من الكاهن في التعليم المسيحي إلى الشيخ في التعليم الإسلامي قادته إلى القومية والبعثية ليسمع في مجتمعات لم يكن يتوقع العجب، ففي السجن التقى بمجموعة من الرفاق البعثيين وغير البعثيين، من اليمين واليسار، ويستحضر زوجته وابنته وهو سجين بعيد عنهما، وسمع من هؤلاء السجناء كلاماً مستهجناً «كنت لا أفكر إلا بزوجتي وابنتي… لست أدري كيف جاء حديث الشرف الجنسي الذي يقضي بوجوب قتل المرأة إذا أقامت علاقة جنسية غير مشروعة سواء كانت مسيحية أو مسلمة… سألني الرفيق: إذا كبرت هذه البنية وغلطت مع شاب أفلا تذبحها؟ قلت له: أنا أذبح مايا ابنتي إذا رأيتها تقبل شاباً! فقال: كيف؟ أما تذبحها؟ قلت له: يا رفيق أجننت! أذبح مايا؟ قال: أنت ما عندك شرف! أنت لست عربياً ولا تستاهل أن تكون عربياً ولا بعثياً!… من يومها أيضاً تعلمت درساً جديداً، وهو أن القضية ليست فقط قضية مسلمين وغير مسلمين، ومسيحيين وغير مسيحيين، من حيث الوعي الاجتماعي ولو كانوا ينتمون إلى أيديولوجيا واحدة، فالقضية أعمق من ذلك بكثير، قضية بنى عقلية في المقام الأول».
في هذه المرحلة وفي هذا الاعتراف يقرر طرابيشي أن المشكلة لا تتعلق بالشريعة والاعتقاد إنما تتعلق بالفكر، فها هو الذي يخاطبه باليسارية والرفاقية هو من يراه بلا شرف، لأنه لن يذبح ابنته مي إن كانت على علاقة مع رجل، لا بل إن رآها تقبل رجلاً، ومفهوم الشرف الذي دعاه طرابيشي بالشرف الجنسي، ويلبس اسماً مجتمعياً مغايراً (جرائم الشرف) يمثل عقدة حقيقية في تحديد مفهوم الشرف، إذ لم يتعرض السائل للرجل والشاب، وإنما اقتصر برأيه على المرأة، واختار لها المجتمع اسماً تجميلياً هو جريمة الشرف، فهو جريمة، وهو شرف في الوقت نفسه، والأمر لا يختلف بين مسلم ومسيحي، بين يساري ويميني، بين أيديولوجية وأخرى!!
إن هذه الرؤية المتقدمة لطرابيشي هي التي دفعته لأن يكون مفكراً حقيقياً، إنه ذاك الذي لا يدافع عن أمر يخصه لمجرد أنه يخصه، وإنما ينظر إليه نظرة نقدية تدفعه هذه النظرة للتطوير والتغيير في ذاته وقناعاته، وهذا ما حمله ويحمله مسؤوليات كبرى لتغيير القناعات المجتمعية، وتهيئة البنية الاجتماعية القادرة على التطور والحياة المدنية القوية التي تجمع أفراده من دون أي تمييز.

الاعتراف بالتقصير
استوقفني طرابيشي في حديثه عن محمد عابد الجابري، هذا الكاتب الذي أجلّه طرابيشي كثيراً، ودفع كتبه إلى المناقشة والطباعة، وقدّم فيه شهادات كثيرة، لكن الشك في بعض المواضع دفع طرابيشي للعودة إلى المصادر التي أخذ عنها الجابري، فيكتشف أن الجابري كان مجانباً للصواب، وربما في إشارة قوية يرى أن الجابري لم يعد إلى المصادر التي أخذ عنها، أو فهمها فهماً خاطئاً، وكانت النقطة الفاصلة التي جعلته يعيد النظر (إخوان الصفا) حيث وسمهم الجابري بالبعد عن المنطق والفلسفة تحت بند استقالة العقل العربي، وحين يتمكن طرابيشي من العودة إلى رسائل إخوان الصفا، يكتشف عدم دقة التوثيق، علاوة عن سوء الفهم والتفسير، ولكن غروره وما وصل إليه من مكانة فكرية وثقافية، لم يمنعه من أن يعترف بتقصيره:
قلت: «هذا الكتاب من يقرأه لا يعد بعد أن يقرأه كما كان من قبل أن يقرأه! وإني لأقولها صراحة اليوم: إني أعترف للجابري الذي قضيت معه ربع قرن بكامله وأنا أقرؤه وأقرأ مراجعه، ومئات المراجع في التراث الإسلامي ومن قبله المسيحي، ومن قبلهما التراث اليوناني وكل ما يستوجبه الحوار مع مشروعه، إني أقرّ له، وأعترف أمامكم، أنه أفادني إفادة كبيرة، وأنه أرغمني على إعادة بناء ثقافتي التراثية، فأنا له أدين بالكثير رغم كل النقد الذي وجهته إليه» وهذا الاعتراف على ما فيه من علمية، فيه الكثير من الصعوبة، فأن يتخلى المرء عن أحكام ربع قرن من قراءته أمر يحتاج إلى كثير من شجاعة، لكن المفكر الذي هو طرابيشي لم يجد غضاضة في أن يقول: إن ثقافته التراثية كانت عاجزة عن التقويم الصحيح، وكذلك جعلته يصدر أحكاماً متسرعة متعجلة تغرر بالقارئ، وتدفعه إلى قراءة آراء منتقصة! إضافة إلى أن الكاتب يعلمنا ألا نركن إلى عمل أو مؤلف يجاوب فيما يكتب أهواءنا وآراءنا، وهذا ما دفعه إلى البحث والمغامرة، ليظهر لنا حقيقة التفكير فهو تطور دائم واطلاع دائم، ينتقل بنا من مكان إلى آخر، وهو قادر على تحويلنا من جادة إلى أخرى.

الألم السوري الحالي
إن ما قاله جورج طرابيشي عن الألم السوري هو الذي دفعني للوقوف عند محطاته واعترافاته، وربما هو ما دفع أخي د. حسان فلاح إلى إرسالها لي، وبداية المحطة والاعتراف ألم «إن المحطات السابقة كلها بمنزلة محطات انطلاق، وبدءاً منها كتبت كل ما كتبته على امتداد حياتي من أبحاث ومقالات قاربت في عددها الخمسمئة، ومؤلفات نافت على الثلاثين، وترجمات زادت على المئة، لكن هذه المحطة كانت بالمقابل هي محطة التوقف والصمت والشلل التام عن الكتابة: محطة الألم السوري المتواصل منذ نحو أربع سنوات من دون أن يلوح في الأفق أي بشير بنهاية له» وفي هذا التقديم يظهر المؤلف المرتبط بالألم، فهو يعجز عن الكتابة، شأنه شأن الآباء في رثاء البنين، فالبلد بلده، والألم ألمه، لذلك يجد نفسه عاجزاً عن الكتابة والفعل، وهو لم ينخرط في أي شيء، ولكنه يذكر أنه كتب مقالتين الأولى في 21/3/2011 والثانية في 28/5/2011، وفي الأولى يظهر أنه يتخوف من الجحيم فيقول: «الربيع العربي لم يفتح من أبواب غير أبواب الجحيم والردّة إلى ما قبل الحداثة المأمولة، والغرق من جديد في مستنقع القرون الوسطى الصليبية/ الهلالية».
وفي المقالة الثانية يعترف الكاتب بأنه قال: «سورية المتعددة الأديان والطوائف والإثنيات، تقف بدورها على أبواب الجحيم جحيم الحرب الأهلية ما لم يبادر النظام إلى إصلاح نفسه بإلغاء نفسه بنفسه، فغير هذا الإلغاء لا سبيل آخر إلى إصلاح سلمي يصون البلاد من الدمار» ويصمت طرابيشي بعد هاتين المقالتين متأملاً ومتابعاً ومتألماً ليقول في اعترافه: «… أعترف أيضاً بأن إصراري يومئذ على قدر من التفاؤل، من خلال مطالبة النظام بإلغاء نفسه، كان في غير محله إذ ما كنت أعي في حينه، أي في الأسابيع الأولى دور العامل الخارجي إعلاماً وتمويلاً وتسليحاً، وهو الدور الذي يدفع الشعب السوري بجميع طوائفه ثمنه دماً وموتاً ودماراً غير مسبوق، وهذا في ظروف إقليمية وأممية تشهد احتداماً في الصراع الطائفي السني- الشيعي ينذر بأن يكون تكراراً للصراع الطائفي الكاثوليكي- البروتستانتي البالغ الشراسة».
يكتشف طرابيشي، ومن دون أن ينغمس خطؤه، وتصبح صفة ما يجري على الأرض العربية «الخريف العربي».
ملك جورج طرابيشي لأنه سوري ووطني وحر أن يعترف بهذا الخطأ معتذراً من الإنسان السوري، وموضحاً براءته القلمية من الانغماس في الدم السوري، وخاتماً بألم ذاتي وشلل مقابل الألم السوري:
«يبقى أن أختم فأقول: إن شللي عن الكتابة، أنا الذي لم أفعل شيئاً في حياتي سوى أن أكتب، هو بمثابة موت، ولكنه يبقى على كل حال موتاً صغيراً على هامش ما قد يكونه الموت الكبير الذي هو موت الوطن».
جورج طرابيشي الذي لم يتولَ موقعاً أو منصباً، والشيء الوحيد الذي حمله معه هو المواطنة يتألم لألم السوريين، بينما الذين كانوا سبباً من أسباب الدمار، خرجوا من مواقعهم ليكونوا تدميراً وتحريضاً ضد الوطن، الوطن والثقافة الحرة جعلت طرابيشي يقول ما يقول في سياق الاعتراف بالخطأ الذي لم يكن سوى رأي… ومن واجبنا أن ننقل هذا الاعتراف إلى القارئ ليتعرف إلى دوره، وليكتشف الكثيرين الذين ينظر إليهم بإجلال وأدوارهم مشبوهة، لعل عدداً يقتنع بأن موت الوطن أهم بكثير من موت الأشخاص وأخطر..