محمود إسماعيل

محمود إسماعيل

نجم الأسبوع

الأحد، ١٦ أبريل ٢٠١٧

 يعد الموسيقي محمود اسماعيل الذي تمر اليوم الذكرى السابعة لوفاته من أوائل الموسيقيين الأكاديميين في محافظة دير الزور فضلا عن دوره في نشر وتدريس العلوم الموسيقية في أرجاء المحافظة وأثره في تكريس الغناء الجماعي “الكورال” بعموم سورية.

شغف إسماعيل الذي ولد في مدينة دير الزور عام 1936 بالفن صغيرا حيث تعلم بنفسه العزف على الناي وعندما حصل على آلة العود ثابر على التدرب ليتقن العزف عليها واستطاع لاحقا وضع ألحان لبعض الأغاني ثم تأليف بعض المقطوعات الموسيقية الخاصة به.

وبحسب ما ذكره الباحث صميم الشريف في كتابه “الموسيقا في سورية أعلام وتاريخ” أسس اسماعيل فرقة موسيقية صغيرة من بعض الوجوه الفنية بدير الزور عام 1955 وكانت جل المقطوعات التي قدمتها الفرقة لمشاهير الموسيقا آنذاك إضافة إلى مؤلفات اسماعيل الموسيقية.

ويضيف الباحث الشريف: “استطاع الراحل اسماعيل تحقيق حلمه بدراسة الموسيقا بعد نيل شهادة الثانوية العامة حيث سافر عام 1957 إلى القاهرة للدراسة في المعهد العالي للتربية الموسيقية وكان ترتيبه الأول في المقبولين بالمعهد”.

وبعد التخرج عاد إلى وطنه سورية ليبدأ نشاطه الموسيقي بمدينة حلب التي عين مدرسا للموسيقا فيها ثم تابع تدريس الموسيقا في مسقط رأسه بدير الزور في عدد من ثانوياتها وشارك بعدة مسابقات ومهرجانات ونال جوائز على مستوى سورية.

نشاط اسماعيل في مجال الموسيقا جعله يوافق على ندبه للكويت للتدريس عام 1974 حيث يذكر الشريف أنه فاز بالجائزة الأولى التي أعلنت لتلحين النشيد الوطني للكويت بعد استقلالها واعتمد العمل الذي لحنه ليصبح نشيدا رسميا كما نفذ بعض الأعمال الموسيقية والكورالية بمصاحبة فرقة الإنشاد العراقية والأوركسترا الوطنية العراقية.

 بعد عودته لسورية عام 1977 تابع نشاطه الموسيقي وفاز بالمركز الأول في المهرجان المركزي الأول للأغنية السياسية عام 1988 وأشرف على عدد من دورات تدريب الغناء الكورالي وأسهم في انتشار هذا النمط الموزع في أغلب المحافظات كما وضع عددا من الألحان منها نشيد دورة الوفاء للباسل عام 1997 ونشيد المحافظة وعددا من الألحان لمجموعة من الفنانين.

وفي تصريح لـ سانا بين مدير الثقافة بدير الزور أحمد العلي أن الفنان اسماعيل قامة فنية كبيرة وواحد من أعلام الموسيقا العربية.. امتاز بانتمائه لبيئته الفراتية وكرس حياته خدمة للموسيقا التي عشقها وأبدع فيها وتجسد إبداعه في صناعة نقلة نوعية تمثلت في تحديث نمط الفن التراثي لمنطقة الفرات وما تتضمنه من غنى وتقديمه بصورة احترافية.

وأشار إلى أن الراحل اسماعيل إضافة إلى إبداعه الموسيقي كان أيضا المربي الفاضل الذي عمل بإخلاص لتقديم كل ما يملك لطلابه الذين يروون مواقفه الأبوية وتفانيه في العطاء والبذل معبرا عن أسفه أن “الراحل لم يأخذ حقه على الصعيد الإعلامي الذي قصر في تسليط الضوء على سيرته ونتاجه وفنه”.

ومن عائلة الفنان الراحل مدرسة الموسيقا في تربية دير الزور “سحر اسماعيل” بينت في تصريح مماثل أن اسماعيل كان فنانا عملاقا ساهم في نشر الموسيقا بدير الزور وخاصة في مجال التدريس حيث درس في دار المعلمين والثانويات وتتلمذ عدد كبير من الفنانين على يديه وله الفضل في تشكيل وقيادة فرقة “الأخوة اسماعيل” بدير الزور في ثمانينيات القرن الماضي وضمت 15 عازفا كما شكل فرقة موسيقية للأطفال.

 ولفتت سحر إلى أن أي فنان موسيقي في المحافظة يعتبر الراحل بمثابة الأب الروحي له وصاحب الفضل في كل عطاء قدمه معتبرة أنها إحدى تلاميذه ومنه استمدت المقدرة على التدريب في فن مسرح الطفل الغنائي وتدريب الأطفال على العزف مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الراحل كان يؤكد لطلابه أن الفن الموسيقي فن الأخلاق بالدرجة الأولى ونجاحه يعتمد على روح الموسيقي في العطاء لينجز ويبدع.

وأشار مؤسس فرقة “وا موسيقاه” وعازف العود فيها فراس القاضي إلى أنه أحد تلاميذ الفنان الراحل ودرس على يده العزف على العود لمدة تجاوزت الثلاث سنوات ولا يذكر خلالها أنه تأخر مرة واحدة عن موعد الدرس ولم يكن ليسمح بتضييع دقيقة واحدة منه.

وقال القاضي: “كان الراحل موسيقيا موسوعيا وكان يزرع في طلابه فكرة أن الفن قيمة سامية ومحرض أخلاقي بإمكانه تصحيح الكثير من السلبيات في المجتمع ولم تقتصر دروسه على الموسيقا فقط بل كان يتخللها قصص ونصائح وتوجيهات توضح كيف يجب أن يكون الموسيقي وكيف يجب أن يعكس ما تعلمه جمالاً وأخلاقاً في محيطه”.

وأشار القاضي إلى أن الراحل من أوائل أبناء دير الزور الذين درسوا الموسيقا بشكل أكاديمي وكان يولي تدريسها جل اهتمامه فضلا عن قدرته على العزف على أغلب الآلات الموسيقية ومساهمته في إعادة توزيع عدد كبير من الألحان المعروفة إضافة إلى تأليفه عددا كبيرا من المقطوعات وكان له أثر كبير في نشر العلم الموسيقي بدير الزور وخاصة عبر معهد إعداد المدرسين.

ولفت القاضي إلى أن الموسيقي اسماعيل انصب اهتمامه على الأغنية الوطنية وكانت أعماله عبارة عن سيمفونيات صغيرة حيث لم ينجز أي عمل دون هارموني مهما كان بسيطاً لافتا إلى وجود المئات من أعماله لم تر النور حتى الآن.

واختتم القاضي تصريحه بالقول: “يضم منزل الراحل في مدينة دير الزور مكتبة موسيقية كبيرة تحتوي مئات الأعمال والكتب والاسطوانات والنوت الموسيقية وهي ثروة فنية سورية تنتظر أن تأخذ حقها في الظهور على مستوى الوطن”.