أرثر جيمس بلفور

أرثر جيمس بلفور

نجم الأسبوع

السبت، ٤ نوفمبر ٢٠١٧

 «هل هو شيء جيد لهذه الشعوب العظيمة ــ وأنا أعترف بعظمتها ــ أن يُمارَس هذا الحكم المطلق عليهم من قبلنا؟ أنا أظن أنه شيء جيد»
آرثر جايمس بلفور

أصبح أرثر جايمس بلفور (1848 ـ 1930) نائباً عن حزب «المحافظين» البريطاني لأول مرّة عام 1874 واشتهر خلال فترة توليه لمنصب الأمين العام لإيرلندا عندما قمع حركات المزارعين وعاقب ملّاك الأراضي. وكان معارضاً للحكم المحلي الإيرلندي، بما يتوافق مع دعمه للإمبريالية، معتبراً أنه لا حل وسط بين كون إيرلندا تحت الحكم البريطاني أو كونها مستقلة.
أصبح زعيم «المحافظين» عام 1891 ورئيساً للحكومة عام 1902 حتى استقال عام 1905 معوّلاً على عدم قدرة «الليبراليين» على تشكيل حكومة قوية، وكانت نتيجة ذلك خسارة بلفور مقعده في الحكومة حتى عام 1909. بعد ذلك شغل منصب وزير الخارجية عام 1916. وفي عام 1917 كتب رسالته الشهيرة إلى اللورد والتر روتشيلد، أحد زعماء المجتمع اليهودي البريطاني، التي تضمنت «إعلان بلفور» الذي وعد فيه بلفور بأن الحكومة البريطانية تحبذ إنشاء «وطن قومي» لليهود في فلسطين، والتي اعتبرتها الحركة الصهيونية آنذاك دعوة إلى قيام دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية.

لم يكن بلفور رجل سياسة فحسب، بل كان أيضاً «فيلسوفاً رديئاً»، كتب فيه مؤلِّف كتاب «الفلسفة الزائفة» هيو مورتيمر سيسيل: «ينطبق على السيد بلفور كل ما بات لكلمة سفسطائي من معنى لدينا […] في تعامله مع المذاهب الفكرية التي تتعارض مع تحيزاته المتعصبة المسبقة منها والمكتسبة، منهجه ببساطة جدالي فارغ».
رأى سيسيل أن لحجج بلفور الفلسفية «حدّة» ما تعطي «حججاً في جوهرها رديئة مظهراً زائفاً من التميّز والعمق». وحتى من حاولوا الادّعاء أنَّ لأعماله أهمية بحدِّ ذاتها يقولون إن تحديد إنجازات هذا الفكر أمر صعب، وإن كانوا يحيلون ذلك إلى عدم أخذها بجدية في الأوساط الأكاديمية لكون بلفور رجل سياسة.
وكان بلفور، بين عمله في السياسة والفكر، يوظّف هذه «الحدة» الزائفة والجدالية «الفارغة»، إلى جانب عدم دقته في استخدامه للمصطلحات بحجة أنه يكتب بلغة العوام لينظّر لأفكار عنصرية تنبثق من اعتقاده بـ«سيادة العرق الأبيض» التي عبّر عنها بوضوح في مجلس العموم البريطاني عام 1906 عندما كان المجلس يناقش حرمان سكّان جنوب أفريقية السود حقوقَهم. وفيما اتفقت غالبية النوّاب على أن ذلك «شرّ»، اعترض بلفور بالقول إنه «لا يولد البشر متساوون، لا يولد العرق الأبيض والعرق الأسود بقدرات متساوية: بل يولدون بقدرات متفاوتة، ولا يمكن للتعليم تغيير ذلك».
وانتقد المؤرخ البريطاني اليهودي ألفرد زيمرن «عدم دقة» المصطلحات التي يستخدمها بلفور في مقدمته لكتاب سوكولو و«إعلان بلفور» في رسائل دارت بين الاثنين عام 1918، بالقول إنها تعطي انطباعاً بأن ما تريده الحكومة البريطانية هو إنشاء دولة يهودية، لا فقط جعل فلسطين وطناً لليهود إلى جانب سائر سكّان المنطقة الأصليين. وورد في رد بلفور على زيمرن أول تأكيد له، لترحيبه بفكرة قيام دولة يهودية، رغم اعتقاده آنذاك باستحالة تحقيق ذلك.
ولم يكن تحالف بلفور مع الحركة الصهيونية قائماً على شعور بالتعاطف مع معاناة اليهود في أوروبا، ويظهر ذلك جليّاً في دعمه عام 1905 لقانون ضد الهجرة كان يهدف أساساً إلى منع هروب يهود شرق أوروبا إلى بريطانيا.

كان بلفور يوظّف
الحدة الزائفة والجدالية الفارغة لينظّر
لأفكاره العنصرية
وتتأكد هذه العنصرية باتجاه اليهود، و«براغماتية» موقفه في مقدمة كتاب سوكولو حيث يقول إن «الحركة الصهيونية ستخفف من المآسي الطويلة التي عانتها الحضارة الغربية، الناتجة من وجود جسم طالما تم اعتباره أجنبياً، بل عدائياً، في قلبها، لم تتمكن [أوروبا] من طرده ولا استيعابه».
أما بالنسبة إلى «الشرق» عموماً والعرب تحديداً، فكان بلفور ينظّر للإمبريالية على أنها ضرورة للحفاظ على عظمة هذه الحضارات لكونها على عكس الحضارة الغربية لم تُظهر يوماً سمات القدرة على الحكم الذاتي. وينقل إدوارد سعيد، في كتابه «الاستشراق»، خطاباً لبلفور عام 1910 في مجلس العموم يجادل لمصلحة الإمبريالية البريطانية في مصر وغيرها قوله: «الدول الغربية بمجرد أن تنوجد في التاريخ تظهر نواة تلك القدرات على الحكم الذاتي [...] يمكنكم أن تنظروا إلى تاريخ الشرقيين، أو ما يسمى بشكل عام، الشرق، لن تجدوا أثراً للحكم الذاتي [...] جميع إسهاماتهم العظيمة في الحضارة ــ وهي عظيمة ــ أُنجزت تحت هذا النوع من الحكم [الديكتاتوري]».