لقاء خاص مع الفنان التشكيلي زياد الرومي

لقاء خاص مع الفنان التشكيلي زياد الرومي

نجم الأسبوع

السبت، ٣٠ يناير ٢٠١٠

أعمال الفنان التشكيلي زياد الرومي واقعية كلاسيكية ذات جماليات فائقة

 

كانت دمشق القديمة وما زالت معيناً لا ينضب بالنسبة للفنانين التشكيليين السوريين حيث العيش في أحضان التاريخ بكل تجلياته وجماله، يستلهمون منها صوراً متنوعة وكل واحد منهم رسم دمشق بأسلوبه وحسب رؤيته لها، فتعددت الأساليب والمدارس الفنية وتعددت معها الخامات التي أنتجت تلك الأعمال ولأن الموضوع كبير وغزير فإننا نتوقف اليوم عند أحد أهم الأسماء التي كان لدمشق الأصيلة حضور واسع في أعماله إنه الفنان التشكيلي زياد الرومي:

توجه الفنان التشكيلي زياد الرومي في بداياته الأولى إلى معالجة مواضيع إنسانية واجتماعية مثل: (الجوع، الفقر، آثار العدوان..) بأسلوب تعبيري وسريالي لكنه عاد إلى الرسم الواقعي بعد عودته من القاهرة من خلال رسم مدينة دمشق التي نشأ فيها وأحبها وأحب حاراتها القديمة وبيوتها من الداخل والخارج بأسلوب واقعي, قائم على تبسيط الشكل الواقعي وهندسته وبدرجات لونية صريحة (الظلال والنور) ومن دون تحوير للشكل ونفذت بالألوان الزيتية إلا أنه اعتنى بالتفاصيل الصغيرة، ليعكس صورة حقيقية عن حبه الكبير الذي يكنه لدمشق العريقة.

الفنان التشكيلي زياد الرومي، من مواليد دمشق 1938, خريج كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1964 قسم التصوير، عمل مدرساً لمادة التصوير في معهد إعداد المدرسين للتربية الفنية, متقاعد ومتفرغ للعمل الفني منذ عام 1998, عضو نقابة الفنون الجميلة، عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، له عدة معارض فردية وجماعية، حاز على عدة جوائز وشهادات تقدير من جهات مختلفة، تتواجد أعماله في وزارة الثقافة والمتحف الوطني ومحافظة دمشق, بالإضافة إلى بعض الدول الأجنبية مثل النمسا – أميركا – بلجيكا وغيرها.

"الأزمنة" زارت مرسم الفنان زياد وكان هذا الحوار:

- اتجاه الفنانين التشكيليين حالياً نحو المدرسة التجريدية... لماذا اخترت المدرسة الواقعية؟

اخترت المدرسة الواقعية لأنني أعالج قضايا يحبها ويحترمها كل الناس حتى أعداء الواقعية لأنها تخاطب أحاسيسهم وتلامس مشاعرهم مباشرة فالفن ليس هو أحجية بحاجة إلى حل ولا هو مسألة فلسفية بحاجة إلى شرح بواسطة الأدوات الفنية فالفلسفة أدواتها الكلمة.. النص.. والفن يلامس المشاعر والعين مباشرة وأدواته الخط واللون والشكل ولا أحب تشويه مشاعر الإنسانية، فإذا وقفت أمام لوحات مايكل أنجلو فتنبهرين بأعماله التي تسمو بك إلى الأعلى، والفن الواقعي يسمو بالإنسان إلى الأعلى، والسبب الآخر أن نخرج بالواقعية إلى العولمة فأنا لا أريد أن أخرج عن بيئتي، وعن وطني والتجريد لا يخاطب الإنسان العربي لأن التجريد ليس له هوية وليس له تراث، ولا ينتمي إلى قيم تمت إلى تاريخنا وتراثنا بأي صلة، ما عدا الزخرفة العربية إذا اعتبرناها عملاً تجريدياً فالعمل التجريدي إن هو إلا مؤامرة على الفن وعلى الإنسان العربي لوضعه في عالم غير عالمه الحقيقي، وغير ثقافته الحقيقية، إذاً ما الفرق بين الفنان الأوروبي أو أي فنان عربي آخر يعمل على التجريد، وأنا هنا لا أهاجم المدرسة التجريدية، ولكنني بصراحة أعتبره عبثاً فنياً بامتياز.

* ورداً على سؤالنا عن كيفية وصول اللوحة المحلية إلى العالمية قال:

اللوحة المحلية أو غير المحلية حتى تصل إلى العالمية يجب أن تحمل قيم فنية متعارف عليها أكاديمياً في بناء اللوحة أهمها: (التكوين، الخط، اللون والإحساس بالمادة، الإضاءة..) كل هذه القيم الفنية يتوجها الفكر الثقافي ومفاهيم التراث فمن الممكن أن تأخذ اللوحة مكانها في العالم، وتكون مميزة عن أي لوحة أخرى، فاللوحة الفنية يجب أن تحمل إحساس الفنان بها وإيمانه بالفن وثقافته وحبه للوطن والأرض كل هذه المفاهيم ممكن أن تخلق لوحة تصل إلى العالمية لأن الفنان بهذا الوقت يسجل حضارة بلده التي يعيشها، وأذكر هنا قول غويا الإسباني (الفنان أسبق معاصريه إحساساً لما يحدث لجيله)، فأنا عندما أحس بوطني وتراثي أترجم ثقافة جيلي، مقابل ذلك أسألك كيف تصل اللوحة التجريدية إلى العالمية وطالما أن اللوحة التجريدية التي تسوق لها العولمة تتشابه في معظم بلدان العالم، ولا تحمل هوية، ولا ثقافة البلد فكيف ستصل عالمياً للبشرية، وتتقبلها العيون، والأنفس..؟ اللوحة التجريدية مرفوضة حتى من قبل أكثر العاملين في الحقل التشكيلي لأنهم بدؤوا يعون حقيقة (الزعبرة) الموجودة في عمل وصياغة مثل هذه اللوحات.

*وماذا عن أهمية الفن التشكيلي بشكل عام؟

تأتي أهمية الفن التشكيلي بالنسبة للإنسانية بأن الفن ينمي حاسة من أهم الحواس الخمس عند الإنسان وهي حاسة البصر من خلال تنمية هذه الحاسة الهامة فتنمو عند الإنسان حاسة الإبداع والخلق بشكل عام ,والفن التشكيلي ببلادنا لم يأخذ حقه كما يجب بالرغم من اهتمام الدولة ومؤسساتها الحكومية بإقامة المعارض والملتقيات المتعددة، واقتناء الأعمال الفنية لتشجيع الفنانين على الإنتاج، واليوم في تعليم الطالب مادة التربية الفنية من (رسم، نحت، حفر..) الهدف منها تنمية الحس المبدع عنده حتى ينعكس هذا الإحساس والإبداع على اختصاصاته العلمية فيما بعد، وهذه النقطة بالذات هي إحدى نقاط السبق بيننا وبين الغربيين الأوربيين.

أخيراً

يعمل الفنان التشكيلي زياد الرومي على التسجيل الواقعي لمفردات الروح للمكان الدمشقي من (طبيعة، حارات، بيوت، أزقة....) بتوليفة متكاملة العناصر, تفصح عن خبرته ومهارته، وأفكاره الفنية فيحول الأشكال الساكنة لضرب من الموسيقى، تجمع ين الإتقان ورهافة التعبير بالرسم وتمد المتلقي بجرعة فنية عالية الحساسية.

ريم الحمش