السيرة الذاتية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله..... ساعدتُ والدي في بيع الخضار وتمنيت لو أصبح مثل الأمام الصدر

السيرة الذاتية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله..... ساعدتُ والدي في بيع الخضار وتمنيت لو أصبح مثل الأمام الصدر

نجم الأسبوع

الأربعاء، ٢٤ مارس ٢٠١٠

الثابت والمطلق والحتمي في تاريخ الأمم والشعوب ان القادة الاستثنائيين الذين يكتبون المستقبل المشرق لشعوبهم لا يولدون «بالدزينات» على حد تعبير أحد الفلاسفة العظام.
ولقد أكدت التجارب التاريخية أن دور الفرد في التاريخ حقيقة ثابتة، وان الظروف الموضوعية حين تنضج لثورة فانها ربما تكون أمام فرصة ضائعة او مهدورة اذا لم تتح لها قيادة تاريخية تتجسد بقائد فرد ينظر الى حركة التاريخ بمنظار المستقبل دون الغرق في موازين القوى منطلقاً من الايمان بحركة الناس والامل الذي لا يستسلم لرتابة الانتظار ولا الرهان السلبي على الغد.
والقادة الذين لا تنجب منهم الامم الا النوادر يتميزون بصفات فريدة ومتعددة ولكن جوهرها أربعة:

1ـ ربط الفكر بالممارسة.
2ـ الصدق ـ البساطة ـ الشفافية ـ والخطاب المباشر

3ـ الكريزما الذي تتوفر بشخصية القائد

4ـ القدرة البارعة على ربط التكتيك بالاستراتيجية والتمكن من كل التفاصيل، والقدرة على معالجتها بطريقة ابداعية.

وبالخلاصة فان كل هذه المميزات تجتمع بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

ولو عقدنا مقاربة بين السيد حسن نصرالله والقادة العظام في التاريخ، من صلاح الدين الايوبي الى نهرو الى المهاتماغاندي، الى قائد الاتحاد السوفياتي العظيم لينين، الى ملهم الثورة الصينية ماوتسي تونغ، الى هوشي منه في فيتنام الى ديغول الى القائد جمال عبد الناصر، فان السيد حسن نصرالله يوازيهم بالفكر والممارسة بل يملك قدرات اضافية لجهة التقاط اللحظة التاريخية لصناعة الاحداث الكبرى وصياغة المستقبل.

ولو عقدنا ايضاً مقاربة مع القادة المتطهرين من الصحابة الى الرسل وصولا الى غيفارا وجياب، فان الفارق الوحيد هو العصر والزمان والوحي عند الرسل، وتحت الرسل لا أحد يوازيه.
فالسيد حسن نصرالله احد تلاميذ المدرسة الفكرية والنضالية لقائد اسلامي طبع نهاية القرن العشرين باسمه وفكره وهو الامام الخميني، واحدث تغييراً في مجرى البشرية.

فنشأة السيد حسن نصرالله كنشأة كل القادة التاريخيين، ولد في بيئة فقيرة وتربية صالحة اجتماعياً وكفاحياً، فواجه الفقر بعصامية وانخرط في النضال بأشكال مختلفة.

تحصيل علمي ليس بالمعنى الاكاديمي بل بالمعنى الفكري والنضالي، وتجربة فذة منذ أن كان شبلا في حركة أمل الى تأسيس حزب الله الى قائد لمنطقة البقاع الى قم والنجف الى امين عام لحزب الله الى قائد للأمة كلها.

هذه التربية النقية خلقت «كاريزما» جعلت منه قادراً على حلحلة كل القضايا واشاعة الاطمئنان لدى الناس عند سماع كلماته ووعده وصدقه، حيث الناس تأخذ نفساً عميقاً ومريحاً عند كل اطلالة وموقف.

قدم ابنه (هادي) شهيداً ليكون من ذوي الشهداء وليس من الذين يجلسون في الصالونات السياسية، وينظرون على الناس، فارسل اولاده الى جبهات القتال قبل اولاد الناس، وهذه الجبهات ايضاً عرفته في الكثير من الملاحم البطولية وهذه هي قيم القادة العظام.

زاهد بالمناصب، تاريخ ناصع بالصدق والشفافية ونكران الذات والتمسك بالكرامة والشرف وقيم النضال وعشق الحياة وثقافة الحياة، احتشدت به القيم النبيلة فتجاوز بها تخوم ذاته ليذوب في الذات الجماعية وليغدو رمزاً للوطن والأمة ولنهضتها وعنفوانها.

قارىء صادق وعميق وصحيح للتاريخ، واجه التحديات وشق الطريق الى تغييرات تقارب المستحيل مواصلاً العمل والكفاح للوصول بالامة ومستقبلها الى شط الامان.

نقل زمام المبادرة الى يد المقاومة على حد قول قادة اسرائيل، قلب موازين القوى حيث ولى زمن الهزائم والانكسارات، وفتح الطريق لريادة مشروع الشرق العربي والاسلامي على انقاض مشروع الشرق الاوسط الجديد.

فالسيد حسن نصرالله قائد فذ عبر 20 سنة من الانجازات والانتصارات والمواجهات على الأرض التي اكدت كلها على عظمته، حيث استطاع ان يحل التناقض المزمن في حركة التحرر العربية بين النظرية والممارسة بين العمل والهدف فنزل الى ساحات النضال جامعاً الحزم في المبادىء والوفاء للثوابت والسياسات الواقعية المرنة في ادارة الصراع الداخلي.

ونجح فيها جميعاً، وانقذ لبنان من آتون الصراعات المذهبية والفئوية، حيث كان ضعيفاً جداً أمام الصراعات الداخلية بعكس ما بان منه من شجاعة نادرة وصلابة في ادارة الملفات مع العدو الصهيوني ان كان في المفاوضات لاطلاق الاسرى أو في ساحات المواجهات في الجنوب اللبناني.

وكل هذا المسلك جاء ليعبر عن مدى عظمة هذا الرجل وقدراته الهائلة ونفاذ بصيرته.

قيل عنه انه يسبح عكس التيار ، ووقف بوجهه كم هائل من الاعداء المتربصين شراً لكنه واجه الفواجع وعواصف الثورات المضادة وامسك بقوة بناصية التاريخ بقلب لا يعرف الخوف ويد لم ترتجف ابداً واطلق العنان لعوامل المقاومة العنيدة لانهاك العدو فكانت الانتصارات ثمرة أكيدة للاستراتيجية التي فتحت الطريق لزوال الدولة الغاصبة واستعادة ارض فلسطين كل فلسطين.

«الديار» اعدت ملفا شاملاً عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بالاضافة الى انطباعات قيادات سياسية عن شخصيته ومواقفه التي لم تتبدل ولن تتبدل منذ تسلمه الامانة العامة لجهة تحرير الارض وبناء الدولة القوية والعادلة.

الحلقة الاولى تتضمن السيرة الذاتية عن سماحته كما كتبها بخط يده «لرسالة الحسين في طهران» بتاريخ 12 آب 2006 وبالانكليزية وهذا نصها:
كان والدي - السيد عبد الكريم - بائع فواكه وخضروات، وكان إخوتي يساعدونه في هذا العمل. وحينما تحسنت احوال ابي المالية فتح محل بقالة صغير في الجوار، فكنت أذهب الى هناك عادة لأساعده. كانت لدينا صورة للإمام موسى الصدر معلقة على الحائط في المحل. وكنت أجلس على كرسي امام تلك الصورة وأحملق فيها. ولطالما تمنيت لو أصبح مثله يوماً.
لم يكن في الحي الذي نقطنه - والذي يحمل اسم «الكرنتينا» - مسجد، فكنت أذهب الى مسجد في سن الفيل أو برج حمود أو النبعة لأصلّي.
وكنت أقرأ كل ما تقع عليه يدي من مادة للقراءة، وبخاصة من الكتب الإسلامية. فاذا كان هناك كتاب لا أفهمه أضعه جانباً لأقرأه حينما أصبح أكبر سناً.
التحقت بمدرسة النجاح في الحي لأتلقى تعليمي الابتدائي، وكنت بين المجموعة الأخيرة من الطلاب الذين نالوا شهادتها. بعد ذلك ذهبت الى مدرسة سن الفيل الحكومية لأواصل تعليمي هناك، غير ان نيران الحرب الأهلية في عام 1975 اندلعت في أعقاب ذلك مباشرة. من ثم غادرت «الكرنتينا» وعدت - بصحبة أسرتي - الى قرية البازورية حيث ولدت.
بعد ذلك أنهيت تعليمي الثانوي في احدى المدارس الحكومية في مدينة صور الساحلية. قبل ذلك - حينما كنا لا نزال نقطن في حي «الكرنتينا» لم يكن أي من أفراد أسرتي منتمياً لأي من الأحزاب السياسية. في الوقت نفسه، فإن عديداً من المنظمات السياسية - التي كانت بعضها منظمات فلسطينية - كانت نشطة في المنطقة، انما، في ما بعد - حينما رحلنا عائدين الى البازورية - انخرطت في صفوف حركة أمل.
وكان هذا خياراً اتجهت اليه بشغف شديد لأنني كنت شديد الإعجاب بالإمام موسى الصدر.

في ذلك الوقت كنت ما أزال في الخامسة عشرة من عمري، وكانت حركة أمل تدعى وتعرف بـ«حركة المحرومين». وكان اهتمامي بقرية البازورية يتراجع لأن تلك القرية كانت تتحول الى مضمار لنشاط المثقفين الماركسيين، وبخاصة مؤيدو الحزب الشيوعي اللبناني. على اي الأحوال، فإن أخي السيد حسين وأنا أصبحنا عضوين في حركة أمل، وعلى الرغم من صغر سني فإنني سريعاً ما أصبحت ممثل قريتنا.
} الذهاب الى النجف }
في غضون أشهر قليلة اتخذت قراراً حاسماً بأن أذهب الى النجف الأشرف في العراق.
وكنت وقتها بالكاد في السادسة عشرة من العمر وواجهت عقبات كثيرة في وجه ذهابي.
لكن، لأن اعتمادي كان على الله، قابلت في أحد الأيام في مسجد في مدينة صور علاّمة اسمه السيد محمد الغروي.
كان يعمل هناك مدرساً نيابة عن الامام موسى الصدر.
وبمجرد أن سمع مني أنني أريد الذهاب الى النجف الأشرف لأتلقى العلم، كتب رسالة وأعطاها لي.
كان السيد محمد الغروي صديقاً مقربا ومفضلاً لآية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر.
وكانت الرسالة التي زودني بها رسالة توصية لالتحاقي بفصول هذا العلامة البارز.
وبمساعدة الأصدقاء ومساعدة والدي، وبيع بعض متعلقاتي، جمعت بعض المال وطرت الى بغداد، ومن هناك ركبت حافلة الى النجف.
وحينما وصلت الى النجف، لم يكن قد بقي في جيبي شيء من المال.
غير ان هناك كان مزيد من الغرباء الذين يعانون الوحدة في النجف.
والأهم من هذا - بطبيعة الحال - حقيقة أنه يتعين على باحث ان يتعلم كيف يعيش حياة محترمة وهو خاوي الوفاض.
كان طعامي خبزاً وماء، وفراشي قطعة اسفنج مستطيلة.
بمجرد أن وصلت سألت الدارسين اللبنانيين الآخرين هناك عن الكيفية التي يمكنني بها أن أوصل خطاب التوصية بي الى آية الله الصدر الذي كان يعدّ من أعمدة الحوزة الدينية، وأبلغوني أن باستطاعة السيد عباس الموسوي ان يسدي هذه الخدمة لي.
حينما تقابلت والسيد عباس الموسوي - ولأنه كان ذا بشرة داكنة قليلا - ظننته عراقياً.
لهذا تحدثت اليه بعربية فصحى، ولكنه في رده عليّ قال لي: «لا تقلق: فأنا أيضا لبناني، وقد جئت الى هنا من منطقة النبي شيت!».
هكذا كان تعارفنا، وهكذا بدأت صداقة وثيقة بيننا.
كان السيد عباس صديقاً وأخاً ومعلماً ورفيقاً لي.
وقد افترقنا حينما أطلق الاسرائيليون الصواريخ على سيارته من طائرة مروحية، واستشهد السيد عباس ومعه زوجته وطفله الصغير.
وقع هذا الحدث بعد ستة عشر عاما من البداية الحلوة لصداقتنا في مدينة النجف.

بعد ان استقبلني آية الله الصدر وقرأ رسالة التوصية بي من السيد محمد الغروي سألني: «هل لديك أية نقود؟»، فأجبته: «ولا ملليم!»، عندئذ التفت الى الموسوي وقال «أولاً، دبّر له غرفة، ثم كن معلمه ودر بالك عليه».

بعد ذلك أعطاني بعض النقود لأشتري لنفسي بعض الثياب والكتب، وكذلك بعض النقود لأنفق منها طوال شهر.

وقد دبر الموسوي غرف لي في الحوزة بالقرب من بيته هو.

في ذلك الوقت كان السيد عباس الموسوي قد تزوّج لتوه، وكان مسموحاً للأزواج بأن تكون لهم بيوت مستقلة خاصة بهم.

ولكن الدارسين العزاب كانت تخصص لهم غرف واحيانا ما كان يقطن اثنان او حتى ثلاثة منهم معا في غرفة واحدة.

كذلك كان هناك رسم شهري صغير عن كل دارس بقيمة خمسة دنانير.

كان للسيد عباس الموسوي - الذي كان قد اجتاز دروس المرحلة الابتدائىة ودخل المرحلة التالية - عدد من التلاميذ.

وكنت واحدا منهم.

كان موسوي شديد الانضباط والجدية.

وبسبب تعاليمه المشـددة استطعنا ان نكمل دروس خمس سنوات في سنتين اثنتين.

كان علينا ان ندرس طوال الوقت حتى في الاعياد مثل عطلتنا في شهر رمضان وفي موسم الحج من دون ان نأخذ انقطاعا للراحة بل اننا كنا ندرس في ايام الخميس والجمعة التي كانت عطلة نهاية الاسبوع المعتادة في الحوزة الدينية.

في عام 1982 اتممت منهاجي الدراسي الاول بدرجة مقبول.

وفي السنة نفسها بدأ نظام البعث الحاكم يمارس ضغطا على الدارسين الاكراد ورحل كثيرون منهم الى بلادهم.

واجبر دارسون كثيرون من جنسيات مختلفة على ان يتركوا تعليمهم قبل إتمامه.

واسوأ حتى من هذا ان ساسة بغداد خصوا الدارسين اللبنانيين باتهام بأنهم عملاء لحركة امل.

وكانوا يذهبون في بعض الاحيان الى حد الربط بيننا وبين حزب الدعوة وحزب البعث السوري وقالوا في النهاية انه ايا كان جدول اعمالنا فإن جهاز المخابرات السوري هو الذي ارسلنا.

واخيرا في عام 1987 طرد الدارسون اللبنانيون - شأنهم شأن الدارسين من بلدان اخرى - من العراق (وقد جرى ذلك لكثيرين منهم بعد ان احتجزوا في الاعتقال لعدة اشهر).
} غارة قوات صدام }

في تلك الاثناء اغارت قوات صدام على الحوزة الدينية.

وكان السيد عباس الموسوي في لبنان في ذلك اليوم بالتحديد ولكن اسرته كانت لا تزال في النجف وابلغه تلاميذه بأن لا يعود الى العراق لأنه كان مطلوب فيه.

اما انا فكنت محظوظا وقتها لأنني لم اكن هناك عندما اغارت الشرطة على الحوزة الدينية وبمجرد ان عرفت بما حدث غادرت النجف على الفور.

وحيث ان امر القبض علي كان صادرا عـن منطقة النجف وليس عن البلد ككل فإنني لم اتعرض لمشكلة عند نقطة الحدود.

وتمكنت من مغادرة العراق بسهولة وعدت الى لبنان في النـهاية.

اسس الموسوي ومعه عدد من علماء الدين مدرسة للعلوم الدينية في بعلبك ولا تزال هذه المدرسة قائمة الى هذا اليوم.

واصلت دراساتي في تلك المدرسة وابقيت على تعاوني مع حركة امل.

وفي عام 1978 عينتني حركة امل ممثلا سياسيا لها في منطقة البقاع وكانت تلك هي الطريقة التي اصبحت بها واحدا من الاعضاء السياسيين للمكتب المركزي.

وفي العام نفسه انهيت ايضا منهاجي الدراسي الثاني في الحوزة.

} اجتياح لبنان }
في حزيران 1982 بدأت اسرائىل اجتياحها الشامل للبنان وعندما استولى الاسرائىليون على بيروت تأسست جبهة تدعى «جبهة الخلاص الوطني».

وقد ابدى نبيه بري زعيم حركة امل قدرا كبيرا من الاهتمام بانضمام حركة امل الى تلك الجبهة ولكن الاصوليين الدينيين في حركة امل كـانوا معارضين لهذا.

ومن تلك النقطة بدأت تتصاعد الخلافات وانفصلت المجموعة الاصولـية عـن الحركة.

وكانت هذه مسألة واضحة ومتوقعة لأن بعض الخلافات في الرأي وبخاصة في ما يتعـلق بوجهات نظرهم وتفسيراتهم لنصائح الإمام موسى الصدر كانت ملحوظة تماما من مرحلة سابقة.

ولاحظوا ان طاولة الإنقاذ كانت تخطط لجـعل بشير الجميل رئىسا لجمهورية لبنان وكان هذا قرارا لا يمكن ان يقبله الجـناح الديـني في حـركة امل على الاطلاق.

وكانت القوى الدينـية تعتقد ان زعيم جماعات الكتائب شبه العـسكرية كان مستعدا تماما للتوصل الى اتفاق مع الاسرائىليين.

ترك الاصوليون حركة امل ودخلوا في ائتلاف مع جماعات اخرى خارج تلك الحركة وذلك من اجل إقامة وتأسيس حزب الله.
وعندما تركت امل لم يفعل اخي حسين كما فعلت انما بقي مع امل حتى اليوم.
وقد مثّل الحركة - لفترة قصيرة - في منطقة الشياح ولكنه استقال من ذلك المنصب في وقت بسبب حالته الصحية (اذ كان قد مرض).