غسان كنفاني

غسان كنفاني

نجم الأسبوع

الأربعاء، ١٠ يوليو ٢٠١٣

ولد الروائي والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في التاسع من نيسان عام 1936 وترعرع على صوت أزيز الرصاص وظلم المستعمر إلا أنه اكتسب من أبيه وأسرته التربية الوطنية والأخلاقية وعندما انبثقت موهبته الأدبية كتب في صحف متعددة.
عاش في سورية والكويت واستقر في بيروت ليتابع مسيرته النضالية من خلال كثير من الأبواب التي راح يتطلع منها لفلسطين كجريدتي المحرر والانوار ثم مجلة الهدف التي راس تحريرها حيث عرف بمواقفه النضالية الثابتة ضد الاحتلال الصهيوني قبل أن تغتاله يد الموساد الآثمة في 8 تموز 1972 عندما وضعت تحت مقعد سيارته عبوة ناسفة استشهد على أثرها مع ابنة أخته الصبية لميس نجم.
وشقيقه الكاتب عدنان كنفاني يتذكره عندما كان يقول: ما أرخص أن يبيع الإنسان كرامته مقابل جاه مزيف ودراهم معدودة لا يستطيع في أحسن الأحوال أن يبعد عن وسادته شبح العار الذي يعيش في قاع نفسه الرخيصة.
كما كان يؤكد دائما أن التاريخ هو الركيزة التي تحمل البنيان وهو الجذر الذي يمد الفروع بأسباب الحياة ومن يشوه التاريخ ينتصر إلى حين لكن البقاء الأزلي لمن ينتصر أخيراً.
ويعلق عدنان كنفاني على كلام أخيه بالقول: عرفت أن هذا بالتحديد هو الجوهر الذي يتطلع إليه الشرفاء هذا البقاء الذي يزيدهم ألقاً كلما غاص بهم الزمن يعطون الأمثولة ويكرسون نبل الهدف والتطلع ويضعون أسس النضال.
ويرى الروائي والباحث نذير جعفر أنه لم يكن المصير التراجيدي الذي واجهه غسان كنفاني بعيداً عن مصائر أبطاله في مجمل نتاجه بل تتويج لها وكيف لا وهو الصورة الأنصع بينهم سواء في حياته القصصية الممتلئة معاناة وحباً وتحدياً وإبداعاً وتجسد ذلك في استشهاده المفاجئ الذي نثر ذات صباح الدم والفجيعة والأسئلة الملتبسة على وجه بيروت مضيفا.. علينا أن نحتفي بغسان الإنسان والمناضل الفلسطيني ذي الحضور الآسر والطاغي كما نحتفي بنتاجه الإبداعي المتعدد والمتنوع.
أما الشاعر والباحث محي الدين محمد فيرى أن غسان عاش وجع الإنسان في وطنه وأدى ذلك لأن تقفز كل الأشياء إلى مخيلته دفعة واحدة فكانت معظم شخصياته الروائية تأتي من المعاناة التي لا بد لها من ثورة شاملة ومع هذه الملامسة للواقع استطاع أن يعيد صياغة قضيته بكل أبعادها من خلال رموز تدفع بالناس للكتابة بأحرف من دم.
ويذكر الشاعر الدكتور نزار بني المرجة أنه لا يمكن أن ينسى الأديب غسان كنفاني وهو يعبر باب سور المبنى المجاور لعيادته في ساحة حي الأمين بدمشق ذلك المبنى الذي شيد في ثلاثينات القرن الماضي والذي يحتضن منذ عقود إعدادية فلسطين التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ويتخيل غسانا وهو يعرج على غرفة مدير المدرسة في طريقه إلى غرفة أحد صفوف تلك المدرسة ليعلم طلابه الفلسطينيين الرسم فتتلمذ على يديه كثير من أصدقائه الذين هم أكبر منه سناً ومنهم شقيقه الأديب عدنان كنفاني فكان غسان فناناً بارعاً إضافة إلى موهبته الأدبية.
أما الروائي وليد اخلاصي فيعبر عن شعوره في قوله: يوم قرأت كتاب سرير رقم 12 وهو مجموعة قصص قصيرة للكاتب غسان كنفاني بإهداء منه أرسلها لي على عنواني بحلب.. لم أتوقف عند قراءتي له بل سارعت إلى كتابة تعليق عنه في مجلة سنابل الحلبية وكنت اعتقد أنه من أرقى ما كتب عن المأساة الفلسطينية بلغة القص الغنية وبإحساس يلامس القلب.
وأضاف إخلاصي بعد فترة من كتابة التعليق قمت بزيارة إلى بيروت وكان في خطتي أن أسعى لمقابلة غسان الذي لم أقابله من قبل حيث بحثت في مقر مجلة الهدف التي كان يعمل فيها وبعد جهد عثرت على المكتب وعندما دخلت وقدمت إلى غسان نفسي فإذا به يهب واقفاً وهو يغادر مكتبه ليتقدم نحوي يضمني معانقاً كصديق قديم يقابله بعد فراق طويل وحرارة مشاعره كانت لصيقة بدفء كلماته ثم أعرب عن سعادته بما كتبته عن مجموعته القصصية السرير رقم 12 وكانت انطلاقة صداقتي الأزلية مع غسان.
وأشار الدكتور الكاتب صلاح صالح إلى أنه في سياق الالتفات إلى أعمال غسان كنفاني من المناسب أن ننوه بنظافة أعماله إلى حد النقاء من الشوائب الإيديولوجية أو السياسية التي لم يستطع بعض الكتاب من مقاومة الرغبة في دسها إلى حد تصير فيه ركناً من بنية العمل أو من مقولته المحورية وهذا ما يكمن في عبقرية غسان وذكائه وحساسيته المرهفة لمكامن الوجع إضافة إلى ثقافتة الواسعة ووعيه العميق ومقدرته على مخاطبة العقل الغربي بصورة متقنة بوصفه العقل الذي انشأ إسرائيل ومارس ولا يزال يمارس رعايتها.
وأشارت الأديبة هناء إسماعيل إلى ما عجت به قصص كنفاني التي أحاطت بعوالم أبطالها سلبيين كانوا أم إيجابيين منطلقاً في ذلك كله من رؤية تسبر أغوار الواقع في بحث حثيث بأسباب النكبة ونقاط الارتكاز للخروج منها معافين بعد طول عناء فرصد كل ما تعرض له الفلسطينيون في المخيمات من بأس وتشرد وهوان.
ويمثل كنفاني نموذجاً خاصاً للكاتب السياسي والروائي والقاص الناقد فكان مبدعاً في كتاباته كما كان مبدعا في حياته ونضاله واستشهاده وقد نال عام 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان لأفضل رواية عن روايته "ما تبقى لكم" كما نال جائزة منظمة الصحفيين العالمية ال أو جي عام 1974 ونال جائزة اللوتس التي يمنحها اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا عام .1975 من أبرز مؤلفاته رجال في الشمس الشيء الآخر- أم سعد -عائد إلى حيفا أرض- البرتقال الحزين-الباب-القميص المسروق-أخاف أن يدركني الصباح وغيرها.