حقاً… الطبقة الوسطى انتهت .. معاون وزير وأستاذ جامعي يتبادلان الشتائم في محاضرة «اقتصادية»

حقاً… الطبقة الوسطى انتهت .. معاون وزير وأستاذ جامعي يتبادلان الشتائم في محاضرة «اقتصادية»

أخبار سورية

الأربعاء، ١٨ يناير ٢٠١٧

 صالح حميدي

شبّه رئيس اتحاد غرف التجارة (رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق) غسان القلاع الطبقة الوسطى بالشمعة التي ذابت، منوهاً بأن هذا الوضع غير مريح نفسياً كوننا مقدمين على مرحلة استكمال بناء سورية، معتبراً التربية والتعليم أهم عوامل البناء في المجتمع والاقتصاد.
جاء ذلك خلال ندوة حول الطبقة الوسطى، أقيمت يوم أمس بالتعاون بين الغرفة وجمعية العلوم الاقتصادية وجامعة دمشق.
بدوره كشف رئيس جمعية العلوم الاقتصادية كمال شرف، أنهم يحضرون منذ عامين لمعالجة موضوع الطبقة الوسطى في ظل الأزمة. مشيراً إلى أن معاناة هذه الطبقة سبقت الأزمة بسنوات، ولم تبدأ مع بدايتها. منوهاً بأن رجال الاقتصاد والمفكرين والمثقفين حاولوا وقف تدهور الطبقة الوسطى والتصدي لهذا الموضوع عبر تسميات مختلفة ومن خلال الكثير من الملتقيات والندوات وأبرزها التي تناولت اختلال الرواتب والأجور وآثارها الاقتصادية والاجتماعية وقدمت مجموعة من الرؤى حول هذا الموضوع. واصفاً انهيار الطبقة الوسطى بالمقلق داخل وخارج سورية.
مبيناً أن الطبقة الوسطى كانت تشكل نسبة بين 60 و80% من تركيبة السكان في سورية، وهي نسبة مقاربة مع الدول المماثلة في النمو بالمقارنة بين مستويات الأسعار، داعياً إلى ضرورة الحفاظ عليها وتحسين أوضاعها ووضع برامج للنهوض بالطبقة الفقيرة حيث تنتعش هذه الطبقة نتيجة نجاح السياسات الاقتصادية كما حصل في بلدان جنوب شرق آسيا.
وأوضح شرف أن الطبقة الوسطى ضمت الأطباء والمحامين والموظفين والصحفيين والفنانين وغيرهم من المختصين وخرج من هؤلاء أهم الشعراء والأدباء والكتاب والمبدعين والسياسيين وغيرهم من الشخصيات المميزة وشكل هؤلاء منارات للأجيال اللاحقة.
وتدخل القلاع هنا بدعابة لعدم تصنيف فئة التجار والصناعيين ضمن الطبقة الوسطى وخاصة من الذين بدؤوا أعمالهم من الدرجات الأولى وليس الذين «قفزوا وصاروا بكوات»، وأضاف قائلاً «نحن لا نعترف بهؤلاء».
من جانبه، أوضح الدكتور أكرم حوراني (من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق) أن الطبقة الوسطى حاملة التنمية وركيزة الاستقرار الاجتماعي هو عنوان مانع جامع يتفق عليه الجميع «لكن أين أبناؤها فنحن لا نراهم ولا أرقام تدل عليهم فهم إما غادروا إلى هوة الفقر أو إلى خارج البلاد وإما بقوا يجاهدون للحفاظ على الحد الأدنى من متطلبات الحياة». وأضاف: «الطبقة الوسطى لا تتموضع كشريحة متجانسة في الدخول والمنابت الاجتماعية وهي تضم كبار الموظفين والأطباء والمهندسين والحرفيين وصغار التجار والصناعيين والمزارعين». وأشار إلى أن نسبة السكان توزعت في العام 2010 على 15% في حالة فقر مدقع و20% من طبقة المستورين و60% من الطبقة الوسطى و5% من ذوي الدخول العالية أي الأثرياء بينما في 2016 تضررت الطبقة الوسطى ووقعت في المستويين الفقر المدقع والمستورين وتراجع الدخل القومي 60% وارتفعت الأسعار 700% وتغيرت حاملة التنمية وركيزة الاستقرار وظهرت أشكال اجتماعية اقتصادية جديدة وركبت موجة الحرب والأزمة واتخذت صورة الكسب غير المشروع جراء الاحتكار إضافة إلى أعمال الخطف والابتزاز والسرقة والتسلط على العباد التي دفعت العديد من التجار وأصحاب الأعمال للهبوط من الطبقة الوسطى إلى الفقر أو للسفر خارج البلاد، وقائل: «إن حاملة التنمية في خطر كبير وفي مهب الريح وإن عبء التنمية كبير وثمن الاستقرار ليس باليسير».
من جانبه وصف الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور كريم أبو حلاوة، الموضوع بأنه يحمل حساسية وأهمية كبيرة، وقال: «نحن أمام ظاهرة قديمة متجددة فيها الكثير من المعطيات المتغيرة وتنطوي على الكثير من الأسئلة التي تستنفر العقول وتشحذ الهمم لاستكشاف ما نتحدث عنه».
وصنف الطبقة الوسطى في ثلاثة مستويات، عليا ووسطى ودنيا، مبيناً أن الشريحة الأخيرة هبطت إلى الفقر بشكل سريع وهي الشريحة الأكثر تضرراً، مبيّناً أن التعريفات عاجزة عن توصيف وفهم ما يجري على صعيد خسارتها لمدخراتها ومستوياتها وافتقارها. وأشار إلى أن النمو في سورية لم يكن مستداماً ولم يصل إلى كل شرائح المجتمع ولم ينعكس إيجاباً على مستوى حياتهم. موضحاً أن الطبقة الوسطى في سورية بدأت تعاني من الضعف والانحسار قبل الأزمة بسبب عجز التعليم عن تحقيق مستوى عيش أو عمل لائق للفئات الأوسع والفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل، وقال: «إن النجاح في السوق يبدأ بالنجاح في الفصل الدراسي، وهذا الأمر نجح في بلدان نمور آسيا».
ودعا أبو حلاوة إلى ضرورة استعادة الاستقرار الأمني والمجتمعي وإنهاء الحرب لإتاحة الفرص للمشاركة الواسعة من الطبقة الوسطى في إعادة إعمار سورية وفق أسس تنموية جديدة وليس بالطريقة القديمة المعتادة.
بدوره بيّن الدكتور زياد زنبوعة (من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق) أن الأسرة المتوسطة (خمسة أفراد) كانت تحتاج إلى 13000 ل.س شهرياً قبل الأزمة، فأصبحت حالياً تحتاج إلى 147 ألف ليرة سورية شهرياً لتكون عند خط الفقر العالمي، علماً أن متوسط رواتب العاملين في سوريا كان يبلغ 16000 ل.س والآن أصبح يبلغ نحو 28 ألف ليرة سورية فقط، علماً أن هذه الأسرة كانت أعلى من خط الفقر بـ3000 ل.س وقد أصبحت الآن تحت هذا الخط بـ119 ألف ليرة سورية.
وخلص إلى أن راتب الموظف المتوسط يجب أن يكون في الوقت الحالي بحدود 180 ألف ليرة سورية شهرياً لكي يتمكن من العيش ضمن الظروف ذاتها التي كان يعيشها قبل اندلاع الحرب، (بافتراض أن الدولار كان 46 وأصبح 515) هذا الحساب ينطبق على المناطق الواقعة تحت سيادة الدولة ولا ينطبق على المناطق الساخنة أو المحاصرة حيث تتفاقم الأمور أكثر من ذلك بكثير.
ويلاحظ زنبوعة أن الإنفاق الاستهلاكي للطبقة الوسطى قبل الأزمة كان حوالي 50% ونسبتهم من السكان 60%. هذا مؤشر على أن الطبقة الوسطى -حتى قبل الأزمة – لم تكن بأحسن أحوالها وجاءت الأزمة فزادت الطين بلة.
وبين أنه مع بداية الأزمة بدأ انهيار الطبقة الوسطى، وصاحبه أمر آخر لا يقل خطورة وهو حدوث تحول نوعي في الطبقة الوسطى وصفه بالتشوه لهذه الطبقة وذلك بملء فراغ هذه الطبقة من قبل فئات مجتمعية أخرى غريبة عنها وصعود انتهازيي الأزمات والحرب والمحتكرين وصعود مرتزقة الحرب والمتاجرين بدماء المواطنين أو لقمة عيشهم.
ولفت إلى أن عملية إفقار الطبقة الوسطى تترافق مع تزايد منافع شريحة الطفيليين وأمراء الحرب المستفيدين من الأوضاع الراهنة والذين أصبحوا يحوزون جل مقدرات وثروات الشعب السوري ويسخرونها لمصالحهم، وبحسب تقارير دولية أصبحت نسبة 20% من السكان والمتسلقين الجدد يحوزون على أكثر من 85% من الدخل القومي مع ازدياد حالات العنف وتآكل الطبقة الوسطى احتلت مكانتهم وللأسف، كتلة من الأثرياء الجدد كأمراء الحرب.
اللافت في الأمر، خلال عرض زنبوعة، نشوب تقاذف بألفاظ غير لائقة، بينه وبين الدكتور حيان سلمان «معاون وزير»، وصلت إلى درجة الشتائم، وهو ما أثار اعتراض الكثير من الحاضرين. ما اضطر رئيس الجلسة للتدخل ومنع الرد على ما جرى خلال المداخلات. كما كان اللافت خلال المحاضرات والتعليقات، كثرة التعميم والإطلاق، لدى بعض الأكاديميين، وهو خطأ منهجي علمي من غير المقبول أن يصدر عن أساتذة جامعات، مهمتهم الأساسية تعليم منهجية التفكير والبحث للطلاب، وأهم عناصر المنهجية عدم الإطلاق.