هل دير الزور في خطر؟؟

هل دير الزور في خطر؟؟

أخبار سورية

الأربعاء، ١٨ يناير ٢٠١٧

عمر معربوني - بيروت برس -

أن نرجع الى الذاكرة، ففي ذلك ما يثبت أنّ المواجهة من تدبير الصهاينة سواء كانت جنسيتهم اميركية او "إسرائيلية" أو خليجية او تركية، وحيث توجهنا في البحث يقع في طريقنا مئات الوثائق والمدونات التي تشير الى الإصبع الصهيوني في كل ما يحصل منذ ما قبل سايكس – بيكو وحتى اللحظة، حيث الهدف الثابت هو تفكيك المنطقة وإعادة رسم خرائطها على أسس إثنية ومذهبية وقومية، ومهما حاول البعض تبرير الأمر بثورات من هنا وحراك من هناك فقد أثبتت التجربة أنّ كل التنظيمات والجماعات مهما كان اسمها هي ادوات تخدم المشروع الهادف لتفتيت المنطقة.

هذا في العنوان، أمّا في التفاصيل فنحن امام مسرح عمليات يتضمن مئات المشاهد المتداخلة والمعقدة بسبب وجود حالة مقاومة لمشروع التفتيت تؤخر حتى اللحظة تثبيت معالم الخارطة الجديدة للمنطقة كما تريدها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها "إسرائيل"، وتخدمهما "امارات وممالك" اشبه بالعشوائيات وُلد من رحمها جماعات تنفذ الفوضى والتوحش، وهو عنوان مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي يراد له ان يولد من رحم "الفوضى الخلّاقة".
في دير الزور مشهد استثنائي لرجال ثابتين في مواقعهم يدافعون في الحقيقة عن مستقبل المنطقة، وليس عن مجرد مواقع عسكرية او احياء سكنية لا يزال يسكنها عدد لا يتجاوز 30 الف مدني في مدينة كانت الى ما قبل سنوات مدينة الخير لمحيطها ولسوريا.

على اهمية المشهد الميداني، إلّا أنّ خلفية المشهد هي الأهم، فخسارة موقع او استرجاعه هو أمر طبيعي في مناطق مُدافعة محاصرة ولا تملك من وسائط الإمداد إلّا المطار الذي كان ولا يزال الهدف الأساسي لتنظيم "داعش" وكيل الولايات المتحدة الرسمي، حيث كنا منذ فترة امام انزال وهمي في الهدف الذي اعلنت عنه اميركا وهو اعتقال قادة في "داعش" لم نستطع ان نتأكد منه نظرًا لحصرية الإعلان عن الإنزال من قبل اميركا، وهو برأيي إنزال بدأ يكشف عن هدفه الذي قد يكون إحضار خبراء لقيادة المعركة الحالية او حتى تزويد "داعش" بمعدات اتصال حديثة وذخائر نوعية، اضافة الى ما سبق من غارات اميركية على جبل الثردة حيث ادت الغارات الى استشهاد اكثر من 100 جندي سوري وتمكن بعدها "داعش" من السيطرة على مناطق واسعة من جبل الثردة جنوب غرب مطار دير الزور، وهذا ما سهّل على "داعش" القيام بتنفيذ عمليته الأخيرة بالإندفاع بين المطار ومنطقة اللواء 137 في ممر تم دعمه بالآلاف الإرهابيين تم استقدام بعضهم منذ ايام من محيط تدمر لدعم هذه العملية.

في البعد الميداني نحن في المرحلة الأولى من الهجوم الذي لن يتوقف إلّا اذا استطاعت قوات المُدافعة والطيران الحربي تنسيق العمليات بشكل دقيق يمكن من خلالها استعادة الممر الذي سيطر عليه "داعش" أقله في هذه المرحلة، لأنّ استمرار قطع الطريق سيؤثر على فعالية القوات في احياء دير الزور التي يسيطر عليها الجيش وعلى السكان الموجودين فيها، وهو أمر خطير وليس بالهين او الذي يمكن التهاون به.
من الواضح أنّ "داعش" يحاول رفع معنويات مقاتليه بعد سلسلة الهزائم التي تلحق به في الموصل، وهو هدف مباشر إضافةً الى ان السيطرة على كامل المنطقة الشرقية من الحدود مع العراق الى مشارف مدينة الباب هو هدف اميركي حالي ومستقبلي يهدف حاليًا الى منع احداث عملية الربط بين العراق وسوريا، ويمهد مستقبلًا الى ايجاد كانتونات بمسميات مختلفة سواء كانت كردية او سنية وغيرها.

المطلوب الآن هو ثبات القوات في دير الزور والبدء بتحضير العمليات بما يمنع سقوطها عبر عمليات دعم جوي، وربما بتنفيذ إنزالات خلف الخطوط وهو النمط الذي لم يُستخدم حتى اللحظة رغم ان غالبية كبيرة من ضباط وجنود الجيش السوري خضعوا لدورات خاصة للعمل خلف الخطوط بالتعاون مع المروحيات وسلاح الجو في عقد التواصل لـ"داعش" وعلى خطوط امداده بهدف ارباكه وتقطيع اوصاله، وهو كلام لا اعلم مدى قدرة الجيش السوري حاليًا على تنفيذه ولكنه يبقى احد الحلول التي يجب الأخذ بها كتدبير يمكن اعتماده على مخاطره، مع ضرورة الإنتباه الى أنّ هزيمة "داعش" في الموصل ستؤدي الى وصول اعداد مضافة منهم الى سوريا، ما سيزيد المخاطر على دير الزور وحاميتها العسكرية مع ضرورة تقدير الموقف بشكل دقيق، وهو امر يعود للقيادة العسكرية السورية سواء في دعم الحامية بعديد اضافي قبل تضييق مساحة الأمان حول المطار اذا ما استمرّ داعش في عمليات الضغط وبقيّة هجماته بنفس الزخم الحالي أو بدراسة خيارات اخرى مع الحليف الروسي لتكثيف الغارات ومضاعفتها إن لزم الأمر عبر استهداف دائم لتجمعات "داعش" وخطوط امداده، وهذا يعني وضع منطقة الإشتباكات تحت العين عبر الإستطلاع الجوي الدائم سواء بالأقمار الصناعية او بواسطة الطائرات بدون طيار.

لا أحد يمكنه تحمل نتائج كارثة كبيرة في دير الزور، وعليه فإنّ الكل معنيين بإيجاد حل سريع يمنع حصول الكارثة، وانا هنا أقرع جرس الإنذار كتدبير احترازي لخطورة الموقف في بعده السياسي قبل العسكري على المواجهة وعلى مستقبل سوريا، فمن المؤكد ان اميركا التي تدعم "داعش" حاليًا ستزيحه عن المشهد لتحل مكانه قوى أخرى كالأكراد وقوى عشائرية مرتبطة بأميركا تدغدغها طموحات انفصالية وهنا الخطورة في المسألة.