أطباء أسنان ما بين ضعف الإمكانات والحلول المطلوبة مواد منتهية الصلاحية وارتفاع في أسعار المستلزمات وتدني الجودة وأجور مرتفعة

أطباء أسنان ما بين ضعف الإمكانات والحلول المطلوبة مواد منتهية الصلاحية وارتفاع في أسعار المستلزمات وتدني الجودة وأجور مرتفعة

أخبار سورية

الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٧

مركزان خليل
ست سنوات من الحرب الكونية المدمرة لاقتصادنا ومكوناته الإنتاجية والخدمية والعلمية والصحية وغيرها من القطاعات والحصار الاقتصادي الذي لازمها منذ بدايتها، وتعرض العديد من المنشآت الاقتصادية الصناعية والصحية إلى التخريب والدمار تركت آثاراً سلبية وصعوبات على جميع القطاعات وخاصة التي تعرضت مكوناتها للتدمير والتخريب الممنهج من قبل العصابات الإرهابية ومن بينها نقابة أطباء الأسنان، إضافة لهجرة الآلاف من الأطباء سواء إلى المناطق الآمنة أو إلى خارج القطر.
الأمر الذي أدى إلى مشكلات كبرى، أهمها العجز المالي الذي أصاب صندوق نقابة الأطباء،وتدمير العقارات التابعة لهم والذي أدى إلى حدوث الكثير من المشكلات وخاصة ظهور عيادات تعمل بشروط مخالفة للقوانين مع عدم التزام الأطباء بالتسعيرة والأرقام الخيالية لأجور المعاينات مع ارتفاع أسعار المستلزمات وتدني جودة التجهيزات والمواد الطبية التي تدخل في صلب علاج الأسنان، إضافة لوجود مواد كثيرة معظمها منتهي الصلاحية أو لا يتمتع بالجودة المطلوبة وعدم قدرة النقابة على مساعدة الأطباء الذين تعرضت عياداتهم للتخريب وعدم التزام وزارة الصحة بمساعدتهم بعقود عمل أيضاً عدم التزام النقابة بصرف إعانة الوفاة لمستحقيها وذويهم بحجة العجز المالي في الصندوق النقابي.
هذه المشكلات وغيرها نقلناها بدورنا إلى نقابة أطباء الأسنان لمعرفة الواقع عن كثب حيث التقينا الدكتورة  فاديا ديب نقيب أطباء الأسنان و المعنيين فيها.

تثبيت الأسعار
طرحت النقابة على وزارة الصحة فكرة ضبط مزاولة المهنة وفق التسعيرة مهما تغير سعر الصرف.. ماذا حصل بهذا الخصوص؟
كان من الصعب على النقابة وفروعها أن تقوم بضبط مزاولة المهنة وخاصة في الأماكن الساخنة حيث تضرر العديد من عيادات أطباء الأسنان وهجر عدد كبير منهم، حوالي خمسة آلاف طبيب، فكان على المجلس النقابي أن يتخذ إجراءات تساعد الطبيب في ممارسة مهنته فسمحنا لكل طبيب أسنان هجر من عيادته أن يمارس العمل في أي محافظة يختارها ويستطيع مزاولة المهنة بشرط إعلام فرع النقابة فيها من دون الحاجة إلى نقل أوراق تسجيلها من فرع إلى آخر وخاصة أن بعض مقرات الفروع في المحافظات قد تعرض للتدمير بالكامل ونحن الآن بانتظار اجتماع اللجنة المشتركة مع وزارة الصحة لتقديم مقترحاتنا أيضاً بهذا الخصوص.
إجراءات إسعافية
ماذا قدمت النقابة للأطباء المتضررين؟
إن ما ذكر سابقاً حسّن الوضع الاقتصادي للعديد من الأطباء الذين عادوا لافتتاح عياداتهم في أماكن آمنة، علماً أن تكاليف الافتتاح تحتاج لأكثر من 3 ملايين ليرة كحد أدنى، فحاولت النقابة أن تقدم مساعدات مالية للأطباء المتضررين، لكن كانت الأعداد كبيرة جداً حيث إذا أردنا أن نساعد الجميع لتعرضت خزانة التقاعد للإفلاس ولو كانت المبالغ قليلة جداً وكان الخيار أن يُمدد لهؤلاء مواعيد تسديد الرسوم من دون أن تقوم النقابة بترقين أي قيد وأعطينا مجالاً لمن لم يستطع التسديد خلال أعوام 2011-2012-2013 أن يسددها دفعة واحدة خلال عامي 2014- 2015 وبعد تحرير حلب من الإرهابيين وجدت النقابة أن عليها اليوم أن تبدأ بإعادة ضبط مزاولة المهنة بدءاً من بداية عام 2017 حيث كان من المهم أن يطور الطبيب مهاراته العلمية التي توقف عن تطويرها ست سنوات ما أدى إلى تراجع أدائه المهني وارتكاب بعض الأخطاء الطبية.
تجاوز أخطاء طبية
هل هناك حالات من تجاوزات وأخطاء طبية؟
هناك حالات كثيرة في أغلب العيادات لم تعد تستطيع استخدام المعقمات عالية الجودة بسبب الكهرباء وخاصة في محافظة حلب التي تعتمد على الأمبيرات وهذه المعقمات تحتاج إلى ساعات متواصلة من الكهرباء وبدرجات حرارة عالية لكي تحقق فعاليتها بقتل كل الجراثيم والفيروسات الخطرة المهددة للصحة بأخطر الإصابات الدموية.
ولتجاوز ذلك تم طرح موضوع اللصاقة الطبية لضمان جودة المواد المستخدمة لكن لاحظنا أن أي إجراء حديث ومبتكر تواجهه بعض العقول البيروقراطية المغلقة التي لا تقبل التغيير ومع ذلك ستقوم نقابة الأطباء بفرض تطبيق شراء المواد الطبية السنية ذات اللصاقة الموثوقة من قبل النقابة وستكون مستوردة بشكل نظامي.
معالجة الشكاوى
هناك شكاوى عن عدم التزام نقابة أطباء الأسنان المركزية في دمشق بصرف إعانة الوفاة لمستحقيها وذويهم بحجة عدم توافر المبالغ في خزانة النقابة.. ما هو ردكم؟
لا تأخير في إعانة الوفاة أو التقاعد لأي طبيب ويحصل على الإعانة فور استحقاقه لها وتقديم الأوراق المطلوبة اللازمة، لكن هناك بعض الحالات في إحدى المحافظات الساخنة حيث استشهد فيها طبيب أسنان وتأخر الفرع في هذه المحافظة بتقديم أوراق الطبيب إلى النقابة المركزية في دمشق نتيجة ظروف الفرع في هذه المحافظة، لكن اليوم وصلت معظم الأضابير وتتم الإجراءات المحاسبية لصرف  إعانة الوفاة وسلفة مكافأة نهاية الخدمة له.. ونتيجة الظروف الحالية تأثر الوضع المادي للنقابة وأدى لحصول عجز في الصناديق لأن النقابة اضطرت أن تصفي حسابات وذمم جميع المتقاعدين تقديراً لظروفهم، فهناك أطباء هجروا ودمرت عياداتهم هؤلاء أصبحوا في حاجة ماسة إلى مستحقاتهم كذلك أهل الشهداء ما أدى إلى نقص في السيولة وهذا النقص انعكس أيضاً على رواتب المتقاعدين الأطباء الجدد.
تفعيل الأداء
ماذا عملت النقابة لتحقيق الفائدة لأكبر عدد ممكن من أطباء الأسنان ولطلبة التخصص منهم والعمل على زيادة الراتب التقاعدي لهم ولتأمين مستلزمات وحاجة السوق المحلية من مواد طبية وأجهزة للأطباء؟
إن أموال خزينة التقاعد في بداية عام 2010 كانت مجمدة على شكل أرصدة بشكل شهادات استثمار في المصرف وبفائدة محدودة وذلك سيؤدي إلى انهيار الواقع الحالي لخزانة التقاعد وخاصة في ظل تزايد أعداد المتقاعدين الذي أوصل العجز في خزانة التقاعد إلى 80 مليون ليرة، فقمنا بخطوات في هذا المجال وتم وضع دراسات لجدوى اقتصادية لأكثر من  مشروع فقمنا بتحويل الطابق الثامن في مبنى خزانة التقاعد للنقابة ريعه 5 ملايين ليرة سنوياً إلى مركز طبي سني تخصصي تم اعتماده من قبل وزارة الصحة لتدريب أطباء الأسنان بقصد الاختصاص وفق أسس ومعايير الجودة العالمية وعلامات الآيزو، وبدأ هذا المركز فعالياته ونشاطاته في بداية عام 2016 حيث تم تحويل فائض ربح هذا المركز إلى خزانة التقاعد وقدرت بحوالي 150 مليون ليرة خلال عام واحد وغطت العجز الذي كان في الخزانة وتم ربط المركز مع العديد من الجامعات في فرانكفورت والجامعة اليسوعية واللبنانية وحالياً مع اليابان والهند وحصل المركز على ثقة منظمة «fdi» الاتحاد العالمي لأطباء الأسنان الذي يعتمد سياسة التدريب المستمر في كل أنحاء العالم… واقمنا أيضاً بتأسيس شركة مساهمة مع نقابة الأطباء والصيادلة والمعلمين لإدارة النفقات الطبية وتم تفعيل شركة فاركو المساهمة مع وزارة الصحة وشراء بعض العقارات لتأمين الموارد.
شركة استيراد
وماذا عن دور النقابة في عملية تصنيع الأدوات المستخدمة في المعالجات الدوائية والصحية؟
تم إنشاء شركة استيراد وتصنيع مواد طب أسنان وقد أبدى العديد من الأطباء السوريين المتخصصين الذين يشغلون مواقع مهمة في الكليات العلمية في دول أمريكا وأوروبا رغبتهم في المساعدة في إطار التصنيع، وحين تستعيد سورية عافيتها ستبدأ الصناعات الدوائية والصيدلانية بالإنتاج الفعلي لتأمين حاجة السوق وكل ذلك من أجل رفد خزانة التقاعد بعائدات أدت إلى رفع الراتب التقاعدي بمقدار 5 آلاف ليرة إضافية من دون أن يكلف الطبيب أي ليرة من جراء هذا الوضع.
الاستحقاقات المالية
أما فيما يتعلق بالاستحقاقات المالية التي تلتزم النقابة بدفعها شهرياً للمتقاعدين فقد أكد خازن النقابة الدكتور محمد عربي الكاتبي أن النقابة تحتاج إلى 16 مليون ليرة للمتقاعدين شهرياً وإعانة وفاة فورية 500 ألف ليرة ومليون ليرة تعويض نهاية الخدمة و25 ألف ليرة راتباً تقاعدياً لكل متقاعد، أما الرسوم المستوفاة التي تتقاضاها النقابة من الأطباء فأكد عربي أن الطبيب يدفع 2500 ليرة رسماً سنوياً وهذا الرسم السنوي لجميع أطباء الأسنان يحول إلى صندوق النقابة لدفع إعانات الوفاة والتقاعد.
وأضاف الكاتبي: إن افتتاح المركز السني التخصصي يعد مورداً جديداً لخزينة النقابة وتم استقطاب الشباب من خلاله فالأقساط التي يستوفيها تعد زهيدة مقارنة مع الدول الأخرى، وكل ذلك من أجل تأمين السيولة وتخفيف الضغط عن الأعضاء.
في حين كشف نائب نقابة أطباء الأسنان عايش الغنيم عن زيادة عدد الأطباء المتقاعدين الذي شكل عبئاً على الخزانة، فالأطباء الموجودون حالياً 12 ألف طبيب ملتزم بتسديد الرسوم من أصل 23 ألف طبيب وعدد الأطباء الذين هاجروا إلى خارج البلاد بلغ 6000 طبيب، مؤكداً أن نسبة الهجرة ارتفعت لدى أطباء الأسنان بشكل ملحوظ وهذا ما ينبئ بخطر يهدد مهنة طب الأسنان.
وعن تدني جودة التجهيزات والمواد الطبية التي تدخل في صلب علاج الأسنان وقلة توافر هذه المواد في الأسواق فإما  تكون منتهية الصلاحية أوبجودة منخفضة، أضف إلى ذلك أسعارها الخيالية الأمر الذي يضرب سمعة الطبيب عند المرضى نتيجة سوء نتائج العلاج لعدم صلاحية بعض المواد من حشوات وغيرها وكذلك ارتفاع قيمة العلاج المترتب على الارتفاع الفاحش لأسعار المواد فقط أكد الغنيم أن النقابة أسست شركة شام التي تقوم باستيراد أجهزة ومواد ومستلزمات طب الأسنان وذلك لتوفيرها بالكميات الكافية والجودة العالية والأسعار المنافسة، ويتم حالياً العمل لتوريد أفضل المواد من خلال الخط الائتماني الإيراني، لافتاً إلى أن تكاليف معالجة الأسنان باتت في السنوات الأخيرة مرتفعة جداً وما ذكر سابقاً يسهم في خفضها.
إجراءات تطويرية
بدوره الدكتور رفعت الكبيسي رئيس اللجنة العلمية والقانونية تحدث عن إيجاد بدائل لتطوير مستوى الأطباء من الناحية العلمية مع إقامة دورات تخصصية في المركز الوطني مع تعويض النقص الحاصل لبعض الاختصاصيين، ويتم الآن التحضير للمؤتمر القادم في الشهر العاشر من العام الحالي «مؤتمر الشرق في درة الشرق» علماً أن المؤتمر العلمي الذي عقد مؤخراً بعد انقطاع أكثر من خمس سنوات تضمن عرضاً متميزاً لآخر التجهيزات الطبية وتم تذليل الصعوبات التي واجهت المستوردين وشركات طب الأسنان وإدخال موادهم إلى  المؤتمر والمعرض.
تأمين مستوى مادي لائق
وفي الختام أكدت الدكتورة فاديا ديب نقيب الأطباء على ضرورة التنسيق والتكامل في العمل النقابي وخاصة مع النقابات المماثلة في العمل من أجل تحقيق نوع من التشاركية التي تفضي إلى تبادل الخبرات في جميع الاختصاصات ووضع الدراسات اللازمة وخاصة المتعلقة بعقارات النقابة وكيفية تفعيل جدواها الاقتصادية لتأمين الاستقلال المالي والسيولة لتغطية الالتزامات المالية تجاه الأعضاء المنتسبين والمتقاعدين والتي بدورها تؤمن مستوى مادياً ومعيشياً لائقاً للعضو.
كما تدعو الجهات الحكومية إلى التعاون مع النقابات لتذليل صعوبات العمل وترجمة المقترحات المتعلقة بتطوير آلية العمل النقابي وخاصة أن هناك الكثير من المقترحات التي نعمل على تطبيقها لكن نحتاج لنصوص تشريعية من قبل الجهات المعنية من أجل قوننتها وتطبيقها على أرض الواقع.