قصص مروّعـة يرويها المخطوفون عـن فظاعــة الإرهابيين وســوء معــاملتهم

قصص مروّعـة يرويها المخطوفون عـن فظاعــة الإرهابيين وســوء معــاملتهم

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٤ فبراير ٢٠١٧

بتاريخ 4/8/2013 خطفوا، وبتاريخ 7/2/2017 حُرّروا... فماذا بين التاريخين.. في ذلك الفجر الحزين البعيد من شهر آب والذي صادف ليلة القدر، أقدم وحوش باسم البشر، وصهاينة باسم الاسلام على ارتكاب أفظع جريمة بحق المدنيين الأبرياء في سبع قرى تتبع ناحية صلنفة - منطقة الحفة في الريف الشمالي الشرقي من محافظة اللاذقية وهي قرى ومزارع:

انباتة - الحنبوشية - ابرمسة -بلوطة - بارودة - الخراطة ..

لقد كادت تلك القرى أن تُباد بأسرها وأن تشطب خاناتها من النفوس، حيث استشهد قرابة مئتي شهيد وخطف الباقي من النساء والأطفال والشيوخ، واستطاعت قلة قليلة من الساكنين النجاة بعد مقاومة بما هو ممكن ومتاح.

قاد تلك المجزرة سادة المجازر في أنقرة والرياض والدوحة..

 

وفي الأمس، في فجر يوم قريب سعيد من شهر شباط الجاري، تحررّ المخطوفون وعادوا إلى ديارهم وقراهم وأهاليهم - خرجوا من ظلمات سجون الإرهاب إلى شموس شواطئ الأمان ..

وقد قاد التحرير الجيش العربي السوري البطل بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد المقيم في قلب وعين كل سوري وعربي ومواطن عالمي حرٍّ شريف ..

 فالنصر والشكر لك أيها القائد المظفّر، والغار لك أيها الجيش المغوار ..

أسماء المخطوفين المحررين

رودينا شحادة - ميادة شحادة - تيماء شحادة - شذا حطاب - عامر يحيى - ضياء سويد أحمد الشيخ ابراهيم - انتصار مريم - دلال درويش - فاتن مريم - دعاء مريم - لينا قادرو - غيدق مريم - حسين مريم ـ روان درويش ـ عفاف شكوحي ـ وصال ناصر ـ روضة ياسين ـ علاء سليم ـ سالي سليم ـ حنين سليم ـ زهرة ابراهيم ـ نرجس القصيبة ـ زينة فطيمة ـ وداد شبلة ـ أحمد شحادة ـ محمد كمال شحادة ـ نغم شحادة ـ نتالي شحادة ـ حمزة شحادة ـ حيدر شحادة ـ زين العابدين شحادة ـ جعفر الشيخ ابراهيم ـ نرجس مريم ـ أسرار مريم ـ جعفر اسماعيل ـ يزن حيدر ـ وداد مريم ـ أحمد مريم ـ فرح مريم ـ محمد مريم ـ دلع مريم ـ حيدر مريم ـ علي درويش ـ عبد الكريم درويش ـ رند درويش ـ كنانة شكوحي ـ تامر شكوحي ـ تيم شكوحي ـ لقمان فطيمة ـ بتول القصيبة ـ وقار القصيبة ـ سندس القصيبة.

وكانت قد استشهدت ثلاث نساء مخطوفات في سجن سلمى وهنّ: بدرة فطيمة (أم مصطفى) حيث استشهت قهراً عندما سمعت باستشهاد ابنها الأصغر جودت شحادة - حمامة قصيبة (أم فيصل) زوجة الشهيد أحمد قصيبة، منيرة سليم (أم منيف) ولا يعرف لهن أي قبر.

بينما تحرّرت ثلاث نساء أخريات بصفقة تبادل سابقة وهنّ خديجة ديب (أم فاتح) نظيرة عريفو (أم عبدو) لبيبة ديب (أم ميكائيل) .

سجون متنقلة

نقّل المسلحون المخطوفين بين سجون كثيرة توزعت في قرى سلمى - دورين - مرجة خوخة - كنسبا - بداها - الغسانية - وعندما دخل الجيش العربي السوري قرية سلمى وحرّرها نُقلوا إلى بلدة كنسبا ثم أعيدوا إلى سلمى مرة أخرى ..

وكانت حجة المسلحين في ذلك هي حماية المخطوفين من قصف الطيران لهم حيث يريد (النظام) قتلهم وفي الحقيقة ان الارهابيين هم من كانوا يرسلون البراميل المتفجرة والصواريخ كهدايا إليهم. وتعليقاً يقول المخطوفون المحررون: لم يكن القتلة المسلحون مطمئنين أبداً - كان وضعهم قلقاً على الدوام، وكلما حقق جيشنا نصراً على الإرهاب في إحدى الجبهات كانت فرائصهم ترتعد وكنا نسمعهم وهم يتحدثون بذلك.

حياة غير طبيعية

طيلة ثلاث سنوات ونصف عجاف - عاش المخطوفون عيشة مريرة غير طبيعية، بدءاً من مشاهد الذبح والقتل التي رأوا أهاليهم يتعرضون لها بأمهات عيونهم، وحتى يوم التحرير...

كان الجوع والبرد والهم والقلق والقلة كثيرة موفورة - وكان الصبر والأمل في المقابل - لقد سبّبت ظروف الخطف القاسية وسوء التغذية لبعضهم أمراضاً عديدة كفقر الدم والقرحة المعدية والحمّى وترقّق العظام والتهاب المفاصل والضمور العضلي وغيرها.. فضلاً عن الآثار النفسية المتراكمة كظاهرة الكوابيس المزعجة والتخوّف من الرجال والسلاح, والحيرة والتردد في الكلام وعدم الرغبة في تذكر الماضي...

وللذكر فقد كان المسلحون ينقلون المخطوفين المرضى إلى مستوصف أقامه الهلال الاحمر القطري في قرية سلمى وإلى مستوصف كنسبا وإلى مشفى عين البيضا.

سوء تغذية

كثيراً ما جاع المخطوفون إذ كان المسلّحون يقدّمون رغيف خبز واحد لكل مخطوف منهم عن كل يوم وفي شهر رمضان كان كل صائم منهم يقسم رغيفة مناصفة ما بين الفطور والسحور.. كان المخطوفون في بعض الأيام يخبزون على الصاج وعلى أثفية الحطب التي كانت مدفأة وموقداً للطبخ ومصدراً للإنارة في وقت واحد .. كانت حصة المخطوف واحد على أربعة وخمسين من الفرّوج ومن كل شيء قليل.

بينما كانوا يقدّمون لهم كمية قليلة من اللحوم في عيد الأضحى وفنجان زيت قلي واحد كل ثلاثة أيام.

لقد أنذر الأطباء المسلحين من أنّ الأسرى سيموتون بسبب سوء التغذية الحاصل (حيث يرفض الإرهابيون إطلاق تسمية المخطوفين ويصرّون على تسميتهم أسرى  حرب) .

كانت الامهات كالعادة يؤثرن أبناءهن على أنفسهن، فتعطي كل أم معظم حصتها لابنها الصغير الجائع..

وقلما رأى المخطوفون الشمس إلا في معتقلي سلمى وكنسبا حيث زُجّ بهم هنالك في بيتين يلاصق كل منهما فسحة ضيقة كانوا يخرجونهم إليها ليتشمّسوا فيها.. وكان لكل مخطوف بطانية أو طراحة ينام عليها..

تعذيب وأساليب

كان من صور وأساليب التعذيب وما تفنّن به الإرهابيون إجبار المخطوفين على  تكنيس ساحة ترابية صغيرة ثم إعادة  تكنيسها مرة أخرى ومرات وهم يلاحقون كل من يستريح ولو للحظة واحدة بالضرب الشديد، وذات يوم، وضع المسلحون زجاجة على رأس المخطوف حيدر شحادة كدريئة ثم أخذوا يطلقون النار عليها من بواريدهم وذلك عقاباً له عن كونه ولد المقاتل البطل ناظم شحادة، وقد كان حيدر أكبر المخطوفين الذكور..

كذلك  كانوا يعزلون الأمهات عن أبنائهن ويبعدونهم عن بعضهم بعضاً إرهاباً لهم وتخويفاً..

أبو كامل يركل علاء:

ذات  يوم استدعى أبو كامل وهو قائد الكتيبة في سلمى، الطفل علاء سليم وركله ركلة قوية برجله فسقط على بعد عدة امتار مغشياً عليه وظل يتألم بفعل الركلة طيلة شهر.. ولا يزال حتى اليوم يشعر بالخوف كلما رأى رجلاً ضخماً شبيهاً بأبي كامل الحسن الركل السيء الفعل، وللذكر فإن  الطفل المذكور بحاجة ماسة لإجراء عملية جراحية لإزالة شظية مستقرة بعينه إثر تفجير المسلحين للقنابل بين المخطوفين يوم المذبحة.

وقد نال أبو كامل جزاءه العادل لاحقاً على يد الجيش الباسل.

جلد أم

جلد المسلحون السيدة ضياء سويد أم علي من المساء حتى الصباح بعد ما تم ربطها إلى عمود على شرفة السجن أو البيت في قرية مرج خوخة باعتبارها زوجة المقاتل ناظم شحادة الذي أبلى بلاء حسناً في المعارك..

كلمة حق

ذات يوم اختلف الإرهابيون فيما بينهم فغضب أحدهم وصرخ أمام المخطوفين قائلاً: والله أنتم أشرف منّا، والله نحن خنازير..

تحذير دائم

حذر الإرهابيون المسلحون وهددوا المخطوفين بالخطف والقتل مرة أخرى إذا ما أدلوا بأي تصريح أو نطقوا بأية كلمة حق عما جرى لهم، وقد لمست ذلك عندما التقيت المحرّر حيدر شحادة حيث سألني ما إذا كان المسلحون سيسمعون أو سيقرأون أقواله.. هذا بينما قالت إيلين: لا لن أخفي وجهي بعد اليوم لا لن أخاف أحد لن يجبرني أحد على أن أقول ما لا أؤمن به كما كانوا يفعلون عندما يصورون أفلام الفيديو مرة كل ستة أشهر ليرسلونها تأكيداً على أننا لا زلنا أحياء لديهم.

 الوطن هو الحياة هو الحرية.. والأسد هو الأب

على مدى 1300 يوم من الخطف حمل المخطوفون في قلوبهم وعيونهم حب البلد والأهل والقائد.

إلى درجة أنهم حوّلوا أسلاك كهرباء إلى سنانير وأخذوا ينسلون بعض الأطمار والأثمال المهترئة ويحوّلونها إلى خيطان ينسجون منها أعلام الوطن وخرائط له، وقد كانوا يخبئون تلك الأعلام والخرائط في أكمامهم عند الضرورة خوفاً عليها من إتلاف المسلحين لها ومعاقبتهم عليها..

كانوا يهدون بعضهم بعضاً هدايا هي عبارة عن أسماء وأسماء قرى بعضهم بعضاً منسوجة من الصوف بمناسبة عيد ميلاد كل منهم، حيث لا مجال ولا وجود لمحلات بيع أو نقود أو هدايا أخرى في تلك السجون.

كان شعارهم هو التحرّر والعودة على أيدي الله والسيد الرئيس والجيش البطل.. كانوا يحاولون إبعاد شبح اليأس والقنوط عن أنفسهم.. كانوا يتآزرون، يواسون بعضهم بعضاً، ويستقوون بالأمل..

لحظات

كانت كل لحظات السجن مريرة، كانت كل لحظة أقسى من سابقتها لاسيما عندما كانوا يجلدون الأمهات بالبرابيج إضافة إلى الشعور بالجوع الدائم، أما اللحظة السعيدة الوحيدة التي مرّت عليهم فهي لحظة سماعهم بخبر التحرير عن طريق المسلحين، وأن جهات عديدة تسعى لأجلهم منها منظمة شؤون الأسرى، وقد رفض الجيش الحر ذلك ورفع السلاح في وجه أفراد هذه المنظمة، كما هدّد بقتل المخطوفين وتفجير السيارات التي تنقلهم وطلبوا مؤازرة من جبهة النصرة، إلى أن قامت المنظمة بإخراجهم بالقوة ونقلهم بسيارة زرقاء إلى باب الهوى في حلب ثم إلى جسر الشغور ومنها إلى حماه وهنالك شعر المخطوفون لأول مرة بعد الخطف بإنسانيتهم، وهنالك طلبوا منهم أن يخبروا أهاليهم ليلاقوا لهم في قرية قلعة المضيق بمحافظة حماه، حيث كان الجيش العربي السوري بانتظارهم.

خارج الزمن

كان المخطوفون خارج الزمن، كانوا في عطالة وسبات فلا خروج ولا دخول، ولا عمل ولا إنتاج ولا أخذ ولا عطاء ولا بيع ولا شراء ولا ورقة ولا قلم..

كانت الأحاديث البسيطة والذكريات الجميلة عن الأهل والقرى عدتهم وعونهم على قضاء عمر العطالة والبطالة الذي امتد قرابة ثلاث سنوات ونصف.. كانت الأيام ثقيلة والوجوه كذلك.