على رقعة العمل والفاعلية اتحادات وغرف لاعبة ببيادق استثمارية خاسرة.. وحقيقة الدور تواجه بنتيجة “الكش الاقتصادي”

على رقعة العمل والفاعلية اتحادات وغرف لاعبة ببيادق استثمارية خاسرة.. وحقيقة الدور تواجه بنتيجة “الكش الاقتصادي”

أخبار سورية

الاثنين، ٢٧ فبراير ٢٠١٧

المشهد الاقتصادي المتداعي بفعل عوامل بعضها ينضوي تحت غطاء الأزمة والحصار، ومنها ما يستظل تحت مظلة ضعف الأداء والفاعلية في التعاطي مع المستجدات الاقتصادية من قبل جميع الجهات العاملة على الساحة الاقتصادية، وخاصة تلك التي أدرجت نفسها ضمن قائمة الجهات الفاعلة والقادرة على تحريك الدفة الاقتصادية، وتوجيه البوصلة المالية نحو سمتها الاستثماري الصحيح، ووضع إمكانياتها، وما تمتلكه من خيارات العمل، والتوجه بتصرف المصلحة الاقتصادية الوطنية.

وبغض النظر عن المسببات التي عطلت الحركة الاقتصادية، وقللت الخيارات والفرص المتاحة للعمل .. لا بد اليوم من البدء بمرحلة متقدمة من البحث والتقييم لحقيقة دور اتحادات غرف الصناعة والتجارة والزراعة واتحاد المصدّرين وقدراتها على تفعيل العملية الإنتاجية في المرحلة القادمة، خاصة أنها تصر على تقديم نفسها من بوابة امتلاك كافة مقومات النجاح في إدارة الدفة الاقتصادية، وأنها قادرة على المساهمة في التخفيف من الأعباء الاقتصادية، في حين أن المقارنة البسيطة بين هويتها الاقتصادية، وجواز السفر الاقتصادي الذي تحمله ضمن حاضنة المجتمع الأهلي وغيرها من الميزات التي تحظى بها، وبين ما قامت به، والمهام التي أدتها خلال السنوات الماضية وفي المرحلة الحالية.. يكشف من حيث النتيجة ضآلة الحصيلة الاقتصادية، ويضع واقع هذه الاتحادات، وحقيقة عملها، وتواجدها على الخارطة الاقتصادية للوطن في زمن الأزمة، وفي الوقت في مواجهة مع العديد من التساؤلات.. هل أدت وظيفتها، وماهي أعمالها ونشاطاتها، وهل ستبقى هذه الاتحادات مجرد نقابات شكلية لها حقوق تطالب بها ومتجاهلةً واجباتها، ومصلحة الوطن لحساب مصالحهم الخاصة، أم سنشهد في المرحلة القادمة تفعيلاًَ حقيقياً لدورها برؤية استراتيجية لرسم المستقبل، وتشكيل بوصلة للعمل الجماعي بحيث ترتقي بأدائها لإيصال الاقتصاد إلى مرحلة التعافي؟.

اتهام وتقصير

البحث عن حقائق ووثائق تدعم حقيقة ما قدمته هذه الاتحادات خلال سنوات الأزمة، أوصلنا إلى اتحاد غرف التجارة الذي لم يستطع تبرئة نفسه من تهمة اقتصار دوره على الاستيراد فقط دون أي فاعلية على صعيد العائدية الاقتصادية الداعمة للاقتصاد الوطني، وطبعاً هذه الإشكالية التي كانت المحور الأساسي لحديثنا مع رئيس اتحاد غرف التجارة غسان القلاع إلّا أنها بقيت دون توضيح من قبله، فما كان في وسعه خلال حديثنا معه سوى تكرار التأكيد على الدور المنوط بالغرف عبر قانون عام 1953 الذي ألزم غرف التجارة بتأمين كافة المواد الاستهلاكية والأساسية للمواطن بأسعار مناسبة في الأسواق، مؤكداً على العمل والمشاركة في جميع القضايا التجارية التي طالتها العراقيل خلال الأزمة، كمطالباتهم بتسهيلات لمنح التجار إجازات الاستيراد، والعمل على تذليل العقبات الخارجية التي جسّدتها العقوبات المفروضة على البلد خلال أزمتها، استثمر القلاع حديثنا معه لاستعراض دور الاتحاد في تقديم اقتراحات لبعض المشاكل الاقتصادية كارتفاع أسعار القطع الأجنبي ودوريات الجمارك ودورها في ضبط الحدود، ومطالبة الاتحاد بالسماح للتاجر مثلما سُمح للصناعي باستيراد المواد الأولية ليضعها في خدمة الصناعي، وإعادته إلى دائرة الإنتاج، ثم يتم استيفاء ثمنها من الصناعي بعد فترة زمنية متفق عليها، خاصة أن اتحاد غرف التجارة يعمل لصالح التجار والصناعيين، وذلك لوجود 10 غرف من أصل 14 غرفة تحمل اسم تجارة وصناعة، لذلك يرى أن على الاتحاد مسؤولية كبرى تجاه القطاعين، وبناء عليه تتم المطالبة الدائمة بتأمين المحروقات والكهرباء والمواد اللازمة للصناعة، ودافع عن فكرة الاستيراد بأن الإنتاج المحلي منخفض بسبب الأزمة، ولذلك ارتفعت نسبة المستوردات قياساً لسنوات سابقة، كانت نسبة الصادرات أعلى فيها.

قطاع مقهور

الحصيلة المتواضعة التي جنيناها من غرف التجارة وخاصة لجهة البحث عن الدور والرؤية المستقبلية ذات البعد الاقتصادي وخطط العمل الداعمة للحكومة حملناها معنا إلى غرفة صناعة دمشق لعلنا نجد فيها ضالتنا الاقتصادية أو كما يقال (القطبة المخفية)، وكما هو معلوم فإن الصناعة من أكثر القطاعات المتضررة في الأزمة، لاسيما وأنها تلقت الكثير من الضربات الموجعة من قبل الإرهابيين وخروج العديد من المعامل والمصانع من دائرة الإنتاج، وما بقي يعاني نقص الكثير من المستلزمات والمواد الأولية، ولكن الحديث مع رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس كان مشابهاً لحديث غرف التجارة والتقى معه بقواسم مشتركة بعيدة عن أهداف بحثنا، فقد اقتصر حديثه عن معاناة الصناعيين في ظل الأزمة، مؤكداً بقوله إن هذا القطاع مقهور ومحروم ويحتاج للمزيد  من الدعم للعودة إلى ميدان العمل، مشيراً إلى أن أهم المشكلات التي واجهتهم هي عدم توافر المحروقات والكهرباء والفيول الذي أثر بشكل سلبي جداً على الصناعة، وأوقف الكثير من المنشآت عن العمل، وأكد الدبس على أهمية فتح باب الاستيراد من قبل الصناعيين أنفسهم لتشغيل معاملهم باستيراد كميات تتناسب مع حاجاتهم وعدم حصر استيراد المواد الأولية بالتجار فقط، ولم يخف استياءه من موضوع القروض المتعثرة التي لم ير أي اتفاق لحلحلة الوضع بعد، معللاً استياءه بتقديمهم عدة مقترحات قدمت لوزارة المالية ولم يؤخذ بها حيث وصفتها الأخيرة بأنها لا تمت إلى العمل المصرفي بصلة، ولكن الدبس عاد ليؤكد أهمية معالجة هذا الملف بسرعة قصوى لتوقف الكثير من الصناعيين عن الإقلاع بمنشآتهم لحاجتهم لمبالغ “صغيرة” حسب الدبس، ليغيب السؤال الأساسي الذي توجهنا به إلى الدبس عن إجاباته، وهو دورهم في الأزمة وماذا قدموا للوطن خلالها، سؤال لم نستطع الحصول على إجابة شافية لتعثر لقائنا به رغم المحاولات المتكررة والذهاب مراراً إلى غرفة صناعة دمشق دون جدوى.

نافذة أساسية

ولكن على ما يبدو أن حال اتحاد المصدرين السوريين يختلف تماماً عن واقع اتحاد غرف الصناعة والتجارة، حيث بين لنا خازن اتحاد المصدرين إياد محمد مسيرة عمل الاتحاد خلال الأزمة في دعم حركة الإنتاج ودعم حركة الصادرات السورية لتأمين القطع الأجنبي، وعرض لنا جملة من المعارض الدولية التي أقامها الاتحاد خلال الأزمة والتي شكلت نافذة أساسية لكسر الحصار وتسويق المنتج السوري بحسب محمد، كمعرض غولف فود في دبي للصناعات الغذائية وسيريامودا في بيروت وبغداد ومعرض لينا بيلي في إيطاليا والمشاركة في معارض عدة في الهند وإيران وموسكو، وأضاف أنه تم تشكيل لجان والاستعانة بمستشارين لدراسة الأسعار التأشيرية وتأمين قاعدة بيانات لها وتأمين قاعدة بيانات للصادرات السورية، مع تحديد هوية لكل منتج سوري وخارطة محلية ودولية للمنتجات التصديرية، ويتم تطوير العمل حالياً حتى الوصول إلى مركز دراسات متكامل.

خلق الحلول

واطلعنا على دور الاتحاد في حل أزمة المعابر التي أغلقت باتجاه الأردن والعراق وتركيا وعرقلة التصدير من الجانب اللبناني من الحدود، حيث عمل الاتحاد على التنسيق مع الوكالات البحرية لتأمين عبارات فورية بطريقة الرورو، وأضاف محمد بأن الاتحاد أرسل الوفود إلى العراق والكويت ومصر ودول الخليج لإعادة فتح معابر التصدير، وتم الاتفاق في معظم المحاولات، وكما أكد على نشاط رجال الأعمال في بيلاروسيا وروسيا وإيران للاتفاق على تسويق المنتجات السورية وتحديد متطلبات الأسواق الخارجية، وإرسال شحنات تجريبية من الألبسة إلى إيران مع مجموعة عمل لمتابعة دخولها إلى الأسواق الإيرانية، وبحسب محمد، ما يزال العمل جارياً مع وزارة الاقتصاد والجمارك الإيرانية لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة مع إيران.

تدخل إيجابي

وللارتقاء بواقع الصادرات السورية، بيّن لنا خازن الاتحاد بأنه تم توقيع العديد من مذكرات تفاهم مع شركات عالمية للمراقبة، وتشكيل فرق تفتيش على المنتجات والصادرات الزراعية بالتعاون مع وزارة الزراعة، ونوّه إلى التدخل الإيجابي للاتحاد لدعم الصناعي، والمزارع المحلي كتأمين الخيوط القطنية من شركات كانت تعمل في معامل الدولة، وتمويل وتأمين كابل كهرباء للصناعيين، والتنسيق مع وزارة الكهرباء لتنظيم التقنين عن المناطق الصناعية التصديرية.

ويتفاءل اتحاد المصدرين بنتائج طيبة لجرعات الدعم الحكومي اللافتة التي تقدمها الحكومة هذه الأيام، خاصة في معرض سيريا مود «طريق التعافي» الذي سيستضيف 700 رجل أعمال من بلدان عربية وسيقام في دمشق برعاية السيد رئيس الحكومة.

 

استيراد أبقار ونحل

ويبدو أن اتحاد غرف الزراعة يحسن واقعه من خلال محاولاته التي قام بها خلال سنوات الأزمة، حيث حدثنا الدكتور مجد أيوب عضو مجلس اتحاد غرف الزراعة عن عدة محاور عمل عليها الاتحاد في الأزمة من خلال علاقات الاتحاد مع المنظمات الدولية والجهات المانحة، تجلت بفتح باب الاستيراد للأبقار الذي كان متوقفاً منذ عام 1985، حيث تم استيراد 200 بقرة، وتوزيعها على المربين عام 2015، ومازال الاتحاد يحاول الحصول على فرصة أخرى، كما أشار د. أيوب إلى عمليات استيراد خلايا النحل التي تمت في عام 2016، حيث قام الاتحاد بتوزيع 3 خلايا لكل نحال تضرر خلال الأزمة، في محاولة منهم لإعادة النحالين المتضررين إلى دائرة الإنتاج، كاشفاً عن عملية استيراد قادمة أيضاً للنحل، وفي شرح مفصل عن محاولة الاتحاد مساعدة المتضررين في الأزمة، لفت د. أيوب إلى مواصلة عمليات الاستيراد المتنوعة للبذار والخضار، وطرحها في الأسواق.

مشاريع إنتاجية

ومن جهة أخرى أكد د. أيوب على وجود أفكار ومشاريع في الاتحاد قيد الدراسة لمرحلة إعادة الإعمار، منوّهاً لضرورة وجود مناطق آمنة للمشاريع الزراعية تجنباً للخسارة، كون المستهدفين فيها من الأسر المتضررة وبمبالغ بسيطة، لتبدأ الفكرة انطلاقاً من تأمين الحاجة الغذائية للأسر، ثم تتحول إلى مشاريع إنتاجية توفر دخلاً مناسباً، وقد بدأ الاتحاد بنشر وتعليم آلية زراعة الفطر المنزلي ليكون باكورة مشاريع صغيرة منزلية وتجارية، بأدوات بسيطة كسلل من تبن تحتوي بذار الفطر، تعطي إنتاج حوالي 10 كيلوغرام فطر محاري تزرع في المنازل، وأتم الاتحاد دائرة الإنتاج باقتراحه على من تعثر عليه تسويق إنتاجه بالتوجه إلى الاتحاد لبيع كامل الإنتاج بسعر مناسب يحقق له هامش ربح بسيطاً للمزارع، ومن المشاريع التي سيطلقها الاتحاد أيضاً المساعدة في زراعة حديقة منزلية لمن يملك قطعة أرض، ومصدراً مائياً غير مياه الشرب، فيتم تزويده بكافة مستلزمات زراعتها من أدوات، وبذار.

أخيراً

وبالمحصلة نستطيع القول: إن واقع الحال يظهر عجز بعض الاتحادات عن قيامها بدورها الأساسي والحقيقي في مساندة الوطن في محنته بأموالهم التي جنوها من خيراته، بل كان هناك توجه واضح نحو مصالحهم الخاصة تجلى حيناً بالتوجه نحو الاستيراد، كاستيراد بعض المواد الكمالية، وطرحها في الأسواق بأسعار خيالية كظاهرة استثنائية في سنوات الأزمة على حساب حاجة المستهلك للمواد الأساسية التي تم التلاعب بها واحتكارها، وصولاً إلى غياب محاولات الموازنة بين الاستيراد والتصدير كحد أدنى، بينما الحديث عن دعم المنتج المحلي شبه غائب عن جدول أعمالهم، ومنهم من جمع أمواله وأخرجها من البلد دون شعور بتأنيب الضمير بضرورة مد يد العون لوطنه في أزمته، وبقي على الحياد ليضمن العودة في مرحلة إعادة الإعمار لجني المزيد من الأرباح، مكتفين خلال الأزمة بمطالبات تثقل كاهل الحكومة، والنأي بأنفسهم وأموالهم عن دعمها!.

فاتن شنان