المستلزمات المدرسية.. وفرة.. وتنوع.. وجيوب ذوي الدخل المحدود خاوية…!!

المستلزمات المدرسية.. وفرة.. وتنوع.. وجيوب ذوي الدخل المحدود خاوية…!!

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٧

من يقم بجولة على بعض أسواق مدينة دمشق يرَ بأم العين أن الأسواق متخمة بكل السلع، ومنها مستلزمات المدارس من حقائب وقرطاسية ولباس مدرسي.. وهذا للوهلة الأولى يخلق حالة من التوازن بين محلات وشركات القطاع الخاص ومجمعات القطاع العام.. من حيث الجودة والأسعار، وإن كان التفاوت في الأسعار واضحاً وجلياً للعيان للسعة الواحدة في منفذين متجاورين، والتبرير حاضر، السلعة مختلفة، والقماش مختلف، والجودة مختلفة، ولا سبيل أمام الزبون، إن كان  أباً، أو أماً، إلّا أن يخضع لإرادة البائع المحترف أمام بساطة وخضوع ولي الأمر لشراء السلع في ظل غياب الجهات الرقابية، وإن وجدت وحضرت، فعلى خجل أو رفع عتب، وإن أرادت التشدد والعقاب إرادة السوق أقوى في ظل شماعة الأزمة والحرب، والمواطن الحلقة الأضعف.

الشراء بالتنقيط

على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على بدء العام الدراسي ما تزال بعض الأمهات وأولياء الأمور يشترون المستلزمات المدرسية لأطفالهم، فالسيدة لمياء أم لثلاثة أطفال.. لم تستطع شراء كل المستلزمات لأطفالها مرة واحدة، وإنما على دفعات.. بغايتين:  الأولى حتى يأتي دورها بقبض الجمعية المتفق عليها مع زميلات الوظيفة، والثانية معولة على تقاضي إدارات مدارس أولادها بعدم التشدد بتطبيق نظام اللباس منذ الأيام الأولى.

وجع

ليس ببعيد عن السيدة لمياء، تحاول أم يمان وزوجها إقناع أولادهما بشراء السلع ذات الجودة الأقل، لكن دون جدوى.. يدفعنا الفضول لمعرفة سر تعصيب الأب وبكاء الأطفال، وحكمة أم يمان بتلطيف الجو.. الأب ودون مقدمات أسوأ بدلة مدرسية، كما ترى، بعشرة آلاف دون قميص أو حذاء، وكل الأولاد يريدون لباساً جديداً للعام الدراسي الجديد، ولا أحد يقبل أن يلبس ثياب إخوته، أو يحمل حقيبته .. من أين آتي لهم بهذا الراتب؟؟ .. للباس، أم للقرطاسية، أم للمرض، أم للطعام، أم لأجور النقل؟.

تناقض

قصة السيدتين لا جديد فيهما، وإن كانت تختصر هواجس كل الأهالي، الأسعار جهنمية ومتفاوتة من مكان إلى الآخر.. والمفاصلة سيدة الموقف، وقد تستطيع الأم والأب تنزيل سعر السلعة إلى النصف، فعلى أي أساس وضع السعر على بطاقة المبيع، وأين الجهات الرقابية من التأكد من مواصفات السلع المعروضة وفق أسعار العرض؟.

ليس ببعيد عن أسواق الحميدية  والصالحية وما بينهما، هناك المجمعات الحكومية قد استعدت جيداً للعام الدراسي، واستحضرت أجنحة متخصصة للقرطاسية واللباس والأحذية وبأسعار منافسة ومدروسة ومعقولة، لسان حال روادها من أصحاب الدخل المحدود و(الموظفين)  ينطق بالحقيقة، السلع متوفرة ومتنوعة، وكل البدائل موجودة والأسعار ثابتة، ويستطيع الأهل شراء كل ما يحتاجونه من الصالات الحكومية، ولكن على حد تعبير بعض من التقيناهم، المشكلة ليست بقلة  السلع ولا بجودتها ولا بأسعارها، وإنما كما يقول المثل:  الجمل بليرة وما في ليرة)، وتزامن العام الدراسي مع بداية فصل الشتاء، والتسجيل على المازوت والمونة أيضاً.

كلام صريح

ومن هواجس أولياء الأمور التي لا تنتهي، ولا تختصر بعدة جمل، إلى رأي الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية الذي اختصر مسلسل السلع والأسعار والرواتب بعدة كلمات مقتضبة: المجمعات الحكومية تحاول أن تخفف عن المواطن، ولا تريد الربح، ولكن لا تستطيع أن تخسر.. ما يجري فوق حكمة وصبر أرباب الأسر، الأسعار والسلع وحاجات الأولاد المدرسية فوق طاقة الأهل، والمشكلة على حد تعبير فضلية، ليست على الجهات الرقابية وحدها، ولا على الجهات المعنية، ولا على الأهالي،  ولا على صغار التجار، بل بسبب الظروف، واستمرار الأزمة، وقلة السلع، وتوقف المعامل، وهجرة اليد العاملة، والحصار على المواد الأولية، ومهما حاولت الجهات الرقابية السيطرة على الأسواق رغم قلة عدد المراقبين، غير أنها لن ولم تستطع قمع كل التجاوزات، وهذا ليس تبريراً، وإنما واقع، والأهل هم الحلقة الأضعف كالعادة.

دخل محدود

ومن صراحة فضلية التي لا تقبل التأويل، إلى واقعية الدكتور أكرم القش الذي قاسم فضلية صراحته، معتبراً أن المشكلة ليست بقلة السلع رغم الحصار المضروب على البلاد، وتوقف آلاف المعامل والمصانع والورشات الصغيرة.. ولا في الجهات الرقابية رغم كثرة المآخذ على أدائها .. ومحاولة المؤسسات الحكومية التدخل، وتوفير السلع لمنع تحكم التجار برقاب أولياء أمور الطلاب، وكان لها صدى إيجابي.. ولكن المشكلة تكمن في التفاوت بين دخول المواطنين ومن بينهم الموظفون، وبين الأسعار التي لا ترحم، لا موظفاً، ولا نازحاً، ولا مهجّراً، ولا فقيراً، ولا حصاراً، ولا حرباً كونية مفروضة على البلاد والعباد منذ سبعة عجاف .. طحنت الأسر والطبقة الوسطى والفقيرة.

من دون مونتاج

غير أن للدكتور زكوان قريط رأياً مغايراً، مطالباً الجهات المعنية بالبحث عن حلول أكثر نجاعة كإيجاد معامل متخصصة، وتوفر الحاجات المدرسية بسعر التكلفة، والعمل على جسر الهوة بين الرواتب والأسعار الحالية.

لأنه ليس من المنطق والمعقول أن يترك المواطن ذو الدخل المحدود والمعدوم الدخل بمواجهة غير نبيلة، ولا شريفة مع التجار بشكل عام، وتجار الأزمة بشكل خاص.. ومطلوب من الدولة بكل مؤسساتها.

إيجاد حلول لأبنائها، وعدم ترك الحبل على الغارب لتجار الجملة ونصف الجملة وحتى باعة المفرق، لأنهم يتلاعبون بالأسعار، والجهات الرقابية أضعف مما تحسم الأمر لقلة المراقبين وفوضى القضاء.

دفاع حماية المستهلك

من ملاحظات الأهالي، ورأي الأكاديميين التي لا تقبل التأويل والتشكيك، إلى دفاع حماية المستهلك التي تعمل على مدار الساعة، لكن يداً واحدة لا تستطيع أن تصفق، وهي أمام معضلة مركبة: أولها قلة المراقبين، ووسائل نقلهم، مروراً بتبرئة المخالفين في أروقة القضاء، وآخرها تحرير الأسعار، واعترف الدكتور حسام النصر الله مدير حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية بأن أداء مديريته قد لا يكون “قمة الأفضل”، ولكنه ممتاز في ظل الظروف، ونطمح ونعمل على تذليل كل الصعاب، حيث يقول: فيما يتعلق بالاستعدادات والتحضيرات للعام الدراسي تم توجيه مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات للعمل على تشديد الرقابة على الأسواق، والقيام بجولات ميدانية مكثفة على الأسواق والمحال التجارية، والتركيز على (المستلزمات المدرسية)، والتحقق من التقيد بالإعلان عن الأسعار المحددة أصولاً، وتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية (بطاقة البيان)، المواصفة والجودة، وبما يحقق استقرار أسعارها خلال هذه المناسبة، وعدم استغلالها من قبل بعض ضعاف النفوس، واتخاذ الإجراءات القانونية، وأشد العقوبات الرادعة بحق المخالفين.

وأضاف: يستمر العمل بنظام تقسيم كل محافظة إلى قطاعات عملياتية حسب الأهمية والظروف المتاحة، بما يحقق سهولة وانسيابية العمل الرقابي على هذه القطاعات، وتلبية متطلبات المستهلكين، والعمل على تكليف الدوريات الرقابية بالعمل ضمن نظام المجموعات، وتخصيص قطاعات وأسواق رئيسية وغير رئيسية لعمل الدوريات الرقابية لأداء مهامها بالشكل الأمثل.

كما قامت الوزارة (المؤسسة السورية للتجارة) باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتأمين وتوفير كافة متطلبات ومستلزمات المدارس من قرطاسية، وألبسة، وغيرها، وتم افتتاح العديد من مهرجانات التسوق  والصالات في عدة محافظات للإخوة المواطنين، وبالأسعار المناسبة والمنافسة، والجودة والمواصفات المطلوبة.

جولات ميدانية

وفيما يتعلق بالرقابة على الأسواق بشكل عام، والكلام لايزال للنصر الله، تقوم الوزارة– مديرية حماية المستهلك– وبشكل مستمر بتوجيه مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات كافة لتشديد الرقابة على كافة الأسواق أينما وجدت وبكافة المناطق، والقيام بجولات ميدانية عليها بشكل مستمر، ومراقبة التقيد بالأسعار والمواصفات، وعدم التهاون في ضبط أية مخالفة، واتخاذ الإجراءات القانونية، والعقوبات الرادعة بحق المخالفين، بالتنسيق مع الجهات المعنية للوصول إلى أفضل النتائج فيما يتعلق بضبط الأسواق والأسعار، وتقوم مديرية حماية المستهلك بالإدارة المركزية وعبر مكتب الشكاوى، والمديريات بالمحافظات، وبكافة وسائط الاتصال، بتلقي شكاوى المواطنين ومعالجتها بشكل فوري، وتم الطلب من كافة المديريات في المحافظات بضرورة معالجة الشكاوى بالسرعة القصوى، وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين، وفرض العقوبات الرادعة بحقهم، وإعلام الوزارة بالنتائج، كما تم القيام بالعديد من الجولات الميدانية، وعلى أعلى المستويات، على الأسواق، (وهي مستمرة)، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، والعقوبات الرادعة بحق المخالفين والمستغلين، وهذه الجولات مستمرة وبشكل يومي لتاريخه.

أداء جيد

كما أن مديرية حماية المستهلك تقوم بمتابعة يومية ومستمرة لعمل الجهاز الرقابي العامل في كافة المحافظات وتقييم أدائه من خلال التقارير الواردة من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات، وهو في تحسن ملحوظ لجهة الأداء والنتائج، على حد تعبير مدير حماية المستهلك.

ضبوط

أما فيما يتعلق بنتائج العمل منذبدايةعام 2017  وحتى نهاية الشهرالثامن، حسب تعبير النصر الله، فقد تمت إحالة /387/ للقضاء موجوداً، ونفذت /1136/ إغلاقاً لمحلات مخالفة، فيما بلغ إجمالي عدد الضبوط المنظمة بحق المخالفين /20569/ ضبطاً، منوّهين إلى أن هذه الضبوط تشمل كافة أنواع المخالفات التي تم ضبطها من قبل جهاز حماية المستهلك، أما  الضبوط التي لم تتم التسوية المالية عليها فتمت إحالتها إلى القضاء المختص أصولاً.

تدخل إيجابي

الحقيقة كالشمس لا تغطى بغربال، فرغم الحرب الكونية، والحصار الجائر على وطننا، ومحاولة قطع حتى الهواء، إلا أن إرادة الشعب والدولة أقوى، حيث السلع متوافرة وفوق الطلب والحاجة، واستطاعت الجهات المعنية أن تكون مسمار الأمان عندما أوجدت عبر منافذ بيعها كل السلع والمستلزمات المدرسية، وبأسعار منافسة حتى تفرض على المؤسسات الخاصة والتجار بطريقة تجارية أسعاراً معقولة للتخفيف عن الإخوة المواطنين، بالإضافة إلى تواجد المراقبين، وإعطائهم صلاحيات واسعة بالعقاب ضمن القانون.

عارف العلي