الاحتياجات الخاصة.. واقع التحديات والحاجة إلى أكثر من المؤسسات والمراكز العلاجية

الاحتياجات الخاصة.. واقع التحديات والحاجة إلى أكثر من المؤسسات والمراكز العلاجية

أخبار سورية

الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

في كل عام من شهر كانون الأول يشارك ذوو الاحتياجات الخاصة في سورية معوقي العالم الاحتفال بيوم المعوق العالمي، والجميع يعلم أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة ومشكلاتهم من أولوياتها لعمل هذا الحدث السنوي يطرح أمام المجتمعات وفيها المجتمع السوري جملة من التساؤلات من حيث مدى الاهتمام بالمعوقين، ومدى تلبية احتياجاتهم، واحتياجات أسرهم على الصعد النفسية والتعليمية والمهنية كافة. نود في مقالنا هذا أن نلقي الضوء حول احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة.

التحديات ومواجهتها

المهندس بركات ماريا عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق لقطاع الشؤون الاجتماعية والعمل، يقول: إن المجتمع السوري اليوم يواجه مشكلات كبيرة في قضايا الإعاقة بفئاتها كافة، لا سيما خلال سنوات الأزمة في البلاد، والتحديات تتمثل بازدياد حالات الإعاقة، وبروز نماذج، وأشكال جديدة من الإعاقة لم نكن نراها، أو نعهدها قبل الأزمة، وتتصدى لها محافظة ريف دمشق بالتعاون مع مديرية الشؤون حالياً، وإيجاد حلول وفق معايير تتناسب مع تطلعات وزارة الشؤون وبرامجها وخططها بالتعاون مع الجهات كافة، ومنها الإنسانية والدولية، وأضاف المهندس ماريا: إن عملهم في مجال الإعاقة عمل مؤسساتي مشترك بين القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية أيضاً، فإن مواجهة التحديات وحلها تكون مشتركة بين هذه القطاعات، وبالتالي يفترض أن تكون النتائج جيدة، وأفضل بكثير مما لو أن كل قطاع عمل بمفرده، ولكن برأي عضو المكتب المختص التحدي الكبير والأكثر بروزاً يتمثل بمدى تقبّل الأسرة للمعوق، وكذلك مدى تقبّل المعوق لذاته، ووضعه الصحي الناجم عن الإعاقة، وإيمانه بالقدرات التي يتمتع بها بغض النظر عن الدعم الاجتماعي الذي يقدّم له، ويعتقد المهندس بركات  أن أول عامل من عوامل نجاح تأهيل المعوق وضع استراتيجية لمواجهة تحديات التأهيل والتدريب، إضافة لنشر الثقافة العامة بين المعوق لزيادة تعميقه، ودمجه في المجتمع، وضرورة إعداد كادر بشري اختصاصي، ومتمكن علمياً وصحياً، ووضع اللبنة الأساسية للنجاح، وكل ذلك من خلال تكاتف الجهود مع القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية كافة، وفيما يتعلق بالمعوقين ضرورة دمج المعوق بالمؤسسات التي تحدثها الوزارة مع إعداد الكادر المختص في مجال الإعاقة، وأوضح ماريا أن سورية من أوائل البلاد العربية التي اهتمت بقضايا الإعاقة والمعوقين، ووفرت لها العديد من الامتيازات، إضافة لوضع مناهج خاصة للمعوقين عقلياً، وتكييف المناهج التعليمية بما يتناسب وطبيعة الإعاقة، وتفعيل القرارات الوزارية التي صدرت لخدمة المعوقين، وقال: كمحافظة يتابع برامج وأنشطة مراكز المعوقين بالتعاون مع المديرية بوضع خطط واستراتيجيات العناية بالمعوقين، وحضور فعاليات أنشطتهم، حيث كانت هناك فعالية بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة في بلدة الغزلانية بمشاركة سادها التجانس والمحبة بين الجمعيات الخيرية، قدّم فيها المعوقون فقرات فنية وترفيهية بالإضافة للنشاطات المميزة لذوي الاحتياجات الخاصة وإقامة دورات لهم للتغلب على الظروف الصعبة التي يعيشها ذوو الاحتياج واندماجه بالمجتمع.

 

رأي اختصاصيين

يرى اختصاصيون في مجال الإعاقات المتعددة أن ما تواجه أسر المعوقين جملة من المشكلات الخاصة والنفسية، وأن هناك جملة من المشكلات الخاصة أثناء محاولتها للتكييف والتعايش مع وجود أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي الوقت ذاته فإن هذه الأسر عرضة للضغوط والتوترات التي تواجهها كل أسرة في المجتمعات المعاصرة، وغالباً ما يفتقر الاختصاص الذي يحاول مساعدة هذه الأسر إلى المعرفة اللازمة حول هذا الموضوع، ولعل من المهم أن نقول: إن ولدي الطفل المعوق أيضاً له حق المساعدة والمساندة والمساعدة المادية، وأهم من ذلك المعنوية، فكثير من الأسر ينتابهم شعور عميق بالإحساس بالذنب والخجل لإنجاحهم لطفل معوق، ويكاد الأمر يصل بهم لحد إخفائه عن المجتمع بأية وسيلة ومحاولة تناسي وجوده، وهذا ما أطلق عليه الاختصاصيون الخجل الاجتماعي، لذلك لابد من دمج المعوق بالمجتمع، وتأهيله ضمن مؤسسات وزارة الشؤون الاجتماعية.

إن تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر صعوبة، وأكثر مشقة، لماذا  التعايش مع الإعاقة عملية صعبة، ولكنها غير مستحيلة؟.. إن تربية الأطفال  كالأطفال، وتنشئتهم التنشئة الصحيحة مسؤولية كبيرة، ومهمة صعبة وشاقة، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأطفال العاديين، وهو حقاً كذلك، فإن تربية الطفل من ذوي الاحتياج الخاص أكثر صعوبة، وأكثر مشقة، لماذا؟ لأن أسرة الطفل من ذوي الاحتياج الخاص تتعرّض لمشكلات، وتتصدى لتحديات خاصة، إضافة إلى تلك التي تواجهها الأسر جميعاً، فالإعاقة غالباً ما تنطوي على صعوبات نفسية، ومادية، وطبية، واجتماعية، وتربوية، وعلى أية حال، فليس بمقدورنا أن نتحدث عن نتائج متشابهة للإعاقة على جميع الأسر، فلكل أسرة خصائصها الفردية، وتتمتع بمواطن قوة محددة، وقد تعاني من مواطن ضعف معينة، ولهذا السبب نجد أن الدراسات العلمية التي بحثت في هذا الموضوع انتهت إلى نتائج مختلفة، ففي حين أشارت بعض الدراسات إلى أن إعاقة الطفل تقود إلى تقوية العلاقة الأسرية، أشارت دراسات أخرى إلى عكس ذلك، فبيّنت أن إعاقة الطفل قد تؤدي إلى مشكلات في الحياة الأسرية، وبخاصة منها تلك المرتبطة بإساءة معاملة الطفل جسمياً، أو نفسياً، وتأثر العلاقة الزوجية، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسات أجريت في الدول الغربية، وليست هناك- لسوء الحظ- دراسات كافية حول هذا الموضوع في الدول العربية، ومن يدري كيف يكون الأمر لدينا دون دراسات جادة، فالانطباعات العامة لا تكفي، والخبرة الشخصية لا يمكن تعميمها على الجميع؟!.

 

استراتيجيات وخطط

في حديث لمديرة الشؤون الاجتماعية والعمل بريف دمشق فاطمة رشيد قالت: إن وجود مثل هذا المعوق في الأسرة يتطلب تعاملاً خاصاً يتناسب مع حالته بالشفافية الصادقة الممزوجة بالابتسامة، وهذا يتحقق ببذل جهود مكثفة ومتواصلة على صعيد الرعاية الطبية، والنفسية، ومؤسسات ومراكز وزارة الشؤون تقدم خدمات كثيرة للمعوقين ضمن مراكز متخصصة يعمل بها اختصاصيون بقضايا الإعاقة، إضافة لتقديم العلاجات الطبيعية، والوظيفية، والنطقية، والإرشاد الأسري، وأيضاً التقييم التربوي، والإشراف الطبي والتمريضي، وقالت رشيد: إننا ندرك ونتفهم طبيعة الصعوبات التي ربما تواجهنا، وخاصة بعد ازدياد أعداد المعوقين خلال سنوات الأزمة، وأضافت: إن هناك استراتيجيات وخططاً، أهمها تواصلنا مع الأسر بمساعدة الأهالي لوضع الخطط العلاجية المناسبة، وإحداث برامج ونشاطات لتأهيل المعوق للتكيف والاندماج في المجتمع، وهناك برنامج إحصائي لعدد المعوقين، وإصدار استمارات خاصة بهم، وتوزيع بطاقات إعاقة للاستفادة من كافة الامتيازات.

وأشارت مديرة الشؤون الاجتماعية إلى جملة من الخطوات التي تتخذها المديرية، ومنها تأهيل مركز لتدريب الحرف المهنية في ظل العمل على تفعيل الحرف المهنية من خلال الوحدات الإرشادية، كحرفة السجاد اليدوي، بالإضافة إلى حرف أخرى حسب واقع كل وحدة إرشادية، موضحة أنه تم ترخيص 10مراكز خاصة بتأهيل الطفل المعوق في المحافظة، حيث يتم تقديم مساعدات نفسية ومعنوية لذوي الاحتياجات الخاصة، وللمسنين الذين عانوا من ظروف المعيشة الصعبة خلال الأزمة، لافتة إلى قيام المديرية حالياً بإعداد استبيانات على مستوى المحافظة حول عدد ذوي الإعاقة، والسيدات المعيلات، والأيتام، إضافة إلى تكليف مختصين للكشف على عدد حالات الاستغلال والعنف الأسري.

عبد الرحمن جاويش