الاشتباكات على أطراف عفرين

الاشتباكات على أطراف عفرين

أخبار سورية

الخميس، ١٥ مارس ٢٠١٨

تحرّك الجيش في الميدان ليكسب مناطق جديدة في جسرين ومحيط الريحان، بالتوازي مع خروج دفعة ثانية من المدنيين وتحضيرات لدخول قافلة مساعدات اليوم، قبل يوم على انطلاق جولة جديدة من محادثات أستانا. وفي عفرين، وبالتوازي مع تهديدات الرئيس التركي بإتمام حصار المدينة، وصلت الاشتباكات إلى أطراف أحيائها الغربية وسط انقطاع للكهرباء والمياه عن سكانها
 
بدأت فعالية التقسيم العسكري الذي فرضه الجيش السوري على مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في الغوطة، تنعكس على مسار المحادثات والجهد الميداني على حدء سواء. فبينما تتطور نتائج الاتصالات الروسية مع «جيش الإسلام»، وتتبلور في خروج دفعات جديدة من المدنيين مقابل دخول مساعدات إلى دوما، يستمر الجيش في معاركه على أطراف الجيب الجنوبي من الغوطة، حيث يسيطر «فيلق الرحمن» و«جبهة النصرة»، من دون أن تتوقف خطوط التواصل مع الفعاليات المحلية في بلدات حمورية وسقبا وكفربطنا.
 
العمليات العسكرية على هذا المحور، حققت أمس تقدماً لافتاً، مع دخول الجيش إلى بلدة جسرين وسيطرته على قسم واسع من أطرافها الشرقية. وأتى ذلك بعد استهداف مركّز لخطوط دفاع المسلحين من جهة مزارع البلدة شرقاً. وأعلنت مصادر معارضة أن القصف سبّب مقتل اثنين من قادة «فيلق الرحمن». ولم يقتصر التحرك على محور جسرين، بل امتد شمالاً إلى أطراف سقبا، وصولاً إلى بلدة حمورية، التي شهدت بدورها تصعيداً واسعاً في القصف المدفعي والجوي. ويأتي تسخين جبهة حمورية، بعد استمرار المسلحين في فرض المواجهة العسكرية على أهلها الذين طالب قسم كبير منهم بعقد تسوية مع الجيش السوري، من خلال وفود تباحثت مع مسؤولين معنيين في دمشق. ولعب فشل اتفاق يقضي بتسليم مقاتلين يتبعون «لواء أبو موسى الأشعري» لسلاحهم في حمورية، دوراً في عودة النار إلى جبهاتها. التوجه الشعبي نحو تسوية في البلدة ما زال يتصاعد، بالتوازي مع وضع مماثل في بلدات سقبا وكفربطنا، وسط توقعات باحتمال تحسّن فرص عقد تسوية مع وصول الجيش إلى أطرافها. وعلى جبهة الريحان، التابعة لجيب دوما، تمكن الجيش من التقدم والسيطرة على محيط حوش المبروكة ورحبة الإشارة، تمهيداً لمواصلة التقدم نحو البلدة من هذا المحور. ولم يمنع التصعيد العسكري من خروج دفعة ثانية من المدنيين عبر «الممر الآمن» نحو مخيم الوافدين، قبل نقلهم في وقت لاحق إلى مراكز إقامة مؤقتة. وأشار مدير المكتب السياسي في «جيش الإسلام» ياسر دلوان، إلى أن «الاتفاق مستمر جيداً إلى الآن... هناك إخراج للحالات الطبية للعلاج، وسنتابع هذه الحالات حتى إنهاء هذه الحالات وإخراجها للعلاج ثم العودة»، مضيفاً أن نحو 35 مدنياً مع مرافقيهم غادروا أمس. وبالتوازي، أوضح مستشار الشؤون الخارجية في الهلال الأحمر العربي السوري، زياد مسلاتي، لوكالة «رويترز»، أن قافلة مساعدات من 25 شاحنة تحمل غذاء وأدوية ستدخل مدينة دوما، اليوم.
وفي موازاة تلك التطورات، ينطلق اليوم الاجتماع التحضيري لجولة جديدة من اجتماعات أستانا، بين وفود من الدول الضامنة الثلاث، روسيا وإيران وتركيا. ولن يحضر هذه الجولة أي من الأطراف السورية لكونها اجتماعات تقنية، فيما سيحضّر اجتماع اليوم للقاء على مستوى وزراء الخارجية بين تلك الدول، بالتوازي مع دعوة موجهة إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، للحضور إلى العاصمة الكازاخية.
وسيبحث المجتمعون الملفات المرتبطة بجولتي أستانا وسوتشي الماضيتين، وبينها ملف المعتقلين وإزالة الألغام، إلى جانب اللجنة الدستورية. كما سيدور الحديث حول اتفاق «خفض التصعيد» والمستجدات في ملف عفرين. وجرى التمهيد للاجتماع المرتقب أمس، عبر زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لموسكو، ولقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف. وأوضح الأخير في حديث صحافي عقب اللقاء، أنه جرى نقاش الوضع السوري «بما في ذلك تصرفات الولايات المتحدة، ولا سيما على الضفة الشرقية لنهر الفرات وشرق سوريا، حيث يعمل الأميركيون بالفعل على إنشاء قواعد عسكرية»، مضيفاً أنه «لا يوجد سبب للشك في أن بعض الأشخاص، على الأقل فى النخبة الحاكمة الأميركية، يسعون إلى ضمان وجودهم هناك (شرق الفرات) على المدى الطويل، إن لم يكن بشكل دائم، والمساهمة فى انهيار الدولة السورية». وأعاد التحذير من «الاستفزازات المحتملة» من قبل المسلحين في سوريا، واستخدامها «ذريعةً لاستخدام القوة، وتحديداً لمهاجمة العاصمة السورية»، مشيراً إلى أن بلاده «حذرت الولايات المتحدة بشدة من خلال جميع القنوات... ونأمل ألّا تنفذ هذه الخطط غير المسؤولة». وقال إن «هذه التكتيكات تظهر أن الولايات المتحدة ما زالت تسعى إلى خلق ذرائع لإطاحة الحكومة السورية».
وفي انتظار ما قد يخرج به اجتماع أستانا التقني، شهد محيط مدينة عفرين، أمس، تطوراً لافتاً، بوصول القوات التركية والفصائل المسلحة العاملة معها، إلى أطراف الأحياء السكنية للمدينة من الجهة الغربية. وجاء هذا التقدم بالتوازي مع تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعرب فيها عن أمله في «دخول» قواته المدينة، قبل أن يصحح مصدر في الرئاسة الكلام، بأن المقصود هو حصارها بشكل تام. وبعد أن سيطرت قوات الاحتلال التركية على بلدة كفرشيل، أشارت مصادر كردية من داخل عفرين، إلى أن حي المحمودية في الجانب الغربي من المدينة، تعرض لهجوم خلال ساعات ليل أمس الأولى، من قبل قوات تركية. وأوضحت تلك المصادر أن الحي شهد حركة نزوح لسكانه بعد سماعهم أصوات الاشتباكات. وتابعت فصائل «غصن الزيتون» تحركها لخنق الممر الوحيد الموصل إلى عفرين، وسيطرت على بلدة الغزاوية، في وقت تُعدّ فيه لتحرك يستهدف بلدة باسوطة، التي تتوسط الطريق الوحيد من المدينة وإليها. وترافق التحرك على هذا المحور مع قصف تركي استهدف نقطة لقوات تتبع للجيش السوري في محيط بلدتي نبّل والزهراء الشمالي، وأدى إلى استشهاد 8 مقاتلين ينحدرون من البلدتين. وبينما اعتبرت المصادر الكردية أن تصريحات أردوغان عن دخول عفرين هي «أحلام يقظة»، نقلت مصادر محلية في عفرين، أن قطع المياه والكهرباء عن المدينة بعد سيطرة الأتراك على سد «7 نيسان» (ميدانكي)، سبّب أزمة خانقة داخل المدينة التي شهدت أمس ازدحاماً خانقاً على الفرن الآلي، وإقبالاً من الأهالي على شراء المواد الغذائية وتخزينها.