نافذةٌ على سورية.. هكذا أصابتهم لعنة الحرب

نافذةٌ على سورية.. هكذا أصابتهم لعنة الحرب

أخبار سورية

الجمعة، ١٨ مايو ٢٠١٨

لا تقتصر ظاهرة الفقر في سورية على سنوات الحرب، وإنّما كانت وما تزال إحدى أكثر الظواهر والمظاهر المعيشيّة السيّئة الملموسة في البلاد إلّا أنّها تفاقمت خلال السنوات السبع الماضية؛ فأضحت عنوان حياة آلاف العائلات إنْ لم نقل مئات الآلاف منها.
فما بين مهجّر وعاطلٍ عن العمل، وصولاً إلى ما بين هذا وذاك ممّن حوّلتهم الحرب إلى أشخاصٍ وأرباب عائلات يعيشون تحت خطّ الفقر؛ لأنّهم ليسوا "لصوص حربٍ" ولا "تجّار أزماتٍ"، لتوقف الحرب أعمالهم وتقطع أرزاقهم فيبقون لا حول لهم ولا قوّة بانتظار "الفرج من الله" كما يقول (س. م) وهو أحد المواطنين ممّن أثّرت الحرب على ميدان عمله كتقنيّ في صيانة السيّارات.
ويُضيف الرجل الأربعينيّ في حديثه لـ"وكالة أنباء آسيا"، أنّه بحكم العاطل عن العمل منذ حوالي ستّ سنوات ونصف السَّنة، حينما توقّفت وكالات السيّارات في حرستا عن العمل جرّاء الحرب ودخول التنظيمات المسلّحة إلى المنطقة وتوقّف جميع الوكالات والشركات ومعارض السيّارات الموجودة في المنطقة، مبيّناً أنّه تحوّل من تقنيٍّ إلى "صانع" في إحدى وُرش الصيانة في اللاذقية.
ويشير الرجل الدمشقيّ، إلى أنّه رفض عروضاً للعمل خارج البلاد بسبب خوفه على أولاده من أنْ يقضوا في البحر كما حدث مع أحد أقاربه حينما هاجر بطريقةٍ غير شرعيّةٍ هرباً من الموت فقراً فماتوا غرقاً، بحسب ما ذكر، لافتاً إلى أنَّ "السفر حظٌّ، ومن لا حظ له لا يتعب ولا يشقى في أيّ بلد كان".
ويشرح (س. م) كيف قضت الحرب على مستقبله المهنيّ، مقابل إنعاشها لحياة من يصبّ الزيت على نارِها، موضّحاً أنَّ الأزمة حوّلت "المجرّد من الأخلاق إلى رجل أعمال، والكادح إلى مجرّدٍ من العمل، إنّها لعنة الفقر ولعبة الحظّ والقدر"، بحسب تعبيره.
من جانبه ذكر إبراهيم -تاجر قطع تبديل سيارات- أنَّ عمله توقّف مع بداية الحرب، مبيّناً أنّه اختار العمل كسائق سيّارة أجرة على أنْ يكون "تاجر أزمة"، وأوضح في حديثه لـ"آسيا"، أنَّ معظم أعمال التجارة في ظلّ الحرب تحوّلت إلى عمليّات نصبٍ مدروسة تدرُّ الملايين على أصحابها الذين لا أصحاب لهم سوى العملة الخضراء التي باعوا بها ضمائرهم، على حدِّ قوله.
ولفت ابن مدينة حلب إلى أنّه ارتأى أنْ يعمل كسائق أجرة في اللاذقية ويبقى بعيداً عن السوق حتّى عودة الحياة إلى طبيعتها ويفتح باب الاستيراد الشرعيّ، موضّحاً أنَّ الاستيراد اليوم يمثّل بمعظمه عمليّات تهريب غير قانونيّة ترفع أسعار قطع الغيار في السوق السوريّ إلى خمسة أضعاف، ما جعل المواطن العاديّ يدفع دمّ قلبه عند صيانة سيّارته، بحسب ما ذكر.
وربما لا يختلف حال الرجلين عن مئات العمّال والتجّار السوريّين الذين باتوا ينتظرون فرصاً كانت لا تناسب من هم أقل شأناً منهم، إلّا أنَّ ظروف الحرب لا تناسب الجميع، ولا الجميع قادرون على اللّعب في نارها وركوب أمواج مسافريها نحو شواطئ أُخرى، ما جعل نحو 13 مليون شخصٍ يفقدون دخلهم الشهريّ، بحسب دراساتٍ اقتصاديّة.
وفي تقرير صادر عن مركز للأبحاث الإستراتيجيّة في دمشق، تبيّن أنَّ نسبة الفقر في سورية، تبلغ حوالي 67%، مشيراً إلى أنَّ عدد الأشخاص الذين خَسِروا وظائفهم في القطاعين الخاصّ والعام بلغ 2.7 مليون شخص.
وبحسب التقرير فإنَّ الحرب رفعت معدّل البطالة من 15 % في عام 2010 إلى 57 % في عام 2017، نتيجة تدمير البُنى التحتيّة في كثيرٍ من المناطق السوريّة.