عـروض «شبه وهميـــة» لجذب الزبائن.. الغايـات مختلفة والحجـج جاهزة

عـروض «شبه وهميـــة» لجذب الزبائن.. الغايـات مختلفة والحجـج جاهزة

أخبار سورية

السبت، ٢٦ مايو ٢٠١٨

كثيرة هي العروض التي تقدمها الشركات والمطاعم والمحال بمناسبات أو بغير مناسبات، فتعرض على الزبائن سعراً أقل من المعتاد على نوعية محددة من خدماتها أو منتجاتها، عرض قد يكون مشروطاً أو غير مشروط، والهدف من ذلك جمع أكبر عدد من الزبائن.. تلك العروض تتفاوت بين وهمية وشبه وهمية وأحياناً حقيقية، حسب الهدف منها، وإذا وقع المستهلك في فخ التضليل، توقفه الحجج والتبريرات الكثيرة فيمتنع عن الشكوى، أما الجهات المعنية فتعلن عن مراقبتها لتلك العروض وتنتظر الشكاوى التي نادراً ما تصل إليها.
 
ما وراء عروض المطاعم
يسعى كثيرون من أصحاب الدخل المحدود وخاصة من فئة الشباب للحصول على أسعار مخفضة في أي مكان يذهبون إليه، فتجدهم يبحثون عن المطاعم والمقاهي التي تقدم عروضاً لدفع أقل تكلفة ممكنة، إلا أن الأمور قد لا تسير دائماً على ما يرام. ومن بين هؤلاء الشباب رشا منصور (طالبة ماجستير) أكدت مازحةً أنها مسؤولة التنسيق في شلة الجامعة، فعلى عاتقها تنظيم أي مناسبة خاصة بطلاب دفعتها، والتخطيط للمشاوير الاعتيادية التي يقومون بها أسبوعياً، موضحةً أنه على اعتبار أغلب زملائها طلاباً، وليس لديهم دخل شهري من عملهم، فإنها تبحث دائماً عن مطاعم ومقاه تقدم عروضاً على الطعام والمشروبات تناسبهم، وبالتالي يعرف كل منهم – على الأقل – كم سيكلفه المشوار مسبقاً. إلا أن رشا تعترف أنها وقعت أكثر من مرة ضحية العروض المقدمة من قبل بعض المطاعم، وخاصة التي تُعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تقوم تلك المطاعم بالحفاظ على السعر المقدم في العرض إلا أن الجودة تختلف كثيراً عن الصور المعروضة، والتي تكون عامل جذب للكثيرين، سواء الباحثين عن العروض بشكل مقصود أو بالمصادفة عند المرور على ما يقدمه هذا المطعم أو ذاك.
زميلها باسل حمود يشاركها الرأي، ويوضح أن بعض المطاعم (تأخذ الفرق) بأسعار بقية الخدمات المقدمة خارج العرض، سواء أراكيل أو ماء وحتى الضرائب والرسوم، مؤكداً أن العروض ليست وهمية في كل الأماكن، فبعض المطاعم تحترم اسمها وتضع الزبون في صورة كل تفاصيل العرض وما يشمله، وأسعار كل شيء يضاف إليه من دون أن تلزمه بأي منها.
غايات أخرى
ليست المطاعم وحدها التي تقدم عروضاً قد تكون وهمية، كذلك الشركات المنتجة للسلع والبضائع المختلفة ولكن بطرق أخرى. تعاني حنان أحمد (مصففة شعر وخبيرة تجميل) من شركات ومحلات التجميل التي تعلن عن عروض لبيع منتجاتها بشكل مستمر لكن تفاصيله بمزاجها، وهو ما لمسته بعد تعاملها مع وكيل إحدى الشركات العالمية للمكياج في دمشق لسنوات، فوجدت نفسها لا تأخذ حقها من العروض المقدمة، ويقوم العاملون في الوكالة باختيار المنتجات التي يتم وضعها ضمن العرض، واستبعاد أخرى والتي تُخبأ لزبائن محددين، أو لأنفسهم لبيعها خارج الوكالة بأسعار قبل التخفيض. وتضيف حنان: في كثير من الأحيان تعلن بعض المحلات عن عرض (خارق)، وتطلب من متابعي صفحتها على وسائل التواصل الاجتماعي دعوة أصدقائهم للاطلاع على العرض، وعند زيارة المحل تكون الحجة جاهزة بأن كمية البضاعة المخصصة للعرض انتهت، وتفهم من ذلك أن العرض كان مجرد وسيلة لرفع مستوى الدخول لصفحات التواصل الاجتماعي وزيادة عدد المعجبين فيها. إلا أن حنان لا تنكر أنها تستفيد في بعض المرات من العروض المقدمة إلا أن شعور (محاولة النصب علينا) هو ما يزعجها، أو ترى أن بعض الشركات تريد تصريف كامل البضاعة التي تملكها لقرب انتهاء مدة صلاحيتها وليس كرماً منها.
وهمي أم حقيقي؟
الخدمات أيضاً لها نصيب من العروض المضللة، إن صح التعبير، حيث تشير وفاء زين (موظفة) إلى أن بعض الشركات تربط تقديم خدمة مجانية بشرط الحصول على خدمة قبلها من الشركة ذاتها، كعروض التجميل والأسنان والليزر وغيرها، وعند الاطلاع على أسعار الخدمات خارج العرض تجدها بسعر غال جداً، وتالياً العرض وهمي، والغاية منه زيادة عدد زوار المركز ومقابلتهم وجهاً لوجه لإقناعهم بالحصول على أي خدمة من خدمات الشركة. أما صديقتها ولاء عبيد (موظفة) فتخالفها الرأي، وتقول: إن بعض شركات الخدمات ومن بينها مراكز التجميل وبسبب الظروف الاقتصادية اضطرت إلى تقديم عروض غنية ومميزة، لأن عملها شبه متوقف وتالياً ترغب في الحصول على أي زبون حتى وإن حصل على الخدمة بأسعار قليلة، مؤكدة أنها استفادت أكثر من مرة من تلك العروض وكانت هي الجهة الرابحة، وأن أي شخص يستطيع تقدير العرض إن كان وهمياً أو حقيقياً ويختار ما يناسب حاجته وإمكاناته المادية.
كوبونات بوجهين
لا تختلف الكوبونات التي تُوزع في الأسواق والمعارض وحتى في الشوارع عن إعلانات العروض المنتشرة على واجهات المحال أو على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث يبدو (الكوبون) بطاقة ذهبية يحقق عروضاً خيالية، لكن عند الذهاب إلى العنوان المحدد قد يكون الواقع مختلفاً تماماً، هذا ما حصل مع إسماعيل معروف (طالب جامعي) الذي كان يتقصد زيارة المعارض الخاصة بالتعليم وفرص التدريب، لعلمه بوجود عروض على الدورات التدريبية، وبالفعل كان يحصل هناك على كوبونات تحمل عروضاً لدورات تعليم لغات وكمبيوتر وغيرهما، لكن عند زيارة المعاهد تلك تبدأ الحجج من قبل؛ عدم وجود مقاعد شاغرة في هذه الدورة، أو اللغة الإنكليزية لا تدخل ضمن العروض، أو يشترط متابعة الدورات التالية ودفع مبلغ مبدئي مخصص لها، وغير ذلك من الحجج التي تجعل أي شخص يستغني عن العرض المقدم له، ويذهب إلى مكان آخر حتى لو كان ذلك بسعر أغلى.
أما أبو زياد (موظف) فيشير إلى أنه حصل أكثر من مرة على (كوبون) يحمل حسماً بنسبة محددة عند شراء المنتجات من مكان معين، وعلى اعتباره صاحب أسرة لديها حاجات كثيرة، فإن الحسم البسيط يفيد ويوفر ولو القليل من المال.
الرأي الآخر
المطاعم والشركات والمحال لها وجهة نظر مختلفة بموضوع العروض، حيث يؤكد سام بشارة مدير أحد المطاعم في منطقة المزة، أن المطعم غير الرابح لن تزيد من مدخوله أي عروض مهما كانت، أما المطعم الناجح الذي يسعى للحفاظ على اسمه وسمعته وزبائنه، فيقدم العروض المختلفة والمتنوعة للحصول على أكبر عدد من الزبائن، فمن المؤكد أن المطعم لن يقدم عرضاً سيجعله خاسراً، إلا أنه يقدم سعراً أقرب ما يمكن إلى التكلفة لجذب الزبائن، وعندما يتعرف الزبون إلى المطعم وخدماته المقدمة ويعجب بها، سيصبح زبوناً دائماً بوجود عروض أو بعدم وجودها، وهذا ما نسعى إليه.
بينما تؤكد نبال الخاني التي تعمل في أحد مراكز التجميل بمنطقة المزرعة، أن صاحبة المركز الذي تعمل فيه اتجهت إلى سياسة العروض لأنها مربحة لها، وهي عروض حقيقية، حيث إن أجهزة المركز موجودة في كل الأحوال وأجرة العاملين تُدفع شهرياً بوجود زبائن أو بعدمه، والتكلفة التي ستدفعها على المواد لا تذكر مقارنة بإقبال عدد كبير من الزبائن للحصول على العرض.
جهة توافق وجهة تراقب
الدكتور حسام النصر الله (مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية) أكد أن الوزارة توجه مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات لتشديد الرقابة على الأسواق من خلال القيام بجولات ميدانية مكثفة عليها وعلى المحال التجارية للتحقق من تقيدها بالإعلان عن التنزيلات بشكل أصولي، وعن الأسعار، والتحقق من أن هذه التنزيلات حقيقية وليست وهمية، وذلك من خلال التدقيق بالفواتير المتداولة بين حلقات الوساطة التجارية وسعر مبيع السلعة قبل وبعد التخفيض، واتخاذ الإجراءات والعقوبات القانونية الرادعة بحق المخالفين.
مشيراً إلى أن الوزارة تقوم بشكل دائم بتفعيل ومتابعة مبدأ الرقابة الاستقصائية من خلال تنفيذ آلية رقابة غير مباشرة على الأسواق، وسبر الأسعار، وكشف المخالفات على أنواعها، وتفعيل ثقافة الشكوى لدى المواطن، كل هذه الإجراءات تتم بهدف العمل على حسن تطبيق القانون وضبط الأسعار بعد الإعلان عن التنزيلات في الأسواق لضبط المخالفات بكل أنواعها (الغش – التدليس – البيع بسعر زائد..) وتشمل كل المواد والسلع المنتجة والمصنعة محلياً أو المستوردة من الأسواق الخارجية التي تخضع للتنزيلات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وأضاف: أما بالنسبة لموضوع العروض المقدمة من خلال الإعلانات أو الكوبونات فتخضع إلى موافقات مسبقة من الجهات ذات العلاقة (وزارة الإعلام – المؤسسة العربية للإعلان – المؤسسة العامة للمعارض..)، وتتم مراقبتها ومتابعتها من جهاز حماية المستهلك عند استيفائها للموافقات اللازمة وفق الآلية المتبعة لمراقبة التنزيلات، كما تخضع لرقابة الجهات المانحة للموافقات، وفي حال ضبط أي مخالفة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين وفق أحكام القانون رقم 14 لعام 2015 والقرارات الصادرة بموجبه وخاصة فيما يتعلق بالعروض الوهمية أو الغش أو التدليس أو تضليل المستهلك، إضافة إلى تحديد مواعيد التنزيلات والتخفيضات على السلع والمواد المسموح بإجراء تنزيلات على أسعارها.