النظافة مسؤولية الجميع.. والكل متّهم! تردي الوضع البيئي حوّل النظافة من نعمة إلى نقمة

النظافة مسؤولية الجميع.. والكل متّهم! تردي الوضع البيئي حوّل النظافة من نعمة إلى نقمة

أخبار سورية

السبت، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨

معذى هناوي:
النظافة من الإيمان.. والنظافة حضارة ودليل رقي الشعوب وتطورها، شعارات حولها المعنيّون بها من مجالس المدن والبلدات والقرى إلى نقمة باتت تؤرق المواطنين وتثير العديد من الأسئلة في ظل الواقع البيئي المزري، فحيثما وليت وجهك تثيرك مناظر انتشارها العشوائي في الشوارع والحارات ولم يقتصر هذا المشهد المقزز على القرى والبلدات وحدها، إنما تعدّتها إلى المدن والتجمعات السكنية الكبيرة، حيث تصدمك الصور البصرية المقرفة لأكوام القمامة المتراكمة في الأحياء وزواياها المهملة.
يصدمك هول حاوية «الزبالة» التي غطتها القمامة المبعثرة في كل الاتجاهات، وكيف تقصدها قطعان الكلاب الشاردة وباتت مصدر قلق وذعر للأهالي. وفي قراءة متأنية للمشهد الدرامي لانتشار القمامة، يشدك في حبكته وصياغة جمله بعناية عندما تكتشف أن العقدة التي وقف عندها النجار وعجز عن نشرها هي في كيل الاتهامات المتبادلة بين أطراف المعادلة المعنية بنظافة البيئة، وعندما تسأل عن أسباب المشكلة لانتشار القمامة وتراكمها تأتيك عشرات الأجوبة والاتهامات.
المسؤول المباشر يتهم المسؤول الأعلى في المحافظة بعدم الاستجابة لمراسلات وكتب مجالس البلديات المدبجة بنقص العمالة ونقص الآليات، وبعدم قدرة البلديات على إصلاح الجرارات وسيارات القمامة وصعوبة توافر التمويل المالي وقطع التبديل والصيانة وارتفاع أسعارها بينما الميزانيات لا تسمح، وكل ذلك يؤدي إلى تردي الوضع الخدمي كما ويدعي رؤساء المجالس والوحدات الإدارية نقص العمال وعدم الموافقة على تعيين عمالة بديلة وإلى غيرها من المسوغات.
المواطن يتهم مجالس المدن والبلدات بالإهمال وعدم المتابعة لواقع النظافة فيما حول الأحياء وصولاً إلى مكبات القمامة ليأتي رد رؤساء المجالس بأن المواطن غير متعاون في مسألة النظافة سواء من جهة رمي القمامة في مواعيدها المحددة أو من جهة عدم احترامه القوانين و«التزبيل» في الشوارع والحدائق بمظهر غير حضاري.
المواطن متهم- ورؤساء المجالس البلدية متهمون، والمحافظة متهمة والقمامة شاهد على هذا الاتهام، فالجميع مسؤول انطلاقاً من أن النظافة مسؤولية الجميع وتقع على عاتق المجتمع لكونها تحتاج تربية وتكريس عادات جميلة لدى المجتمع بدءاً من الأسرة مروراً بالمدرسة وليس انتهاء بدور العبادة والجامعات وكل مفاصل الحياة، تحتاج تعاوناً كبيراً ومخلصاً، وعلى مجالس المدن والبلدات وأمام ادعاءاتهم بنقص الآليات والعمالة لديهم أن يعملوا على تنظيم أيام نظافة طوعية ودعوة جميع فعاليات المجتمع للمشاركة بأيام نظافة ولتكن أسبوعية أو حتى شهرية لترحيل أكوام القمامة والأتربة المتراكمة في الحواري والزواريب، ومشاركة الجميع ولو بوضع شاحناتهم وجراراتهم تحت تصرف البلديات مرة في الشهر على الأقل، ورفدها بالآليات من خلال أيام النظافة الطوعية.
أجزم على مستوى منطقتي أنني لم أسمع يوماً أن البلدية قامت بيوم نظافة طوعي أو دعت فعاليات المجتمع للتعاون معها في ذلك، وليبقى الجميع يشتكي تردي وضع النظافة وليبقى من هو فوق يشتكي من هو تحت بالتقصير وليبقى الجميع متهماً وموضع التقصير حتى يثبت العكس.
بالمناسبة إذا قام كل مدخن برمي أعقاب السجائر التي يدخنها فقط يحتاج إلى عامل يومي لينظف خلفه، لذلك كانت مسؤولية المواطن أكبر في تحقيق التعاون مع الوحدات الإدارية وضبط عمليات رمي القمامة والتمثل بآداب الشارع وعدم رمي القمامة في غير الأماكن المخصصة، ذلك أن المواطن هو المسؤول الأول باعتقادي عن خلق بيئة نظيفة وألا ينتظر البلدية والعمل، بالمثل القائل «إذا كل مواطن كنس أمام منزله فالنتيجة شارع نظيف» فالنظافة مسؤولية الجميع، ووحدها البلديات كجهات رسمية قادرة على فرض القانون والمتابعة لكل مخالفة بخصوص النظافة، أما إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً فعلى الدنيا السلام.