الزبداني.. معركة حياة أو موت

الزبداني.. معركة حياة أو موت

أخبار سورية

الأحد، ٢ أغسطس ٢٠١٥

اعتادت إسرائيل أن تتدخل في المشهد العسكري السوري عندما تجد أن الأمور على الأرض تسير بشكل يعاكس مصلحة «حلفائها»، أو عندما تشعر أن تغييرا إستراتيجيا يلوح في الأفق وتحديدا على مستوى السياسة الإقليمية التي شهدت «نصرا» ديبلوماسيا تفاخرت به إيران وأصدقاؤها , بينما حزنت له إسرائيل وحذّرت من تداعياته، وهي تحشد ديبلوماسيا وسياسيا لإسقاطه في الكونغرس الأميركي أو على الأقل تحاول التشويش عليه .
المصادر العسكرية المراقبة للتحركات الإسرائيلية الأخيرة لا تخفي قلقها من إمكانية إقدام إسرائيل على أعمال قد تعيد خلط الأوراق التي تسعى حليفتها الولايات المتحدة الى ترتيبها مع إيران -آخذة بنظر الإعتبار هواجس إسرائيل- من دون أي تغيير يذكر، ولعل عين إسرائيل المفتوحة على الحدود الشمالية اللبنانية الأقرب إلى ساحتها أو ما يجري على الحدود في الجولان السورية، سوف تكون نقطة التركيز الجديد لإسرائيل في تحركاتها المقبلة.
تتابع المصادر بالقول إن العمليتين الأخيرتين في منطقة «الحَضر» في ريف القنيطرة و«قوسايا»» تؤكد على أن إسرائيل أرادت من خلالهما إرسال رسالة لكل من النظام السوري وحليفيه حزب الله و«الجبهة الشعبية» لتحرير فلسطين مفادها أن أي تحركات قريبة على الحدود معها ستقابلها بحزم وبالتالي كانت عملية «موضعية» على غرار الطريقة التي إنتهجتها إسرائيل بعد تنفيذ حزب الله عملية في شبعا في كانون الثاني الماضي ردّا على عملية «القنيطرة» التي إستهدفت قياديين في الحرس الثوري الإيراني والشهيد جهاد عماد مغنية، حين أرسى بعدها حزب الله قواعد إشتباك جديدة مع العدو أصبح من الصعب تخطيها.
السؤال المطروح هو لماذا قامت إسرائيل بتوجية ضربتين جويتين بطائرات حربية من دون طيار على مواقع تابعة لحزب الله والجيش السوري أو للقيادة العامة - الجبهة الشعبية - وهي الحليف للنظام السوري والتي تشارك عسكريا على الأرض في عملياته ضد المسلحين؟ تجيب هذه المصادر العسكرية بالقول إن إسرائيل بدأت تستشعر بعد الإتفاق النووي بين إيران والغرب في فيينا «نشوة» إنتصار كبيرة للمحور الحليف لإيران وهو حزب الله والجيش السوري حيث تُرجم على الأرض من خلال تحقيق التقدم الكبير والسريع في منطقة الزبداني الإستراتيجية والتي تدخل في حال تمّ الإنتهاء من تحريرها، في سياق تأمين كافة الحدود اللبنانية السورية من الإرهابيين، ولهذا السبب تأخذ هذه المعركة أهمية قصوى على الصعيد العسكري حيث تقول المعلومات المتوافرة من هناك إن المقاومة والجيش السوري قد دخلا في المرحلة الرابعة والأخيرة من تحرير المنطقة معتمدين خطة «قضم» الأحياء في الزبداني عبر تفجير شبكة الأنفاق وتدميرها وإستهداف مراكز المسلحين وتحصيناتهم عبر الصواريخ الموجّهة، ومن بعدها الدخول إليها، كاشفة عن أن محاولات عدة لإدخال الإمدادات العسكرية والطبية حصلت من بلدتي» بقين ومضايا «في الريف الجنوبي للزبداني للمسلحين المحاصرين داخل المدينة، تمّ إفشالها وإسقاط المتسللين بين قتيل وجريح.
وتضيف المعلومات أن المعركة أضحت في آخر مرحلة وهي الأصعب والأهم التي تقضي بتطهير كل المدينة من المسلحين المنتشرين بكثافة فيها الذين لا يملكون سبيلا لهم إلى خارجها سوى عبر تسوية وإنسحاب، أو عبر تسليم أنفسهم، أو الموت، كما أن الجيش السوري وحزب الله يعتبران معركة الزبداني معركة حياة أو موت، فمن غير المسموح التراجع أو الفشل أيضا ولعل هذا الإنجاز العسكري هو ما تنظر له إسرائيل بعين الحذر والريبة وتسعى من خلال بعض العمليات العسكرية المحدود التشويش أو إرباك المشهد مثلما حصل في العمليتين الأخيرتين في الحَضر في ريف القنيطرة التي يقطنها سكان دروز بمحاذاة الجزء المحتل من إسرائيل من هضبة الجولان من جهة وريف دمشق, ومن جهة أخرى العملية الثانية في منطقة « قوسايا» على الحدود اللبنانية السورية المشتركة - رغم عدم تصريح إسرائيل جرّيا على عادتها بعدم التصريح عن عملياتها العسكرية وتحديدا مع لبنان- فإن ثمة تكهنات إنتشرت حول «رسائل صاروخية» مزدوجة إلى لبنان وسوريا مفادها عدم السماح بتغيير المعادلة القائمة على هذه الحدود التي حاولت إسرائيل أن تحصّنها «بأصدقاء» لها من «جبهة النصرة» ليكونوا خطّ دفاع أول ضدّ رجال المقاومة فتضرب عصفورين بحجر واحد: الأول إبعاد الخطر المباشر لحزب الله عن حدودها، اما الهدف الثاني فهو كشف «ظهر» المقاومة لتلك الجماعات الإرهابية وجعلها في مرمى نيرانها, وهي معادلة ترفضها المقاومة ولن ترضَ بإقامة «شريط عازل» من التكفيرين يدافعون عن إسرائيل بشكل غير مباشر، كما تقول اوساط مقربة منها حيث تعتبر ان الهدف النهائي سوف يكون تأمين الحدود الشمالية وتنظيف طول الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا من هؤلاء التكفيريين.
ورغم أن العمليتين لم تستهدفا قياديين من حزب الله -رغم الحديث عن إستهداف سمير القنطار - فانها حاولت ايصال رسالة الى النظام في سوريا والى «حزب الله» مفادها ان السيطرة على الحدود اللبنانية السورية، والتقدم في الجنوب السوري لا يعني السماح بتخطي الخطوط الحمر، وانها مستعدّة حتى بعد الاتفاق النووي الايراني التدخل عسكرياً وقلب الطاولة في الميدان السوري!.
تدرك المقاومة أن الهدف الإسرائيلي في المرحلة المقبلة هو التخفيف من المكاسب التي أحرزها محور المقاومة ومن ضمنها حزب الله بعد توقيع الإتفاق النووي في فيينا، وإحدى خططها هو وقف التقدم الميداني الذي يحرزه حزب الله والجيش السوري على الجبهة السورية، وذلك إمّا من خلال عمليات «موضعية» بسيطة، أو من خلال دعم نشاط الجماعات الإرهابية التي تعاني مأزقا كبيرا أمام إنتصارات المقاومة حيث تضيّق عليها الخيارات ما بين الموت أو الإنسحاب، أو الإستعانة «بالصديق الإسرائيلي» وهو أمر ينتبه له حزب الله جيدا ويضعه في قائمة مواجهته المحتملة التي يرتفع منسوبها كلما إرتفعت نِسب إنتصاراته في الميدان السوري.