“المركزي للإحصاء” يعتذر من زبائنه..! 430.2% مستوى التضخّم هو الرقم الإحصائي الوحيد المسموح بإعلانه ..!

“المركزي للإحصاء” يعتذر من زبائنه..! 430.2% مستوى التضخّم هو الرقم الإحصائي الوحيد المسموح بإعلانه ..!

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ ديسمبر ٢٠١٥

ولّد غياب أو بالأصحّ تغييب الرقم الإحصائي ولاسيما خلال سنوات الأزمة كثيراً من الهواجس الناجمة عن تنبّؤات وتوقّعات لا تنمّ إلا عن صور سوداوية لكل جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية، مع العلم أنه من المحتمل أن هذه الصور قد تكون أقل سوداوية مما يسوّق لها أثناء تحليل واستقراء الواقع الاقتصادي خاصة، لكن عدم الإفصاح عن البيانات والأرقام الإحصائية أطلق العنان لتقديرات وقراءات كثير من المتابعين والمحللين الاقتصاديين لواقع الاقتصاد الوطني، بل أكثر من ذلك نلاحظ أنه بين الفينة والأخرى تنبري بعض المنظمات والجهات الخارجية للحديث عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسكاني في سورية، مُدعّمةً حديثها بإحصائيات أغلب الظن أنها تقديرية إن لم تكن مزاجية..!.

انتقادات
ما سبق ولّد –أيضاً- جملة من الانتقادات للمسؤول الأول عن الإحصاء في سورية والمتمثل بالمكتب المركزي للإحصاء، وجلّ هذه الانتقادات يتمحور حول توقفه عن العمل وعدم مجاراته لتطورات الواقع المعيش، وأن مسوحه في حال –قيامه بها- غالباً ما تكون غير دقيقة وووالخ!.

أكثر من توصية
نقلنا هذه الصورة بكل تفاصيلها إلى مدير المكتب المركزي للإحصاء الدكتور إحسان عامر، الذي بادرنا بالقول: إن هناك أكثر من توصية من اللجنة الاقتصادية بعدم نشر البيانات الإحصائية واعتمادها فقط من الجهات الحكومية المعنية، مبيّناً في حديثه لـ”البعث” أن الرقم الإحصائي الوحيد المعلن عنه هو الرقم القياسي للأسعار، والمتضمن السلع والخدمات ومجموعتها الفرعية والرئيسية، والذي يشير إلى أن التضخم الشهري والسنوي لشهر آيار لعام 2015 بلغ 430.2% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2010..!.

دحض
ودحض عامر كل الانتقادات الموجّهة إلى المكتب، مؤكداً أن المكتب لم يتوقف عن العمل مطلقاً، بل كان يستعد للقيام بالتعداد الخامس لعام 2014 الذي يشمل التعداد العام للسكان والمساكن وحصر المنشآت …الخ، ويعطي الإطار الشامل للجمهورية العربية السورية، وشكلت اللجنة الاستشارية المعنية بهذا الخصوص، إلا أن اللجنة ارتأت التريّث بالتعداد ريثما تستقر الظروف وتصبح ملائمة أكثر، مشيراً إلى أن المكتب قام منذ تأسيسه بأربعة تعدادات (1970 – 1981 – 1994 – 2004).

لا تجربة مثيلة..!
وأضاف عامر: إن المكتب حاول الاستفادة من تجارب بعض الدول التي مرّت بأزمات وكيفية تعاطيها مع العمل الإحصائي في مثل هذه الظروف، إلا أنه لم يجد أية تجربة مماثلة، ما دفعه بالتالي إلى تغيير أساليبه في الحصول على البيانات والمعلومات والأرقام، واللجوء إلى سحب العينات واستقاء البيانات عن المناطق غير المستقرة من الأشخاص واستخدام الإنترنت والهاتف ..الخ، موضحاً أن المكتب أجرى 54 مسحاً للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية طالت المحاصيل الاستراتيجية، والصناعة، وقطاع النقل، والقوى العاملة، وتكلفة البناء، والزراعات المحمية وأسعار المستهلك..الخ، معتبراً أن هذه المسوح تلبي احتياجات تكامل الرقم الإحصائي على مستوى الجمهورية، كما أن الشيء المميز في المكتب هو استمرار سلسلة البيانات الإحصائية.

4 + 1
كما أجرى المكتب أربعة مسوح من خارج خطته وصفها عامر بأنها على غاية كبيرة من الأهمية، الأول نفذه مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي حول تقييم الأمن الغذائي وقد تم تنفيذه بشكل جيد على مستوى المحافظات المهمة، واستخرجت نتائجه وسلّمت إلى الهيئة، والمسح الثاني طلبته وزارة التربية ويتضمن تقييم احتياجات قطاع التربية، وقدّمت نتائجه أيضاً للوزارة، أما الثالث فقد نفّذه المكتب مع صندوق المعونة الاجتماعية حول تقييم الاحتياجات والوضع الراهن، والرابع مع وزارة الإعلام حول السلوك الاجتماعي والمعرفي في مجال رعاية الأطفال، وقد تم الانتهاء من العمل الميداني، وحالياً العمل منصبّ على تدقيق وترميز هذا المسح لاستخراج النتائج، إضافة إلى مسح ضخم جداً تم تنفيذه عام 2014 مع هيئة شؤون الأسرة حول حالة السكان، وذلك لمعرفة الحراك السكاني والنزوح، وقد اعتمدت نتائجه وقدّمت إلى الجهات الحكومية المختصة، مؤكداً أن هذه المسوح أعطت مؤشرات كثيرة ومهمة عن البلد، وأن نتائجها ستبقى بين المكتب والجهات الحكومية المختصة.
محصورة
وفي تعليقه على ما تنشره بعض الجهات الخارجية والمنظمات الدولية من أرقام وبيانات إحصائية، أكد أن أرقام المكتب هي المعتمدة من الحكومة، وأن كل جهة من هذه الجهات تفصّل الرقم الذي تريد، مشيراً إلى أن المكتب في السابق كان يزوّد بعض المنظمات الدولية بالبيانات الإحصائية بموجب اتفاقيات، أما الآن فهذه البيانات محصورة بالجهات المعنية.

أسس ولكن
لم يخفِ عامر أن أسس الإحصاء العشرة تؤكد ضرورة نشر الرقم الإحصائي إعلامياً، إلا أن الحكومة ارتأت عدم النشر نظراً لما نمرّ به من أزمة، وسبق لوزير المالية الإشارة إلى هذا الأمر في مؤتمر الاتحاد العام لنقابات العمل بقوله: إن المكتب المركزي للإحصاء يقدّم بشكل مستمر بيانات إحصائية للحكومة، ولكننا كلجنة اقتصادية أصدرنا قراراً بعدم نشرها، وهنا يعتذر عامر من زبائن المكتب رغم قلتهم -على حدّ وصفه- (باحثين – دارسين – إعلام..الخ) لعدم تزويدهم بما يطلبون من بيانات إحصائية رغم توفرها لدى المكتب.
دمشق – حسن النابلسي