الحرب "تعزل" 18 منطقة سكنية والمصالحات تفتح "طرق" الحياة للمدنيين

الحرب "تعزل" 18 منطقة سكنية والمصالحات تفتح "طرق" الحياة للمدنيين

أخبار سورية

الاثنين، ٢٦ سبتمبر ٢٠١٦

 نسرين علاء الدين:
تقلص عدد المدن المحاصرة في سورية نتيجة المصالحات، التي قامت بها الحكومة السورية، وأدت إلى إخلاء المسلحين من مناطق كانت تشهد اشتباكات عنيفة كمدينة داريا وحي الوعر الحمصي، في حين لا تزال مناطق أخرى يعاني سكانها من تبعات الحصار، خاصة مدن كالفوعة، كفريا، دير الزور، ومضايا.

لكن أرقام الأمم المتحدة تقول بوجود أكثر من 5 ملايين شخص يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها في سوريا، من بينهم 600 ألف شخص في 18 منطقة محاصرة.

الحصار سلاح استخدمته الدول الاوربية ضد الحكومة السورية منذ بداية الأزمة، لكن الأطراف المتصارعة على الأرض السورية استخدمت السلاح نفسه، حيث حاصر السوريون السوريين.

حياة طبيعية

تعتبر مريم الحديث عن وجود حياة طبيعية في المناطق التي شهدت تسويات أمر غير منطقي، حيث تقول: دخلت إلى حي القدم بعد أن سمحت السلطات المختصة لنا بالعودة، الكهرباء لم تصل بعد بشكل نظامي وكذلك المياه يوجد عدد كبير من المنازل مازال مهجوراً إلى جانب الدمار المحيط بنا، مما يضفي رعباً وخوفاً للكبار والصغار. كما أن المدرسة لم تفتح بعد مما دفع بعائلات كانت تريد العودة إلى العزوف عن قرارها. لكننا لا نملك سوى راتب زوجي الذي لا يتجاوز 25 ألف ليرة سورية، كنا ندفع 15 ألف ليرة أجار غرفة، وقد هدد صاحب الغرفة برفع الايجار، لذلك كانت العودة خياراً مناسباً لنا على أمل أن تتحسن المنطقة. وتتابع في حديثها لـ"صاحبة الجلالة": ثمن الخضروات هنا ليس مرتفعاً، فأهالي المنطقة عادوا إلى زراعة خضرواتهم بأنفسهم في الحدائق المنزلية، كما يربي عدد من العائلات الأبقار والأغنام في الأبنية المهجورة ويبيعون الحليب رغم ارتفاع ثمن الاعلاف.

أجسادنا هنا وقلوبنا هناك

يستطيع أبناء قريتي طرنجة وجباثا الخشب (شمال القنيطرة) مشاهدة المعارك الدائرة على أرض قراهم بالعين المجردة من المنازل التي يقطونها في بلدة خان أرنبة، يقول أبو أحمد لم أدخل الى قريتي منذ ثلاث سنوات رغم حصول أكثر من تسوية، حيث يعتبرنا المسلحون عملاء للحكومة السورية، وهذه تهمة استوجبت استيلاء عناصر من تلك المجموعات على بعض ممتلكات عدد من الأشخاص الموظفين في الدوائر الحكومية بغض النظر عن طبيعة عمله، كما ينظر لنا البعض من أهل بلدية خان أرنبة على أننا عملاء للمسلحين، ويتم معاقبة عدد من المدنيين على قرابتهم لبعض المسلحين، حيث تعرض شبابنا للاحتجاز، وكذلك قام عدد من عناصر إحدى الجهات باحتجاز سياراتنا لساعات قليلة، فيما كان يطالب البعض على صفحات التواصل الاجتماعي بربطنا على أسطح المنازل كي نصاب بالقذائف التي يلقي بها المسلحين على بلدة الخان، يتابع أبو أحمد معظم أبناء قريتي طرنجة وجباثا الخشب هم من الفلاحين ولا يملكون باب للرزق سوى أراضيهم، وما تنتجه لهم، لذلك يفضلون البقاء بالقرب من أراضيهم كي يتمكنون من العودة اليها عند أول فرصة.

لمى(ع) متزوجة من أحد أبناء قرية طرنجة، تقول: عندما فتح الطريق عدت مع عائلتي الى قريتنا وقمنا بتنظيف المنزل على أمل قضاء العطلة الصيفية هناك وقطف أشجار العنب والتين الخاصة بنا، لكن الاشتباكات عادت للاشتعال بين المجموعات المسلحة والجيش العربي السوري مما أدى الى إغلاق الطريق الواصل بين قرية طرنجة وبلدة خان أرنبة، فأصبحنا سجناء داخل القرية الى أن توفر لنا وسيلة نقل نقلتنا الى درعا، ومن ثم إلى دمشق ومنها الى خان أرنبة. تضيف لمى تعبنا من التنقل والعيش في أماكن لا تليق بنا، كما أن أسعار الايجار في بلدة الخان مرتفعة، وكذلك الحياة المعيشة، لكن البقاء داخل قرية طرنجة أو جباتا سيحرم أبنائنا من الدراسة، وذلك لعدم توفر مدارس ومدرسين إضافة الخوف والقلق الدائمين.

تسيطر المجموعات المسلحة على مساحة كبير من أراضي محافظة القنيطرة التي تعد من المحافظات الزراعية في سورية، مما أدى إلى خسارة عدد كبير من الأشجار المثمرة كالزيتون والتين والكرمة والكرز والتفاح بعد أن تعرضت الأراضي للزراعية للحرائق وهجرة الفلاحين، مما أثر على دخل الفلاحين وحياتهم اليومية مما دفع بالبعض الى العيش تحت حكم المجموعات المسلحة كي لا يشحذ.

باب السماء

ينظر أبناء دير الزور المحاصرة منذ أكثر من العام ونصف العام إلى السماء ليس فرحا بمنظر القمر أو الطيور أو ترقباً للنيران والقذائف التي تسقط في أي وقت. بل ترقبا لطائرات باتت تحمل كراتين محملة بشيء من الغذاء على أمل إبقاء الأهالي على قيد الحياة، لكن ما تسقطه السماء لا يصل إلى الأرض فتبقى الأيدي مرفوعة طلبا للمزيد. يعيش أكثر من 200 ألف شخص في دير الزور تحت حصار داعش مما حول حياتهم إلى سجن كبير.

خرجت سمر من مدينة دير الزور مؤخراً، بعد أن ساءت الحالة الصحية لوالدها مما خولها الحصول على مكان في طائرة النقل والوصل إلى مدينة دمشق من أجل العلاج. تقول سمر: نعاني من حصار خانق يمنع وصول المواد الغذائية والأدوية إلى المحافظة إلا عن طريق بعض التجار حيث بيع كيلو السكر بـ3700 ليرة، والـ100 غرام من الشاي ب1700 ليرة، في حين وصل سعر ليتر زيت عباد الشمس الى 3500 ليرة. أما الخضروات فقد اشترينا كيلو البطاطا بـ5000 ليرة، والبندورة والخيار منذ زمن لم نشتريها وهي طازجة فمن يحصل على علبة دبس البندورة يكون محظوظاً. وتتابع سمر: بعنا مصاغنا الذهبي، وأثاث منازلنا كي نحصل على النقود من أجل البقاء إلى جانب عدم وجود كهرباء، حيث نعتمد على اللدات، فالمولدات الكهربائية تحتاج إلى مازوت وبنزين وهي مواد مرتفعة الثمن، كما يوجد عدد من المتحكمين بوصول المواد إلينا. والسؤال: فكيف تصل المواد إلى السوق السوداء ولا تصل إلى المحلات العادية؟. سمعنا كلاماً كثيراً عن محاسبة المسؤولين عن هذا الملف، إنما دون جدوى بل زادة ثروات هؤلاء على حساب الناس العاديين.